فمنْ عاشقيكَ لمَسْتُ السماءَ وأملاكها
لمستُ برودة أخلاقهم
عرفتُ بهم كيف يبدو الضحى
إذا من عليٍّ شذا عطرُهمْ
و هُمْ من ينابيعهِ يرفلونْ
ومن باغضيك لمستُ الجحيمَ وأبوابها
لمستُ المكارهَ عند الكسوفْ
عرفتُ بهم كيف يأتي الخسوفْ
وكيف تبَخَّرَ روحُ الدعاءْ
وكيف تفرَّقَ قطرُ السماءْ
وكيف تقاصرَ عمرُ الرجاءْ
وكيف يُساءُ إلى الأنبياءْ
إذا ما ذكرتَ عليّاً بنقْصٍ
ذكرتَ المقامَ الذي يكرهونْ
عرفْتُكَ يا سيدي من عداكْ
ومن عند ذكرك لا يأنسونْ
عرفتك من نسْجِ أفواههمْ
لأنَّ النسيجَ غدا قاتلاً
يلفُّ ويخنقُ من يبغضونْ
ونسجُكَ يا سيدَ الأوصياءْ
حياةٌ بها يأنسُ الطيبونْ
عرفتك ثمَّ عرفت النعيمْ
فلو أولياؤك قد ذُبّحوا
وحزَّ النواصبُ أوداجَهمْ
رأوك هناك كما يرغبونْ
رأوكَ نعيماً
وما السيفُ إلاّ لقربك جسْراً
لجنّاتِ عدْنٍ
فمن حقِّ من والاكَ حقّاً
من العشق يطغى عليه الجنونْ
عرفتُكَ ثمّ عرفت النفاق من الأدعياءْ
ومنهم عرفتُ معاني الجحيمْ
أماطَ النواصبُ معنى الجحيمْ
فمَنْ لو تقاطرَ ذكرُكَ شهدا
تمنوا حتوفاً ولا يسمعونْ
فقلتُ لما كلَّ هذا العداءْ
لماذا الحريقُ بأجوافهمْ
فعادَ الجوابُ ضحوكَ البيانْ
عليٌّ قسيم الجنانْ
هنا في الدنيّةِ قبل القيامْ
ففي النار يحترق المبغضونْ
عرفتك من بين كلّ السيوفْ
فسيفُكَ عدلٌ يقدُّ الطغاةْ
بنصفين لا بينهم برزخٌ
فلا النصف يطغى على آخرٍ
وكلٌّ بقسمتهِ باسمٌ
ويشكرُ سيفاً لعدلٍ يصونْ
عرفتك من خيبرٍ أوحدا
تناولتُ ذئبانهم مفْردا
فماجوا ومجتَ وماج الردى
قلَعْتَ القلوب من الراسياتْ
فخَرَّتْ و خارتْ قلوبُ الحصونْ
عرفتك من مرحبٍ في رجاهْ
يمدُّ برجليه نحو الهلاكْ
تمنّى بأنْ يعفهِ ذو الفقارْ
ولو فرَّ من ساحة الإحتضارْ
فليس بعارٍ يكون الفرارْ
إذا مَنْ تعرّى هُمُ المؤمنونْ!
عرفتك يوم اقتضتْ حيلةٌ
بأنَّ التعري سبيل النجاةْ
نجاةٍ بدنيا فكانت وقاءْ
ولمّا رأيتَ العبيد الصغارْ
بعورتهم يمسكون الحياةْ
وهبتَ لهم يا عليُّ البقاءْ
لتظهرَ ما يحملُ الأطهرونْ
عرفتك من حاسديكْ
وكيف بصفّين قد ألّبوا
عليك الجهات وهبّاتها
وهم يعلمون بأنّكَ لو
جلَسْتَ على الدَّكةِ الهادئةْ
فتحتَ العقولَ وأغوارها
وضاعوا هناك وما قُدّروا
فما في سماء العلوم ارتقوا
وهُمْ حدُّهم تخمةٌ للبطونْ
عرفتك في أعين المعدمينْ
وهم من قِراب قراك اهتدوا
وقبل البطون قريت العقولْ
فذاقوا ولايتك الراشدةْ
وما عرفوا الجوع جوع النفوسْ
ومنك المعارف منك الهتونْ
عرفتك من زعقة النهروانْ
عليك اعتدى الجهلُ في دينهِ
كأنّ الديانة طولُ اللحى
وذكرٌ ولكن لحدِّ اللسانْ
ولم يدخلِ الدينُ لبَّ القلوبْ
وما خالطَ الدينُ عقل الزمانْ
لذا حاربوا الفكر في دارهِ
ولولاك ما الدينُ ماذا يكونْ
عرفتكَ من ثورة الناكثينْ
عرفتك لمّا عرفتُ النواصب ما يحصدونْ
أقاموا المناحةَ يوم الغديرْ
وكان الرسولُ به هانئاً
فمنهمْ عرفتُ الهنا والسرورْ
وفي أيِّ يومٍ لكحل العيونْ
عرفتكَ من كعبة المسلمينْ
عرفتك عند انفلاق الجدارْ
لتفلقَ هاماتِ من أجرموا
يشقُّ لك الركنُ في لهفةٍ
من الشوق لم يصطبرْ برهةً
يضمكَ ضمَّ الرؤوف الحنونْ
يشقُّ لك البيتُ أركانهُ
سعيداً ويرسمُ منك الهناء
ومن يبغضونك من حنقهمْ
يشقّون أثوابهم حسرةً
فشقّوا الثياب كما ترغبونْ
فديدنُكم مثل اسلافكمْ
عراةٌ حفاةٌ من الزيزفونْ
عرفتك عند انفلاق الجدارْ
فليس من الباب كان الدخولْ
لأنّك بابٌ لعلم النبي
وبابٌ لدين الإله الرحيمْ
فكعبةُ ربي هي الداخلةْ
لباب الوصي المهابِ المصونْ