بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على رسوله الأمين و على آله الطيبين الطاهرين ...
إنّ من أهم الأمور التي يجب على كل مسلم معرفتها ، هي يوم القيامة و علامات يوم القيامة . و الإنسان قد شغلته الدنيا و النفس و الهوى و الشيطان عن الإستعداد لهذا اليوم العظيم . الذي قال الله عنه : (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون )) ، و قال أيضا : (( اقتربت الساعة و انشق القمر )) . فالساعة اقتربت و يوم الحساب قد دنا ، فهل نحن مستعدون لهذا اليوم ؟؟؟ (( يوم يفر المرء من أخيه . و أمه و أبيه . و صاحبته و بنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )) ... (( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى وماهم بسكارى و لكن عذاب الله شديد )) ..(( يوم يتذكر الإنسان ما سعى . و برّزت الجحيم لمن يرى )).. هذا اليوم المخيف الذي يحشر الله فيه جميع خلقه و يحاسبهم على ماقاموا في هذه الدنيا ، هل نحن مستعدون لهذا اليوم ؟؟!
و الرسول - صلى الله عليه و آله - قد بين لنا علامات لاقتراب الساعة ، إذا رأينا تلك العلامات نتيقن من قرب هذا اليوم العظيم . وهناك علامات صغرى لهذا اليوم و معظم تلك العلامات قد ظهرت. وهناك علامات كبرى لم تحدث بعد و ننتظر حدوثها و ربما نعاصر إحداها ..!!
العلامات الصغرى للساعة : -
من أهم العلامات الصغرى للساعة هي انتشار الخيانة و ظهور الفواحش و كثرة الزنا و الخمر و كثرة الزلازل و تقارب الزمان و انتشار القتل و تطاول الناس في البنيان و موت الفجاءة و تشبه الرجال بالنساء و تشبه النساء بالرجال و كثرة اللعن و موت العلماء ....
ومعظم تلك العلامات بل ربما كلها قد حدثت و نرى بأم أعيننا تلك العلامات التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه و آله - قبل أكثر من 1400 سنة ، و لا ننتظر إلا العلامات الكبرى للساعة .
العلامات الكبرى للساعة :-
هذه العلامات بمجرد ظهور إحداها سنجد العلامة الثانية بعدها و هكذا و تلك العلامات إيذان صريح بقيام الساعة . و أهم العلامات الكبرى لقيام الساعة : -
1- ظهور الإمام المهدي
2- ظهور المسيح الدجال
3- نزول المسيح بن مريم - عليه السلام -
4- خروج يأجوج و مأجوج
5- ظهور الدابة التي تكلم الناس
6- الخسف و المسخ و القذف
7- الدخان
8- خروج الشمس من مغربها
9- الريح التي تقبض أرواح المؤمنين
10- تخريب الكعبة
و سأحاول بإذن الله تعالى خلال هذا المبحث ، أن أعطي فكرة بسيطة و سريعة عن تلك العلامات ، محاولا الإختصار و الأخذ بأصح الرويات في تلك العلامات. و الله الموفق ....
1- ظــهــور المــهــدي
* من هو المهدي ( عند أهل السنة و الجماعة ) ؟
يعتبر ظهور المهدي أول علامة من علامات الساعة الكبرى . و المهدي رجل إسمه على اسم الرسول - صلى الله عليه و آله - ، و اسم ابيه على اسم إبي الرسول . و عليه فاسمه : محمد بن عبد الله ، من نسل الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - ، و نسل فاطمة الزهراء بنت الرسول - صلى الله عليه و آله و سلم - .
يولد المهدي ولادة طبيعية و ينشأ كسائر الناس . حتى إذا كثرت الفتن و الحروب يجتمع حوله الناس و يبايعونه فيظهر للناس أنه المهدي .
* علامات ظهور المهدي ؟
هناك علامتان أساسيتنا لظهور المهدي لم تحدثا منذ أن خلق الله السماوات و الأرض . العلامة الأولى : يخسف القمر في أول ليلة من رمضان . و العلامة الثانية : تكسف الشمس في النصف من رمضان . فإن حدثت هاتين العلامتين في شهر رمضان فاعلم أن المهدي قد ظهر..
* ظهور المهدي
يظهر المهدي في المغرب ثم يبايعونه الناس هناك ، ثم يذهب إلى الأندلس و يحررها ثم إلى أنطاكية ثم إلى القسطنطينية ثم إلى كنسية الذهب . ثم يذهب إلى بيت المقدس .
و عند موت خليفة يختلف الناس اختلافا كثيرا ، و يكون المهدي في المدينة فيخرج إلى مكة فيبايعوه الناس هناك البيعة الثانية . فيأتيه جيش من الشام للقضاء عليه فيخسف الله بهذا الجيش بالبيداء بين مكة و المدينة . كما في قول الله تعالى : (( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت و أخذوا من مكان قريب )) . و بعدها يتأكد الناس أنه المهدي فيأتيه أهل الشام و عصائب العراق ، فيخرج المهدي و يقاتل في سبيل الله ، و يخلص الأرض من الظلم و الجور و يملأها عدلا و أمانا . و يحكم الدنيا لمدة سبع سنين .
و للعلم فالذين حكموا الدنيا أربعة ، مؤمنان و كافران ، أما المؤمنان : فهما سليمان بن داود - عليهما السلام - و الإسكندر . و أما الكافران : فهما نمرود و بخت نصر .
أما الخامس الذي سيحكم الدنيا فهو المهدي محمد بن عبد الله .
2- ظهور المسيح الدجال
* من هو المسيح الدجال ؟
من أشد الفتن على الأرض هي فتنة المسيح الدجال . و كل نبي قد حذر قومه من فتنة المسيح الدجال ، كما أن رسولنا الكريم - عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم - قد حذرنا في أحاديث كثيرة من المسيح الدجال ، و وصفه لنا في أحاديث عدة . و أرشدنا بأن ندعو في التشهد الأخير في كل صلاة بالقول " اللهم أنا نعوذ بك من فتنة المسيح الدجال" . و المسيح الدجال رجل ضخم الجثة ، أعور العين اليمنى ، و عينه الأخرى فيها احمرار مع ازرقاق . و يكون مكتوبا بين عينيه كلمة ( كافر ) ولا يرى تلك الكلمة إلا المؤمن الحق . و يعتبر الدجال هو أسحر البشر على الإطلاق ، و يمتلك قدرات خارقة لا تخطر على بال إنسان ، فهو يستطيع أن يقوم بمعظم معجزات المسيح عيسى - عليه السلام - ، فالدجال يكون قادر على أن يبرئ الأكمه و الأبرص ، و يحيي الموتي و ينزل الأمطار و يخرج الزرع و يجري الرياح . يدّعي الدجال في بداية الأمر أنه نبي الله ولكن المسلمين يعلمون أنه لا نبي بعد رسول الله محمد ، و بعد ذلك يدعي المسيح الدجال أنه هو الله ..!!!
أجارنا الله و حمانا من شهر هذا الدجال ، و أماتنا الله قبل ظهور هذا الدجال ...
* علامات خروج الدجال ؟
قبل خروج الدجال بثلاث سنوات يقل المطر و تقل الزرع ، حتى إذا اقترب موعد خروج الدجال لا تنزل قطرة و لا تنبت خضرة . و يبدأ الناس يموتون من الجوع و العطش و الجهد .
* خروج الدجال
يخرج الدجال في أرض خراسان و لكنه يظهر للناس على أنه الدجال بين الشام و العراق . و يكون المسيح الدجال راكبا على حمار و معه نهران ، النهر الأول يسميه النار ( وهو في الحقيقة جنة ) ، و النهر الثاني يسميه الجنة ( و هو في الحقيقة نار ) . فيرى الناس و ما يعانونه من جدب و قحط ، فينزل المطر و يجري الرياح و يخرج الزرع و يدعي بأنه هو الله و من آمن به يدخله جنته و من يكفر به يدخله ناره . فضعيف الإيمان يصدقه و يؤمن بأنه ربه فيدخله جنته ( وهي في الحقيقة نار ) ، و أما المؤمن الحق الذي يثبته الله يقول ربي الله و ليس أنت ، أنت الدجال الذي حذرنا منك رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - ، فيميت بعضهم ثم يحيهم ، فإن أصروا على عدم الإيمان به يدخلهم ناره ( وهي في الحقيقة جنة ) . و هكذا يتنقل الدجال من بلد إلى آخر يضل الناس و يتبعه في ذلك اليهود و يستمر وجوده أربعين يوما. و عند سماع المسلمين بظهوره يهربون إلى بيت المقدس ، حيث أن الدجال يدخل كل البلاد ما عدا مكة و المدينة و بيت المقدس . ثم بعد ذلك يحاصر الدجال هو و اليهود بيت المقدس و المسلمون فيه . و بعد ذلك ينزل المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - .
3- نزول المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام
نحن المسلمون نؤمن بأن رسول الله المسيح بن مريم - عليه السلام - لم يقتل و لم يصلب بل رفعه الله إليه . لقول الله تعالى : (( و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم )) ، و لقوله تعالى : (( بل رفعه الله إليه )) ، و سوف ينزل المسيح إلى الأرض قبل قيام الساعة .
ينزل نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - في بيت المقدس ، و يكون نزوله في وقت صلاة الصبح ، و يكون المسلمون قد أقاموا الصلاة للصلاة و يتقدمهم إمامهم . و بعد أن يرووا المسيح عليه السلام يرجع الإمام ليصلي المسيح - عليه السلام - بالمسلمين . و لكن المسيح يترك الإمام يصلي به ، فيصلي المسيح - عليه السلام - مؤموما في أمة محمد - صلى الله عليه و آله و سلم - . و بعد الصلاة يفتح باب بيت المقدس فيجد المسيح الدجال بالخارج هو و أتباعه اليهود ، فيذوب المسيح الدجال بمجرد رؤيته للمسيح بن مريم ، يذوب كما يذوب الملح في الماء . ثم يتبعه عيسى عليه السلام ويقتل الدجال . و يخرج المسلمون و يقتلون اليهود . ثم يكسر المسيح عيسى - عليه السلام - الصليب و يذبح الخنزير و يقيم الجزية . و يطهر الأرض من الكفر و الشرك حتى لا يكون في الأرض دين إلا الإسلام . و يحكم بالعدل و الإحسان و يقيم شرع الله على الأرض ، و ينتشر الأمن و الأمان حتى أن الغنم يرعى مع الذئب دون خوف . و يمكث عيسى عليه السلام في الأرض أربعين سنة و يتزوج ثم يموت و يدفن بجوار الرسول الأعظم - صلى الله عليه و آله وسلم - .
4- خروج يأجوج و مأجوج
أثناء حياة عيسى بن مريم - عليه السلام - يخرج يأجوج و مأجوج . تصديقا لقول الله تعالى : (( حتى إذا فتحت يأجوج و مأجوج وهم من كل حدب ينسلون )) . و يأجوج و مأجوج هما أمتان من ولد يافث بن نوح - عليه السلام - . و هم ثلاثة أصناف : منهم على طول شبر و منهم على طول شبرين و منهم من طوله مثل عرضه . و هؤلاء الناس من أشر خلق الله ، حبسهم ذو القرنين بسد ، كما ورد ذلك في سورة الكهف ، حيث طلب الناس من ذي القرنين أن يبني سدا و يحبس هؤلاء القوم . لقول الله تعالى : (( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا و بينهم سدا )) .. فحبسهم ذو القرنين منذ ذلك الوقت إلى الآن و لا يعلم أحد بمكانهم إلا الله . و عند اقتراب الساعة سيهدم يأجوج و مأجوج هذا السد و يخرجون إلى الأرض لينشروا فيها الفساد . فيأكلون الأخضر و اليابس و يقتلون كل ذي روح ، و يشربون من مياه البحار . و عندما يعلم المسلمون بخروج يأجوج و مأجوج يخبرهم نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - بأنه لا قبل لهم بهؤلاء القوم ، فيذهبون معه إلى أحد الجبال بعدا من شر يأجوج و مأجوج . و عندما يقتل يأجوج و مأجوج أهل الأرض كلهم و يفسدون في الأرض يقولون لقد قضينا على أهل الأرض ولم يبق إلا أهل السماء . فيرمون السهام و الرماح إلى السماء فترجع بالدم ، فيظنون أنهم قد قضوا على أهل السماء . وبعدها يبعث الله دابة تسمى النغف تأخذ بأعناقهم فيموتون موت رجل و احد و يسقط بعضهم فوق بعض . و بعد موتهم يحس المسلمون بحدوث تغير ، فيخرج أحد المسلمين من الجبل لينظر إلى حال الأرض ، فيرى الجثث و الدمار و الفساد و الخراب . فيخرج عيسى عليه السلام و جميع المسلمين ، فيدعو الله بأن يطهر الأرض ، فينزل الله الأمطار و يطهر الأرض من هذه الجثث و الروائح النتنة ، و يخرج الزرع و تعود الأرض طيبة خضرة . و يستمر حكم عيسى - عليه السلام - ثم يموت بعد ذلك .
و بإذن الله تعالى نستكمل فيما بعد علامات الساعة الكبرى ، لنعرف ماذا يحدث بعد موت المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - ؟؟ هل يبقى المسلمون كما كانوا ؟؟ وما هي الدابة التي تخرج و تكلم الناس ؟؟ و ما قصتها ؟؟ كما قال تعالى : (( و إذا و قع القول أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )) ..{ سورة النمل ، الآية : 82 } .. ماذا ستفعل هذه الدابة ؟؟ ثم بإذن الله تعالى نعرض في المبحث القادم العلامات الأخرى للساعة و الخسف و المسخ و هدم الكعبة و رفع القرآن و نهاية الإسلام .....
أدعو الله المولى الكريم أن يحفظنا من هذه الفتن ، و يعيننا على حسن عبادته و يجيرنا من عذابه يوم القيامة ، و يحسن خواتيمنا و يجعل الجنة مأوانا .. و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .