|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 30365
|
الإنتساب : Feb 2009
|
المشاركات : 1,092
|
بمعدل : 0.19 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
كلام امير المؤمنين عليه السلام لابن عباس رض
بتاريخ : 09-08-2012 الساعة : 10:40 PM
فصل (في كلام: قاله امير المؤمنين عليه السلام لابن عباس رضى الله عنه) روى الشيخ الصدوق بسنده عن إبن عباس، فقال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: والله لقد تقمصها، أخو تيم الخطبة ونحن نوردها بما في نهج البلاغة: قال علي عليه السلام: أما والله لقد تقمصها فلان، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه. فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قدى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده (1)، ثم تمثل بقول الأعشى: شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا.
(1) هكذا في النسختين من الكتاب لكن في نهج البلاغة المطبوع: إلى ابن الخطاب بعده. (*)
ضرعيها: فصيرها في حوزة خشناء، يغلظ كلمها ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والإعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، لكني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا، فصغى رجل منهم لضغنه، وما الآخر لصهره، مع هن وهن. إلى ان قام ثالث القوم نافجا حضنيه، بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته. فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلى، ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان، وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا كلام الله سبحانه حيث يقول: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين) * بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها. أما والذي فلق الحبة، وبرء النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولأفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز. قالوا: وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا، فأقبل بنظر فيه، فلما فرغ من قرائته، قال له ابن عباس " رحمه الله ": يا
أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت، قال: هيهات يابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت، قال ابن عباس: فو الله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد (2). قال ابن ابي الحديد: وأما قول ابن عباس ما أسفت على كلام الخ، فحدثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمأة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد المعروف بإبن الخشاب هذه الخطبة، فلما انتهيت إلى هذا الموضع، قال لي: لو سمعت ابن عباس يقول هذا، لقلت له: وهل بقي في نفس إبن عمك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد، والله ما رجع عن الأولين ولا عن الأخرين (3). وفي البحار، عن كشف اليقين، عن ابن عباس، قال: كنت أتتبع غضب أمير المؤمنين عليه السلام إذا ذكر شيئا، أوهاجه خبر، فلما كان ذات يوم كتب إليه بعض شيعته من الشام يذكر في كتابه أن معاوية، وعمرو بن العاص، وعتبة بن ابي سفيان، والوليد بن عقبة، ومروان، إجتمعوا عند معاوية فذكروا أمير المؤمنين عليه السلام فعابوه، وألقوا في أفواه الناس إنه ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ويذكر كل واحد منهم ما هو أهله. وذلك لما أمر عليه السلام أصحابه بالانتظار له بالنخيلة فدخلوا الكوفة وتركوه، فغلظ ذلك عليه. وجاء هذا الخبر فأتيت بابه في الليل، فقلت: يا قنبر، أي شئ خبر أمير المؤمنين عليه السلام قال: هو نائم فسمع عليه السلام كلامي، فقال: من هذا ؟ قال ابن عباس يا أمير المؤمنين قال: ادخل، فدخلت فإذا هو قاعد ناحية عن فراشه في ثوب جالس، كهيئة المهموم فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين الليلة ؟ فقال: ويحك يا ابن عباس وكيف
(2) نهج البلاغة ص 37 - 44 ج 1 نهج البلاغة صبحي ص 48. (3) شرح ابن ابي الحديد ج ص 205. (*)
تنام عينا قلب مشغول، يا ابن عباس ملك جوارحك قلبلك، فإذا أرهبه طار النوم عنه، ها أنا ذاكما ترى مذ أول الليل إعتراني الفكر والسهر لما تقدم من نقض عهد أول هذه الأمة المقدر عليها نقض عهدها. إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من أمر أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين فكنت أؤكد أن أكون كذلك بعد وفاته، يا ابن عباس أنا أولى الناس بالناس بعده، ولكن أمور إجتمعت على رغبة الناس في الدنيا وأمرها ونهيها، وصرف قلوب أهلها عني. أقول: وساق كلامه عليه السلام في الشكاية عمن تقدمه إلى أن قال عليه السلام: فألآن يا ابن عباس قرنت بابن آكلة الأكباد، وعمرو، وعتبة، والوليد، ومروان، وأتباعهم، فمتى اختلج في صدري، وألقي في روعي، أن الأمر منقاد إلى دنيا يكون هولاء فيها رؤوسا يطاعون، فهم في ذكر أولياء الرحمن يثلبونهم (4) ويرمونهم بعظائم الأمور من إفك مختلق وحقد قد سبق. وقد علم المستحفظون ممن بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إن عامة أعدائي ممن أجاب الشيطان علي، وزهر الناس في، وأطاع هواه فيما يضره في آخرته وبالله عزوجل الغني وهو الموفق للرشاد والسداد، يا بن عباس، ويل لمن ظلمني ودفع حقي وأذهب عظيم منزلتي، أين كانوا أولئك ؟ وأنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا، لم يكتب علي صلوة، وهم عبدة الأوثان وعصاة الرحمن وبهم توقد النيران. فلما قرب أصعار الخدود (5) وأتعاس الجدود، أسلموا كرها وأبطنوا غير ما أظهروا طمعا في أن يطفئوا نور الله وتربصوا إنقضاء أمر الرسول، وفناء مدته، لما
(4) ثلبه: تنقصه. (5) صعر خده تصعيرا وصاعره وأصعره: أماله عن النظر الى الناس تهاونا. التعس: الهلاك. والجدود جمع الجد بالفتح وهو الحظ. (*)
أطعموا أنفسهم في قتله ومشورتهم في دار ندوتهم قال الله عزوجل: * (ومكروا ومكر الله، والله خير الماكرين) * (6) وقال: * (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبي الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون) * (7). يا بن عباس، ندبهم رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته بوحي من الله يأمرهم بموالاتي، فحمل القوم ما حملهم مما حقد على أبينا آدم من حسد اللعين له، فخرج من روح الله ورضوانه وألزم اللعنة لحسده لولي الله، وماذاك بضاري إنشاء الله شيئا، يا ابن عباس أراد كل امرء أن يكون رأسا مطاعا يميل إليه الدنيا وإلى أقاربه فحمله هواه، ولذة دنياه، واتباع الناس إليه أن يغضب ما جعل لي ولولا إتقائي على الثقل الأصغر أن ينبذ فينقطع شجرة العلم وزهرة الدنيا وحبل الله المتين، وحصنه الأمين، وولد رسول رب العالمين لكان طلب الموت والخروج إلى الله عزوجل عندي من شربة من ظمآن ونوم وسنان، ولكني صبرت وفي الصدر بلابل، وفي النفس وساوس " فصبر جميلا والله المستعان على ما تصفون ". ولقديما ظلم الأنبياء وقتل الأولياء إلى أن قال: " وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار " وأذن المؤذن فقال: الصلوة يا بن عباس لاتفت، أأستغفر الله لي ولك وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، قال ابن عباس: فغمني انقطاع الليل وتلهفت على ذهابه (8).
(6) آل عمران. آية 47. (7) الصف آية 9. (8) بحار الانوار كتاب الفتن والمحن ط القديم ص 162 (مكالمة ابن عباس مع أمير المؤمنين عليه السلام). (*)
|
|
|
|
|