وإليك روايات أخرى :
نفي عبادة وكعب :
قال الحلبي : « من جملةِ ما انتُقم به على عثمان : أنه ... أشخص عبادة بن الصامت من الشام لمّا شكاهُ معاوية ، وضرب عمار بن ياسر ، وكعب بن عبده ، ضرَبَه عشرين سوطاً ونفاهُ الى بعض الجبال. »(2)
نفي عثمان للأشتر وجماعة من صلحاء الكوفة :
قال البلاذري : « فكتب سعيد بن العاص بذلك ـ أي وثوب الأشتر بابن خنيس ، صاحب الشرطة ـ إلى عثمان ، وقال : اِني لا أَملِكُ من الكوفة مع الأشتر واصحابه الذين يُدعون القرّاء ، وهم السفهاء ، شيئاً. فكتب اليه : أن سيِّرهم إلى الشام. وكتب اِلى الأشْتَر : إني لأراك تُضمِر شيئاً لو أظهرتَهُ لحلَّ دمكَ ، وما أظنُّكَ منتهياً حتّى يصيبكَ قارعةُ لا بقياً بعدها ، فإذا أتاك كتابي هذا فَسِرْ اِلى الشام ، لإفسادكَ مَنْ قِبلك ، وأنَّكَ لا تألوهم خبالاً ، فسيَّر سعيدٌ الأشتَر ومن كانَ وثبَ مع الأشتر وهم : زيد وصعصعة إبنا صوحان وعائذ بن حملة الطُهوي ـ من بني تميم ـ وكُميل بن زياد النخعي ، وجندب بن زهير الأزدي ، والحارث بن عبد الله الأَعور الهمداني ، ويزيد بن المكفف النخعي ، وثابت بن قيس بن المنقع النخعي ، وأصعر ـ أصغر ـ بن الحارث الحارثي فخرج المسيَّرون من قرّاء أهل الكوفة ، فاجتمعوا بدمشق ، نزلوا مع عمرو بن زرارة ... ثمّ انه جرى بين معاوية وبين الأشتر قولٌ حتى تغالظا فحبسه معاوية ... (ثم بعد اخراجهم من الحبس) بلَغَ معاوية أنَّ قوماً من أهلِ دمشق يجالسون الأشتر وأصحابه. فكتب إلى عثمان. إنَّك بَعَثْتَ إليَّ قوماً أفسدوا مصرهم وأنغلوه ، ولا آمُنُ أن يفسدوا طاعةَ مَنْ قِبلي ، ويعلِّموهم ما لا يحسنونه حتّى تعود سلامتهم غائِلة واستقامتهم اعوجاجاً ، فكتب إلى معاوية ، يأمره أن يسيِّرهم اِلى حمص ، ففعل. وكان واليها عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد بن المغيرة ، ويقال : إنَّ عثمان كتب في ردِّهم إلى الكوفة ، فضجَّ منهم سعيد ثانية ، فكتب في تسييرهم إلى حمص ، فنزلوا الساحل »(3).
نفي عامر بن عبد قيس التميمي :
قال ابن حجر : « روى ابن المبارك في الزهد، من طريق بلال بن سعد ، أنَّ عامر ابن قيس وُشِيَ به الى عثمان ، فَأَمر أن ينفى الى الشام على قتب ، فَاَنزله معاوية الخضراء ، وبعثَ اليه بجارية ، وأمرها أن تُعْلِمْهُ ما حاله ؟ فكان يقوم الليل كلّه ويخرج من السحر فلا يعود اِلّا بعد العتمة ، ولا يتناول من طعام معاوية شيئاً. كان يجيء معه بكِسر ، فيجعلها في ماء فيأكلها ، ويشرب مِن ذلك الماء ، فكتب معاوية الى عثمان بحاله ... »(4)
نفي عبد الرحمن الجمحي :
قال اليعقوبي : « سُيِّر عبد الرحمن صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى القموص من خيبر ، وكان سبب تسييره إيّاه ; أنـّه بَلَغه كرهه مساوى ابنه وخاله وأنـّه هجاه » وقال ابن حجر : « لمّا أعطى عثمان مروان خمس مائة الف مِن خمُس افريقية قال عبد الرحمن ] أشعاراً [ :
وأعطيتَ مروان خُمس الغنيمة ***** آثرته وحميت الحمى
فَأَمر به ، فحبس بخيبر ... فلم يزل علي (عليه السلام) يكلِّم عثمان حتّى خلّى سبيله على أن لا يساكنه بالمدينة ، فسيَّره الى خيبر ، فَأَنزله قلعةً بها تُسمَّى « القموص » فلم يزل بها حتّى ناهض المسلمون عثمان ... »(5).
نفي عمرو بن زرارة :
قال البلاذري : « إنَّ اوَّل من دعا الى خلع عثمان والبيعة لعلي (عليه السلام) ، عمرو بن زرارة بن قيس النخعي ، وكميل بن زياد ، فقام عمرو بن زرارة فقال : أيها الناس : إنَّ عثمان قد ترك الحقَّ وهو يعرفه ، وقد أغرى بصلحائكم يولّي شراركم. فبلغ الوليد فكتب إلى عثمان بما كان من ابن زرارة. فكتب اليه عثمان : إنَّ ابن زرارة أعرابيٌّ جلف. فسيَّره اِلى الشام ، وشيَّعَه الأشتر ، والاسود بن يزيد ، وعلقمة ... »(6).
نفي عبد الرحمن :
قال القاضي نعمان : « عبد الرحمن بن حنبل ] أو بن حبّان ، أو بن حسان [ وهو الّذي ضربه عثمان ، وسيـَّره الى خيبر ، قُتِلَ يوم صفين. »(7).
هذهِ نماذج ـ وحقائق تأريخية مُرَّة ـ من التغريب غير الشرعي ، صدرت لأهداف سياسية ، ولأغراض شخصية ، فهي لاستمرار الحكم والتسلط على رقاب الناس ، ولتخويف من يروم أيّة محاولة ومناوشة ضد الحكام واِلا فما هو الوجه الشرعي لنفي زرارة الذي كان يطالب الخليفة بالرجوع الى الحق ، وعدم تولية الاشرار ؟
وايّ مبرِّر شرعي لنفي الجمحي الّذي اعترض على الخليفة في اعطائه ِ الألوف من الدنانير ـ من اموال المسلمين ـ لمروان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وهكذا نفي ابي ذر ذلك الصحابي الكبير وغيره؟!
المصادر :
----------------------------------
(1) الغدير 8 : 298 ـ اُنظر : الأنساب 5 : 52 ـ طبقات ابن سعد 4 : 168 ـ مُروج الذهب 1 : 438 ـ تأريخ اليعقوبي 2 : 148 ـ شرح ابن ابي الحديد 1 : 240 ـ فتح البارىء 3 : 213 ـ عمدة القارىء 4 : 291.
(2) السـيرة الحلـبية 2 : 87 ـ عنـه الغـدير 9 : 6 ويقال إن عثمان أمر بكعب فجرِّد وضرب عشرين سوطاً وسيَّره اِلى دباوند، ويقال الى جبل الدّخان. انظر تأريخ الطبري 5 : 137 ـ الرياض النضرة 2 : 140 ـ شرح ابن ابي الحديد 1 : 168 ـ الغدير 9 : 48
(3) الأنساب 5 : 39 ـ الغدير 9 : 31.
(4) الإصابة 3 : 85 ـ وعنه الغدير 9 : 54 ـ انظر المحاضرات للراغب 2 : 212 ـ المعارف لابن قتيبة 84 ـ العقد الفريد 2 : 261 ـ الانساب 5 : 57 ـ تأريخ الطبري 5 : 91 ـ الكامل في التأريخ 3 : 60.
(5) الغـدير 9 : 58 ـ انظـر تـأريخ اليعقوبي 2 : 150 ـ الاسـتيعاب 2 : 410 ـ شرح ابن ابي الحديد 1 : 66 ـ الاصابة 2 : 395 ـ تأريخ الطبري 6 : 25.
(6) الانساب للبلاذري 5 : 30 ـ اسد الغابة 2 : 220 و 4 : 104 ـ الاصابة 1 : 548 ـ الغدير 9 : 146.
(7) شرح الأخبار 2 : 19 ح 406. انظر : العقد الفريد 4 : 309 ـ والطبعة القديمة منها 2 : 247 ـ والغدير 8 : 381 ـ فيما يتعلّق بعثمان حيث طلب من علي (عليه السلام) أن « يغادر المدينة الى ينبع » فلعلّه يرتبط بالمقام.
عثمان يفر .. ابن عمر يغفر !!
صحيح البخاري - المناقب - مناقب عثمان - رقم الحديث : ( 3422 )
- حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة حدثنا عثمان هو إبن موهب قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القوم فقالوا هؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال يا إبن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم قال تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد قال نعم قال تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال الله أكبر قال إبن عمر تعال أبين لك أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر
الرابط:
http://hadith.al-islam.com/Display/D...hnum=3422&doc=
المشكلة الاساسية ليست في فرار عثمان الذي اقره ابن عمر وشهد عليه .. بل المشكلة في ادعاء ابن عمر بان الله قد غفر لعثمان !! هل يعتبر ابن عمر نفسه الله ؟ ام انه يعلم الغيب؟ ام اتخذ عهداً عند الله ان يغفر سبحانه لمن غفر له ابن عمر ؟؟
عموما .. هاهو ( صحيح ) البخاري يؤكد جريمة عثمان في الفرار من الزحف .. وهذه من كبائر الذنوب التي تؤدي بصاحبها الى النار ... كما يؤكد غيابه عن معركة بدر وبيعة الرضوان .. اما قول بن عمر فلا يقبلها الا من اعتبره الهاً من دون الله . !!!!!!!!
باختصار ... اما ان يعترفوا بكفر عثمان او بكفر البخاري
الاحاديث الوارده في فضائل عثمان بن عفان والأدلة على بطلانها من كتب المخالفين
1- اللهم إني رضيت عن عثمان فارض عنه
أقول انا : حديث ضعيف ، أخرجه أبو نعيم في (( فضائل الصحابه )) وابن عساكر في (( تاريخه )) في حديث طويل
2- غفر الله لك يا عثمان ما قدمت ، وما أخرت ، وما أسررت ، وما أعلنت ، وما هو كائن الى يوم القيامة
أقول أنا : منكر ، أخرجه ابن عدي في (( الكامل )) ( 1/340 ) من طريق اسحاق بن ابراهيم الكوفي ، حدثنا أبو اسحاق الهمداني ، عن أبي وائل ، عن حذيفة : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الى عثمان يستعينه في غزاة ، قال : فبعث اليه عثمان عشرة آلاف دينار فوضعها بين يديه ، قال فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيديه ويدعو له ويقول : (( غفر الله لك يا عثمان .. )) الحديث
وقال ابن عدي في إثره : هذا الحديث بهذا الاسناد غير محفوظ ، فيه اسحاق بن ابراهيم ابو يعقوب الثقفي الكوفي : روى عن الثقات بما لا يتابع عليه .
وأورد الذهبي الحديث في ترجمته في (( الميزان )) وقال في إثره (( هذا منكر ، إنما أتاه بألأف دينار ))
3- عثمان أحيا أمتي وأكرمها
أقول أنا : أخرجه أبو نعيم في (( الحليه )) ( 1/ 56 ) من طريق الكوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر والكوثر هذا قال الدار القنطي وغيره (( متروك )). انتهى
وللحديث طريق آخر عند ابن عساكر ( 2/296/2) و (6/282/2) و (11/97/2) بأسنايد ضعيفه ،
والحاكم (3/535) وابي نعيم في (( الحليه )) والطحاوي في (( مشكل الآثار )) (1/351) وابي نعيم (3/122) وابن عساكر في تاريخ دمشق ( 2/269/2) و (6/282/2) و (11/97/2) والحاكم (3/422) وغيرهم بأسنايد ضعيفة
4- عثمان في الجنه
أقول أنا : رواه ابن عساكر في (( تاريخ دمشق )) (11/101/1) من طريق اسماعيل ين يحيى بن عبيدالله التيمي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن جابر بن عبدالله مرفوعا ، والتيمي هذا كذاب.... انتهى
5- عثمان حين تستحي منه الملائكة (( العياذ بالله ))
أقول أنا : أخرجه ابن عساكر عن ابي هريرة بإسناد ضعيف
6- عثمان وليي في الدنيا والآخره
أقول أنا : أخرجه أبو يعلي عن جابر بإسناد ضعيف
7- رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ، ولا أصابت منك
أقول أنا : لم أجده الآن فيما بين يدي من مصادر ، لكن نصه واضح الكذب والبطلان ، لأن عثمان ما توفي الا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما أن عثمان كان معروفا بالثراء ، فهو الذي جهز جيش العسره ، واشترى بئر رومه للمسلمين ، وغير ذلك كما تدعون ، لم يصب من الدنيا ، فالحديث كذب بين
عثمان يخالف ((سيرة رسول الله ص)) ويخالف ((سيرة الشيخين))
إن رد الحكم بن أبي العاص إلى المدينة يعد أمرا خارقا لما ألفه المسلمون من سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) الذي امتنع من رده ولم يسمح لأحد أن يتشفع له, بل إن عثمان الذي بويع بالخلافة عندما قبل شرط عبد الرحمن بن عوف في أن يسير على كتاب الله وسنة النبي (صلى الله عليه وآله) وسيرة الشيخين أيضا لأنهما لم يردا الحكم أثناء فترة حكمهما ولم يسمحا لأحد أن يشفع للحكم بن أبي العاص, بينما عثمان ترك سيرة الشيخين - وهي الحد الفاصل بين رفض الإمام علي (عليه السلام) لهذا الشرط وقبول عثمان له - وراء ظهره ولم يعتن بهما وبسيرتهما فرد الحكم إلى المدينة وأعطاه ألف درهم, وهكذا أعطى ابنه الملعون مروانا, من مال المسلمين, بينما نراه يمنع حق أهل البيت (عليهم السلام) من هذا المال, فإنه أخذ حق ذوي القربى الذين قال الله تعالى فيهم, في كتابه الكريم: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله)(1) فمنع عنهم الخمس, مضافا إلى فدك التي انتزعها الخليفة الأول ظلما من يد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
من هو الحكم بن أمية؟ ولماذا طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
هو الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي لعنه الله, فهو عم عثمان بن عفان, دخل الإسلام كرها عام الفتح وسكن المدينة.
وسؤال يطرح نفسه كيف عرفت أنه أسلم كرها؟!
هناك أدلة كثيرة تشير إلى أنه أسلم ظاهرا ولم يؤمن في الباطن.
بما أن الإيمان من الأمور القلبية كيف حكمت أنه لم يؤمن؟
لم أحكم أنا بل حكما الأمة الإسلامية بذلك من خلال أعماله القبيحة مثل إيذائه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد إسلامه وقد ذكر ذلك جمع كبير من العلماء والمؤرخين الشيعة والسنة أنه من جملة المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد كان يمشي خلفه ويصنع الحركات المضحكة. وذات مرة فعل ذلك فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال له: كن كذلك(2), فبقي على تلك الصورة القبيحة إلى آخر عمره مع نوبات جنونية.
وبخصوص لعنه قال صاحب الاستيعاب: إنه روي عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن أباك وأنت في صلبه(3).
وأيضا كان الحكم يتجسس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يحدث المنافقين بذلك, وغيرها من الأسباب التي دعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن ينفيه إلى الطائف(4).
ولم يكن مروان بعيدا عن هذه الروحية الخبيثة فإنه ترعرع في مثل هذه الأحضان ونهل ما يكفي منها ليكون في المستقبل العاجل من الظلمة الملعونين على لسان النبي (صلى الله عليه وآله), فقد جاء أيضا أن الحكم استأذن على النبي (صلى الله عليه وآله) يوما فعرف صوته فقال: ائذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم وقليل ما هم(5), وكان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيدعو له فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال (صلى الله عليه وآله): هو الوزغ بن الوزغ الملعون ابن الملعون(6).
وقد ذكر المفسرون أن (الشجرة الملعونة) التي ذكرها القرآن بنو أمية أو بنو العاص(7) فانهما من أعداء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته. ومن أجل هذا طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبعده عن المدينة ولم يجرؤ أحد من المسلمين أن يجازف ويرد الحكم وأولاده إلى المدينة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد وفاته, إلى أن جاء عثمان وفعل ذلك, وحتى أبي بكر وعمر على رغم الشفاعة التي شفعها عثمان لدى عمر في رد الحكم إلا أنهما أيام خلافتهما لم يوافقا على رد الحكم إلى المدينة وكانا يقولان: إنه طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
إلا أن عثمان لم يكتف برده وإنما ولاه المناصب وأمور المسلمين فقد كان مروان في أول أمره كاتب السر لعثمان وأفاض عليه العطاء تلو العطاء من بيت المال مما أثار حفيظة كبار الصحابة ضد عثمان لسيرته المخالفة لسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وقد تناول كل ذلك الشهرستاني في الملل والنحل.
ومن جهة أخرى نرى عثمان قد أعطى غنائم أفريقية إلى ابنته زوجة مروان الذي لعنه الله ورسوله, وليته كان يقسمها على المسلمين لكنه كان يخص بها أهل بيته وأقاربه من بني أمية, وهو بهذه أيضا خالف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخالف سيرة الشيخين لأنهما لما منعا الخمس عن أهل البيت (عليهم السلام) صرفاه في المصالح العامة وشؤون المسلمين تقريبا, بينما عثمان ادخره لنفسه وأقاربه فقط, والحال أنه التزم وتعهد في الشورى أن يسير على سيرة الشيخين!!
إن جميع هذه الأعمال التي صدرت من عثمان كانت على خلاف سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)(8), بل أنها خلاف سيرة زميليه أبي بكر وعمر, ومع ذلك كله حاول قاضي القضاة أن يبحث في الضباب عن أعذار مناسبة لعثمان مكابرة من عنده, وتعاليا عن الحق وإلا فإن موضوع رد الحكم وحده كان كافيا للحكم على عثمان بن عفان, ثم إن انتقاد الصحابة ليس مما يوجب الكفر حتى يضطر قاضي القضاة وغيره أن يجازف كل هذه المجازفات!
فقد أجاب قاضي القضاة على الطعن الثاني على عثمان وهو رده الحكم وولده فقال: إن عثمان استأذن بذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله), وإنما لم يقبل أبو بكر وعمر قوله لأنه شاهد واحد, فلما صار الأمر إليه حكم بعلمه لأن للحاكم أن يحكم بعلمه(9).
فأجابه السيد مرتضى (علم الهدى): أما دعواه أن عثمان ادعى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أذن في رد الحكم فشيء لم يسمع إلا من قاضي القضاة ولا يدرى من أين نقله ولا في أي كتاب وجده والذي رواه الناس كلهم خلاف ذلك. روى الواقدي من طرق مختلفة وغيره أن الحكم بن أبي العاص لما قدم المدينة بعد الفتح أخرجه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الطائف، وقال: لا تساكني في بلد أبدا فجاءه عثمان فكلمه فأبى ثم كان من أبي بكر مثل ذلك ثم كان من عمر مثل ذلك, فلما قام عثمان أدخله ووصله وأكرمه, فمشى في ذلك الإمام علي (عليه السلام) والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف وعمار بن ياسر حتى دخلوا على عثمان فقالوا له: إنك قد أدخلت هؤلاء القوم وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) أخرجهم وإنا نذكرك الله والإسلام ومعادك فإن لك معادا ومنقلبا وقد أبت ذلك الولاة قبلك ولم يطمع أحد أن يكلمه فيهم وهذا شيء نخاف الله فيه عليك, فقال عثمان: إن قرابتهم مني ما تعلمون وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث كلمته أطمعني في أن يأذن لهم وإنما أخرجهم لكلمة بلغته عن الحكم ولم يضركم مكانهم شيئا وفي الناس من هو شر منهم, فقال الإمام علي (عليه السلام): لا أجد شرا منه ولا منهم ثم قال: هل تعلم عمر يقول: والله ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس والله إن فعل ليقتلنه, فقال عثمان: ما كان منكم أحد ليكون بينه وبينه من القرابة ما بيني وبينه وينال من المقدرة ما نلت إلا قد كان سيدخله وفي الناس من هو شر منه, قال: فغضب الإمام علي (عليه السلام) وقال: والله لتأتينا بشر من هذا إن سلمت وسترى يا عثمان غب ما تفعل ثم خرجوا من عنده(10).
وقد ذكر كبار علماء أهل السنة أن عثمان زوج ابنته (أم أبان) من مروان الطريد ابن الطريد والملعون ابن الملعون وجعله كاتب السر عنده(11) وجعل له صلاحيات واسعة حتى كان هو السبب وراء اندفاع عثمان نحو إهانة وضرب وطرد كبار الصحابة مثل عمار وأبي ذر وابن مسعود...
وما يضحك الثكلى أن علماءكم قالوا عن الطرد والضرب والنفي والإسراف الذي مارسه عثمان أنه اجتهاد!! فمتى تبدلت هذه المعاني والعالم كله لا يدري؟
الهوامش:
1- الأنفال: 41.
2- أقول: تجده في النهاية لابن الأثير ج1 ص310.
3- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص150 ط دار إحياء الكتب العربية, وتفسير الرازي ج20 ص237ط دار إحياء التراث العربي ببيروت.
4- شرح النهج ج6 ص149 والاستيعاب ج1 ص316 بهامش الإصابة.
5- المستدرك للنيشابوري ج4 ص481 والسيرة الحلبية ج1 ص337 وحياة الحيوان ج1 ص89 مادة(الاوز) خلافة مروان ط مصطفى الحلبي مصر.
6- حياة الحيوان للدميري ج1 ص89 وقد ذكر المؤلف بعض خصائص هذا الحيوان في متن كلامه فرأينا المناسب أن ندرجه في الهامش حيث قال: وقد ذكر الدميري في الجزء الثاني من حياة الحيوان ص296 أخبارا نقلها عن البخاري ومسلم والنسائي في ثواب قتل هذا الحيوان: قال يحيى بن يعمر: لأن أقتل مائة وزغة أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة, وإنما قال ذلك لأنها دابة سوء زعموا أنها تشرب من المياه وتمج في الإناء فينال الإنسان من ذلك مكروه عظيم وقالوا: إذا تمكن هذا الحيوان من الملح تمرغ فيه فيصير مادة لتولد البرص.
7- انظر تفسير الفخر الرازي ج20 ص237.
8- كان عثمان يخطب يوما فادلت عائشة قميص رسول الله ونادت يا معشر المسلمين هذا جلباب رسول الله لم يبل وقد أبلى عثمان سنته!! تاريخ اليعقوبي ج2 ص175.
9- شرح نهج البلاغة ج3 ص29 ط دار إحياء الكتب العربية.
10- شرح نهج البلاغة ج3 ص29 ط دار إحياء الكتب العربية.
11- شرح نهج البلاغة ج1 ص199 ط دار إحياء الكتب العربية.