|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 81782
|
الإنتساب : Dec 2014
|
المشاركات : 36
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
أقسام القلوب ( الأخلاق مع الله )
بتاريخ : 25-12-2014 الساعة : 11:12 PM
أقسام القلوب
عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام: "إن القلوب أربعة: قلب فيهنفاق وإيمان، وقلب منكوس1، وقلب مطبوع2، وقلبأزهر3أجرد4. فقلت: ما الأزهر؟ قال: فيه كهيئةالسراج، فأما المطبوع فقلب المنافق، وأما الأزهر فقلب المؤمن، إن أعطاه شكر وإنابتلاه صبر، وأما المنكوس فقلب المشرك، ثم قرأ هذه الآية "أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّاعَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"، فأماالقلب الذي فيه إيمان ونفاق فهم قوم كانوا بالطائف فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقههلك وإن أدركه على إيمانه نجا".
الترغيب في إصلاح النفس
القلب بحسب الاصطلاح لهمعانٍ متعددة، وبيان حقيقة القلب والمعاني المختلفة غير مفيد بالنسبة لنا الآن بلقد يكون مضراً إذا صار الإنشداد إلى المصطلحات سبباً للغفلة عن القلب نهائياًوالتأخر في إصلاحه، فالأولى صرف الكلام إلى ما هو هام وضروري والتعاطي مع القلببمعناه الكلي الذي يتراءى من الروايات رغم غموض حقيقته.
إن العلوم بأسرهاتكون للعمل، حتى المعارف الإلهية، حيث لها انعكاسات عملية أيضاً، وعلم أحوال القلوبوكيفية صحتها ومرضها وصلاحها وفسادها، من العلوم التي تعد مقدمة للعمل، وأداة لعلاجالقلب وإصلاحه، وأما الإحاطة بهذه الأمور واستيعابها فلا يعتبر من الكمالاتالإنسانية.
إذن لا بد للإنسان أن يركز انتباهه على إصلاح القلب، ويجعلمبتغاه إكماله، حتى ينال منتهى السعادة، ويصل إلى المراتب الروحانيةالعالية.
أقسام القلوبومراتبها
إن للقلوب أقسام ومراتب كما هو واضح وكما ذكرتالروايةالسابقة عن الإمام الباقر عليه السلام، حيث قسمت القلوب إلى أربعة أقسام،ولكن ما هو منشأ هذه المراتب وسبب هذه الأقسام؟
ما السبب في اختلاف القلوب
يمكن إرجاع اختلافالقلوب إلى أمرين:
1- الفطرة: إن الروايات تؤكد أن القلوبتولد على فطرة التوحيد، فالإيمان والتوحيد فطري في الإنسان، والقلب المؤمن بما لهمن أقسام وكمالات استلهم من هذه الفطرة المولودة مع الإنسان، وكذلك بالنسبة للشركوالنفاق، فيمكن أن يقال أنها نتيجة ظروف تربوية واجتماعية ترتبط بالفطرة أيضاً - بدون أن يصل الأمر إلى القول بالجبر المستحيل - وعليه يمكن أن يقال: إن السببوالمنشأ في اختلاف القلوب هو الفطرة الموجودة في الإنسان.
2- تبلورالقلب وحركته المعنوية: بمعنى أن السبب في اختلاف القلوب ليس الاستلهاموالتأثر بالفطرة والسجية وإنما بسبب تحركها المعنوي بعد ذلك. وهذه الفرضية أكثرانسجاماً مع روايات الفطرة التي تعتبر التوحيد فطرة في الإنسان ولكنها تؤكد أنالشرك والنفاق طارئان وعرضيان.
وهذه الفرضية الثانية هي الأقرب والأصوب،والإنسان ما دام موجوداً في هذا العالم فهو قابل للتغير والانتقال من مرتبة إلىمرتبة، والارتقاء من مراتب النقص والشقاء والشرك والنفاق ليبلغ مراتب الكمالاتوالسعادة.
الشقي شقيفي بطن أمه
كيف نفسر الرواية المعروفة "الشقي شقي فيبطن أمه"، مع ما ذكرناه من كون القلوب قابلة للتغير والتبدل وهي تتبلورمعنوياً من خلال حركتها المعنوية في الدنيا؟
الحقيقة أن هذا الحديث الشريفلا يدل على أن السعادة والشقاء ذاتيان للإنسان بل يدل على معنى آخر ينسجم مع الدليلوالبرهان:
والظاهر من الرواية أن المقصود السعادة والشقاء الفعليان، ومنالمعلوم أن السعادة التي تعد من الكمالات والفعليات لا تتوفر للنفوس الهيولائية علىنحو الفعلية فعلاً، وإنما تكون على نحو الاستعداد والقابلية والأهلية والقوة، وعليهفالمقصود بالرواية نشأة أخرى للإنسان والتي تكون فيها سعادته وشقاؤه فعليين، ألاوهي وجوده في عالم الطبيعة المادية، ويكون المقصود من بطن الأم عالم الطبيعة الذييعيش فيه الإنسان، كما عبرت بعض الروايات، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "الناس أبناء الدنيا ولا يلام الرجل على حب أمه".
فعالمالطبيعة والمادة هذا هو أم لكل ما هو مادي ومشيمة لتربية ما هو منالطبيعة.
حصر أقسام القلوب فيأربعة
قسم الحديث السابق القلوب إلى أقسامها الأربعة، وهناك منحاول بيان التقسيم بشكل منطقي بهذا الشكل:
إن القلوب إما أن تتحلى بالإيمانأو لا. وعلى الأول إما أن تتصف القلوب بالإيمان بكل ما أتى به رسول الله صلى اللهعليه وآله، أو تتصف ببعض ما يعتبر في الإيمان دون بعض. فالأول قلب المؤمن، والثانيهو القلب المكنف بالإيمان والنفاق. وهو إما أن يعلن الإيمان ويظهره أو لا، فعلىالأول يكون القلب منافقاً وعلى الثاني مشركاً.
ولكن هذا التحليل لا ينسجم معالحديث الشريف الذي يظهر منه أن القلب الواحد قد يؤمن في الحقيقة بكل ما جاء بهالنبي صلى الله عليه وآله وقد ينافق. ويمكننا أن نبين انقسام القلوب إلى الأقسامالأربعة بشكل أفضل فنقول: إن القلب إما أن يؤمن بكل ما جاء به النبي صلى الله عليهوآله أو لا، وعلى الثاني إما يظهر إيمانه أو لا، وعلى الأول إما أن يستقر فيهالإيمان من دون تزلزل أو يؤمن حيناً ويتراجع حيناً آخر رغم إفصاحه عن الإيمانأيضاً، ويستفاد من ذيل هذا الحديث أن توبة من يتحول من الإيمان إلى الكفر والنفاقتكون مقبولة رغم نقضه للتوبة وتكرر مثل هذا التراجع والتحول.
قلب المؤمن أزهر
إن الإيمان بالله تعالى هو منالكمالات المطلقة وهو أصل الكمال وأصل النور الإلهي الذي يظهر ويتجلى في قلبالإنسان، وكل ما لم يكن من الإيمان وتوابعه فهو خارج عن نطاق الكمالات النفسيةالإنسانية وملحق بظلمات النقص والأوهام. فيتبين إذن أن قلب المؤمن أزهر كما فيالرواية، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "تجد الرجل لا يخطأ بلامولا واو، خطيباً مصقِعاً ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم، وتجد الرجل لا يستطيع أنيعبّر عما في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كما يزهر المصباح".
وهو معذلك يسلك الصراط المستقيم وينتهج في سيره الروحاني الجادة السوية والصراط المستقيم،وذلك من خلال:
أولاً: لم يخرج قلب المؤمن من الفطرة التيفطره الله تعالى عليها، بل سار على ضوء فطرة التوحيد التي هي التوجه والإنشداد إلىالكمال المطلق والجمال التام. فينطلق بهذا السير الروحاني من مرتبة الفطرة إلىمنتهى الكمال المطلق ضمن صراط مستقيم ليس فيه أدنى اعوجاج وانحراف. وقد نقل عن رسولالله صلى الله عليه وآله أنه رسم على الأرض خطاً مستقيماً ثم رسم خطوطاً متقاطعةمع الخط المستقيم ثم قال: "إن الخط المستقيم هو صراطيومنهجي".
ثانياً: يستسلم الإنسان في المسير كلياًللإنسان الكامل ومقام الخاتمية، ويحافظ على صفاء قلبه من تصرف الشياطين والأنانية،ولما كان الإنسان الكامل مَظهراً لجميع الصفات والأسماء، ولم تطغى عنده صفة علىأخرى، كما قال الشاعر في وصف أمير المؤمنين عليه السلام:
جمعت في صفاتك الأضدادفلهذا عزت لك الأنداد
زاهـــد حاكم حليــم شجــاع فاتك ناسك فقيرجــواد
شيم ما جمعن في بشر قط ولا حاز مثلهنالـعبـاد
فاحتوى على مقام الوسطية وتم سيره على الصراطالمستقيم الطريق الوسط الذي هو الاسم الجامع، وأما الكائنات الأخرى فيكون كل واحدمنها مظهراً لاسم من الأسماء متأثراً به، فإما تنزع نحو جانب اللطف والجمال، أو نحوجانب القهر والجلال.
وأما المؤمنون فلما كانوا تابعين في مسيرتهم للإنسانالكامل واضعين خطاهم في موضع أقدامه وسائرين على ضوء نور هدايته ومعرفته غيرمعتمدين على أنفسهم خطوة واحدة في سيرهم الروحاني إلى الله، استطاعوا أن يكونوا علىالصراط المستقيم أيضاً وكان حشرهم مع الإنسان الكامل، ووصولهم تبعاً لوصول الإنسانالكامل، شرط محافظتهم على صفاء قلوبهم من تصرف الشياطين والإنية والأنانية بلواستسلامهم في المسير كلياً للإنسان الكامل ومقام الخاتمية.
|
|
|
|
|