أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله إذناً، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو الحسن، أنبأنا الحسين بن القهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا محمد بن عمر، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (ح) قال: وأخبرنا بردان بن أبي النضر، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال: وأنبأنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة، عن أبي النضر، عن عبد الله البهي - دخل حديث بعضهم في بعض - أن أبا بكر الصديق لما مرض دعا عبد الرحمن - يعني ابن عوف - فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب. فقال عبد الرحمن: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني! قال أبو بكر: وإن! فقال عبد الرحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر. فقال: أنت أخبرنا به! فقال: على ذلك يا أبا عبد الله. فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله! فقال أبو بكر يرحمك الله! والله لو تركته ما عدوتك. وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور، وأسيد بن حضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار، فقال أسيد: " اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضى، ويسخط للسخط، الذي يسر خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه " ، وسمع بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به، فدخلوا على أبي بكر، فقال له قائل منهم: " ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟ " فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: " اللهم، استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من وراءك " ثم اضطجع، ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب؛ أنني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به، وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب والخير أردت، ولا أعلم الغيب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والسلام عليكم ورحمة الله " . ثم أمر بالكتاب فختمه، ثم أمره فخرج بالكتاب مختوماً ومعه عمر بن الخطاب، وأسد بن سعية القرظي، فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم، وقال بعضهم: قد علمنا به - قال ابن سعد: على القائل - وهو عمر، فأقروا بذلك جميعاً ورضوا به وبايعوا، ثم دعا أبو بكر عمر خالياً فأوصى بما أوصاه به، ثم خرج فرفع أبو بكر يديه مداً، ثم قال: اللهم، إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما فيه رشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضرني، فاخلفني فيهم، فهم عبادك، ونواصيهم بيدك، واصلح لهم ولاتهم، واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدى نبي الرحمة وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته.
وروى صالح بن كيسان، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه: أنه دخل على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فأصابه مفيقاً، فقال له عبد الرحمن: أصبحت بحمد الله بارئاً. فقال أبو بكر: تراه؟ قال: نعم. قال: إني على ذلك لشديد الوجع، وما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي، إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون الأمر له، قد رأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل، وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألموا من الاضطجاع على الصوف الأذربي، كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان.
أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم، أنبأنا آبي، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن الصلت بن بهرام، عن يسار قال: لما ثقل أبو بكر أشرف على الناس من كوة فقال: يا أيها الناس، إني قد عهدت عهداً أفترضون به؟ فقال الناس: قد رضينا يا خليفة رسول الله. فقال علي: لا نرضى إلا أن يكون عمر بن الخطاب. )) انتهى
_________________
و ذكر أيضاً في :
تاريخ الخلفاء - السيوطي - الجزء 1 الصفحة 74
السيرة لابن حبان الجزء 1 الصفحة 452
مختصر تاريخ دمشق - ابن منظور - الجزء 6 الصفحة 499
تاريخ المدينة الجزء 2 الصفحة 668
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.
شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. - الجزء 3 الصفحة 116
__________________
أقول :
1 - ادعى من ادعى أن أبو بكر قد شاور الناس في خلافة عمر و أجمعت الأمة عليه لكننا نرى من خلال النص السابق أن هناك صحابة رسول الله أتوا لأبو بكر معترضين على تولي عمر و خوفوا أبو بكر بالله و قالوا له : (( ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته؟ )) .. فما كان من أبو بكر إلا ضرب كلامهم عرض الحائط و أمر عثمان بأن يكتب كتاب تولي عمر للخلافة و كأنه يتحداهم و لم ينتظر حتى جوابهم أو يسمع منهم و من غيرهم من المعترضين ..
كما أن جماعة من المهاجرين أيضاً أتوا لأبو بكر و هم من لقي منهم ما أوجعه أكثر من مرض هلاكه كما يقول هو لطلبهم الخلافة ..
أبو بكر ألزمهم برأييه الزاما و فرض عمر عليهم فرضاً رغم أنهم يرفضونه كخليفة ...
فإذا بالمحصلة نجد أن هناك فريق معارضة متعدد الأجنحة .. فأين ذلك الاجماع بالشورى على اختيار عمر كخليفة ..؟؟
2 - أبو بكر خاف على الناس الفتنة كما يقول فكتب ذلك الكتاب بتولي عمر فإذا كانت هناك أحداث تنبئنا بأن الاعتراض على عمر كان موجوداً و أن الفتنة كانت ستقع لولا أن أبو بكر ألزمهم بتولي عمر بعده .. و هذه نفس الأحداث التي حدثت مع رسول الله كان هناك من يريد الخلافة لنفسه عدوانا و بغياً فأراد رسول الله كتابة كتاب لا تضل الأمة بعده ( باستخلاف علي عليه السلام )
فرماه عمر بالهجر حتى لا يصبح لذلك الكتاب قيمة بعد أن شكك عمر بقوى رسول الله العقلية ..
و منع كتابة الكتاب فلماذا تقبلون من أبو بكر و لا تقبلون من رسول الله ...؟؟
3 - أبو بكر كان في سكرات الهلاك و الموت و كان غير قادر على الجلوس و الكتابة فأمر عثمان بأن يكتب له الكتاب و لقنه ما يكتب و هو مضجع و بهذا يتضح مدى شدة مرضه كما أن كان يفيق و يغشى عليه كما نفهم من النص السابق .. فلماذا تجعلون من كلامه قرآن منزل و لا تتهمونه بالهذيان والهلوسة كما فعلتم مع رسول الله ..؟؟
فلربما استخلف عمر و هو يهجر .. لا يدري ما يقول ..!!
4 - أبو بكر يقول :
(( فرفع أبو بكر يديه مداً، ثم قال: اللهم، إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وفت عليهم الفتنة، فعملت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما فيه رشدهم، ))
يقول أن اجتهد برأييه في تنصيب عمر أي أنه ألزم الناس بهذا الرأي و بهذا تناقض كبير مع من يقول أن الأمة اجتمعت على عمر و أن الأمر كان شورى ... !
الخلاصة :
- أبو بكر أحرص من رسول الله على أمته حيث خاف أبو بكر على المسلمين من الفتنة و قد قوي الإسلام عن عهد رسول الله و رسول الله ترك الأمة في ضعفها و المنافقين و المشركين يتربصون بها بلا خليفة و بلا صمام أمان لها ... هكذا نرى كتب السنة و معتقدهم ...!
- تارة يكون الأمر شورى و تارة يكون تنصيب .. عندهم .. بحسب الأهواء ..!
- أبو بكر رغم مرضه الشديد لم يطعنوا بقواه العقلية لكنهم فعلوا ذلك مع رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .. !!
- أبو بكر اجتهد برأييه و لم يكترث للصحابة ( جناح المعارضة ) و كتب كتاب تنصيب عمر كخليفة بعده ..!!
- رغم أنهم يقولون أن الأمة كلها وافقت على بيعة عمر لكن النصوص الصادرة من أبو بكر تقول أن هناك فتنة ستقع و تخوف من ذلك لذلك كتب الكتاب يعني أن هناك من ينازع عمر بأمر الخلافة فاحترنا معهم هل اجتمعوا على بيعة عمر أم لا ..؟؟