|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.74 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
melika
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 14-06-2009 الساعة : 04:20 PM
وقوف فاطمة ( عليها السلام ) إلى جنب أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ، (جهادها)
منذ أن دخل الرسول( صلى الله عليه وآله ) المدينة المنوّرة ، كان دائباً على هدم أركان الجاهلية ، و استئصال جذورها، و ضرب مواقعها ، فكانت حياته في المدينة المنوّرة ، كما كانت في مكّة حياة جهاد و بناء ، جهاد المشركين و المنافقين و اليهود و الصليبيين ، و بناء الدولة الإسلامية العظيمة ، و نشر الدعوة ، و تبليغها في كلّ بقعة ، يمكن لصوت التوحيد ، أن يصل إليها ، فراح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يحارب بالكلمة والعقيدة تارةً ، و بالسيف و القوّة تارةً أُخرى ، و بالأُسلوب الذي يمليه الموقف ، و تفرضه الحكمة .
و هكذا جاهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ،و قاتل في مرحلة حرجة صعبة ، لم يكن يملك فيها من المال و الجيوش و الاستعدادات العسكرية ، ما يعادل أو يقارب جيوش الأحزاب و قوى البغي و الضلال ، التي تصدّت لدعوة الحق و الهدى ، بل كانت كلّ قواه قائمة في إيمانه و انتصاره بربّه و بالفئة المخلصة من أصحابه .
والذي يقرأ تاريخ الدعوة و جهاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصبره و احتماله ، يعرف عظمة هذا الإنسان المبدئي ، و يدرك قوّة عزيمته ، و مدى صبره ، و رعاية الله ، و نصره له و لأُولئك المجاهدين ، الذين حملوا راية الجهاد بين يديه ، فيكتشف مصدر النصر و القوّة الواقعيين .
و لقد مرّت هذه الفترة الجهادية الصعبة بكامل ظروفها و أبعادها بفاطمة ( عليها السلام ) ، و هي تعيش في كنف زوجها و أبيها ، تعيش بروحها و مشاعرها ، و بجهادها في بيتها ، و في مواساتها و مشاركتها لأبيها ، في شدّته و محنته ، فقد شهدت جهاد أبيها و صبره و احتماله ، شاهدته ، و هو يُجرح في ( أُحد ) ، و تُكسر رباعيته ، و يخذله المنافقون ، و يستشهد عمّ أبيها ، حمزة أسد الله و نخبة من المؤمنين معه .
روي ، أنّه لمّا انتهت فاطمة ( عليها السلام ) وصفية إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ـ بعد معركة أُحد ـ و نظرتا إليه قال ( صلى الله عليه وآله ) لعلی ( عليه السلام ) : ( أمّا عمّتي فاحبسها عنّي ، و أمّا فاطمة فدعها ) ، فلمّا دنت فاطمة ( عليها السلام ) من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و رأته قد شُجّ وجهه ، و أُدمي فوه ، صاحت ، و جعلت تمسح الدم ، و تقول : ( اشتدّ غضب الله على مَنْ أدمى وجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله )) ، و كان ( صلى الله عليه وآله ) يتناول في يده ما يسيل من الدم، فيرميه في الهواء ، فلا يتراجع منه شيء .
و كانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) تحاول تضميد جرح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و قطع الدم الذي كان ينزف من جسده الشريف ، فكان زوجها يصبّ الماء على جرح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و هي تغسله ، و لما يئست من انقطاع الدم ، أخذت قطعة حصير ، و أحرقتها حتّى صار رماداً، فذرّته على الجرح حتّى انقطع دمه .
و يحدّثنا التأريخ عن مشاركة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بروحها و مشاعرها ، لأبيها في كفاحه وصبره و جهاده في أكثر من موقع .
فقد روي أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قدم من غزاة له ، فدخل المسجد فصلّى فيه ركعتين ، ثمّ بدأ ـ كعادته ـ ببيت فاطمة قبل بيوت نسائه ، جاءها ليزورها ، و يسر بلقائها ، فرأت على وجهه آثار التعب و الإجهاد ، فتألّمت لمّا رأت ، و بكت ، فسألها ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما يبكيك يا فاطمة ) ؟
فقالت ( عليها السلام ) : ( أراك قد شحب لونك ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) لها : ( يا فاطمة ، إنّ الله عز وجل بعث أباكِ بأمر، لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ، و لا شعر إلاّ دخله به عزّاً أو ذلاً ، يبلغ حيث يبلغ الليل ) .
و ليست هذه العاطفة ، وتلك العناية و المشاركة مع الأب ، القائد و الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) من ابنته فاطمة ( عليها السلام ) ، هي كلّ ما تقدّمه لأبيها من إيثارها له و اهتمامها به ، و مشاركتها له في شدّته و عسرته ، إنّها جاءت يوم الخندق ، و رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منهمك مع أصحابه في حفر الخندق ، لتحصين المدينة ، و حماية الإسلام ، جاءت و هي تحمل كسرة خبز ، فرفعتها إليه ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما هذه يا فاطمة ) ؟
قالت ( عليها السلام ) : ( من قرص اختبزته لابنيّ ، جئتك منه بهذه الكسرة ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا بنية أما إنّها لأوّل طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث ) .
هذه صورة مشرقة لجهاد المرأة المسلمة تصنعها فاطمة في ظلال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فهي تشارك بكلّ ما لديها ، لتشد أزر الإسلام ، و تكافح جنباً إلى جنب مع أبيها و زوجها و أبنائها في ساحة واحدة و خندق واحد ، لتدوّنَ في صحائف التأريخ درساً عملياً ، تتلقاه الأجيال من هذه الأُمّة المسلمة ، فتتعلّم حياة
الإيمان ، التي تصنعها عقيدة التوحید بعيدة عن اللهو و العبث و الضياع .
|
|
|
|
|