بقلم : احمد عبد الحسين \ المانيا
الى السادة الاعزاء في الحركة الشعبية لاجتثاث البعث نرجوا ان تنشروا هذه المقالة التي هي سيرة ماجرى على عائلتنا جراء حكم حزب البعث وبالتحديد ماقام به الاعضاء الصغار في حرب البعث العربي الاشتراكي والذين هم مشمولين بالمصالح ( المالكية ) بحسب ما افادنا به الاخوة الحقوقيين .
القصة :
في يوم بارد من شتاء عام 1985 وبالتحديد 21.01.1985 هاجمت مجموعة من رجال الامن بيتي والقوا القبض على والدي بعد ان عاثوا بالبيت وخربوا كل شيئ رغم ان والدي لم يبدي اي مقاومة حيث كان مريضا بمرض الجلطة الدماغية ولم يقوى على الحركة لاكثر من 7 اشهر , كان عمري حينها 11 عام وكانت لي اخت تكبرني بستة سنين وثلاث اخوة اصغر مني , بعد ان اخذوا والدي بساعة تقريبا جاءت نساء الجيران يلملمن جراحاتنا و يصبرن والدتي المفجوعة , حاولت ان افهم سبب ماجرى من خلال حديث والدتي مع قريبتها فلم افلح غير ان الكلمات التي سمعتها من والدتي هي كالاتي ( لا مو الدكتور يمكن المضمد كتب تقرير , بس ابيناتنه ابو فاضل ماكال غير " لو مو الحرب ماجان هذا حال المرضى , كلشي نقلتوه الى الجبهه " )
اذن الجملة التي سببت اعدام والدي هي الاتي ( لو مو الحرب ماجان هذا حال المرضى , كل شيء نقل الى الجبهة ) ...نعم بعد اسبوعين سلموا والدتي جنازة والدي المعدوم بعد ان اخذوا منها تعهد بعدم اقامة مراسيم العزاء واستحصلوا منها مبلغ 38 دينار وهي ثمن الاطلاقات النارية التي اعدموا بها والدي .
في اليوم التالي وبعد ان تم الدفن جاءت نسوة الجيران وبعض الاقارب لتعزية والدتي وفي اليوم الثالث عاد رجال الامن والقوا القبض على والدتي وكان بصحبتهم المختار وعضوا المنظمة الحزبية المسؤول على منطقتنا .
بقينا نحن الاولاد برعاية اختنا وكانت طالبة في الصف السادس العلمي بعد ان تركت المدرسة وتفرغت للبيت , كان يتردد علينا الاخوال الا انهم لم يجرؤوا البقاء معنا للضرورات الامنية , وفي يوم 12 من شهر اب 1985 قام اثنين من اخوتي الصغار بأشعال النار في غرفة الطابق العلوي صعدت اختي لاجل اخراج اخوتي فأخرجت الاول وبقيت هي واخي الثاني تلتهب فيهما النيران الى ان تفحما هرعت الى الجيران لكن للاسف لم يفلح احد بأخراجهم فماتا في ذلك اليوم من صيف عام 1985 .
اتفق الاقارب على ارسال امرأه عجوز تقوم برعايتنا الى حين خروج والدتي من السجن , وفي احدى المرات التي ذهبت فيها الى مواجهة والدتي في السجن وبالتحديد في شهر ايلول من عام 1989 اخبرتني والدتي بأن سبب اعتقالها , انها اقامت مجلس العزاء على والدي فكتب علينا مسؤول المنطقة الحزبية تقريرا بأنها خالفت اوامر الامن بعدم نصب مجلس العزاء فحكم عليها بسبعة سنين سجن في ابو غريب وبعد الانتفاضة الشعبانية خرجت والدتي بعفو رئاسي الا انها لم تجدني حيث كنت معتقلا في سجن الرضوانية بسبب الانتفاضة ووجدت اخواني الاثنين في بيت خالي الاكبر لان بيتنا كان قد صودر بأمر المحكمة ولم يبقى لنا غير سيارة الحمل التي لم تكن بأسم والدي وبقي السائق يعمل فيها ويأتي بوارد عملة يسلمه لخالي الاكبر فيصرفه علينا .
المهم بعد ان خرجت من الرضوانية وبالتحديد يوم 27 من شهر حزيران عام 1992 اجتمعنا انا واخوتي الاثنين ووالدتي وقررنا الهرب الى ايران او سوريا وفعلا ذهبنا الى السليمانية بطريق التهريب ونزلنا في بيت احد اصدقاء والدي وقام مشكورا بضيافتنا وتهيئة لوازم الهرب الى ايران وفي يوم 26 من شهر اب توفيت والدتي في السليمانية فقمنا بدفنها هناك واقام لها الاخوة الاكراد مراسيم الفاتحة وحتى عزاء النساء لثلاثة ايام وبعدها قمنا بالهرب الى تركيا من دون المرور بأيران , وبعد رحلة طويلة في التهريب وصلنا الى اليونان وبعدها الى ايطاليا ثم المانيا ونحن الان في المانيا نعيش الغربة وعذابات الماضي التي لم تفارقنا ابدا وفي صبيحة يوم 09.03.2009 وانا اشاهد قناة السومرية الفضائية رأيت السيد رئيس الوزراء وهو يخطب بشيوخ العشائر واذا به يقول :
نعم لابد ان نتصالح، واقول أكثر من ذلك ولا أخاف أحداً ممن يتصدون بالمياه العكرة ويوظفون كل شيء من أجل المصالح الذاتية والفئوية، لابد ان نتصالح مع الذين أخطأوا، الذي إضطروا، الذين أكرهوا على ان يكونوا في مرحلة التأريخ، مرحلة من مراحل الزمن الصعب في العراق مضطرين ان يكونوا الى جنب النظام المقبور ولكنهم عادوا اليوم ليكونوا أبناء العراق، نتصالح لكن شريطة ان يعودوا إلى العراق وان يطووا تلك الصفحة السوداء من تاريخ العراق، نعم نعذر الذين أكرهوا رغم ان الأمر جهادياً يحتاج إلى موقف صلب بوجه الطاغية لكن لنقل حصل ما حصل، اليوم ينبغي ان نتصالح مرة أخرى ولكن ان نطوي هذا التأريخ السيئ ولا نسمح لإنفسنا يتذكره
فنزلت علينا هذه الكلمات كالصاعقة وبقيت انظر الى اخي مندهشا وكأن الطير على رؤسنا وفي هذه اللحظات من الصمت انهمرت الدموع من عيوننا ونحن نستحضر ذكريات الماضي فأستوقفتني صراخات اختي من بين النيران وهي تصيح ( يمه .... يمه ..... بويه ياعلي ادركني ي ي )
فقررنا نحن الاخوة الثلاثة ان نقيم دعوى قضائية على السيد رئيس الوزراء نوري المالكي وفعلا اجرينا بعض الاتصالات بحقوقيين ومحامين في العراق عن اصول رفع هكذا دعوى , فنصحونا ببعض الاجراءات ونحن في طريق رفع هذه الدعوى .
معلومات مهمه للقارئ الكريم
1. سبب اعدام والدي مضمد في مستشفى الكندي كان بدرجة نصير متقدم اي غير مشمول بأجتثاث البعث وبالطبع مشمول بالمصالحة ( المالكية ) لانه لم تتلطخ يداه بدماء العراقيين .
2. سبب سجن والدتي كان بتقرير قدمة عضو منظمة حزبية ومسؤول منطقتنا ( حي اور ) وهو غير مشمول بالاجتثاث كونه عضو منظمة والاجتثاث لايشمله بحسب قانون هيئة اجتثاث البعث وايضا هو مشمول بالمصالحة ( المالكية ) .
3. المضمد الذي تسبب بأعدام والدي اعترف بعد سقوط النظام وجاء الى اقاربي لحل القضية عشائريا .
4. لدينا النسخة الاصلية من التقرير الذي تسبب بسجن والدتي .
5. يمكنكم قراءة النص الكامل لخطاب نوري المالكي من خلال الرابط التالي : http://www.nmc.gov.iq/pnews/2009/3/10_2.htm
6. ارجوا من الاخوة الحقوقيين ان يعطونا نصائحهم في هذه القضية .
المصالحة المالكية تدعي انها ضد من تلطخت يديه بدماء العراقيين
و في الوقت نفسه تناست من تلطخت يديه بحبر التقارير
و أعادته ليتسلط على رقاب العراقيين من جديد
بارك الله بكم
و جزاكم خير جزاء المحسنين
موفقين دائما