السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
عندي سؤال اعزائي الكرام عن النبي والامام علي عليهم افضل الصلاة والسلام...
اولا..لماذا النبي صلى الله عليه واله وسلم تزوج عائشه وهو يعلم بما سوف تفعله من بعده وعلى حياته اللي اعرفه ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يغضب من عائشه في حياته بس عذروني لان ماعندي مصادر ..مالحكمه من زواج النبي عليه الصلاة والسلام من عائشه وهي بنت ابي بكر ويعلم بانهم منافقين ولا يحبون الامام علي عليه السلام...
ممكن توضحون لي اذا ماكلف عليكم لانه سؤال يدور بمخي من زمانsmilies/jld.gif وماني عارفه شنو حكمته...
السؤال الثاني ...اين كان الامام علي عندما ضربت السيده فاطمه عليهم السلام واسقط جنينها....
لماذا لم يدافع عنها الامام عليه السلام وهو يعتبر اقوى الاقوياء لماذا تركهم يضربونها ويحرقون دارها ويسقطون جنينها..
كيف كانت ردة فعل الامام تجاههم
كذلك ابغى اعرف كيف اتخذ ابو بكر خليفه ..يعني قولولي القصه اشلون ابو بكر اتخذ خليفه..
عارفه اني طولت عليكم بس تحملوني شوي لان عندي اساله كثيره تدور بمخي ومو لاقيه لها جواب لاني صراحه ماطلع من البيت الا نادرا يعني لاتقولون حشا ذي ماتعرف شي وتفشلوني ههههههههه ممكن اذا ماثقلت عليكم تجاوبوني ولكم جزيييل الشكر والامتنان
تقبلوني بينكم اختكم بنت الغريب
كذلك ابغى اعرف كيف اتخذ ابو بكر خليفه ..يعني قولولي القصه اشلون ابو بكر اتخذ خليفه..
بسم الله الرحمن الرحيم
اللـهم صلي على محمد وآل محمد
السقيفة
تعد مرحلة السقيفة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مرحلة سيادة الخط القبلى على واقع المسلمين. فقد أخذ هذا الخط امتداده وشرعيته من تلك المرحلة متسترا بستار الشورى...
ان الراصد لما دار في السقيفة يتبين له بوضوح أن الأمر كان أبعد ما يكون عن الشورى وإنما هو في الحقيقة أشبه بالانقلاب على خط واضح الملامح وضع أسسه الرسول (صلى الله عليه وآله).
ومن السذاجة تصور أن معاوية حمل راية المواجهة ضد الإمام دون أن يستند إلى ركائز ثابته تؤهله برفع هذه الراية. وهذه الركائز إنما كانت تقوم على أساس الواقع القبلي الذي فرض في مرحلة السقيفة واستمر حتى عصر الإمام علي...
كلمة التاريخ:
يورى شهاب الدين النويري أحداث السقيفة قائلا: وكان من خبر سقيفة بني ساعده أنه لما توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة وقالوا: نولى هذا الأمر بعد رسول الله سعد ابن عباده. وأخرجوا سعد إليهم وهو مريض. فلما اجتمعوا قال سعد لأبيه أو لبعض بني عمه: إني لا أقدر أشكو أي أن أسمع القوم كلهم كلامي. ولكن تلق مني قولي فاسمعوه. فكان سعد يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع به صوته. فيسمع أصحابه. فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا معشر الأنصار. ان لكم سابقة في الدين. وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. ان محمدا (صلى الله عليه وآله) لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان. فما آمن به من قومه إلا رجال قليل. والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله. ولا أن يعزوا دينه. ولا أن يدفعوا عن أنفسهم فيما عموا به. حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق اليكم الكرامة. وخصكم بالنعمة ورزقكم الإيمان به ورسوله والمنع له ولأصحابه. والاعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه. فكنتم أشد الناس على عدوه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها. وأعطى البعيد المفادة صاغرا داخرا وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض. ودانت باسيافكم له العرب. وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض. وبكم قرير العين. استبدوا بهذا الأمر دون الناس. فإنه لكم دون الناس...
فأجابوه بأجمعهم. أن قد وفقت في الرأي. وأصبت في القول. ولن نعدوا ما رأيت. نوليك هذا الأمر فإنك فينا رفيع. ولصالح المؤمنين رضا..(1).
وتجنبا للصدام مع المهاجرين طرح بعض الأنصار فكرة المشاركة في الامارة. من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير. وكان رد زعيمهم سعد بن عبادة هذا أول الوهن...(2).
كان هذا هو موقف الأنصار أما موقف المهاجرين فيظهر لنا من خلال تحرك عمر الذي تزعم حركة المهاجرين في مواجهة الأنصار...
يروى النويري أن عمر لما أتاه الخبر ذهب إلى أبي بكر فوجده مشغولا(3).
فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لابد لك من حضوره. فخرج إليه فقال: أما علمت أن الأنصار قد أجتمعت في سقيفة بني ساعدة أن يولى هذا الأمر سعد بن عبادة. وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومنكم أمير...
فخرجا مسعين نحو السقيفة وجمعا في طريقهما عددا من المهاجرين وتنازعوا بين الذهاب أو حسم الأمر بينهم دون الأنصار. ثم قرروا الذهاب. قال عمر: والله لنأتينهم..
وخطب أبي بكر في أهل السقيفة قائلا: ان العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أواسط العرب دارا ونسبا... وصاح أحد الانصار: منا أمير ومنكم أمير يا عشر قريش..
وارتفعت الأصوات وكثر اللغط. وهنا أصدر عمر قراره لأبي بكر: أبسط يدك نبايعك: فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون. وبايعه الأنصار. ثم نزوا على سعد. حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقال عمر: قتل الله سعدا. وإنا والله ما وجدنا امرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر أنا خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدوا بعدنا بيعة. فإما أن نبايعهم على ما نرضى. أو نخالفهم فيكون فشل...(4).
وهناك روايات أخرى تنص على تصريحات أخرى لأبي بكر وعمر والأنصار كل في مواجهة الآخر يقول فيها أبو بكر: إن قريشا أحق الناس بهذا الأمر من بعد الرسول لا ينازعهم ذلك إلا ظالم. فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. لا تفاتون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور...(5).
أما تصريح الانصار في مواجهة المهاجرين فقد حمله الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار. املكوا على أيديكم. فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم. ولن يجترئ مجترئ على خلافكم. ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم. وأنتم أهل العزة والثروة وأولوا العدد والتجربة. وذوو اليأس والنجدة. وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون. فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم. وتنتقض أموركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم. فمنا أمير ومنهم أمير...(6).
وكان رد عمر أكثر عنفا. قال: هيهات؟ لا يجتمع إثنان في قرن. إنه والله لا يرضى العرب أن يؤمروكم ونبيها (صلى الله عليه وآله) من غيركم. ولكن العرب لا تمتنع أن تولى أمورها من كانت النبوة فيهم وولى أمورهم منهم. ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين. من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته. ونحن أولياؤه وعشيرته الا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورسط في هلكة...
ورد الحباب على عمر بلغة أشج عنفا فقال: يا معشر الأنصار. املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر. فإن أبوا عليكم ما يألتموه. فاجعلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور. فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم. فإنه باسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن يدين.
ورد عمر: إذن يقتلك الله...
ورد الحباب: بل إياك يقتل...(7).
وصاح صوت من المهاجرين (أبو عبيدة): يا معشر الأنصار أنكم اول من نصر وآزر. فلا تكونوا أول من بدل وغير...(8).
وطالب بشير بن سعد من الانصار قومه بالتخلي عن هذا الأمر لقريش ابتغاء وجه الله.
وقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا(9).
ورجح عمر وأنصاره كفة أبي بكر وقدموه للخلافة وحدث صدام بين الأنصار بسبب مبايعة بعض الأنصار له. وتحركت الأوس لمبايعة أبي بكر حتى تفوت الفرصة على الخزرج بزعامة سعد بن عبادة.
ودخلت قوات قبيلة أسلم الموالية لأبي بكر المدينة وسيطرت على دروبها ومسالكها ولما رآها عمر قال في فرح: ما هو إلا أن رأيت أسلم. فأيقنت بالنصر...(10).
ويروى أن الناس أقبلوا من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة. وقال ناس من أصحاب سعد: اتقوا سعدا لا تطئوه. قال عمر: اقتلوه. اقتلوه... قتله الله. ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك.. فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر ثم قال: والله لو حصصت منها شعرة مارجعت وفي فيك واضحة...(11).
ويروى ابن عبد البر: وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش ثم بايعوه بعد غير سعد..(12).
وكان عمر يحرض أبي بكر على سعد ليجبره على البيعة فقيل له: أنه ليس يبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته. فتركوه(13).
موقف الإمام علي
كان هذا العرض التاريخي على جانب الأنصار وقطاع من المهاجرين القريشيين. الا أنه هناك جانب آخر من قريش كان بعيدا عن السقيفة. وهذا الجانب يملك رصيدا أقوى من رصيد قطاع ابو بكر وعمر ومن تابعهما.
يملك رصيدا شرعيا.
ويملك رصيدا جماهيريا.
ويملك رصيدا تاريخيا.
ويملك وزنا أكبر من قريش.
ذلك الجانب هو جانب الهاشميين بزعامة آل بيت النبي والذي كان مشغولا بتجهيز الرسول للدفن بينما القوم يتصارعون في السقيفة.
ويروي في نهج البلاغة أن عليا سأل عما حدث في السقيفة، فقال: ماذا قالت قريش؟
قالوا: احتجت قريش بأنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله).
فقال علي: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة(14).
وتروي كتب التاريخ روايات تشير إلى صدامات وقعت بين جناح الهاشميين بقيادة الإمام علي وجناح القريشيين بقيادة عمر بن الخطاب
وكان الصدام الأول بين فاطمة وبين أبي بكر حين طالبته بميراث الرسول (صلى الله عليه وآله) في فدك ورفضه طلبها محتجا بحديث رواه هو...
يقول أبو بكر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحن معشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة(15).
ومن المعروف أن فاطمة خاصمت ابي بكر وهجرته غاضبة حتى ماتت فدفنها الإمام علي (عليه السلام) ليلا في خفية عن القوم. وكانت وفاتها بعد وفاة الرسول بستة اشهر..(16).
وكما كان عمر يحرض أبي بكر على سعد. أصبح يحرضه على الإمام علي ويطالبه بحسم الامر معه واجباره على البيعة له لما يشكله موقفه من خطورة على استقرار الحكم القبلي الذي أرسى دعائمه ويعد نفسه لقطف ثمرته..
أن عليا لم يكن وحده فقد كان معه بني هاشم وكثير من العناصر الفاعلة في المجتمع المدني من الأنصار والمهاجرين مثل العباس وعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وبلال بن رباح والمقداد وجابر بن عبد الله وابن عباس وغيرهم..
وتروي الروايات أن عمر هم بإحراق بيت فاطمة الذي كان مقرا للقطاع المعارض لحكم ابي بكر بقيادة الإمام علي...(17).
ويبدو ان ممارسات عمر هذه قد زادت من حدة العداء بينه وبين الإمام علي.
يروي الطبري أن عليا أرسل إلى أبي بكر أن أئتنا ولا يأتنا معك أحد (يقصد عمر)...
فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك..
فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بين... والله لآتينهم إلا منفردا.. فدخل أبو بكر على بني هاشم وفيهم علي والعباس. فاستقبلوه استقبالا حسنا(18).
ويروي المسعودي: ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة خرج علي فقال: أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر. ولم ترع لنا حقا..
فقال أبو بكر: بلى. ولكني خشيت الفتنة.
وكان المهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل. ومجازبة في الإمامة.
وخرج سعد بن عباة ولم يبايع. فصار إلى الشام. فقتل هناك في سنة خمس عشر. وليس كتابنا هذا موضعا لخبر مقتله. ولم يبايع أحد من بني هاشم حتى ماتت السيدة فاطمة الزهراء (19).
وينقل في كتب التراجم والتاريخ الكثير من الروايات التي تنسب لأبي بكر وعمر وعمر بن العاص وابن عمر وغيرهم وذلك في وقت الاحتضار وهم على مشارف الموت. تلك الروايات التي تشير إلى ندمهم الشديد على ما اقترفوه في حياتهم بسبب السياسة.
يوري المسعودي عن أبي بكر: ولما احتضر قال: ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها ووددت أني تركتها. وثلاث تركتها ووددت أني فعلتها. وثلاث وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها:
فأما الثلاث التي وددت اني تركتها: فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة وذكر في ذلك كلاما كثيرا. وودت اني لم أكن قد حرقت الفجاءة وأطلقته نجيحا أو قتلته صريحا.
ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين فكان أميرا وكنت وزيرا.
والثلاث التي تركتها ووددت أني فعلتها: وددت أني يوم أتيت بالاشعث بن قيس اسيرا ضربت عنقه. فأنه قد خيل لي انه لا يرى شرا الا أعانه. ووددت أني كنت قد قذفت المشرق بعمر بن الخطاب. فكنت قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله. ووددت أني يوم جهزت جيش الردة ورجعت أقمت مكاني فإن سلم المسلمون سلموا. وان كان غير ذلك كنت صدق اللقاء أو مددا.
والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها. وددت أني كنت سألته في من هذا الامر فلا ينازع الأمر أهله. ووددت أني سألته عن ميراث العمة وبنت الأخ فإن بنفسي منها حاجة. ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب فنعطيهم إياه(20).
ولم يكن الصراع على الحكم ينحصر بين الأنصار وبين قطاع أبو بكر وعمر من المهاجرين إنما كانت قناك قطاعات اخرى تتطلع إلى الحكم من قريش على رأسها قطاع السفيانيين الذين تزعمهم أبو سفيان بن حرب الذي فقد سلطانه ونفوذه بعد فتح مكة..
ولم يكن أمام أبو سفيان الذي لا توجد له شوكة في المدينة سوى تحريض الإمام علي على المجتمعين في السقيفة...
يوري الطبري أن أبا سفيان قال للإمام: ما بال هذا الأمر (الخلافة) في أذل قبيلة من قريش وأقلها. والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا...
وكان جواب الإمام: مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا. والله ما اريد أن تملأها عليه خيلا ورجالا ولو رأينا أبا بكر لذلك أهلا ما خلييناه وإياها. يا أبا سفيان إن المؤمنين قوم نصحه بعضهم لبعض متوادون. وإن بعدت ديارهم وأبدانهم وأن المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض...(21).
ويروي الطبري ايضا ان الإمام علي سارع ببيعة أبي بكر ولزم مجلسه وهناك روايات أخرى تقول أنه بايع بعد ستة أشهر وبايع بعده شيعته من الصحابة..(22).
يقول الإمام: فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام. يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدفا تكون المصيبة به على أعظم من موت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب. فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق وأطمأن الدين وتنهنه...(23).
ومثل هذه الروايات التي تتحدث عن بيعة الإمام لأبي بكر سواء كانت قبل ستة شهور أو بعد هذه المدة أو حتى بعد دفن الرسول مباشرة. إنما تؤكد حقيقة واحدة وهي أن الإمام كان له موقف مما جرى بالسقيفة بشكل عام ومن أبي بكر وعمر بشكل خاص.
إن تسامح الإمام في أمر البيعة لا يعني تخليه عن موقفه الفكري والعقائدي تجاه هذا الخط القبلي الذي بدأت توضع قواعده أمامه. فهذا التسامح لا يخرج عن كونه موقفا سياسيا في مواجهة الأمر الواقع. فالإمام لم يتنازل عن قضيته ولكن تنازل عن شخصه من اجل حفظ قضيته التي تعكس الجوهر الحقيقي للإسلام...
لقد كان الإمام مخير بين أن يتنازل عن إمامته من أجل الحفاظ على الإسلام او يصطدم الواقع وتكون النتيجة خسارة الإسلام وخسارة الإمامة فقد كانت جيوب المنافقين بالمجتمع المدني قوية وكانت القبلية مستشرية، هذا على مستوى الداخل.
أما على مستوى الخارج فكانت هناك قوى الروم والفرس تتربص بالمسلمين...
ان الانحراف في عصر أبي بكر لم يكن كبيرا إلى الحد الذي يستفز الإمام. ويؤرقه، إنما الانحراف الأكبر برز في عصر عثمان، وهنا تغير موقف الإمام،
وتعايش الإمام مع عصر الخليفة الأول والثاني ولم يصطدم بهما..
وفات هؤلاء أن الإمام تعايش مع واقع الخلفاء تعايش العالم المتميز.
تعايش العالم المدرك لحقائق الأمور حيث أنه قد نبأ من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) بتصورات الأحداث من بعده.
والبون شاسع بين من يفاجأ بظهور انحراف من جهة لم يكن بتوقع الإنحراف منها. وبين من يعلم بحدوث هذا الانحراف مسبقا...
ومن بين الروايات التي تؤكد على الإمام بهذه الحوادث... قول الرسول (صلى الله عليه وآله): يا علي. قاتلت على التنزيل وانت تقاتل على التأويل...(24).
أي أن الرسول قاتل المشركين الذين كفروا بما أنزل عليه ورفضوا الاعتراف بنبوته أما علي فسوف يقاتل المنتسبين لهذا الدين من المنافقين والمارقين الذين يؤولون النصوص ويستندوا إلى هذا التأويل في تبرير الأنحراف والفساد ونسبته إلى الدين..
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان يكون فيه حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون بقول خير البرية ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. لا يجاوز إيمانهم حناجرهم تحقر صلاتك خلف صلاتهم إذا وجدتموهم فاقتلوهم...(25).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): هلاك امتي على يدي غلمة من قريش. قال أبو هريرة الرواي ان شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان...(26).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض(27).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لعمار تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار(28).
وحديث السر الذي كشفته عائشة وحفصة في سورة التحريم ذلك السر الذي كان يتعلق بموقف كلا من أي بكر وعمر بعد وفاة الرسول...(29).
إن مثل تلك الروايات إنما تشير إلى أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أجلى الأمور أمام الأمة وحدد لها معالم الانحراف عن خط الإسلام. وهي تشير أيضا إلى أن هناك الكثير من الصحابة الذين كانت لديهم دراية بأخبار الحوادث التي سوف تقع بعد وفاة الرسول مثل حذيفة...(30).
كما أنه من المعروف أن جميع العقائد والاتجاهات التي خالفت خط الإمام علي وفي مقدمتها عقيدة أهل السنة قد قامت على التأويل...(31).
إن الإمام قد تعايش مع واقع رافض له غير راض عنه لا مستسلما له. وهو فوق ذلك له وضعه المتميز فيه والذي يتلائم مع مكانته وقدره ووزنه. وقد اتخذه كل من الخليفة الأول والثاني مستشارا شرعيا وسياسيا له...
يقول الإمام: أما والله لقد تقمصها فلان- أبو بكر- وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير. فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتئى بين أن أصول بيد جزاء أو أصبر طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجي. فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا. أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى إلى فلان بعده- عمر- فيا عجبا. بينا هو يستيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته. لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها حز وان أسلس لها تقحم. فمنى الناس- لعمر الله- بخبط وشماس وتلون واعتراض فصبرت على طول المدة وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنى أحدهم. فيالله وللشورى متى أعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني اسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا فصفى رجل منهم لضغنه. ومال الآخر لصهره مع هن وهن....(32).
مناقشة الروايات
يبدو لنا من خلال رصد الروايات التي تدور حول أحداث السقيفة ان هناك الكثير من التساؤلات وعلامات الأستفهام التي تدور في الأذهان بمجرد قراءة هذه الروايات...
وسوف نعرض هنا لبعض الملاحظات حول هذه الروايات ونبدأ مناقشتنا لها على أساسها.
الملاحظة الأولى: أن الأنصار أرادوا الاستئثار بأمر الخلافة وهم طائفة لا يمثلون جميع المسلمين.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: على أي أساس استند الأنصار في موقفهم هذا..؟
ان الأنصار لم يتحصنوا في موقفهم هذا بدليل شرعي محدد. فقط هم حاولوا ان يستثمروا مكانتهم ودورهم في إيواء الرسول ونصرته... ولكن هل يعد هذا سببا كافيا لمطالبتهم بالخلافة..؟
ليس هناك من إجابة على هذا السؤال سوى ان الدافع القبلي قد تسلط على القوم حتى أدى في النهاية إلى انقسامهم وإضعاف شوكتهم بتحالف الأوس مع جناح أبو بكر وعمر مخافة أن تسيطر الخزرج على الأمر ويصبحون تحت إمرتها.
وهذا عمل قبلي في المقام الأول قدمت فيه الحسابات القبلية على الحسابات الشرعية. أو بمعنى أكثر وضوحا قدمت فيه مصلحة القبلية على مصلحة الدعوة...
وعلى الرغم من تبعات هذا الموقف من قبل الأوس وآثاره على وحدة المسلمين واستقرار المجتمع الإسلامي إلا أن الجناح القرشي بزعامة أبي بكر استقبله بالترحاب واستثمره لصالحه..
الملاحظة الثانية: ان عمر كان المحرك الفعلي للأحداث وبدا أبو بكر وكأنه تابع له... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تصدى عمر للأمر وتخطى كبار المهاجرين وآل البيت..؟
هناك جواب جاهز عند البعض وهو أن عمر فعل ذلك من أجل الحفاظ على الدعوة وتأمين مستقبلها وينتفي عنه أي عرض آخر لعظيم مكانته عند الرسول بحكم النصوص الواردة فيه...
إلا أن الروايات تدحض هذا التصور وتشكك فيه...
يوري البخاري: أن عمر طاف في المدينة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وقو يصبح مقسما: والله ما مات رسول الله. والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك. وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم. وجاء أبو بكر فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر..(33).
أن هذه الرواية تشير إلى أن عمر لم يكن يعتقد في وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وأنه حسب روايات أخرى - ذهب ليكلم ربه ويعود كما حدث لموسى. ونحن لن نناقش هنا مدى صحة هذا الاعتقاد وكيف طرأ على ذهن واحد مثل عمر وهو من هو. إلا أن ما نريد توضيحه أن هذا الموقف من قبله يكشف لنا أن فكرة تبنيه موضوع الخلافة كانت فكرة طارئة عليه لم تكن تشغله بعد وفاة الرسول وإنما كان يشغله موت الرسول وبعثه وعودته حتى جاء أبو بكر فبصره بالأمر وتلى عليه قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدا من رجالكم أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم)(34).
فقال عمر كأني اسمع هذه الآية لأول مرة. ثم انه سكن وهدأ وأتاه خبر السقيفة فهرع إلى هناك مصطحبا أبا بكر وأبا عبيدة بن الجراح...
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل كان عمر غير مستوعب لنصوص القرآن التي تتنزل على الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى يدعي أن الرسول سوف يعود بعد وفاته ويتوعد من يقول بوفاته؟
وإذا كان عمر بهذا المستوى من الفهم أفلا يشير هذا إلى أنه لم يفهم النصوص القرآنية الأخرى الواردة بشأن آل البيت والإمام علي ومستقبل الدعوة...؟
وإذا كان عمر قد تصدى لأمر الخلافة من باب المصلحة وكان متحمسا للأمر ويصول ويجول هنا وهناك من أجل أخذ البيعة لأبي بكر. فلماذا لم يكن صاحب المصلحة أبو بكر بنفس المستوى من الحماس ومن المفروض أن يكون حماسه يفوق حماس عمر. وقد أشارت الروايات إلى أنه كان مشغولا وقت وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) بشيء آخر لم توضحه الروايات... وكان عمر يلح على طلبه بينما هو يتمنع حتى أعلمه بخبر السقيفة فانطلق معه...
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أي شيء كان يشغل أبو بكر غير تجهيز حتى جاء عمر فأحيا الفكرة في نفسه...
ومن هنا يتضح لنا أن فكرة الخلافة كانت طارئة أيضا على أبي بكر كما كانت طارئة على عمر وهي لا تخرج عن كونها رد فعل لموقف الأنصار ومبادرتهم السريعة المفاجئة لقريش..
لكن الأمر يوحي وكأن هناك طرف ثالث هو أحق بهذا الأمر ويتسابق كل من الأنصار والمهاجرين لكي يفوت عليه الفرصة..
وليس هناك من تفسير لموقف عمر وتحالفه مع أبي بكر الطاعن في السن. ضد القطاعات الأخرى. سوى أن شخصية أبي بكر كانت تتيح له ذلك..
تتيح له أن يتسلقها لكي يحقق مآربه..
وتتيح له التحصن بها في مواجهة الآخرين..
وعمر لم يكن يجرؤ على ترشيح نفسه للخلافة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) لأن الظروف غير ملائمة لكنه ناولها لأبي بكر ثم تناولها منه...
ولو كان عمر بهذه المكانة التي تضعه فيها الأحاديث لكان من الأولى له أن يتصدى لأمر الخلافة وهو القوى الشديد بدلا من رجل ضعيف كهل كأبي بكر..
ولو كان عمر بهذه المكانة ماناطحته الأنصار وتطاولت عليه عندما خطب فيهم. واحتد معه الحباب قائلا: لا تسمعوا مقالة هذا. وعندما قال له عمر: يقتلك الله. رد عليه: بل إياك يقتل.. وما أمسك قيس بن سعد بلحيته وهدده...
إن القوم بين أن يكونوا قد طغت عليهم القبلية فنسوا أخلاق الاسلام وتجاوزوها. أو يكونوا أصحاب مقادير متساوية ووزن واحد ولا يملك كل منها ما يرجح به كفته على الآخر من نصوص الشرع.
والراجح الامرين معا..
وإذا كان عمر قد أحتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمورها من كانت النبوة فيهم. فإن هذا القول يوجب عليه التنحي مع صاحبه وإفساح الطريق أمام أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فإنهم ارقى بيوت قريش، فلا هو ولا صاحبه يمثلان بيتا راقيا في قريش. وهذا هو ما استفز أبو سفيان ودفعه لتحريض الإمام بقوله: ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها..
وتأمل تعليق ابن حجر على قول عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه.. قتله الله...
يقول ابن حجر: نعم لم يرد الأمر يقتله حقيقة. وأما قوله قتله الله فهو دعاء عليه وعلى الأول هو إخبار عن إهماله والأعراض عنه. وفي حديث مالك فقلت- عمر- وانا فغضب: قتل الله سعدا فإنه صاحب شر وفتنة..(35).
ان ابن حجر بتعليقه هذا يسير على نهج التبرير والتأويل الذي يتعمده أهل السنة في مواجهة الحوادث والنصوص التي توقعهم في حرج شرعي...
ويتمادى ابن حجر في تأويل كلام عمر وتبرير مواقفه هو وصاحبه قائلا: وتركوا لأجل أقامتها (الخلافة) أعظم المهمات وهو التشاغل بدفن الرسول حتى فرغوا منها. والمدة المذكورة- أي مدة تركهم الرسول والأنشغال بالخلافة- زمن يسير في بعض يوم يغتفر مثله لإجتماع الكلمة...(36).
ويروي البخاري رواية تبريرية أخرى لمواقف عمر وممارساته في السقيفة. تقول الرواية: لقد خوف عمر الناس وأن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك...(37).
وقد جاءت هذه الرواية على لسان عائشة ابنة أبي بكر ومعنى هذا الكلام أن أسلوب العنف والإرهاب الذي مارسه عمر على الرافضين بيعة أبي بكر كان عملا حسنا وحاز رضا الله ومعونته.
وعائشة بهذا تكون قد حكمت على كل الرافضين لخلافة أبي بكر من بني هاشم والأنصار وغيرهم بالنفاق. ألا يعني مثل هذا الكلام مساسا بعدالة جميع الصحابة التي يعتقدها أهل السنة ويفسرون على ضوئها الأحداث التي وقعت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) بداية من السقيفة وحتى صفين؟(38).
الملاحظة الثالثة: لماذا جاءت قبيلة أسلم إلى المدينة ومن الذي استدعاها.
لماذا أيقن عمر بالنصر فور رؤيتها..؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات يدفعنا إلى إلقاء الضوء على الجانب الأكثر أهمية في احداث السقيفة. جانب التحول من الجدال والنقاش إلى فرض الرأي بالقوة المسلحة..
لقد كان دخول قبيلة أسلم إلى المدينة أشبه بالإنقلاب العسكري وهو دخول مرتب له من قبل بلا شك من قبل فريق عمر...
ويبدو أن الصراع بين فريق عمر وفريق الأنصار قد دخل طورا حرجا بحيث اهتزت كفة عمر وفريقه ورجحت كفة الأنصار أو من الممكن أن يكون الأنصار قد مالوا للإمام علي وحسموا الخلاف بينهم. وعمر وفريقه ليس بذاك الوزن الفاعل في المدينة. فضلا عن كونه من الوافدين عليها مع المهاجرين هو لا يمثل كل المهاجرين ولا جميع قريش. فهناك قطاع من المهاجرين مع الإمام. وهناك قطاع من قريش ينتظر النتيجة أو هو لا يعلم ما يجري هناك.
ولعل هذا الوضع يفسر لنا قول عمر حين رأى قوات قبيلة أسلم تدخل المدينة: الآن أيقنت بالنصر. وهذا يشير بصورة غير مباشرة أن عمر وفريقه هو الذي استدعى تلك القوات. ألا يدل مثل هذا التصرف ان جانب عمر قد فقد ميزانه الشرعي والأخلاقي. كما يشير من جانب آخر الى ان النصوص التي واجه فريق عمر فريق الأنصار بها هي نصوص من اختراع تلك المرحلة. ولو كانت هذه النصوص صحيحة ومعترف بها ما نازعهم أحد ولكانت قد حسمت الصراع في مهده..
ويبدو أن اللغط والجدال حول أحقية أبي بكر بالخلافة قد امتد إلى فترات لاحقة مما استدعى الأمر إلى ضرورة اختراع أحاديث على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) تحدد الخلافة لابي بكر في صراحة ووضوح وترفع من مكانته. لينتج عنها صنع هالة مقدسة حول أبي بكر تمنع المساس به أو الخوض في شخصه وتقطع الطريق أما أية محاولات لإعادة قراءة مرحلة السقيفة...(39).
ونفس هذا الأمر قد تم تطبيقه مع الخليفة الثاني حيث اخترعت له الكثير من المناقب التي رفعته حتى فوق الرسول نفسه أو ساوته به...(40).
وقاموا بنفس الأمر مع الخليفة الثالث غير أن ممارساته ومواقفه المخالفة للكتاب والسنة والمضرة بمصالح المسلمين قد فضحته وعرته...(41).
أما الإمام علي فقد فعلوا معه العكس من ذلك وبدلا من أن يضفوا عليه المناقب كما فعلوا مع السابقين. قاموا بالطعن في المناقب الواردة فيه والعمل على التقليل من شأنه بمساواته بمعاوية واعتبار الخارجين على حكمه بمثابة المجتهدين المأجورين..(42).
الملاحظة الرابعة: أين الإمام علي..؟
إن المتتبع لأحداث السقيفة يكتشف غياب كثير من الرموز البارزة من الصحابة وعلى رأسهم الإمام علي فأين كان هؤلاء ولماذا انشغلوا عن هذا الحدث الضخم وهو اختيار خليفتهم؟ ... أين أبو ذر. وأين المقداد. وأين الزبير. وأين جابر بن عبد الله. وأين أبي بن كعب وبلال بن رباح وحذيفة بن اليمان وخزيمة ذي الشهادتين وعمار بن ياسر وأبو أيوب الأنصاري وأبو سعيد الخدري والبراء بن مالك وخباب بن الأرت ورفاعه بن مالك وأبي الطفيل عامر بن وائلة وغيرهم..
لقد كان اختفاء كل هؤلاء من سقيفة بني ساعدة عامل قلق لفريق عمر. حيث أن هذه الشخصيات الغائبة لها وزنها وفاعليتها ومن الممكن ان تشكل تحديا لهذا الفريق مستقبلا..
تروي الروايات أن الإمام ومعه عصبة من الصحابة كان مشغولا بتجهيز الرسول للدفن بينما كان القوم يتصارعون على الخلافة في السقيفة...(43).
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل من أخلاق المسلمين أن يتركوا رسولهم في مثل هذا الحال ويتصارعوا على الحكم...؟.
اين ما تعلموه من الرسول اذن..؟.
لقد ترك الرسول في حياته في مواقف كثيرة من قبل هؤلاء الناس.
ترك في أحد.
وترك في مسجده وهو يخطب فيهم ونزل فيهم قوله تعالى: (وتركوك قائما) وترك وهو يلفظ أنفاسه وطلب منهم إحضار قلم وقرطاس ليكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده أبدا.
وترك بعد وفاته...(44).
ومثل هذا السلوك إن دل على شيء فإنما يدل على مدى استحكام أمر الدنيا وطغيانها على كثير من هؤلاء..
ولعل هذا هو ما يشير إليه قوله تعالى: (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة).
الملاحظة الخامسة: بيعه أبي بكر كانت فلتة.. لماذا..؟
الحمد لله أن هذه المقالة جاءت على لسان عمر مدبر أحداث السقيفة وقاطف ثمرتها ولو كانت قد جاءت على لسان سواه لكان للقوم فيها كلام آخر..
لقد قال عمر مانصه: ألا أن بيعة أبا بكر كانت فلتة وقى الله الأمة شرها. فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه. فأيما رجل بايع من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة أن يقتلا...(45).
أليس هذا اعتراف صريح من عمر بأن ما حدث في السقيفة كان أمرا بعيدا عن الشورى بل كان بعيدا عن روح الإسلام بحيث يوجب على فاعله القتل تقديرا لخطورته وجسامته وآثاره الوخيمة على الأمة....
ان قول عمر هذا يؤكد ان حروب الردة ومانعى الزكاة التي خاضتها فوات أبو بكر بقيادة خالد بن الوليد لم تكن في حقيقتها سوى حركة تمرد على حكم أبي بكر: وقد تكون هناك حالة ردة من البعض إلا أن الظاهر أن هذا الصدام العسكري كانت له اسبابه القبلية ولعل خالد وتجاوزته في مواجهة هذه الانتفاضة ما يدعم هذا التصور..(46).
وكان مناسبة هذا الكلام كما يروي البخاري أن عمر بلغه كلام إناس يقولون لو مات مات عمر لتولاها فلان. فقام عمر خطيبا وقال هذا الكلام...(47).
فهل كان المقصود من كلام عمر هذا هو ردع اتجاه برز في المدينة ينادي بالشورى ويطعن في أحداث السقيفة وطريقة اختيار الخليفة الأول..؟
لا يعنينا هنا بقدر كبير الإجابة على هذا السؤال وأن كانت إجابته واضحة. وإنما يعنينا هو اعتراف عمر بأنه بيعة أبا بكر كانت فلتة وكان من الممكن أن تكون لها آثارا خطيرة على الأمة لولا لطف الله. فإن كلام عمر هذا لا يعني إلا شيئا واحدا هو أن بيعته هو أيضا كانت فلتة..
فلماذا قال عمر عن بيعة أبي بكر أنها كانت فلتة ونسى أنه استخلف بوصية منه...؟
ويروى البخاري أن عمر قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يدبرنا. فإن يك قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به بما هدى الله محمدا. وأن أبا بكر صاحب رسول الله ثاني اثنين. فإنه أولى الناس بأموركم فقوموا فبايعوه.
وقال عمر لأبي بكر إصعد المنبر. فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة...(48).
ورواية البخاري المذكورة تعطينا إشارات جديدة حول موقف عمر وكونه المحرك الأول لعلمية اختيار أبي بكر. وهي تكشف لنا من وجه آخر أن أبا بكر قد أقحم في الأمر ولم تكن له رغبة فيه وهذا واضح من إلحاح عمر عليه بالصعود إلى المنبر ليبايعه الناس. وهذه إشارة إلى كونه غير منصوص عليه بشيء وأن الأمر لا يخرج عن كونه محاولة استثمار لظرف طارئ...
وهذا أبو بكر يقول: هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا..
فإذا كان أبو بكر قد تنازل عن ترشيح نفسه وقدم عمر وأبو عبيده ألا يدل هذا على أن الأمر لا يخرج عن كونه مواقف فردية ارتجلت في حينها لمواجهة الأنصار..؟
وإذا ما تأملنا قول عمر: وأنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر إنا خشينا إن فارقنا القوم – الأنصار - ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة. فإما أن نبايعهم على ما نرضى أو نخالفهم فيكون الفشل..
وتأمل قوله وهو في الطريق إلى السقيفة ومعه أبو بكر وأبو عبيدة محدثا نفسه: كنت أزور في نفسي كلاما في الطريق فلما وصلنا السقيفة أردت أن أتكلم. فقال أبو بكر. مه ياعم... وذكر ما كنت أقدره في نفسي كأنه يخبر عن غيب...
من هذه الروايات نخلص إلى أن الأمر كان من ترتيب القوم بزعامة عمر ولم يكن له وجهه الشرعي ويتضح هذا الأمر من قول عمر حين وفاته: لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته وسالم هو عتيق حذيفة. وهو بذه يخالف نص الإمامة في قريش ويناقض نفسه حين احتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع ان تولي أمورها من كانت النبوة فيهم.
الهوامش:
1- انظر نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري.
2- انظر فتح الباري شرح البخاري ج7/ 30 وما بعدها وج 13/ 206 وما بعدها وانظر كتب التاريخ...
3- لم تكشف لنا الروايات ما كان مشغولا به أبو بكر في بيته بينما الرسول يجهزه للدفن الإمام علي.
4- انظر المراجع السابقة ومروج الذهب للمسعودي والبداية والنهاية لابن كثير...
5- المراجع السابقة.
6- المراجع السابقة.
7- المراجع السابقة.
8- المراجع السابقة.
9- المراجع السابقة.
10- انظر مروج الذهب والإمامة والسياسة لابن قتيبة وتاريخ اليعقوبي.
11- المراجع السابقة.
12- انظر الاستيعاب هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر...
13- انظر مروج الذهب..
14- المراجع السابقة. والمقصود بالثمرة آل البيت...
15- انظر مسلم كتاب الجهاد والسير والبخاريز
16- إنظر فتح الباري ج7/ 105.. وانظر تفاصيل الصدام بين فاطمة وأبي بكر في البداية والنهاية لابن كثير ح6. وكتب التاريخ الأخرى. وكان الهدف عن حجب ميراث فاطمة هو محاصرة آل البيت اقتصاديا من أجل اضعافهم. ومما يدل على ان موقف أبو بكر هذا نابع من القبلية والسياسة أن عمر بن عبد العزيز رد ميراث فدك لآل البيت. ويلاحظ أن موقف أبو بكر هذا مخالف لنصوص القرآن مثل قوله تعالى(وورث سليمان داود) وقوله(يرثني ويرث آل يعقوب)...
17- - انظر تاريخ الطبري ح3/ 198/ والملل والنحل للشهرستاني ح1/ 75 والامامة والسياسة لابن قتيبة ح1/ 12. وتاريخ ابي الفداء ح1/ 156 واليعقوبي2/ 105...
18- انظر تاريخ الطبري...
19- انظر الطبري ومروج الذهب للمسعودي.
20- انظر مروج الذهب.
21- انظر الطبري ج2/ 449 الاستيعاب لابن عبد البر.
22- انظر الطبري..
23- نهج البلاغة ح..1/ خطبة رقم3.
24- انظر مسند أحمد ح3/ 82.
25- انظر مسلم بشرح النووي ج3..
26- انظر البخاري كتاب الفتن والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لم يصرح بهم أبو هريرة؟ وفي هذا النص إشارة إلى ردة الصحابة من بعد الرسول. انظر احاديث الحوض في البخاري...
27- المرجع السابق.
28- انظر مسلم.
29- انظر تفسير الكشاف للزمخشري وكتب التفسير الأخرى..
30- انظر رواية البخاري في حذيفة صاحب سر رسول الله(صلى الله عليه وآله) كتاب فضائل الصحابة. ورواية كان الناس يسألون الرسول عن الخير وكنت أسأله عن الشر. كتاب الفتن. وانظر المحطة الخامسة من ها الكتاب.
31- انظر لنا كتاب الخدعة. وكتاب عقائد السنة وعقائد الشيعة... وانظر المحطة الخامسة من هذا الكتاب.
32- نهج البلاغة ج1 خطبة رقم3.
33- انظر البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فضل ابي بكر.
34- سورة آل عمران.
35- انظر فتح الباري شرح البخاري ح7/ 32.
36- المرجع السابق...
37- اليخاري كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر..
38- انظر كتاب العواصم من العواصم لأبي بكر بن العربي، وهو كتاب يضفي صفة العدالة على جميع الصحابة ويقوم بتأويل النصوص الواردة في ذمهم وتبرير الأحداث التي ارتبطوا بها بمالا بمسهم وبما يخدم الخط الأموي. انظر فتاوى ابن تيمية ح35، وابن كثير البداية والنهاية، وانظر المحاطات القادمة من الكتاب...
39- انظر البخاري ومسلم باب فضل ابي بكر. ومن هذه الروايات: أتت امرأة إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فأمرها أن ترجع إليه. فقال أرايت ان جئت ولم أجدك.. قال: النبي: ان لم تجديني فأتى أبا بكر.
وعلى لسان الإمام علي رواية تقول سئل الإمام من ولده ابن الحنفية أي الناس خير بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: أبو بكر. قال ثم من ؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت. قال: ما أنا ولا رجل من المسلمين...
40- انظ البخاري ومسلم. ومن هذه الروايات قول الرسول(صلى الله عليه وآله) لعمر: ... مالقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك. وقول الرسول فيه: لم أر عبقريا يفري فريه. وقوله كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير ان يكونوا انبياء فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر. انظر لنا كتاب الخدعة. وانظر المحطة القادمة...
41- انظر مناقب عثمان في البخاري ومسلم وشرحيهما لابن حجر والنووي. وأنظر كتاب الخدعة والمحطة الرابعة.
42- انظر مناقب الإمام علي في المرجعين السابقين. وانظر الخدعة والمحطة الخامسة.
43- انظر كتب التاريخ.
- انظر كتب السيرة والتاريخ وتفسير سورة الجمعة وراجع باب وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله).
45- انظر البخاري كتاب المحاربين ومسند أحمد ح1 وفتح الباري ح12.
46- انظر حوادث الردة في عصر أبي بكر في كتب التاريخ. وقصة خالد مع مالك بن نويره.
47- انظر البخاري وفتح الباري ج7 كتاب فضائل الصحابة.
48- المرجع السابق.
بارك الله فيك اخي الكريم على توضيحك للمعلومات
فعلا كلما تمعنت في كلماتك والروايات بدر الى ذهني سؤال ..كلمانزلت بالصفحات ارى جواب لكل سؤال بدر الى ذهني مشكوره اخي العزيز كل الشكر على التوضيح...
راح اتعبك اخوي معاي واذا ماعندك جواب للسؤالين الاولين الحكمه من زواج النبي عليه افضل الصلاة والسلام من عائشه مع انه يعلم بماسوف تفعله من بعده
اين كان الامام عليه السلام عندما حدثت الاحداث السيئه اللي ذكرتها من قبل ابي بكر وعمر للسيده فاطمه عليها السلام ولماذا لم يدافع عنها مالحكمه من هذا الشيء
ثقلت عليك اخوي بس ممكن تجاوبني او احد الاخوه الاعزاء يجاوبوني
لك مني كل تقدير واحترام على تعبك معي....