إنّ أي نحوٍ من المديح والثناء الوارد في كلامهم عليهم السلام عن أنفسهم عليهم السلام :
كما في ذيل حسنة سدير عن الصادق عليه السلام : (نحن خزان علم الله ، نحن تراجمة أمر الله ، نحن قوم معصومون ، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ، ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجة البالغة على من دون السماء ، وفوق الأرض ) المصدر : الكافي باب في أن الأئمة بمن يشبهون ممن مضى ، ح6
وقوله : (وأنا كتاب الله الناطق)(1) .
وقوله عليه السلام : (ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير )(2) .
وقوله عليه السلام : (من عرفني وعرف حقي : فقد عرف الله عزوجل )(3) ....
👈 فإنّما هو ناظر إلى :
إتمام الحجة على الخلق .
وإظهار علمهم عليهم السلام ، وسمّو منزلتهم عليهم السلام التي لا تضاهى .
وتبيين شخصيتهم الحقوقيّة .
وبعبارة أخرى : الأئمة - عليهم السلام - بصدد بيان الولاية ، والخلافة الإلهية ، والإمامة الملكوتية التي هي عطاء إلهيّ خاص ، اختص به الإنسان الكامل ، والمعصوم الشاهد ، المنكشف له الغطاء ، والتي هي أمانة دينيّة ينبغي المحافظة عليها ، كما أنّ حمايتها تقع ضمن جهات متعددة ، مثل التبيين ، والتعليل ، والتسديد ، والدفاع ... فلا يكون هذا المديح من باب : (تزكية المر نفسه) أبداً حتّى يكون من قبيل المديح المذموم(4) ! .
🚩[من يصرف كلامهم إلى ذم تذكية المرء نفسه ، فيبطل صدوره*]🚩
وقد يدّعيه مَنْ في قلبه مرض ، فيبادر بشيطنته ومكره إلى الردّ والتكذيب والإنكار (والإنكار هو الكفر ! )(5) .
______الهامــــش _______
* وقد حاول بعضهم نفي تلك الأحاديث متذرعاً بأنها لا تنسجم مع حرمة تزكية النفس ، والحال أنها في غاية الانسجام مع الحقل المعارفي لأهل البيت عليهم السلام ، بتوجيه أنها تشير إلى المحمول لا إلى الحامل ، أي الإمامة لا شخص الإمام ، سلام من الله على الحامل والمحمول .
1⃣ وسائل الشيعة : ب5 من أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء ح12 .
2⃣ نهج البلاغة : خ3 المعروفة بالشقشقية .
3⃣ أنظر بحار الأنوار : ج26/ ص258 .
◀ وفي الحديث عن الإمام الصَّادق عليه السلام - لمِنْ سأله عن سبب رفع النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام على كتفه - ( فقال : ليعرف الناس مقامه ورفعته .
فقال - أي السائل - : زدني !
فقال عليه السلام : ليعلم الناس أنّه أحقّ بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقال : زدني !
فقال عليه السلام : ليعلم الناس أنّه إمام بعده ، والعلم المرفوع ... )
📓المصدر : مشارق أنوار اليقين ص17 .
◀ وفي بيان حديث (المعرفة النورانيّة) قال العلّامة المجلسي رحمه الله في بحاره : (قوله عليه السلام : [ أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي ، وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي ، وأنا الذي جاوزت بموسى بن عمران البحر بأمر ربي ، وأنا الذي أخرجت إبراهيم من النار بإذن ربي ] .
أقول : لو صح صدور الخبر عنه عليه السلام لاحتمل أن يكون المراد به وبأمثاله :
أنّ الأنبياء عليهم السلام بالاستشفاع بنا ، والتوسل بأنوارنا رفعت (دفعت خ ل) عنهم المكاره والفتن ، كما دلت عليه الأخبار الصحيحة ) انتهى .
📓 المصدر : بحار الأنوار 26/ ب14 - نادر في معرفتهم صلوات الله عليهم بالنورانية ، وفيه ذكر جمل من فضائلهم ، ص7و 8 ، ح1 .
◀وفي بيان قول الإمام موسى بن جعفر عليه السلام - نقلاً من الاختصاص - : (بنا غفر لآدم عليه السلام ، وبنا ابتلي أيوب عليه السلام ، وبنا افتقد يعقوب عليه السلام ، وبنا حبس يوسف عليه السلام ، وبنا رفع البلاء ، وبنا أضاءت الشمس )
☑ قال رحمه الله : (والابتلاء ، والافتقاد والحبس : إما بتقصير قليل في معرفتهم ، والتوسل بهم عليهم السلام لا يصل إلى حد المعصية ، أو لكمالهم في المعرفة والتوسل ، إذ الابتلاء علامة الفضل والكمال ! )
📓 المصدر : بحار الانوار : ج26 ، ب5 - جوامع مناقبهم وفضائلهم - ص257 ، ح33 .
والأرجح هو الثاني ، أي لكمالهم في المعرفة .
4⃣ بل من باب {وأمّا بنعمة ربك فحدّث} الضحى 11 ، كما أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك في بداية آخر خطبة له عليه السلام على المنبر - في منصرفه من النهروان ، وقد بلغه أن معاوية يسبّه ، وفيها يذكر ما أنعم الله عزوجل على نبيه صلى الله عليه وآله وعليه عليه السلام ، حيث يقول :
(لولا آية في كتاب الله عزّوجل : ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا ! يقول الله عزوجل : {وأمّا بنعمة ربك فحدث} .
اللهمّ لك الحمد على نعمك التي لا تحصى ، وفضلك الذي لا ينسى ... .
يا أيّها الناس ! لعلكم لا تسمعون قائلاً بعدي يقول مثل قولي إلّا مفترياً ...
أنا رحى جهنّم الدائرة ، وأضراسها الطاحنة ...
أنا قابض الأرواح ، وبأس الله الذي لا يرده عن القوم المجرمين ...
وأنا الذي جعلت ميزاناً ، فبحبي امتحن الله المؤمنين ، وببغضي تعرفون المنافقين ...
وأنا صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة )
📓 المصدر : المحتضر ، للشيخ عز الدين أبي محمد الحسن بن سليمان بن محمد الحلي رحمه الله ، من أعلام القرن الثامن ، ص 83 ، فما بعدها ، تحقيق سيد علي أشرف ، انتشارات المكتبة الحيدرية .
◀ ومن خطبة له عليه السلام أيضا قال :
(سلوني قبل أن تفقدوني ، فأنا نمط الحجاز ، وأنا عيبة رسول الله صلى الله عليه وآله ، سلوني ! ، فأنا فقأت عين الفتنة ظاهرها وباطنها ، سلوني ! فأنا من عنده علم المنايا والبلايا والوصايا ، وفصل الخطاب ، سلوني ! فأنا يعسوب الدين حقا .
ما من فئة تهدي مئة ، أو تضل مئة ، إلا وقد نبئت بقائدها وسائقها .
سلوني ! فوالذي نفسي بيده لو ثنيت لي الوسادة ، فأجلس عليها : لقضيت بين أهل الترواة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم ، وأهل الفرقان بفرقانهم .
قال : فقال ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام - وهو يخطب [الناس] فقال : يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن نفسك ؟!
فقال عليه السلام : ويلك أتريد أن أزكي نفسي ، وقد نهى الله عزوجل عن ذلك ! [فلا تزكوا أنفسكم] إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سألته أعطاني ، وإذا سكت ابتدأني ، فبين الجوانح [مني] علم جم ، ونحن أهل البيت لا نقاس بأحد )
📓المصدر السابق : ص157 و158 .
(5) أنظر الأصول من الكافي ، كتاب الحجة ، باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب ، ح1 .
📚 مصدر البحث - بتصرف وزيادة - : علم النبي (ص) والأئمة (ع) بالغيب على هدى الكتاب والسنة ، وملحق في قضايا عقائدية ، ص420 و421 و422و423 و424 .
✒تأليف سماحة الأستاذ السيد طعان خليل العاملي دام تأييده .