في نهج البلاغة : فاقتدوا بهدى نبيكم فانه أفضل الهدى. شرح ابن أبي الحديد.
كل الأنبياء الذي بعثهم الله تعالى كانت فترة حياتهم محدودة والمساحة مكانة التي تحركوا عليها كانت محدودة أيضا, ومنهم نبينا محمد الذي عاش في منطقة الجزيرة العربية بين مكة والمدينة وباقي المناطق القريبة.
ومات رسول الله بعد فترة بعثة استمرت ثلاثة وعشرين عاماً . إذن من الذي سيكون المثل الأعلى الذي تقتدي به البشرية.
علماء الدين وعلماء الإجتماع يقولون لابد من مرور ثلاثة أجيال على الأقل حتى تترسخ العقيدة في المجتمعات, كي تبقى العقيدة ثابتة في نفوس الناس.
من هم أولئك الذين أمرنا الله تعالى بأن نقتدي بهم؟
هل يكفي القرآن وحده لهداية الأمة ؟
القرآن نزل بالمجمل ولم ينزل بالمفصل. الذي فصل القرآن وشرحه هو رسول الله (ص) ,والأئمة من بعده وكان علم الأئمة علم الهي لدني ,وليس علماً كسبياً طبيعياً يتعلمه الإنسان العادي من المعلم والمدرسة.
القرآن الكريم يقول : حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) البقرة.
على سبيل المثال : نحن لا نعلم عدد ركعات صلاة الظهر والمغرب نحن لا نعلم من هي الصلاة الوسطى وكم عدد الفروض اليومية.
مات رسول الله عن عمر ثلاث وستين عاماً. وكانت سنين التبليغ ثلاث وعشرين عاماً, وهي عدد سنين البعثة.
الإسلام ينتشر ويتوسع .
المليارات والملايين من البشر تدخل الاسلام وهي لم ترى رسول الله (ص).
من الذي تقتدي به الناس. كل الأنبياء كان لهم أصياء أو طلاب أو تلاميذ يسيرون بهم بهدي نبيهم.
نبي الله موسى (عليه السلام) كان له أسباط.
وعيسى( عليها لسلام ) له حواريون.
ونبينا محمد (ص) سار من بعده أئمة معصومون هم الذين سيقودون المسيرة الإسلامية إلى قيام يوم الدين, أولهم هو علي ابن أبي طالب وآخرهم الحجة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه).
لهؤلاء نرجع في الإقتداء ما دامت الدنيا وما قامت السماوات وما بسطت الأرض..
ومن هي أم هؤلاء؟؟ أم هؤلاء هي فاطمة الزهراء (عليها السلام).
فأي مقام هذا, وأي ام عظيمة ستكون السبب والسر في امتداد رسالة الإسلام الخالدة.
هي أم المدرسة العظيمة الخالدة الهائلة سيسيرعليها مليارات البشر إلى يوم القيامة.
كان الرسول الأعظم (ص) يضع رأسه على حجر فاطمة ويقول: بأبي هي أم أبيها.
ما معنى هذا القول ! هل هو فقط من باب الحنان والعاطفة لأن أم النبي آمنه ( رضوان الله عليها) توفت وعمر النبي (ص) ست سنين, و لم يشعر الرسول بحنان الأم.
ومنها ايضاً درس عظيم ومهم وهو اهمية ومكانة المرأة عند رسول الله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام.
احترام الرسول للزهراء يفرض على المسلم احترام المرأة الصالحة وتربية البنت على التقوى والايمان .
هذا صحيح أيضاً ولا يناقض المطلب الرئيسي. هناك أبعاد اكبر من هذا القول.
يريد الرسول الكريم أن يقول: إن فاطمه أم العقيدة, فاطمة أم الإسلام, فاطمة أم الولاية, فاطمة هي أم الأئمة المعصومين. وهم (عليهم السلام) امتداد رسالة الإسلام إلى يوم الدين.
نرجع إلى الآية الكريمة زيارة آل البيت هل يكفي للإقتداء أن نزور آل البيت (عليهم السلام).
كثير ما نسمع أن عدد زوار (الحسين عليه) في بعض المناسبات صار عشرة ملايين أو إثني عشرة مليون, أو ستة عشر مليون أو قل إن العراق كله زار الحسين(ع).
ثواب الزيارة عظيم وفيه ثواب جزيل لا يحصى.
ولكن هل يتحقق عامل الإقتداء؟
كم زائر سواء كان رجلأ أم إمرأة رجع الى بيته وقد تعلم من الحسين (ع) الشجاعة في الحق والإيثار والتضحية لأجل الإسلام.
كم زائر تعلم من أبي الفضل العباس الغيرة على أعراض المسلمين. والفداء باليدين والغالي والنفيس لأجل نصرة دينه.
البعض يرجع بعد الزيارة إلى الربا والكذب والإغتيال السياسي وغير السياسي والحقد والغضب والغيبة.
احترام المرأة.
يقول الفيلسوف الأسكتلندي: تسيرنا العادات لا تسيرنا عقولنا. ديفيد هيوم.
الحكمة ضالة المؤمن يطلبها أنى وجدهأ . كلام ..ديفيد هيوم.. صحيح عند الكثير من الناس . العادات هي الحاكمة في كثير من الأحيان, حتى وإن خالفت العقل. قرأت في أحد الأخبار وجود نسبة عالية لأنتحار النساء هي بين المسلمين في شمال تركيا, وفي باكستان وفي افغانستان, وفي بعض الدول العربية. (وهم من المسلمين) والأباب متعددة منها : العنف الأسري, والمجهودات الكبيرة التي تتحملها المرأة, والتي تفوق طاقتها الجسدية والروحية.
السكن المشترك.
في العراق تسكن الزوجة مع اهل الزوج وفي كثير من الأحيان عليها أن تخدم الأخ والأخت وأم الزوج وأبا الزوج. وهذا ليس من واجبها ابداً.
مرت علي أكثر من حالة منها حالة قالت فيها أحد النساء : إنها كانت تضرب احياناً من قبل أهل الزوج إذا قصرت في خدمة أحد أفراد العائلة, ثم يأتي زوجها ويضربها مرة أخرى. لأنها قصرت في خدمة احد أفراد عائلته.
الشريعة الإسلامية تقول : لا يجوز اجبار الزوجة على خدمة عائلة الزوج أبداً. حتى لو كانت أم الزوج أو أبيه.
الشريعة الأسلامية تحكم أن من حق الزوجة أن تأخذ اجرة حتى على خدمة الزوج, بل وحتى على إرضاع الطفل.
طبعاً نحن نتعامل بالأعراف ومن باب المشاركة في البيت والتربية والتعاون على الحياة تقوم المرأة بأداء واجب البيت البيت لأن الزوج يكسب الرزق الحلال خارج البيت, وعلى الزوجة تربية الأبناء وخدمة البيت.
حقيقة الأحكام الشرعية تحترم المرأة إلى أبعد حد. الرسول يقول الجنة تحت أقدام الأمهات.
عقيدة العمل وعقيدة المخلص.
نحن لا نؤمن بعقيدة المخلص كما يؤمن بها بعض المسيحيين والنصارى.
في بعض الكنائس يأخذون أموالاً كي يحجزوا مكاناً لمن يدفع في الجنة. وربما كل من يدفع اكثر سيكون له مكان افضل في الجنة.
عقيدة الأسلام فيها ومن يعمل مثقال ذرة خيرأ يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.
في عقيدة الإسلام الأنبياء والأوصياء المعصومون والصالحون والشهداء يشفعون, ولكن بشرطها وشروطها.
إن الله تعالى يقول في كتابه : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى.
الآن لا أستطيع أن أفصل في من هم الذين ارتضاهم الله تعالى.* مراجعة الحاشية.
مأساة الزهراء.
حصلت وما زالت تحصل سجالات كثيرة من خارج المذهب ومن خارج الدين الاسلامي ومن داخل المذهب:
الإدعاء الأول :
إن موضوع كسر الضلع وسقوط الجنين محسن (ع) والمسمار الذي نبت في صدر الزهراء هي أحاديث وضعتها الشيعة للخلاف والتنافس وإثارة النزاعات.
الجواب :
إن هذا الإشكال ينتفي من خلال نظرة سريعة إلى الفرق الإسلامية كافة ليجد الباحث أن موضوع ظلم الزهراء ليس مقتصرأ على العلماء الشيعة من مدرسة آل البيت (ع). ربما تختلف التفاصيل ولكن المؤدى واحد.
حتى وصل الأمر أن تتبارى الشعراء في تصوير هذا المعنى ولكن بمعنى مقلوب. يقول شاعر النيل المصري حافظ ابراهيم في الهجوم على دار فاطمة .
قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحامـيها
كلاهما في سبيل الحق عزمته **** لا تـنثـني أو يكون الحق ثانيـها
فاذكرهما وترحم كلما ذكروا **** أعاظما ألِّهوا في الكون تأليـها
والشعراءلا تتحدث عن أمر إلا أن يكون ثابتاً ومشهوراً.
روايات مأساة الزهراء ليست متعلقة بشيعة آل البيت.
الإشكال الثاني :ان الصحابة كانوا يقدسون الرسول وبنت الرسول وهذا ليس ثابتاً في كل مرة.
نعم كان الكثير من الصحابة يجلّون الرسول ويقدرونه غاية التقدير, ويجلّون آل الرسول, ولكن توجد آيات وروايات تبين أن هناك من كان لا يحترم مقام الرسول, والقرآن واضح وصريح في هذا المعنى. وهل يوجد أصدق من كتاب الله تعالى.
كان هناك بعض الأعراب الذي أراد أن يسأل النبي مسألة ينادي عليه من خارج الدار : اخرج يا محمد عندنا كلام معك أو سؤال أو حاجة, وبصوت عالي بدون أي مقدمة من الإحترام , حتى قال القرآن الكريم فيهم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) الحجرات.
وقال تعالى فيهم أيضاً: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4).
روايات مأساة الزهراء ليست متعلقة بشيعة آل البيت.
الروايات من طرف المدرسة السنية عديدة وكثيرة في إثبات ما جرى على بيت الزهراء (ع) من حرق وهتك لحرمة بيت الرسول والإعتداء وضغط الباب على مولاتنا الزهراء (ع) سنأتي عليها مع التعليق, ومع الإجابة على تساؤلات لماذا تجديد هذه الذكريات المؤلمة ؟؟
ألا تؤدي إعادة الذكرى إلى الفرقة بين المسلمين؟؟
سنتحدث عن هذه الروايات والتساؤلات في مقال آخر. آخر إن شاء الله تعالى.
------------------------------------------
المقال في مجمله ألقي في حسينية خدمة الحسين (عليه السلام) مالمو / السويد / في يوم الخميس 7 جمادى الأولى 1431 هجري المصادف 23/4/2010 ميلادي
--------------
تفسير آية ولا يشفعون إلا لمن ارتضى:
من المدرسة السنية
الإمام الطبراني ت (ت 360 هـ) في تفسير هذه الآية في تفسيره المعروف تحت اسم التفسير الكبير.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ }؛ أي لا يشفعونَ إلاّ لِمن رَضِيَ اللهُ عنهُ وارتضى عملَهُ، قال ابنُ عبَّاس: (لِمَنْ قَالَ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ)، قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ }؛ أي وهم مِن خشيتِهم منهُ، فأضافَ المصدرَ إلى المفعولِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { مُشْفِقُونَ } أي خَائِفُونَ، لا يأمَنُون مَكْرَهُ، وفي هذا بيانُ أنّ مَن هذه صفتهُ لا يكون إلَهاً مع اللهِ ولا ولداً لهُ.
من المدرسة الشيعية.
تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) .
في العيون عن الرّضا عليه السلام الاّ لمن ارتضى الله دينه.
وفي الخصال عن الصادق عليه السلام واصحاب الحدود فسّاقٌ لا مؤمنون ولا كافرون لا يخلّدون في النّار ويخرجون منها يوماً والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين اذا ارتضى الله دينهم.
وفي التّوحيد عن الكاظم عن ابيه عن آبائه عن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم قال انّما شفاعتي لأهل الكباير من امّتي فامّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل قيل يابن رسول الله صلّى الله عليه وآله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول ولا يشفعون الاّ لمن ارتضى ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى فقال ما من مؤمن يرتكب ذنباً الاّ سائه ذلك وندم عليه.
وقال النّبي صلّى الله عليه وآله كفى بالنّدم توبة وقال من سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً والله تعالى ذكره يقول
{ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ }
يعطيك العافية على المشاركة القيمة
الله يجزاك الجنة اختي الغاليه علي هذا النقل الولائي
و بارك الله فيك
جعله الله في ميزان حسناتك يوم نلقاه 00
وسدد الله خطاك الى طريق الجنة
ورفع الله قدرك
وشرح الله صدرك ونفع الله بك وأثباك الله
قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحامـيها
كلاهما في سبيل الحق عزمته **** لا تـنثـني أو يكون الحق ثانيـها
فاذكرهما وترحم كلما ذكروا **** أعاظما ألِّهوا في الكون تأليـها
شكرا لهذا الموضوع
وسلام الله على الصديقة
الطاهرة فاطمة الزهراء