قوله تعالى: (انه ليس من أهلك). في قصة نوح عليه السلام، قيل فيه أقوال:
1- انه كان ابنه لصلبه والمعنى انه ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم معك لان الله تعالى قد استثنى من أهله الذين وعده ان ينجيهم ممن أراد اهلاكهم بالغرق فقال (الا من سبق عليه القول) عن ابن عباس.
2- ان المراد بقوله (انه ليس من أهلك) ليس على دينك فكأن كفره أخرجه عن أن يكون له احكام أهله وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وآله سلمان منا أهل البيت وانما أراد على ديننا. (ويۆيد) هذا التأويل ان الله سبحانه قال على طريق التعليل (انه عمل غير صالح) فبين انه انما اخرج عن احكام أهله لكفره وشره عمله.
3-انه لم يكن ابنه حقيقة وانما ولد على فراشه فقال عليه السلام انه ابنه على ظاهر الامر فاعلمه الله ان الامر بخلاف الظاهر ونبهه على خيانة امرأته، عن الحسن ومجاهد وهذا الوجه بعيد من حيث إن فيه منافاة للقرآن لأنه تعالى قال (ونادى نوح ابنه) ولأن الأنبياء يجب ان ينزهوا عن مثل هذا الحال لأنها تعيير وتشيين وقد نزه الله أنبياءه عما دون ذلك.
4- انه كان ابن امرأته وكان ربيبه. ويعضده قراءة من قرأ بفتح الهاء وحذف الألف واثباته لفظا والمعتمد المعول عليه في تأويل الآية القولان الأولان (وعن) أبى جعفر عليه السلام قال: كان قوم مۆمنون قبل نوح عليه السلام فماتوا فحزن عليهم الناس فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فأنسوا بها فلما جاء الشتاء ادخلوهم البيوت فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجاءهم إبليس فقال لهم ان هۆلاء آلهة كان آباۆكم يعبدونها فعبدوهم وضل منهم كثير فدعا عليهم نوح فأهلكهم الله.
عن الأزدي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (ونادى نوح ابنه) أي ابنها وهي لغة طي.
هذه القراءة بفتح الهاء وحذف الألف وهي لغة طي ونسبها القراء والمفسرون إلى أهل البيت عليهم السلام يعنى ابن امرأته.
سال الشامي أمير المۆمنين عليه السلام عن قول الله عز وجل (يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه. وصاحبته وبنيه) من هم؟
فقال (ع) قابيل يفر من هابيل والذي يفر من أمه موسى والذي يفر من أبيه إبراهيم والذي يفر من صاحبته لوط والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان.
جاء في الحديث عن الصادق عليه السلام ان هذا القوس ظهر في السماء بعد الغرق أمانا منه لمن بقى إلى يوم القيامة. وقال عليه السلام: لا تقولوا قوس قزح فان قزح اسم الشيطان ولكن قولوا قوس الله وان هذه المجرة التي في السماء ويسمونها مجر الكبش موضع انفطار السماء للماء لأنه لم ينزل قطرات وانما نزل دفعا فلما التأمت السماوات بقى اثره كالجرح المندمل يبقى اثره في البدن.
قال الوشا: قال لي كيف تقرۆون (قال يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح) فقلت من الناس من يقرأ (انه عمل غير صالح) نفاه عن أبيه، فقال عليه السلام كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه.
هاهنا قراءتان في المتواتر فالأكثر على الفعل الماضي وما بعده منصوب على المفعولية يعنى ان أعماله غير صالحة، وقراءة الكسائي ويعقوب وسهل على المصدرية وما بعده صفة له وأولوه على أنه تولد من الخيانة، وحينئذ فقوله عليه السلام: كلا يجوز ان يكون ردا للتأويل لا للقراءة يعنى ان تأويلهم باطل لان نفيه عنه باعتبار الدين والعمل ويجوز ان يكون نفيا للقراءة يعنى انها قراءة باطلة لم ينزل بها جبرئيل عليه السلام.
تأييد لما في القراءات السبع وانها ان ثبت تواترها فإنما هو عن القراء السبعة لاعن صاحب الوحي صلى الله عليه وآله وذلك أن القراء في كثير من الموارد إذا ذكروا قراءة يقولون قرأ فلان كذا فيجعلون قراءة القرآن تسمية لقراءتهم صلوات الله عليهم .