|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 162
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 589
|
بمعدل : 0.09 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
وجاء العباس ......
بتاريخ : 15-02-2007 الساعة : 02:45 PM
كربلاء
عاشوراء
الحسين
العباس
ليست هذه مجرد كلمات لها معانٍ وانما هي حقائق لها امتدادات.
فكربلاء تمتد في عاشوراء
وعاشوراء تمتد في كربلاء
وتختلط الجغرافيا بالتاريخ ويختلط التاريخ بالجغرافيا ، فإذا بالارض لها معنى الحدث وإذا بالحادثة لها معنى
المكان ، فلا تذكر كربلاء إلا وتتذكر سلسلة من الاحداث والقضايا والمعارك. ولا تذكر عاشوراء إلا وتتذكر
اماكن مختلفة من هذه الارض.
تتذكر كربلاء والعراق والشام.
وتتذكر طغاة كيزيد وعبيدالله بن زياد و رجالاً عظاماً كالحسين والعباس وأحداثاُ جساماً كالمواجهة بين الحق
والباطل.
أما حينما تذكر الحسين،فتتمثل أمامك منظومة كاملة من القيم والمثل وحينما تذكر العباس فكأنك تكمل صورة
تلك المثل والقيم متمثلة مواقف الرجال ففي العباس يتمثل النبل والوفاء والشجاعة والفضائل والكمالات كلها تتذكر تلك المواقف التي هي نتاج جهاد الانبياء جميعاً.
وتتذكر حواريّ خاتم الأنبياء.
تتذكر الإخلاص في العمل والاستقامة في المواجهة والنبل في المواقف ،وكل صفة من صفات الرجال العظام وكل قيمة من قيم الحياة.
تتذكر كيف تمثلت الكرامة الإسلامية في حامل راية الحسين علية السـلام فإذا بالعباس عليه السلام يمثل تلك الراية المرفوعة دائما..للحق ومن اجل الحق. في مواجهة كل الرايات التي يرفعها إبليس في هذه الحياة.
ولا يمر الزمان إلا ليتلألأ ذلك النور المنبعث من كربلاء ، والذي كان مظهراً لكل فضائل الإنسان..
ومن هنا يمتد الزمان بالمكان والمكان بالزمان ، فإذا بكل ارض هي كربلاء وإذا بكل يوم هو عاشوراء.
وإذا بكل ساحة هي ساحة المواجهة بين الحق والباطل،وكما ان الشمس تشرق كل يوم،وكأنها جديدة في نورها
ودفئها ، وكل معاني الحياة التي تفيض منها،وكما ان القمر في ليلة تمامه وكماله ، وكأنه للتو يخرج من عرجونه
القديم ، كذلك الحسين والعباس يطلان على التاريخ كل يوم وكأنهما شمس وقمر ، يرشان على الأرض نورهما المبارك.
لقد تمثلت في كربلاء ، روح الوحي ، وتجلت الفضائل كلها في مواقف الحسين و رجاله، كما تمثلت الرذائل كلها
في أعدائه.
وكان للعباس قصب السبق بين رجال الحسين عليه السلام، فهو حامل راية الحق ، و رمز كرامته، ومن هنا فقد تحول إلى مدرسة كاملة، يتعلم فيها الرجال الإيمان والإخلاص والجهاد والعطاء والتضحية والشهادة في سبيل الله.
مدرسة لا يدخل فيها أحد إلا ليتخرج منها بطلاً شجاعاً، مؤمناً، صادقاً لقد قُطعت يداه في سبيل الله ، ولكنها نُصبت على مفارق الطرق تدل إلى منابع الفضيلة، وينابيع المناقب.
ولقد رُميت عينه بسهم لتبقى عينا ساهرة على امتداد التاريخ تحمي الإيمان من أن يختلط بالنفاق، وتحمي الحقيقة من أن تضيع في الزيف. وكما كان العباس عليه السلام ليلة عاشوراء، حارساً يحمي مخيم الحسين من تطفل المنافقين ومن هجوم أصحاب الباطل، فإنه لا يزال يقوم بذات الدور في حماية الفضائل والمناقب من اعتداء المتطفلين عليها، فقد أصبح بسيفه وبرمحه وبمواقفه وبكل حركة من حركاته ميزاناً ومقياساً ومفصلاً يميز الزيف عن الحقيقة، والإيمان عن النفاق، والصدق عن الكذب.
فسيف العباس هو أكثر سيوف الحق مضاءً في التاريخ و رايته أطول رايات الحقيقة امتداداً في الأزمنة، ومواقفه أنبل ما صدر من أحد الأبطال من مواقف.
أما من أين جاءت تلك الصفات والبطولات في العباس؟
فإن منبعها يكمن في الإيمان الذي تجلى فيه وهو بعد صغير، حينما أجلسه أبوه الإمام علي في حجره قائلاً له ((بُني قل: واحد))
فقال العباس: ((واحد))
فقال له الإمام : بُني قل ((اثنين))
فامتنع العباس من أن يقول اثنين، وقال: ((اني لأستحي أن أقول: اثنين بلسان قلت به: واحد ))
فمنذ صغره برزت فيه يقظة الضمير والإيمان والوعي، فبلسانه الذي يقول به: واحدٌ أحدٌ قردٌ صمدٌ، لا يستطيع أن يقول اثنين، لأنه يرى الكون آية من آيات الله، وعلامة من علامات وحدانيته، فهو لا يرى غير الواحد الأحد فيه، ومنذ الصغر اختار العباس الإيمان محوراً لحياته كلها، وبذلك امتاز عن بقية الرجال.
إن الناس يقتسمون عادة بحسب المحور الذي تدور حياتهم حوله ، ينقسمون إلى أصناف، وبذلك يتمايزون ويختلفون. فالمحاور هي التي تطبع حياة الرجال بطابعها، فإذا كانت المصلحة مثلاً محوراُ عند البعض فقيمة صاحبها بمقدار مصالحه. وإذا كان الطعام والشراب وما أشبه محوراً لحياة آخرين فإن قيمتهم تكون بالمقدار نفسه. وحسب تعبير الإمام علي عليه السلام: ((من همه ما يدخل في فيه، فقيمته ما يخرج منه)).
أما إذا كانت القيم المبادئ والمثل هي محور حياة الفرد، فإن حياته ستمتاز على الآخرين لأنه سيتحول بذلك إلى قدوة تلك المبادئ والقيم.
ولقد امتاز العباس مثل غيره من أهل البيت بتحديد المحور في حياته، وكان ذلك منذ نعومة أظفاره، فكما أن لسانه لم يكن يساعده على أن يقول: اثنين ما دام قد قال: واحد ، فإن حياته كلها كانت تدور حول الرب الواحد وتلونت بلونه {صبغة من الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون}.
إنه يعبد الله عز وجل ولا يجد عملاً صالحاً يقربه إلى ربه إلا وتسرع قدماه إليه، ولا يجد موبقة تبعده عن ربه إلا وتمتنع جوارحه عن ارتكابها.
لقد كان العباس قمراً يدور حول شمس الإيمان، فهو ذلك العبد الصالح الذي أطاع الله ورسوله في كل حياته وبهذا أصبح قدوة للآخرين في كل الفضائل والمناقبيات، حتى أنه لم يعد يُذكر في محفل من المحافل إلا ليذكر الإنسان بكل المثل العليا.
أن هذا الكتاب هو محاولة متواضعة لشرح جوانب من حياة هذا البطل، و أرجو من المولى عز وجل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يحشرني
مع محمد وآل محمد.
|
التعديل الأخير تم بواسطة دمعه من قبة العسكريين ; 15-02-2007 الساعة 02:49 PM.
|
|
|
|
|