_اللعن في اللغة:
قال الراغب الأصفهاني: (اللعن: الطرد والإبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره)(1).
وقال الطريحي: (اللعن: الطرد من الرحمة... وكانت العرب إذا تمرّد الرجل منهم أبعدوه منهم وطردوه لئلاّ تلحقهم جرائره، فيقال: لعن بني فلان...)(2).
وقال ابن الأثير في النهاية: (أصل اللعن: الطرد والإبعاد من الله، ومن الخلق السبّ والدعاء)(3).
وعلى هذا الجوهري في صحاحه أيضاً(4).
وقال الزمخشري في أساس البلاغة(5): لعنه أهله: طردوه وأبعدوه، وهو لعينٌ طريدٌ، وقد لعن الله إبليس: طرده من الجنّة وأبعده من جوار الملائكة، ولعنت الكلب والذئب: طردتهما.
1- المفردات: 471. 2- مجمع البحرين: 6/309
3- النهاية: 4 / 255. 4- الصحاح: 4/2196
5_ أساس البلاغة: 567 مادّة «لعن
وخلاصة الأمر أن اللّعن: إن كان من الله سبحانه فمعناه الطرد من الرحمة، وإن كان من الناس فمعناه الدعاء
2_اللعن في القران و جوازه في القران
ايات اللعن علي طوائف منها::
آيات وجهت اللعن إلى إبليس، و وتابعيه من الإنس والجن وكل من تجرأ على بني آدم متعمداً في معصية الله تعالى. مثل قوله تعالى: (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين. )[ ص: الآية 78
وإنّ عليك اللّعنة إلى يوم الدّين)[الحجر: الآية 35].
(إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً وإن يدعون إلاّ شيطاناً مريداً لعنه الله وقال لأتّخذنّ من عبادك نصيباً مفروضا)
[النساء: الآية 118].
وقال فيمن يقتل مؤمناً متعمداً: (ومن يقتل مؤمناً متعمّداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً)
[النساء: الآية93].
ويلاحظ أن مفردة غضب الله تكون في القرآن في الغالب قرينة لعنته سبحانه وتعالى.
وفي المتجرئين على الله والناكثين لعهده يقول تعالى:
(والّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللّعنة ولهم سوء الدّار)
[الرعد: الآية 25].
ومنها: آيات وجهت اللعن إلى عموم الكافرين، مثل قوله تعالى: (إن الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً) [الأحزاب: الآية 64].
ـ (ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلاّ قليلاً)[النساء: الآية46].
ـ (فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين)
[البقرة: الآية161].
و منها: آيات وجهت اللعن إلى الذين لعنهم الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) أو لعنهم الأنبياء أو الذين لعنهم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من عترة المصطفى الذين طهرهم الله تطهيرا واذهب عنهم الرجس بإرادته وبنص وحيه.
فأما الذين لعنهم الأنبياء فيقول تعالى:
(لعن الّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم)[المائدة: الآية 78].
وأما الذين لعنهم محمد (صلى الله عليه وآله) فهم كل من آذاه وآذى آل بيته ووصيه علي بن أبي طالب، وابنته فاطمة وابنيه الحسن والحسين ولعن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) كل من حاربه وناصبه العداء ومنعه من أداء رسالته وكل من تآمر عليه وعلى دين الله وكاد للإسلام،
و منها:ايات وجهت اللعن الي عناوين سلوكية عامة مثل عنوان الكاذبين في قوله تعالى:
(والخامسة أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)، وعنوان الظالمين،
في قوله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين))،
وقال الله تعالى في الظالمين:
ـ (كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أنّ الرّسول حقٌّ وجاءهم البيّنات والله لا يهدي القوم الظّالمين أولئك جزاؤهم أنّ عليهم لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين)
[آل عمران: الآية87].
ـ (فأذّن مؤذّنٌ بينهم أن لعنة الله على الظّالمين)[الأعراف: الآية44].
ـ (ألا لعنة الله على الظّالمين)
[هود: الآية 18].
والظلم كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى (إنّ الله لا يغفر أن يشرك به). وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا. القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى ولا ضربا بالسياط ولكنه ما يستصغر معه ذلك فإياكم والتلون في دين الله. وإما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات. نهج البلاغة الجزء الثاني: ص95.
وللخلاص من ظلم العباد يوصي أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أنصف الله وانتصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك ألا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله سميع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد.
وهو بيان بليغ لمعاني لعنة الله للظالمين من لدن سيد البلغاء أمير المؤمنين (عليه السلام).
وعنوان إيذاء الرسول(صلى الله عليه وآله)، في قوله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة))
وعنوان رمي المحصنات،
في قوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة).
وعنوان القتل،
في قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً))، وعنوان النفاق، في قوله تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم)() وعنوان الفساد وقطع الرحم، في قوله تعالى: (أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم* أُولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم)().
و منها : ايات وجهت اللعن الي الذين يكتمون ما أنزل الله هم والذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه من اليهود وأصحاب السّبت والذين يطعنون في دين الله قال تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسيةً يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظًّا ممّا ذكّروا به ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم إلاّ قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إنّ الله يحبّ المحسنين)[المائدة: الآية 13].
وأصحاب السّبت ملعونون، ومن هم في مثلهم: (يا أيّها الّذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا مصدّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السّبت وكان أمر الله مفعولاً)[النساء: الآية 47].
وفيهم يقول تعالى أيضاً:
(قل هل أنبّئكم بشرٍّ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطّاغوت أولئك شرٌّ مكاناً وأضلّ عن سواء السّبيل)[المائدة الآية60].
وفي إشارة واضحة لليهود يقول تعالى:
(ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلاً أولئك الّذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً)[النساء الآية52].
وقال تعالى: (إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون)[سورة البقرة الآية159].
وقال تعالى: (إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّنّاه للنّاس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون)[سورة البقرة الآية159].
وما أكثر من كتم الحقائق والهدى وماأكثر من كتم فضائل أهل البيت (ع) حقدافأولئك يستحقون اللعنه من الله
نشكر سماحة سيدنا الأميني على الموضوع المفيد جداً
وأتمنى من الجميع يعرفوا خقخيقة اللعن , فاللعن ليسش منقصه و, ومن خلال شرح السيد الوافي يتضح الفرق الشاسع بين اللعن والسب
_ و اما في السنة و الروايات:
ولو أطلق اللعن مجرد لفظ يخص شخصا، حقدا أو طعنا وليس حقيقة فلا واقع له إلا أنه يعتبر سبا وسوء خلق ممن صدر عنه، وفيه جرأة على الله تعالى كبيرة، لأنه يتقول على الله تعالى بما لم يشأ. فلا يكون اللعن واقعاً إلا إذا صدر من لدن الله تعالى أو من رسوله الذي لا ينطق عن الهوى، أو من أئمة الهدى الذين عصمهم الله من الزلل وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بإرادته جل وعلا وإرادته نافذة في خلقه.
وقد أورد صاحب موسوعة أطراف الحديث النبوي في مادة (لعن) قريباً من ثلاثمائة عنوان حديث نبوي مصدّر بكلمة اللعن (موسوعة أطراف الحديث النبوي / المجلد السادس: 594 ـ 606.)،
رغم أنه لم يوفق لجمع كل أحاديث هذا الباب، وفات عليه بعض مما هو مشهور فيه، كلعن النبي (صلى الله عليه وآله) للمتخلف عن جيش أُسامة(- نقله ابن جرير الطبري في أحداث سنة (11 هـ ) من تاريخه و والملل والنحل للشهرستاني: 1/23 ط دار المعرفة و شرح نهج البلاغة للمعتزلي: 6/52
و هذه الأصناف التي لعنها النبي محمد (صلى الله عليه وآله).
- أولا: لعن (صلى الله عليه وآله) الذين تآمروا على حياته الشريفة والذين تصدوا له ليمنعوه أو يعيقوه من أداء رسالته التي كلفه الله تعالى بها: مثال، ورد في كتاب الخصال لأبي جعفر بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق الجزء الثاني ص 397-398 مع تفصيل في الإسناد عن ابن موسى عن محمد بن موسى الدقاق، عن محمد بن محمد ابن داود الحنظلي، عن الحسين بن عبد الله الجعفي، عن الحكم بن مسكين عن أبي الجارود عن أبي الطفيل عامر بن واثله قال: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن أبا سفيان في سبعة مواطن:
أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجرا وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان يسبه ويوعده، فهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله.
والثانية: يوم العير: إذ طردها ليحرزها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلعنه الله ورسوله.
والثالثة: يوم أحد، قال أبو سفيان: أعل هبل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله مولانا ولا مولى لكم.
والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جمع من قريش فردهم الله بغيضهم لم ينالوا خيرا، وانزل الله عزّ وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب، فسمى أبو سفيان وأصحابه كفارا، ومعاوية يومئذ مشرك عدو لله ولرسوله.
والخامسة: يوم الحديبية، والهدي معكوفاً إن يبلغ محله، وصد مشركوا قريش رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله.
والسادسة: يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وعامر بن الطفيل بجمع هوازن، وعيينه بن حصين بغطفان، وواعدهم قريظة والنضير أن يأتوهم، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمنا، وأما القادة فليس منهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج.
والسّابعة: يوم حملوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة وهم اثنا عشر رجلاً من بني أمية وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من على العقبة غير النبي (صلى الله عليه وآله) وناقته وسائقه وقائده.
وفي نفس المصدر (الخصال) الجزء الأول ص191، وبتفصيل في السند أيضا عن عبد الله بن عمر، أن أبا سفيان ركب بعيرا له ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به، فلعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الراكب والقائد والسائق.
ثانيا: لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعنا تشريعيا لمطلق المنع في فعل ما أو من باب التحذير والتوجيه أمثال:
ـ ملعون ملعون من ضيع من يعول
ـ ملعون ملعون مبغض علي بن أبي طالب
ـ ملعون ملعون من يظلم ابنتي فاطمة.
ـ من أبغض عترتي فهو ملعون.
ثالثا: أشار الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى أفعال كونها من الأصناف الملعونة في القرآن، أمثال الكافرين والظالمين والذين يؤذون رسول الله.. أمثال:
المثال الأول: روى الطبري في تاريخه الجزء 11 ص356، والواقدي وكافة رواة الحديث، أن الحكم ابن أبي العاص كان سبب طرده وولده مروان حين طردهما رسول (صلى الله عليه وآله)، أن الحكم اطلع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً في داره من وراء الجدار وكان من سعف، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوس ليرميه فهرب.
وفي رواية أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله) في قسمة خيبر: اتق الله يا محمد!، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لعنك الله ولعن ما في صلبك، أتأمرني بالتقوى؟! وأنا جئت به من الله تعالى اخرج فلا تجاورني فلم يريا الأطريدين، حتى ملك عثمان فأدخلهما.
المثال الثاني:
روى الترمذي في الجامع، وأبو نعيم في الحلية، والبخاري في الصحيح، والموصلي في المسند وأحمد في الفضائل والخطيب في الأربعين عن عمران بن الحصين وابن عباس وبريده أنه رغب علي (عليه السلام) من الغنائم في جاريه، فزايده حاطب بن بلتعه وبريد الأسلمي، فلما بلغ قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك، فلما رجعوا وقف بريدة قدام الرسول (صلى الله عليه وآله) وشكى من علي، فأعرض عنه النبي (صلى الله عليه وآله) ثم جاء عن يمينه وشماله ومن خلفه يشكو فأعرض عنه، ثم قام إلى بين يديه فقالها، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وتغير لونه وتربد وجهه وانتفخت أوداجه وقال: مالك يا بريدة! ما آذيت رسول الله منذ اليوم؟ أما سمعت الله تعالى يقول: (إنّ الّذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً)[الأحزاب: الآية 57].
أما علمت أن عليا مني وأنا منه وإن من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم، يا بريدة أنت اعلم أم الله أعلم؟ أم قراء اللوح المحفوظ أعلم؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام أعلم؟ أنت أعلم أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظته، قال: وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة عليّ أنهم ما كتبوا قط عليه خطيئة منذ ولد، ثم حكى عن ملك الأرحام وقرّاء اللوح المحفوظ وفيها: ما تريدون من علي، ثلاث مرات، ثم قال: إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. وفي رواية أحمد: دعوا عليا.
وهذه الرواية واضحة في تصنيف الذين يؤذون الإمام علي (عليه السلام) من أصناف الملعونين في القرآن في محكم قوله تعالى الوارد في هذه الرواية.
وجاء اللعن على لسان الأئمة المعصومين أيضا في أصناف هي أصناف الذين لعنهم الله ورسوله:
أولا: ما جاء في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فقال يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك فخفض (عليه السلام) بصره إليه فقال ما يدريك وما عليّ مما لي عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين. حائك أبن حائك منافق أبن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى.. فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك. وإن امرأً دل على قومه السيف وساق إليهم الحتف، الحري إن يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد.
ثانياً: ما جاء في توجيهات الأئمة (عليهم السلام) من أمثال لعن الكافرين والظالمين والمنافقين.. ولعن الذين تصدوا للأئمة في دعوتهم لله تعالى.. والقول المشهور عن العباس في حضرة الحسين (عليه السلام) حين دعاه شمراً، وقد أخذ له الأمان من ابن زياد باعتباره من أخواله: صاح الشمر يوم الطف أين بنو أختنا أين العباس وأخوته.. فقالوا له ماذا تريد؟ ـ بعد إعراض ـ فقال لهم لكم الأمان من ابن زياد فخلوا معسكر الحسين، فرد عليه أبو الفضل: لعنك الله ولعن أمانك.. أتئمننا وابن رسول الله لا أمان له. وقد ورد اللعن من لدن الإمام المعصوم في التوجيه وفي تفقيه الأمة بدينها قالوا (عليهم السلام) مثلا:
ـ المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنية ملعونة.
ـ ملعون من ظلم أجيراً أجرته.
ـ من آذن الله فهو ملعون.
ـ المحتكر ملعون.
ـ ملعون من جلس على مائدة يشرب عليها خمر
ـ ملعون ملعون من آذى جاره..
ـ ملعون ملعون قاطع رحمه.
ومثل ذلك كثير.
ملخص القول:
إن اللعن: هو الطرد من رحمة الله تعالى والبوء بغضبه، ولذا فهو واقع يتجسد عن معاصي بعض الآدميين في الأصناف المذكورة، فلا مناص من هذا الواقع لكل من فضل خيار نفسه على خيار خالقه المحسن له، فهم الخارجون على طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعته واختارهم لدينه وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بإرادته وكتب على العباد مودتهم وأمر بالرجوع إليهم، ثم هم السفينة المنجية وأحد الثقلين، ولذا فاللعن واقع لإرادة الله سبحانه وتعالى، والملعون هو من يشك في لعن من لعنه الله تعالى ولعنه رسول (صلى الله عليه وآله)، ولعنه أولي الأمر الأطهار المعصومون (عليهم السلام).
و للبحث تتمة ستاتي ان شاء الله