|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 13595
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 275
|
بمعدل : 0.04 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
حياة الامام الحسن العسكري (ع)في ظل الجور والظلم
بتاريخ : 06-03-2009 الساعة : 01:42 AM
حياة الامام الحسن العسكري (ع)في ظل الجور والظلم ..
يتميز أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بأدوارهم المتنوعة في خدمة الإسلام ورفعة كلمة الله فوق كل كلمة..
مرَّ كل واحد منهم بظروف صعبة، فرضتها همتم اللامتناهية في مواجهة أعداء الدين وحماية المجتمع من الانحراف والسقوط، وكان كل منهم الرجل المناسب للمهمة الصعبة في الوقت المناسب..
في القرن الثالث الهجري كانت الظروف السياسية والاجتماعية آخذة بالتدهور، لم يكن ذلك يعود للأسباب التي جعلت المعتصم العباسي يختار (مدينة سامراء) عاصمة للدولة العباسية بدلاً من بغداد، بل لأن الضعف والوهن أخذ يدك في عرش السلطة السياسية، فاستولى الموالي على دفة الحكم وانعزل الخلفاء جزئياً عن شؤون الدولة لقضاء أوقات في اللهو والمجون والخمر والترف، بينما عاش عامة الشعب في مختلف صنوف البؤس والحرمان، فدبت الفتن والفوضى والحروب الداخلية.
وسط كل تلك الموجة من الفوضى والانفلات الأمني والديني.. كان الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) يبذلون قصارى جهدهم في تصحيح الأمور والأخذ بيد الناس إلى جادة الحق، ومن أجل ذلك تحملوا مصاعب النفي والسجن ومختلف صنوف الأذى..
من تلك الأنوار الهاشمية كان الإمام الحادي عشر من سلسلة أئمة أهل البيت الاثني عشر: الإمام الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب مؤمن قريش.
لقب بعدة ألقاب، منها: العسكري، الرفيق، الزكي، الفاضل، الخالص، الأمين، النقي، المرشد، الناطق، الصادق، الصامت، الميمون، الطاهر، ولي الله، خزانة الوصيين، الفقيه، الرجل، العالم.
يُكنى بأبي محمد، كما يكنى بابن الرضا، وهي الكنية ذاتها التي كان يكنى بها أبوه الإمام الهادي وجده الإمام الجواد (عليه السلام).
رزقه الله بولد واحد: هو الإمام محمد المهدي (عجل فرجه الشريف).
كان نقش خاتمه: إن الله شهيد.
ولد في شهر ربيع الثاني من سنة مائتين واثنين وثلاثين للهجرة، في رحاب المدينة المنورة..
وانتقل بعد عامين من ولادته المباركة إلى منطقة عسكر بمدينة سامراء برفقة والده الإمام الهادي (عليه السلام)، ليواكب معه جميع الظروف والملابسات الصعبة التي كانت تعصف بالإمامة منذ آنذاك.
وبعد استشهاد والده؛ تسلم الإمام العسكري (عليه السلام) زمام الإمامة، وهو بعدُ في الثانية والعشرين من عمره الشريف، ليبدأ مواجهة عقائدية في الرد على المشككين في صحة إمامته، وهو القائل: "ما مني أحد من آبائي بمثل ما منيت به من شك هذه العصابة فيَّ".
*والدته من الأمهات العظيمات:
وكما كان للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أباً عظيماً كالإمام الهادي (عليه السلام)، فقد كانت له أماً عظيمة، رفيعة المقام، جليلة القدر أيضاً..
هي السيدة حُدَيث (عليها السلام)، وتسمى: الجدة، كما تسمى بـ(سُليل) لأنها سُلَّت من كل آفة وعاهة، ومن كل رجس ونجاسة.
وقيل إن اسمها: سوسن، وقيل: سمانة.
وقد أثنى عليها الإمام الهادي (عليه السلام) كثيراً، وأشاد بمكانتها، وذكَّر بمكارمها وسمو أخلاقها..
خاطبها ذات مرة بقوله: "لا تلبثين حتى يعطيك الله عز وجل حجته على خلقه الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً".
كانت عارفة صالحة، حتى أنها صارت مفزع الشيعة وملجأهم بعد وفاة أبي محمد العسكري (عليه السلام).
* صفات ذات هيبة وأخلاق ذات جاذبية:
كان من صفات الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنه كان أسمراً، أعين، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، حديث السن، له هيبة وجلال.
وتميز (عليه السلام) من الناحية النفسية والروحية كسائر آبائه وأجداده من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بجاذبية عالية من الأخلاق الرفيعة، جذبت إليه حتى المناوئين له من أعدائه ومخالفيه وسجانيه، فشهدوا بسمو أخلاقه وكمال صفاته.
*الانقطاع إلى الله عز وجل:
كما كان يوصي شيعته، فقد كان الإمام العسكري (عليه السلام) مثالاً رائعاً للتقوى، والورع والزهد، والاجتهاد لله، وطول السجود..
يعشق القرآن والصلاة والصوم والدعاء، ولطالما رؤي معتكفاً يقوم الليل، ويناجي ربه عز وجل، ويكثر من ذكره.
وقد اشتهر (عليه السلام) عند الخاصة والعامة بكثرة عبادته وانقطاعه إلى الله جل شأنه.
وعُرِف بأنه رجل يقوم الليل كله ويصوم النهار، ولا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة.
وردت عنه أدعية خاصة، وله صلاة من أربع ركعات؛ يُقرأ في الأوليتين منها سورة الفاتحة مرة واحدة، وسورة الزلزلة خمس عشرة مرة، ويُقرأ في كل ركعة من الأخيرتين سورة الفاتحة مرة واحدة، وسورة الإخلاص خمس عشرة مرة.
*ولادة الإمام المهدي والمهمة الصعبة:
واحتلت قضية غيبة الإمام الحجة محمد المهدي (عجل الله فرجه الشريف) مكاناً محورياً في حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، باعتباره والداً مباشراً له، ولأن مرحلته الحساسة تمثل نقطة الانتقال المهمة من عصر الحضور إلى عصر الغيبة.
كان (عليه السلام) يعي ثقل المسؤولية في التمهيد لذلك الحدث الذي لا مثيل له في أمة الإسلام، فبالرغم من تبشير الأحاديث والروايات منذ زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) وبما سيفعله هذا المنقذ للبشرية، إلا أن الناس كانوا قد انغمسوا في المادة، ولم يتجاوزا بروحهم وفكرهم حدود الحس والأمور الملموسة، مما يجعل تقبلهم لفكرة الغيبة في غاية الصعوبة وبمثابة الصدمة النفسية والذهنية.
كان الأمر بحاجة إلى تحملِ جهودٍ مضاعفة، وتخطيطٍ مدروسٍ بدقة يساهم في إجلاء الحقائق وتوعية الناس بهذا الأمر الجلل، ومن أجل ذلك فقد عمد الإمام العسكري (عليه السلام) إلى تطبيق عدة خطوات كللت بالنجاح.
من أولى الخطوات التي اتخذها الإمام (عليه السلام) في مهمته تلك، أن بَثَّ الروايات التي تبشر بولادة المهدي (عليه السلام) قبل ولادته.
وبعد الولادة الميمونة عمل على إخفاء أمرها، ولم يظهره إلا للخواص من شيعته فقط، مثلما أخفت أم الخليل إبراهيم (عليه السلام) أمر ولادته لسنوات طوال، ومثلها فعلت أم نبي الله موسى (عليه السلام).. فيما يشبه الارتباط الإلهي عبر التاريخ بين المصطفين لإنقاذ البشرية من براثن الظلم والجهالة.
*وكلاء وسفراء من الدرجة الأولى:
كان من خطوات الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في مهمته الصعبة من حيث التمهيد لغيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)؛ إصدار البيانات ذات العلاقة، والإعداد لجماعة من الصالحين والثقاة يكونون وكلاء وسفراء من الدرجة الأولى في الوساطة بين فكر أهل البيت (عليهم السلام) وعموم الناس في مختلف البلاد الإسلامية، ومن شأنهم المساعدة في تنوير الناس بغيبة الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).
وبالرغم من أن فكرة الاستفادة من الوكلاء، كانت قد طبقت في عصور الأئمة أهل البيت السابقين، إلا أنها صارت في عصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أعظم أهمية، وأكثر وضوحاً، وأكبر عدداً..
نعم، فقد اهتم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بقضية الوكلاء كل هذا الاهتمام البالغ، فأعد جيلاً واعياً مؤمناً من الوكلاء الذين نشطوا في الدفاع عن قضايا أهل البيت (عليهم السلام)، وساهموا في إرشاد الجماهير إلى ما فيه سعادة الدنيا والآخرة، فكانوا حلقة وصل مميزة بين قيادة الأمة الحقيقية المتمثلة في الإمام (عليه السلام) وبين كافة الناس المنتشرين في بقاع الدولة الإسلامية.
كان من بين وكلاء الإمام العسكري (عليه السلام):
- إبراهيم بن عبدة النيسابوري، وكان وكيلاً لوالده الإمام الهادي (عليه السلام) أيضاً.
- أيوب بن نوح بن درّاج النخعي، وكان هو الآخر وكيلاً لوالده الإمام الهادي (عليه السلام) أيضاً.
- علي بن جعفر الهمّاني، وهو من وكلاء الإمام الهادي أيضاً.
- أيوب بن الباب.
- أحمد بن إسحاق الرازي.
- جعفر بن سهيل الصيقل.
- حفص بن عمرو العمري الجمّال.
هذا، وقد أعطى الإمام العسكري (عليه السلام) للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وهو في المهد صغيراً بعض المهام، كالرد على المسائل العويصة التي تشكل على أصحاب الإمام العسكري، والإخبار بإذن الله تعالى بما سيحدث لهذا الشخص أو ذاك.
وإلى جانب ذلك، أخذ الإمام العسكري يخبر ببعض وكلاء الإمام المهدي المنتظرين، تحضيراً لتطور نظام الوكالة في زمن الغيبة..
فقد قال (عليه السلام) لوفد من اليمن: "واشهدوا عليَّ أن عثمان بن سعيد وكيلي، وأن ابنه محمد وكيل ابني مهديكم".
فمن وكلائه ووكلاء ابنه الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف):
- عثمان بن سعيد العمري، ويلقب بالسمَّان لأنه كان يتجر بالسمن تغطية على حقيقية أمره.
- وابنه: محمد بن عثمان بن سعيد العمري.
- أحمد بن إسحاق القمي الأشعري.
- علي بن محمد السَمَري.
- القاسم بن العلاء.
- محمد بن حفص بن عمرو.
* جيل من العلماء والفقهاء:
وكما أعدَّ الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) جماعة من الوكلاء، فقد أعدَّ جيلاً من العلماء والفقهاء الذين تتلمذوا وتربوا على يديه الكريمتين، وسنحت لهم الفرصة للنهل من بحر علمه الواسع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وفقه أهل البيت (عليهم السلام) ومختلف صنوف المعرفة..
إنه العسكري الذي ينتسب إلى شجرة أهل البيت الطيبة، أولئك الذين بقروا العلم بقراً.. وصفه ابن الصباغ المالكي بأنه "سيد أهل عصره، وإمام أهل دهره، أقواله سديدة وأفعاله حميدة، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة، وإن انتظموا عقداً كان مكان الواسطة الفريدة، فارس العلوم لا يجارى، ومبين غوامضها، فلا يُحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب، المحدث في سره بالأمور الخفيات، الكريم الأصل والنفس والذات".
ورغم ظروف القهر والمحاصرة والضغط السياسي التي كانت تضيق الخناق على نشاط الإمام الديني والمعرفي، فقد أُحصيت أسماء أصحابه ورواة أحاديثه فجاوزت المائتين محدثٍ وراوٍ، منهم:
- داود بن القاسم الجعفري.
- داود بن أبي يزيد النيسابوري.
- محمد بن علي بن بلال.
- عبد بن جعفر الحميري القمي.
- إسحاق بن الربيع الكوفي.
- محمد بن الحسن الصفار.
- عبدوس العطار.
*مواجهة الشبهات والفرق الضالة:
شهد عصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هيجاناً فكرياً وعقائدياً، ومني الإمام (عليه السلام) بموجة عارمة من التشكيك وإثارة الشبهات في مختلف الاتجاهات، دفعت بالإمام (عليه السلام) لمواجهة الفرق الضالة والرد على الشبهات، بفكرٍ متوقد، وعلمٍ واسع، وحكمة عالية..
ولم يتوانَ الإمام (عليه السلام) في مهمته هذه، فكانت له مواقف متعددة ومتنوعة في الدعوة إلى دين الحق، ورد الشبهات عن العقائد الإسلامية، والدفاع عن القرآن الكريم..
*كلمات من نور:
خلَّف لنا أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) تراثاً عظيماً من الحكم والوصايا الجميلة، من شأنها أن تنسج للإنسان سعادة في دنياه وآخرته، لأنها كلمات من نور، ظهرت على لسان خلفاء الدين، وحلفاء اليقين، ومصابيح الأمم، ومفاتيح الكرم..
وورد عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كآبائه وأجداده الطاهرين روايات وأقوال تنير طريق العبد، وتبين له الحلال والحرام، حقوقه والواجبات التي عليه، وكيفية تعامله مع ربه، وأسرته، وجيرانه، ومجتمعه.
من حكمه ووصاياه الرائعة:
- لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض.
- حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن.
- المؤمن بركة على المؤمن وحجة على الكافر.
- قلب الأحمق في فمه وفم الحكيم في قلبه.
- ما من بلية إلاّ ولله فيها نعمة تحيط بها.
- اتقوا اللـه وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح.
*تشييع أشبه بيوم القيامة
في عام مائتين وستين للهجرة، دست السلطة العباسية الحاكمة السمَّ في طعام الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فظل طريح الفراش مدة ثمانية أيام، ثم لبى نداء ربه في الثامن من شهر ربيع الأول من نفس العام، بعد أن أدى دوره الكبير، ومهامه العظيمة، بكل صبرٍ واقتدار..
وقد شبه بعض المؤرخين ذلك اليوم الحزين الذي رحل فيه هذا الإمام الشاب بيوم القيامة، حيث تعطلت الأسواق، وخرجت مختلف طبقات المجتمع لتشييعه والصلاة عليه، بينما هرع الآلاف من الناس إلى داره يبكون ويصرخون: مات ابن الرضا.
صلَّى عليه ابنه الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وهو لم يتجاوز الخامسة من سنه، ثم دفن (عليه السلام) بجوار أبيه الإمام الهادي في مدينة سامراء بالعراق.
فسلام الله عليه، يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً..
|
|
|
|
|