مراتب الأنبياء:
هل إن النبي المبعوث إلى ألف نفر يساوي مقامه مقام النبي الذي أرسل إلى مائة ألف ؟! وهل هذا يساوي مقامه مقام النبي الذي بعثه الله و أرسله إلى الناس كافة ؟!
وكذلك .. هل إن معلم الدورة الابتدائية يساوي مقامه العلمي مقام أستاذ الكلية أو
الجامعة ؟! لا ..
والحال إنه يصح أن نقول لأستاذ الجامعة معلم أيضا ، وكلاهما يعملان في وزارة واحدة وهي : وزارة التربية والتعليم ومسؤوليتها أن يأخذا بيد الطلاب ويصعدا بهم سلم العلم والثقافة ، ولكن أين هذا من ذاك !
وكذلك الأنبياء والرسل متساوون من جهة أنهم مبعوثون ومرسلون من عند الله عز وجل إلى خلقه ، لا نفرق بين أحد منهم .. ولكن من حيث العلم والفضل غير متساوين ، فقد قال تعالى : ( تِلْكَ الرّسُلُ فَضّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُم مَن كَلّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ )(7) .
قال الزمخشري في الكشاف في تفسيرها : إن المراد من : ( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ) هو نبينا محمد الذي فضله الله على جميع الأنبياء بخصائص كثيرة ، أهمها أنه خاتم النبيين .
النواب : أشكركم على هذا التوضيح التام ، ورفع الشبهة والوهم ، وقد بقي عندي سؤال آخر ، أستأذنكم واسـتأذن الحاضرين لأطرحه : وهو : أرجوكم أن توضحوا معنى : النبوة الخاصة وميزتها ولو باختصار ، والرجاء أن يكون بيانكم على حد فهمنا ومستوانا . قلت : إن ميزات النبوة الخاصة كثيرة والمجلس لم ينعقد لبيان هذا الموضوع ، فإذا أدخل هذا البحث ضمن بحوثنا اشغلنا عن مبحث الإمامة الذي هو محور النقاش والحوار . ولكن من باب : " ما لا يدرك كله لا يترك كله " أبين لكم باختصار :
النبوة الخاصة:
الإنسان الكامل هو صاحب النفس المتكاملة بالتزكية ، لقوله تعالى :( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا )(8) وتزكية النفس إنما تحصل عن طريق التعقل ، والعقل يدعو إلى العلم والعمل ، فهما الجناحان اللذان يحلق بهما الإنسان ويسمو بهما إلى قمة الكمال الممكن .
كما روي عن الإمام علي عليه السلام أنه قال : " خلق الإنسان ذا نفس ناطقة ، إن زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها ، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد وصار موجودا بما هو إنسان دون أن يكون موجودا بما هو حيوان " .
فكما أن الطائر يرتفع في الفضاء ويحلق في الجو على قدر قوة جناحيه بالنسبة إلى جثته ، كذلك الإنسان يرتفع في سماء المعنوية والكمالات الروحية بمقدار علمه وعمله الصالح المبتني على أساس العقل السليم .
فكل إنسان إذا بلغ مرتبة الكمال فقد بلغ مرتبة النبوة ، وإذا اختاره الله سبحانه وبعثه إلى الناس ، صار نبيا رسولا .
وللنبوة والكمال مراتب ، كما هو ثابت في أبحاث النبوة في كتب الكلامية ، و أعلى تلك المراتب هي المرتبة التي حين وصل إليها حبيب الله محمد (ص) ختمت به النبوة ، وليس فوق الخاتمية مرتبة ممكنة للإنسان ، وأعلى منها مرتبة الرب جل جلاله وعم نواله .
فمقام خاتم النبيين (ص) فوق جميع المراتب المتصورة والمقررة لممكن الوجود ، ودون مرتبة واجب الوجود .
ومرتبة الإمام فوق مراتب النبوة ودون مرتبة الخاتمية بدرجة ، ولما كان الإمام علي عليه السلام واصلا إلى مرتبة النبوة واتحدت نفسه مع نفس خاتم النبيين (ص) حتى صار كنفس واحدة ، منحه الله تعالى مرتبة الإمامة وجعله أفضل من الأنبياء الماضين .
وصلنا إلى هنا فارتفع صوت المؤذن يدعو إلى صلاة العشاء وبعد إقامة الصلاة ، عاد الجميع إلى المجلس وتناولوا الشاي والحلوى .
فقال الحافظ : إنك تصعّب الموضوع أكثر فأكثر ، وقبل أن تجيب على الإشكال الأول ، نجد في كلامك إشكالا آخر !
قلت : الموضوع واضح وسهل ، فلا أدري ما هو الصعب في نظركم ؟! وما هو الإشكال في كلامي ؟! اطرحوه حتى أجيب عنه !!
الحافظ : في كلامكم الأخير أجد بعض الكلمات التي لا تخلو من إشكال :
1ـ قولكم : إن عليا كرم الله وجهه وصل مرتبة النبوة .
2ـ قولكم : إن عليا اتحدت نفسه مع نفس النبي حتى صارا كنفس واحدة .
3ـ قولكم : إن عليا أفضل من جميع الأنبياء غير خاتم النبيين (ص) .
فهذه الجمل غريبة جدا ، ولا أدري ما هو دليلكم عليها ؟!
قلت : ربما يكون كلامي غريبا ومشكلا وصعبا بالنسبة لكم !
لأنكم لا تريدون أن تتعمقوا في الحقائق ولا تريدون أن تدرسوا القضايا هذه دراسة تحقيق وتفهم .
وأما بالنسبة للعلماء المحققين والمنصفين ، فإن كلامي ليس بغريب ولا مشكل ، بل هو واضح ومقبول . وإليك الجواب عن الإشكالات التي طرحتها .
التعديل الأخير تم بواسطة العلويه زينب ; 21-09-2009 الساعة 06:20 AM.
إثبات مرتبة النبوة لعلي عليه السلام:
إن الدليل على أن الإمام علي عليه السلام وصل مرتبة النبوة وكان أهلا لهذا المقام العظيم ، هو حديث المنزلة المروي عن النبي (ص) في كتبكم المعتبرة أنه قال :
" يا علي ! أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " .
وتارة كان (ص) يخاطب الناس فيقول : " علي مني بمنزلة هارون من موسى " إلى آخره .
الحافظ : لا نعلم صحة هذا الحديث ، وعلى فرض صحته فهو خبر واحد ولا يعتد به ولا يعتمد عليه .
قلت : يظهر أنك قليل الاطلاع حتى على كتبكم والأخبار والأحاديث المروية فيها ، أو إنك تتجاهل الحقائق وتتناسى الأحاديث المروية عن طرقكم حتى وصل بعضها حد التواتر ، مثل هذا الحديث وأتعجب من قولك : إنه خبر واحد .. فكلامك هذا إما عن سهو أو عناد !
إسناد حديث المنزلة:
ولكي تعرف ويعرف الحاضرون صحة حديث المنزلة عندنا وعندكم ، فإني أذكر بعض أسانيده الحاضرة في ذهني وحافظتي بمقدار ما يسمح لي المقام ، حتى يعترف الكل أن هذا الحديث الشريف لم ينقل عن طرق واحد ، بل من طرق متعددة ، رواه كبار علمائكم ومحدثيكم ، وهو من الأحاديث المتواترة :
1ـ البخاري في الصحيح / 3 من كتاب المغازي في باب غزوة تبوك ، ومن كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي عليه السلام .
2ـ مسلم بن الحجاج في صحيحه 2/236/237/ ط. مصر 1290 ، وفي كتاب فضل الصحابة / باب فضائل علي عليه السلام .
3ـ الإمام أحمد بن حنبل في المسند 1/98 و 118 و 119 في وجه تسمية الحسنين عليهما السلام .
فبعد ذكر هذه الأسانيد والمدارك المعتبرة من أعلام علمائكم ، وهي قليل من كثير ، هل أذعنت بصحة حديث المنزلة ؟ وهل تعترف بأنك كنت مشتبها في قولك : إنه خبر واحد لا يعتد !
الحافظ : لم يثبت التواتر بثلاثة مصادر ، بل يحتاج إلى ذكر مصادر أكثر حتى نقول وصل حد التواتر .
قلت :
أولا : كل مصدر من هذه المصادر التي ذكرتها يعادل عندكم بألف .
ثانيا : صرح بعض المحققين من علمائكم بتواتر حديث المنزلة ، مثل العلامة جلال الدين السيوطي في كتبه : " الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة " و " إزالة الخفاء " و " قرة العينين" ففي هذه الكتب عد حديث المنزلة من الأحاديث المتواترة .
وإذا لم يزل في قلبك وتريد أن تطمئن فراجع كتاب : " كفاية الطالب " تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، وهو من أعلام علمائكم ، في الباب السبعين منه ، فإنه بعدما يروي الحديث عن عدة طرق يقول : هذا حديث متفق على صحته ، رواه الأئمة الأعلام .. إلى آخره .
فاكتفى بهذا المقدار ، وأظن أن الإبهام ارتفع والحافظ اقتنع .
الحافظ : أنا لست بلجوج ولا معاند ، ولكن أدعوك إلى مطالعة كلام العالم الفقيه أبي الحسن الآمدي ، الذي هو من المتكلمين المتبحرين ، فإنه يرد حديث المنزلة ويضعفه .
قلت أتعجب منك ! إذ أنك عالم وتدعي التحقيق والإنصاف ، ثم تعدل عن كبار علمائكم الموثقين بما فيهم أئمة أهل الحديث المجمع على صحة ما رووا كالبخاري ومسلم ، ثم تأخذ بقول الآمدي سيئ العقيدة والتارك للصلاة !!
الشيخ عبد السلام : الإنسان حر في بيان عقيدته ، فلا يجوز لأحد أن يتهم أحدا أظهر عقيدته في شيء يخالف المشهور ، ثم يُقَبح من مثلكم أن تتهجموا بسوء الكلام على فقيه ، بل يجب أن تردوه بالمنطق والدليل ، وخاصة جنابك ، حيث تجسد أخلاق أهل البيت رضي الله عنهم .
قلت :
أولا : إن كنتم تلتزمون بحرية العقيدة ، فلماذا ترمون الشيعة بالكفر والشرك وتجوزون قتلهم ونهب أموالهم ؟!
لذا فهم يخفون عقائدهم الحقة إذا عاشوا في بلادكم وبين أظهركم خشية القتل !
أم إنكم تقصدون حرية الآمدي فحسب ، وذلك في نصبه العداء ومخالفته لأهل البيت عليهم السلام ؟!!
ثانيا .. أنا لم أتهجم على الآمدي بسوء الكلام ، بل نقلت قول علمائكم الأعلام فيه .
الشيخ عبد السلام : أين ذكر علماؤنا الآمدي بسوء العقيدة وترك الصلاة ؟!
، لكفى في طعنه وفسقه عندكم .
موفقين جمعنا والله يوفقك الميع على قرات هاي الكتاب الارشاد للمفيد وليالي بيشاور السيد محمد الموسوي الشيرازي
كتاب روعه ونعرف كل الحقائق ..
اللهم صل على محمد وال محمد