أعاني منذ ستة أشهر من وهن عصبي، وضعف في النطق، فأنا أجد صعوبة في نطق الكلمة، كذلك عندما آكل يصيبني ألم رهيب بالرأس, ليس صداعا وإنما ضغط في داخل الرأس يسبب لي الألم الذي قد يأتي مباشرة، أو بعد ساعات, كذلك أشعر بشيء ما يجري في قلبي مثلا حركات غير معتادة تأتيني بشكل دائم على طول اليوم، وتزيد بعد الطعام كذلك أشعر بضعف بعد الطعام. وهذا الضعف يشبه الشعور بالإغماء, ومن مميزات الصداع والوهن العصبي اللذان يصيبانني أنني لا أستطيع التفكير، ولا أستطيع القراءة بسرعة مع استيعاب كسابق عهدي. أعاني من مشاكل في المعدة إذ عانيت مرارا من الحموضة، كذلك أصبت بكثرة التبول من دون سبب ظاهر ككثرة شرب الماء أو السكري الذي أجريت فحصا له وظهر كل شيء على ما يرام، ولكن الآن لا أعاني من كثرة التبول. أتجنب الأكل كثيرا بسبب أن قلة الأكل تخفف كثيرا تلك الأوجاع، ومرة من المرات شفيت بسبب انقطاعي عن الطعام تقريبا، ولكن عندما رجعت لكي آكل الشيء اليسير عادت الأعراض، وخصوصا الوهن العصبي الذي عطلني عن دراسة الطب. والآن الصداع أثر على عملي، فأنا لا أستطيع التفكير بشكل جيد في العمل إذا لاحظ رب العمل أني لا أقوم بعملي على أكمل وجه، طبعا الحالة عندي ليست حالة نفسية، ولا توهما مرضيا، وأنا واع لما أقوله تماما، وأرفض تماما تشخيص حالتي بالتوهم المرضي، أو الاكتئاب وما شابه، وأؤكد لكم مرارًا وتكرارًا. أصبحت أبحث عن حل لمشكلتي في الشبكة بعد أن فشل الأطباء فشلًا ذريعًا في تشخيص حالتي إذ عملت فحص دم عام، وظهرت النتائج أن كل شيء عندي سليم- والحمد لله-. ولكن لا أؤمن أنني على ما يرام وبعد البحث الطويل والمعاناة الطويلة، وجدت عصبا يسمى العصب الحائر وهو عصب له علاقة بكل ما ذكرت فهو متعلق بعمليات النطق، وله علاقة بالمعدة والقلب والرأس؛ لأنه يمتد من الرأس ويتفرع، كذلك له علاقة بالكليتين. مشكلتي هذه طارئة، وأتمنى أن يشفيني الله على يديكم بعد طول انتظار وبحث
فأؤكد لك أننا لن نقول لك أنك تعاني من الوهم أو التوهم المرضي أو الاكتئاب، لأنك بالفعل لا تعاني من التوهم المرضي، ولا تعاني من الاكتئاب النفسي بمعاييره التشخيصية المعروفة، الذي تعاني منه هو حالة تسمى بالتجسيد، ويعني ذلك ظهور أعراض متعددة ومختلفة تشمل أجهزة متعددة ومختلفة في الجسم.
والتجسيد مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما نسميه بالحالات النفسوجسدية، وقد وجد أن القلق هو مسبب رئيسي لمثل هذه الحالات، والقلق ليس من الضروري أن يكون قلقًا ظاهرًا، القلق يمكن أن يكون قلقًا مقنعًا ومختبئًا، ويعطي هذه الصورة التي تتحدث عنها.
الحمد لله تعالى أن كل فحوصاتك جيدة، وهذا هو المتوقع، والآن ما هو الحل وما هو العلاج؟
أول خطوات العلاج أن تعرف أنه ليس لديك مشكلة رئيسية، نعم أنت تعاني، أنت تتألم هنا وهناك، لكن هذا ليس ناتجًا عن مرض عضوي.
ثانيًا: الوهن العصبي: يعرف تمامًا أن الآلام الجسدية ووجود القلق المقنع، تقلل من كفاءة الإنسان النفسية والجسدية، وهذا يؤدي إلى الشعور بالوهن الشديد.
ثالثًا: أهم خطوة في علاجك أيضًا هي ممارسة الرياضة، الرياضة بصورة منتظمة، أربعين دقيقة يوميًا على الأقل من المشي أو الجري الخفيف، أو ممارسة أي رياضة جماعية مثل كرة القدم، مهم جدًّا وضروري جدًّا، ويجب أن تأخذ هذا الأمر بجدية، ونحن حين نقول لك الرياضة؛ نشير إلى فوائدها في أمراض التجسيد، وكذلك الشعور بالوهن والقلق المقنع وربما التوترات.
رابعًا: لابد أن تغير من نمط حياتك، أنت في بدايات سن الشباب، وهبك الله تعالى طاقات كثيرة حتى وإن وجد هذا الوهن، هذه الطاقات كامنة ويمكن إخراجها من خلال الإصرار التام على أن تكون فعّالاً.
خامسًا: عليك بالصحبة الطيبة، الإنسان يحتاج لمن يعينه في أمور الدين والدنيا والآخرة، ويد الله مع الجماعة، والشيطان من الواحد أقرب وهو من الاثنين أبعد.
سادسًا: أنت محتاج لعلاج دوائي، وأفضل دواء لحالتك هو عقار (بروزاك) والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين)، وجرعة البداية هي أن تبدأ بكبسولة واحدة في اليوم، تتناولها بعد الأكل، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، تستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، بعدها اجعل الكبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هناك دواء آخر مصاحب ومساعد ومساند (للفلوكستين)، وهذا الدواء يعرف علميًا باسم (بموزايت) واسمه التجاري هو (أوراب)، إذا تحصلت عليه تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، فهو دواء مدعم جدّا (للبروزاك) في علاج أعراض التجسيد.
إذا لم تجد (الأوراب) يمكن أن تستبدله (بالدوجماتيل)، والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد)، والجرعة المطلوبة هي خمسين مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله، لكن تستمر في تناول (البروزاك) بنفس الصورة التي ذكرناها لك.
أنت تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، وذكرت أنك عاطل عن العمل بسبب المرض، أرجو أن تعيد النظر في هذا الموضوع، فالعمل هو قيمة الرجل، وهو أفضل وسيلة لتأهيل الإنسان، وإن أتيحت لك الفرصة للدراسة، أو بالأحرى السعي لها، فالعلم والمعرفة مهمة جدًّا لتأهيل النفس البشرية.
أكرر لك أنك غير متوهم أبدًا، فأنت تعاني من حالة تستحق الرعاية والعناية والتوجيه، وقد قمنا بذلك حسب ما هو متاح لنا، فاحرص على أن تتبع وتلتزم بما أسلفنا ذكره.