|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 27512
|
الإنتساب : Dec 2008
|
المشاركات : 976
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
سبايا آل البيت عليهم السلام في الكوفه
بتاريخ : 12-01-2009 الساعة : 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليك ياأباالله الحسين
وحُملت عقائل النبوة وحرائر الوحي سبايا إلى الكوفة ومعهن الأيتام، وقد ربطوا بالحبال، وحملوا على جمال بغير وطاء، وقد عزفت أبواق الجيش، وخفقت راياتهم، وكان منظر رهيباً تهلع منه القلوب، وقد وصفه مسلم الجصّاص، يقول:
دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة فبينما أجصص الأبواب، وإذا بالزعقات قد ارتفعت من جميع الكوفة، فقلت لأحد خدام القصر:
مالي أرى الكوفة تضجّ؟
الساعة يأتون برأس خارجي خرج على يزيد.
من هذا الخارجي؟
الحسين بن عليّ.
وكان هذا النبأ كالصاعقة على رأسه، فقد أخذ يلطم على وجهه حتى خشي على عينيه أن تذهبا، وغسل يديه من الجص، وخرج من القصر، يقول: فبينما أنا واقف والناس يتوقّعون وصول السبايا والرؤوس إذ أقبل أربعون جملاً تحمل النساء والأطفال، وإذا بعليّ بن الحسين على بعير بغير غطاء.
وتحدّث حذيم بن شريك الأسدي عن ذلك المنظر المؤلم يقول: قدمت إلى الكوفة سنة (61هـ) عند مجيء عليّ بن الحسين من كربلاء إلى الكوفة، ومعه النسوة وقد أحاطت بهم الجنود، وقد خرج الناس ينظرون إليهم، وكانوا على جمال بغير غطاء، فجعلت نساء أهل الكوفة يبكين ويندبن، ورأيت عليّ بن الحسين قد أنهكته العلّة، وفي عنقه الجامعة، ويده مغلولة إلى عنقه، وهو يقول بصوت ضعيف: (إن هؤلاء يبكون وينوحون من أجلنا فمن قتلنا).
وانبت إحدى السيّدات فسألت إحدى العلويات وقالت لها:
من أي الأسارى أنتن؟
فأجابتها العلوية:
نحن اُسارى أهل البيت.
وكان هذا النبأ عليها كالصاعقة فصرخت، وصرخت الّلاتي كنّ معها، ودوي صراخهن في أرجاء الكوفة، وبادرت المرأة إلى بيتها فجمعت ما فيه من اُزر ومقانع فجعلت تناولها إلى العلويات ليتسترن بها عن أعين الناس، كما بادرت سيدة اُخرى فجاءت بطعام وتمر، وأخذت تلقيه على الصبية التي أضناها الجوع، ونادت السيّدة اٌمّ كلثوم من خلف الركب:
(إنّ الصدقة حرام علينا أهل البيت..)(2).
ولمّا سمعت الصبية التي تربّت بآداب أهل البيت مقالة عمّتهم رمى كل واحد ما في يده أو ما في فمه من الطعام، وراح يقول لمن معه: إنّ عمتي تقول: (الصدقة حرام علينا أهل البيت..).
ولمّا روى المجرم الخبيث ابن مرجانة أحقاده من رأس ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التفت إلى عائلة الإمام الحسين فرأى سيّدة منحازة في ناحية من مجلسه، وعليها أرذل الثياب وقد حفت بها المهابة والجلال، فانبرى ابن مرجانة سائلاً عنها، فقال:
مَن هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟
فأعرضت عنه احتقاراً واستهانة به، وكرّر السؤال فلم تجبه فانبرت إحدى السيّدات فأجابته:
هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
فالتاع الخبيث الدنس من احتقارها له، واندفع يظهر الشماتة بلسانه الألكن قائلاً:
الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأبطل اُحدوثتكم.
فثارت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأجابته بشجاعة أبيها محتقرة له قائلة:
(الحمْدُ للهِ الَّذي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ، وَطَهَّرَنــــَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيراً، إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَيَكْذِبُ الْفَـــاجِرُ، وَهُوَ غَيْـــرُنَا يَا بْنَ مَرْجَانَة)(13).
وكانت هذه الكلمات كالصاعقة على رأس هذا الوضر الخبيث، لقد قالت هذا القول الصارم وهي مع بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في قيد الأسر قد نصبت فوق رؤوسهن حراب الظالمين وشهرت عليهن سيوف الشامتين.
ولم يجد ابن مرجانة كلاماً يجيب به سوى التشفّي قائلاً:
كيف رأيت صنع الله بأخيك؟
فأجابته حفيدة الرسول، ومفخرة الإسلام بكلمات الظفر والنصر لها ولأخيها قائلة:
(ما رَأَيْتُ إِلاّ جَمِيلاً، هؤُلاَءَ قَوْمُ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقَتَلَ، فَبَرَزُوا إِلى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمعُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلَجُ يَومَئِذٍ، ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ يا بْنَ مَرْجَانَةَ..).
وفقد الحقير الدنس إهابه من هذا التبكيت، والاحتقار اللاذع، فهمّ أن يضرب العقيلة فنهاه عمرو بن حريث وقال له: إنّها امرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.
.
إنقاذ العقيلة للإمام زين العابدين
وأدار ابن مرجانة بصره في بقية الأسرى من أهل البيت فوقع بصره على الإمام زين العابدين، وقد أنهكته العلّة فسأله:
مَن أنت؟
(عليّ بن الحسين..).
فصاح به الرجس الخبيث.
أوَ لم يقتل الله علي بن الحسين.
فأجابه الإمام بإناة: (قدْ كَانَ لِي أَخُ يُسَمّى عِليُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَتَلْتٌموهُ، وَإِنَّ لَهُ مِنكُم مطَالبِاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ..).
فثار ابن مرجانة، ورفع صوته قائلاً:
الله قتله.
فأجابه الإمام بكّل شجاعة وثبات:
(أَللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا، وَمَا كَانَ لِنفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ..).
ودارت الأرض بابن مرجانة ولم يعرف ما يقول، وغاظه أن يتكلّم هذا الغلام الأسير بقوّة الحجّة، والاستشهاد بالقرآن الكريم، فرفع عقيرته قائلاً:
وبك جرأة على ردّ جوابي!! وفيك بقية للردّ عليَّ..).
والتفت إلى بعض جلاديه فقال له:
خذ هذا الغلام واضرب عنقه.
وطاشت أحلام العقيلة وانبرت بشجاعة لا يرهبها سلطان، فاحتضنت ابن أخيها، وقالت لابن مرجانة:
(حسبك يَا بْنَ زِيَادٍ مَا سَفَكْتَ مِن دِمَائِنَا، إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنّا أَحَداً، فَإنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلى قَتْلِهِ فَاقْتُلْني مَعَهُ..).وبهر الطاغية وانخذل، وقال متعجّباً:
دعوه لها، عجباً للرحم ودَّت أن تقتل معه.
ولولا موقف العقيلة لذهبت البقية من نسل أخيها التي هي مصدر الخير الفضيلة في دنيا العرب والإسلام.
حبس عقائل الوحي
وأمر ابن مرجانة بحبس مخدرات الرسالة وعقائل الوحي، فاُدخلنّ في سجن يقع إلى جانب المسجد الأعظم، وقد ضيّق عليهن أشد التضييق، فكان يجري على كلّ واحدة في اليوم رغيفاً واحداً من الخبز، وكانت العقيلة تؤثر أطفال أخيها برغيفها وتبقى ممسكة حتى بان عليها الضعف، فلم تتمكّن من النهوض وكانت تصلّي من جلوس، وفزع الإمام زين العابدين (عليه السّلام) من حالتها فأخبرته بالأمر.
ورفضت عقيلة بني هاشم مقابلة أيّة امرأة من الكوفيات وقالت:
(لآَ يَدْخُلَنَّ عَلَينَا إِلاَّ أُمُّ وّلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةُ، فَإِنَّهُنَّ سُبينَ كَمَا سُبينَا).
وصرح بعض المؤرخين أنّ يزيد كان عازماً على استئصال نسل الإمام أمير المؤمنين إلاّ أنّه بعد ذلك عدل عن نيّته.
وبقيت العائلة النبوية في السجن، فلمّا جاءت أوامر يزيد بحملهم إلى دمشق لتعرض على أهل الشام، كما عرضت على أهل الكوفة، فقد حملت السبايا، وأمّا رؤوس العترة الطاهرة الذين أرادوا أن يقيموا في هذا الشرق حكومة الإسلام والقرآن فقد حملت ليراها أهل الشام ويتلذّذ بمنظرها يزيد.
الا لعنة الله على الظالمين
|
|
|
|
|