الصحيح ما ذكره الشيخ المفيد قدس سره من أن القضية كذب وافتراء وليس لها اساس من الصحة، وقد اختلقها الزبير بن بكار المعروف بعدائه الشديد لأهل البيت عليهم السلام، والدليل على ذلك اختلاف الروايات وتعارضها بنحو يكذِّبُ بعضها البعض الآخر، وهذا دليل على أن أصل القصة كاذبة قد لفّقها كل على حسب ذوقه وهواه..
فبعض الروايات تقول أن عمر قد أجبر علياً عليه السلام على التزويج من ام كلثوم وهدّده بأنه سوف يتّهمها بالسرقة ويقطع يدها.
وبعض الروايات تدل على ان الامام زوّجها باختياره.
وبعضها تدل على ان الامام ارسل جنّية بدلاً من ام كلثوم.
وبعض الروايات تقول انها ولدت لعمر ولده زيد.
وبعضها تقول انها ماتت في نفاسها.
وبعضها تقول انها بقيت بعد مقتل عمر وتزوجت من عون بن جعفر او محمد بن جعفر.
وبعضها تقول ان امير المؤمنين اخذها بعد مقتل عمر الى بيته.
وبعضها تقول ان عمر قُتِلَ قبل أن يدخل بها.
وهكذا نرى انه ليس في هذه الروايات جامع نأخذ به حتى أصل الزواج ليس متّفقاً عليه، لان ارسال الجنية ينفي أصل الزواج.
ومما يكذب هذه الدعوى أن عمر وابا بكر حينما خطبا فاطمة من النبي (صلى الله عليه وآله) ردّهما وقال : انها صغيرة كما رواه المؤرِّخون وحُفّاظ الحديث، فهل يعقل ان عمر يتقدَّم للزواج من ام كلثوم ابنة فاطمة عليها السلام والحال ان امها كانت صغيرة بالنسبة له وردّه النبي (صلى الله عليه وآله) لأجل ذلك ..
قد تقول : ان كلام النبي (صلى الله عليه وآله) في رفض طلب عمر (إنها صغيرة) أي أقل من تسع سنوات لا أنها صغيرة بالنسبة الى عُمْرِ عُمَر، إذن فلعلّ ام كلثوم كانت بالغة وغير صبية !
والجواب : ان النبي (صلى الله عليه وآله) زوّجها في نفس الوقت لعلي عليه السلام، فيعلم من ذلك أنها كانت بالغة لحدّ الزواج، وأنها كانت صغيرة بالنسبة للشيخين لا صغيرة في نفسها.
ثم هل يعقل أن يزوِّج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر ويخالف النبي (صلى الله عليه وآله) مع قطع النظر عن ان فاطمة توفيت وهي واجدة على ابي بكر وعمر باتفاق علماء الاسلام، وكان على الإمام علي عليه السلام ان يراعي مشاعرها ولا يتقرَّب الى مناوئيها، بل كيف ترضى ام كلثوم بهذا الزواج مع أنها رأت بعينها ما جرى على أمها من الاضطهاد ؟!
زواج ابن الخطاب من السيده ام كلثوم تغطيه على مافعله ابن الخطاب في بضعه الرسول ونفي حرق بيت ال الرسول (ع) حسبنا كتاب الله لا العتره الصلاة والسلام على اشرف الخلق
جاء في كتاب «تثقيف الأمّة بسيرة أولاد الأئمة عليهم السلام» للشيخ المؤيد ص106: بأن السيدة أمّ كلثوم تزوّجت من ابن عمّها عون بن جعفر وذلك عملاً بالحديث النبوي الشريف: «بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا»، وفي ص107 قال: «قال الشيخ المفيد إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليّ سلام اللّه عليه ابنته من عمر غير ثابت، وهو من طريق الزبير بن بكّار، وطريقه معروف لم يكن موثوقاً في النقل، وكان متهماً فيما يذكره، وكان يبغض أمير المؤمنين سلام اللّه عليه وغير مأمون فيما يدعيه عنه على بني هاشم، كما روى الحديث نفسه مختلفاً، فتارة يروي أن أمير المؤمنين سلام اللّه عليه تولّى ذلك، وتارة يروي أن العباس تولّى العقد عنه، وتارة يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم، وتارة يروي أنه من اختيار وإيثار، وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ولا يكون له تأثير على حال، انتهى كلامه أعلى الله مقامه» وعليه: فالرواية موضوعة والقصّة مفتعلة من قبل شخص كان يبغض أمير المؤمنين، وبغض أمير المؤمنين سلام اللّه عليه كفر، كيف لا وقد أخرج الطبراني بسند حسن عن أمّ سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «من أحبّ علياً فقد أحبني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله» الصواعق المحرقة لابن حجر ص19 وقال صلى الله عليه وآله أيضاً: «حرّمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي» نور الأبصار للشبلنجي ص123 وقد اعترف صاحب المقالة هنا بالظلم الواقع عن بعض الصحابة على أمير المؤمنين سلام اللّه عليه وروى البلاذري عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أمّ سلمة فقالت: «يا أبا عبد الله أيسبّ رسول الله صلى الله عليه وآله فيكم وأنتم أحياء؟ قلت: معاذ الله، قالت: أليسوا يسبّون عليّاً ومن أحبّه؟ قلت: بلى» البلاذري في أنساب الأشراف ص82 والمسند للإمام أحمد ج6 ص323. وصاحب المقالة قد سبّ علياً سلام اللّه عليه ومن أحبّه في مقالته هذه، وعليه: فإنه مشمول لحديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.
من علماء السنة الذين ذكروا خبر التزويج :
1 ـ ابن سعد / الطبقات الكبرى 8 / 462 .
2 ـ الدولابي / الذريّة الطاهرة : 157 .
3 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك 3 / 142 .
4 ـ البيهقي / السنن الكبرى 7 / 63 .
5 ـ الخطيب البغدادي / تاريخ بغداد 6 / 182 .
6 ـ ابن عبد البر / الاستيعاب 4 / 1954 .
7 ـ ابن الاثير الجزري / اسد الغابة 5 / 516 .
ولكن عند المراجعة لأسانيد خبر التزويج يتبين أن لا أصل لأصل الخبر فضلا عن جزئياته ومتعلقاته! وذلك بالنظر الى أصول أهل السنة وقواعدهم في علم الحديث ، واستناداً الى كلمات علمائهم في علم الرجال:
1 ـ إنه حديث أعرض عنه البخاري ومسلم فلم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سنداً لم يأخذوا به في بحوثهم المختلفة معتذرين بعدم إخراجهما إياه .
2 ـ إنه حديث غير مخرّج في شيء من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو حديث متّفق على تركه بين أرباب الصحاح الستة .
3 ـ إنه حديث غير مخرّج في المسانيد المعتبرة ، كمسند أحمد بن حنبل الذي قال أحمد وجماعة تبعاً له بأن ماليس فيه فليس بصحيح …
بالاضافة الى أن جميع اسانيد الخبر ساقطة لان رواته بين مولى عمر وقاضي الزبير وقاتل عمار وعلماء الدولة الاموية ورجال أسانيده بين كذّاب ووضّاع وضعيف ومدلّس فلا يصح الاحتجاج به والركون اليه ، هذا ما اعترف به نفس علمائهم.
قال الشيخ المفيد في بعض رسائله [ عدة رسائل للشيخ المفيد : 227 ـ 229 ] :
((إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين (عليه السلام) من عمر غير ثابت , وهو من طريق الزبير بن بكّار , وطريقه معروف , لم يكن موثوقاً به في النقل , وكان متهماً فيما يذكره , وكان يبغض أمير المؤمنين (عليه السلام) , وغير مأمون فيما يدعيه عنه على بني هاشم , وإنما نشر الحديث اثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه , فظن كثير من الناس أنه حق له لروايته رجل علوي , وإنما رواه عن الزبير بن بكّار .
والحديث نفسه مختلف :
فتارة يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام تولّى العقد له على ابنته .
وتارة يروى عن العباس أنه تولى العقد له عنه .
وتارة يروى أنه لم يقع العقد الا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم .
وتارة يروى أنه كان من اختيار وإيثار .
ثم إن بعض الرواة يذكر إن عمر أولدها ولداً أسماه زيد .
وبعضهم يقول : إنه قتل من قبل دخوله بها .
وبعضهم يقول : إن لزيد بن عمر عقباً .
ومنهم من يقول : إنه قتل ولا عقب له .
ومنهم من يقول : إنه وأمه قتلا .
ومنهم من يقول : إن أمه بقيت بعده .
ومنهم من يقول : إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم .
ومنهم من يقول : أمهرها أربعة آلاف درهم .
ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم .
وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف فيه يبطل الحديث , ولا يكون له تأثير على حال.
قال العلامة المجلسي في [ مرآة العقول 20/42 ] :
(( هذان الخبران لا يدلان على وقوع تزويج أم كلثوم رضي الله عنها من الملعون المنافق ضرورة وتقية , وورد في بعض الأخبار ما ينافيه , مثل ما رواه القطب الروانديّ عن الصفار بإسناده الى عمر بن أذينة قال : قيل لأبي عبد الله عليه السلام : إن الناس يحتجون علينا ويقولون : إن أمير المؤمنين عليه السلام زوّج فلاناً ابنته أم كلثوم , وكان متكئاً , فجلس وقال : أيقولون ذلك ؟ إن قوماً يزعمون ذلك لا يهتدون الى سواء السبيل , سبحان الله ! ما كان يقدر أمير المؤمنين عليه السلام أن يحول بينه وبينها فينفذها , كذبوا ولم يكن ما قالوا , إن فلاناً خطب الى عليّ عليه السلام بنته أم كلثوم , فأبى عليّ فقال للعباس : والله لئن لم تزوجني لأنتزعنّ منك السقاية وزمزم , فأتى العباس علياً فكلّمه , فابى عليه , فألح العباس , فلما رأى أمير المؤمنين مشقة كلام الرجل على العباس وأنه سيفعل بالسقاية ما قال , أرسل أمير المؤمنين الى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها : سخيفة بنت جريريّة , فأمرها , فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم , وبعث بها الى الرجل , فلم تزل عنده...)).
أحسنتم على الطرح الموفق ... و هذه الكذبة من الوهابية بشأن زواج عمر من أم كلثوم ما هي إلا محاولة منهم لايجاد فضيلة لسيدهم إبن الصهاك و التستر على ظلمه و عدائه إلى أهل البيت عليهم السلام و أيضاً لكي يستدلوا على أن علاقة أهل البيت عليهم السلام مع الصحابة الثلاثة جيدة و لا يوجد ظلم لاهل البيت عليهم السلام و لكن تم كشف كذب و تدليس الوهابية في شأن هذا الزواج و يرفع للمخالفين ...