لقدكرَّمَ الله الإنسان_وقدكرمنا بني ادم _ ، فأهانه الظالمون والمتسلطون ! وأكثر من ظلمه حكام الجَوْر الذين تسلطوا على الناس بالقهر والغلبة والفقة المزيف وعلماء السوء، وصادروا حقهم في اختيار حاكمهم أو اختيار الله لهم ، ثم صادروا حرياتهم ومقدراتهم ، وساموهم سوء العذاب !والذل والهوان
لكن الأنبياء والأوصياءعرفوا قيمة الإنسان ، فكرموه وعلموه الكرامة فكان منهجهم منهج الدعوة والتبليغ لتصحيح الوعي الفردي والجمعي للامة، ولكن حياة الظالمين ومازالت سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان ، كما كانت حياة الأنبياء والأوصياءوالمؤمنين دفاعاً عنها ، وتطبيقاً لها وتأصيلاً ، وأعظم ما تجلى ذلك في سيرة نبينا وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم .ومازل جهاد الدعوة والتبليغ قائم حتى ظورصاحب الامر عج
احبتي الكرام
من المؤكد أن هناك صفا ت لابد أن يتصف بها المبلغ والخطيب لكي يصبح مبلغاً وخطيباً رسالياً ناجحاً في تبليغه وهذه الأمور التي ينبغي للمبلغ أن يحصل عليها وتتوفر فيه هي
كالتالي:
أولاً: العلم والمعرفة بجميع ما يحتاجه المبلغ من المعارف الإلهية من علوم القرآن والحديث والفقه والسيرة والتاريخ والحكمة والفلسفة والأخلاق والعرفان والعلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من العلو م التي هي من أركان التبليغ والدعوة إلى الله فلا تبليغ وخطابة من دون علم، فالخطيب والمبلغ لابد أن يتحلى بالعلم والمعرفة لكي يدعوا إلى طاعة الله كما قال النبي
إن الله يطاع بالعلم وخير الدنيا والآخرة مع العلم وشر الدنيا والآخرة مع الجهل) وإذا كان المبلغ عالماً متفوقاً على الناس بما عنده
فيكون مرجعاً للناس وذلك حيث قد أرجع الله تعالى الناس إلى العلم بقوله:
>فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ<
وإذا تساوى مع بقية الناس ولم يعرفوا منه الارتفاع في العلم والكمال لا ينصاعون إليه ولذا فقد نبَّه الله تعالى الإنسان وحثَّه على العلم بإنكار المساواة بين العالم والجاهل بقوله تعالى:
>قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ والّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ<
ورفع الله درجة العلماء على الآخرين بقوله:
يَرْفَعُ اللهُ الّذِينَ آمَنوُا مِنْكُمْ والّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ
ثانياً: إنَّ التقوى والقرب من الله والاعتماد والتوكل عليه سبحانه هو من أقوى العوامل المساعدة للمبلغ والخطيب الحسيني حتى يؤثّر في الناس والدخول إلى قلوبهم وتوجيههم نحو كلامه
>ومَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى الله ِفَهُو حَسْبُهُ<(
ولذا نرى بأنَّ النبي موسى لما أراد مقابلة فرعون والحديث معه وتوجيهه إلى الله طلب من الله أن يمده بالعون كما جاء في قوله تعالى:
>رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي فأخذ العون من الله تعالى على أداء الحديث والكلام مع فرعون ليدعوه إلى الله.
وبهذه الصفات يستطيع المبلغ أن يربط المستمعين بالله ويعرِّفهم نعمته ويدعوهم إلى شكر هذه النعم فبمقدار ربط الأمة بالله وبلائمة وبتراثهم الاسلامي يصبح الخطيب مؤثراً في الناس وبذلك يكون محبوباً عند الناس، فقد جاء في الحديث القدسي إن الله أوحى إلى موسى:
(حببني إلى خلقي، قال: يا رب كيف أحببك إلى خلقك، قال: يا موسى ذكر هم آلائي)
ثالثاً: الالتزام العملي بالأحكام من الحلال والحرام والتحلّي بمكارم الأخلاق وقيم الإسلام.
من أهم الأمور التي تجعل من المبلغ والخطيب مقبول القول
لدى الناس، التزامه بما يدعو إليه وانتهاؤه عما ينهى عنه، قال الله تبارك وتعالى:
>كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله ِأنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ<( .
وقال أمير المؤمنين الإمام علي
(ما أمرتكم بشيء إلا وسبقتكم بالعمل به وما نهيتكم عن شيء إلا قد انتهيت عنه)
وبذلك كان به الأثر الكبير في النفوس المؤمنة وكان لعلي بن أبي طالب تلك المنزلة في القلوب.
ومن هذا المنطق قال الإمام الصادق
(كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاح والخير فإن ذلك داعية)
وقال
: (كونوا دعاة صامتين).
وعلى المبلغ أن يكون حسن الأخلاق بالقول والعمل حيث يقول رسول الله
(إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) ،
فينبغي للمبلّغ أن يكون لين الكلام مع الآخرين، متواضعاً للمؤمنين، مقتدياً بأخلاق رسول رب العالمين، حيث أمرنا الله بالإقتداء به بقوله تعالى: >لَقَْد كَانَ لَكُمْ ِفي رَسُولِ الله ِأُسْوَةٌ حَسَنَةٌ<
وهو الذي مدحه بقوله:
>إنَّكَ لَعَلىَ خُلُقٍ عَظيِمٍ<
وخاطبة
بقوله: >ولَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَا نْفَضُوا مِنْ حَوْلِكَ<
ومن أهم شروط نجاح المبلّغ هو قدرة معرفته بأساليب التبليغ القديمة والحديثة واستخدامها بالطرق العلمية المناسبة وبالتي هي أحسن، كما ورد في قوله تعالى:
>أُدْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وجَادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ<
فإذا أراد المبلغ أن ينهى الناس عن شرب الخمر مثلاً فعليه أن يهيئ النفوس لتقبل ذلك الحكم الإلهي وذلك ببيان مضار الخمر وكذلك لو أراد أن يأمر الناس بالصلاة، عليه أن يبين فوائدها ويشرح أهدافها ببيان مقنع لمستمعيه، وكذلك حين يريد المبلغ أن يلقي الموعظة والحكم الشرعي عليه أن يهيئ النفس الإنسانية لتقبلها، وذلك بأن يحذرها من عواقب مخالفة أوامر الله ويشوقها بثواب وجزاء إطاعة الله.
هذا مجمل ما أردنا أن نبينه من صفات المبلغ والخطيب والمؤثرات في نجاحه وتفوقه ومحبو بيته بين الناس، وبهذا يتبين دور المبلغ الرسالي والخطيب الحسيني ورسالته وهو دور ورسالة الأنبياء عليهم سلام الله جميعاً.
ومن هذا المنطلق وعلى ضوء هذه الشروط والصفات ينبغي الالتفات والعمل بالأمور التالية:
1. البدء باسم الله في العمل التبليغي والتوكل عليه سبحانه وتعالى والإخلاص له دائماً وأبداً.
2. التوسل بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) والاستعانة بهم، لاسيما بسيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء والإمام الحسين والإمام المهدي المنتظر (عج).
3. إجلال أهل البيت والصلاة عليهم عند ذكر أسمائهم.
4. يمكن إهداء ثواب التبليغ إلى أرواح الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أو مراجع الدين والشهداء والصلحاء والأبوين والأقارب أو جميع المؤمنين.
5. أن يكون القارئ على الطهارة.
6. يستحب أن يصلي ركعتين قبل ارتقاء المنبر أو الدرس.
7. ينبغي أن يفكر بتفاصيل المحاضرة، كيف يبدأ وكيف يستمر وكيف ينتهي ليكون المجلس مفيداً.
ينبغي أن يبدأ المحاضرة أو الدرس بذكر الله سبحانه وتعالى والحمد والثناء عليه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أهل بيته المعصومين والبراءة من أعدائهم كأن يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
1. لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين).
2. على المبلغ أن يتواضع مع الآخرين وأن يتزين بالصدق والإخلاص والتقوى وأن لا يهتم بعدد الحضور وكثرتهم وأن يقبل الانتقادات البنّاءة دون تحسس ودون التقليل من شأن الآخرين كما على المبلغ أن لا يتوقع أجراً على عمله وأن يجعل ذلك خالصاً لوجه الله تعالى.
3. أن يتمتع بشخصية قوية لإدارة المجلس والسيطرة عليه ومنع أي محاولة لإفشاله وعرقلته.
4. على الخطباء والمبلغين أن ينقلوا تجاربهم العملية إلى الآخرين والمساهمة في رفع مستوى المنبر الحسيني والتبليغ الديني.
5. ينبغي عدم إثارة الأسئلة والشبهات في المجلس دون أيّ جواب كما ينبغي عدم التطرق إلى بعض التساؤلات التي تكون بحاجة إلى أجوبة كافية ومفصلة لا يسع الوقت للإجابة عليها.
6. ينبغي عدم التطرق إلى الموضوعات التي يثار حولها الجدل والنقاش التاريخي، أو في آراء المراجع والعلماء.
7. يمكن الاستفادة من الآيات والروايات والأحاديث والقصائد والقصص والأمثلة والمعلومات العلمية والأخبار الصحيحة بشكل دقيق، كما يمكن الاستفادة من أقوال العلماء والفضلاء والعظام كالإمام الخميني والعلماءالحركيين في الامة الاسلامية المباركة والمقتطفات الأدبية والعلمية الجميلة المتناسبة مع موضوع المحاضرة أو الدرس.
8. على المبلغ أن يكون طبيعياً وهادئاً في حال إلقاء المحاضرة أو الدرس.
9. ينبغي عدم الاستعانة بالمصطلحات الشعبية والمحلية التي تكون عادتا غير مفهومة للجميع مع رعاية عدم تكرار الألفاظ كثيراً.
على المبلغ السعي لابتكار أساليب جديدة ومتطورة في التبليغ وإذا ما أخطأ في أمر ما فعليه أن يبادر إلى تصحيحه فوراً أو في أقرب فرصة.
أن يؤمن ويعتقد بما يقول ويقرأ حتى يكون لكلامه تأثير أكبر على المستمعين.
من الأفضل أن يتطرق المبلغ إلى الأمور الأخلاقية والتربوية والسياسية والتاريخية والمستوحاة من وحي الذكرى.
واخيرا احبتي
أن يكون العمل في مجال الدعوة والتبليغ والارشاد واعادة بناء الامة كله خالصا لوجه الله سبحانه تعالى. فلا يقبل الله سبحانه وتعالى من العمل إلاّ ما كان خالصاً لوجه تعالى حت يبارك فية وماكان لله يتنموا ففي حديث قدسي لله:
"أنا خيـر شـريك"
لذلك لا يقبل من العبادات والعمل إلاّ بمقدار ما أخلص لله سبحانه. فالمصداق الأكمل للإخلاص يحكيه القرآن بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام في قوله تعالى:
(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ
يُسأل الإمام الصادق عليه السلام هل جدك علي وفاطمة والحسن والحسين هم الذين قالوا هذه الكلمة؟
يقول الإمام عليه السلام: لا لم يقولوا ذلك ولكن علم الله سبحانه ذلك في ضمائرهم فحكى عن ضمائرهم.
أي أن الله يخبر ما في نفس علي وما في نفس فاطمة وما في نفس الحسن والحسين.
(إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا)
فنحن في عالم الله وليس في عالم الدنيا. لذلك لا نريد الجزاء ولا الشكور.ويكون عملنا في مجال الدعوة والتبليغ لوجة الله تعالى فقط وفي طاعة الائمة عليهم السلام ونكون قد قدمناالانفسنافي المحضرالمقدس ماتسربة الاعيون وتطمئن بة القلوب
والله من وراء القصد.. وهو الهادي إلى سواء السبيل