اقول :*
الدابة : ( وكما فهمها اكثر المفسرين وفسرها القران الكريم ) هي كل ما يدب على الارض كما في قوله تعالى : وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النّاس بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّـةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى
ووقوع " الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ " تحقق مصداق القول فيهم ( القول من جهة القائل المهيمن عليهم ) , وتعينهم لصدقه ( من جهة انطباقه عليهم ) فيما يخص دوام اعراضهم وعنادهم وجحودهم وانكارهم لآيات الله .
والايات الربانية " المبينة " يبدوا من سياق ظاهر المقصد انها لاجل الايقان بها من حيث غايتها ! وليس فقط العلم بها ، او الايمان بها ، لان اليقين رتبة علم فوق الايمان الذي بدوره اعلى من العلم العام الذي يقبله العقل ويصدقه وإنْ لا يظهر اثره على سلوك الانسان كحال ظهوره في مرتبة الايمان فما فوق . فتأمل .
وعليه سيكون في فترة ما من حياة البشرية انها تمتحن وتختبر في خِضم فترة من فترات الصراع الازلي بين خطي الرحمن والشيطان بان يُظهر لها الله الايات الحق المبينة الدالة عليه سبحانه وتعالى والى صدق خط الرحمان الذي فرضه الله على البشرية جمعاء لغاية هدايتها .
*
*
*
ويقول صاحب تفسير الميزان رحمه الله :*
-------------------------------
أما ما هو هذا القول الواقع عليهم فالذي يصلح من كلامه تعالى لأن يفسر به قوله: «سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق: حم السجدة: 53، فإن المراد بهذه الآيات التي سيريهم غير الآيات السماوية و الأرضية التي هي بمرآهم و مسمعهم دائما قطعا بل بعض آيات خارقة للعادة تخضع لها و تضطر للإيمان بها أنفسهم في حين لا يوقنون بشيء من آيات السماء و الأرض التي هي تجاه أعينهم و تحت مشاهدتهم .
و قوله: أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم بيان لآية خارقة من الآيات الموعودة في قوله: سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق و في كونه وصفا لأمر خارق للعادة دلالة على أن المراد بالإخراج من الأرض إما الإحياء و البعث بعد الموت و إما أمر يقرب منه، و أما كونها دابة تكلمهم فالدابة ما يدب في الأرض من ذوات الحياة إنسانا كان أو حيوانا غيره فإن كان إنسانا كان تكليمه الناس على العادة و إن كان حيوانا أعجم كان تكليمه كخروجه من الأرض خرقا للعادة.
و لا نجد في كلامه تعالى ما يصلح لتفسير هذه الآية و أن هذه الدابة التي سيخرجها لهم من الأرض فتكلمهم ما هي؟ و ما صفتها؟ و كيف تخرج؟ و ما ذا تتكلم به؟ بل سياق الآية نعم الدليل على أن القصد إلى الإبهام فهو كلام مرموز فيه.
و محصل المعنى: أنه إذا آل أمر الناس - و سوف يئول - إلى أن كانوا لا يوقنون بآياتنا المشهودة لهم و بطل استعدادهم للإيمان بنا بالتعقل و الاعتبار آن وقت أن نريهم ما وعدنا إراءته لهم من الآيات الخارقة للعادة المبينة لهم الحق بحيث يضطرون إلى الاعتراف بالحق فأخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم.
انتهــــــى .
اقول : فمن دابة الارض الموعودة ، ومتى سيتحقق هذا الوعد باخراجها ، وماذا سوف تفعل وتُظهر هذه الدابة من الايات الخارقة للعادة .
الجواب على هذه الاسئلة وغيرها من تفاصيل ينقلنا الى البحث الروائي بعد ان اسسنا البحث القراني اعلاه*
وصلنا بعد تثبيت الحقيقة القرآنية فيما يخص حقيقة ومصداق دابة الارض وضروف خروجها المتعلق بآخر الزمان بعد ثبوت وتحقق القول بانحراف المعاندين والكافرين عن الحق حتى بعد الآيات الربانية المبينة الباهرة الثابته للحق ..
وهنا في هذا المبحث نجاوب على سؤال من سيكون دابة الارض وسنستعين بالدليل الروائي وكما يلي :
1- روى في الكافي بإسناده عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) وقال أمير المؤمنين عليه السلام : وإني لصاحب العصا والميسم والدآبَّة التي تكلِّم الناس.
2- وفي تأويل الآيات عن محمد بن العباس بإسناده عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على عليٍّ عليه السلام يوماً فقال : أنا دآبَّة الأرض .
3- بإلاسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : قال لي معاوية : يا معشر الشيعة تزعمون أنَّ علياً دآبَّةُ الأرض ؟ فقلت : نحن نقول واليهود يقولون قال : فأرسَلَ إلى رأس الجالوت فقال له : ويحك تجدون دآبَّةَ الأرض عندكم مكتوبة ؟ فقال : نعم ، فقال : ما هي ؟ أتدري ما إسمها ؟ قال : نعم إسمها إيليا . قال : فالتفت إليَّ فقال : ويحك يا أصبغ ما أقرب إيليا من علياً .
4- وفي كتاب البرهان نقلاً من تفسير القمي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، قال : انتهى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو نائم في المسجد ، وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه ، فحركه ثم قال له : قم يا دابة الأرض. فقال رجل من أصحابه : يا رسول اللّه ، أيسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا واللّه ، ما هو إلاّ له خاصة ، وهو الدابة التي ذكرها اللّه تعالى في كتابه : ( وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرضِ )
5- بإلاسناده عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال رجل لعمار بن ياسر : يا أبا اليقظان آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني . قال عمار : أيَّةُ آيةٍ هي ؟ قال : " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلّمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون "، فأية دآبَّةٍ هذه ؟ قال عمار : والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكيها فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يأكل تمراً وزبداً ، فقال يا أبا اليقظان هلمَّ ، فجلس عمار وأقبل يأكل معه ، فتعجب الرجل منه ، فلما قام ، قال له الرجل : سبحان الله - يا أبا اليقظان - حلفت إنك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها ، قال عمار : قد أريتكها إنْ كنتَ تعقل .
6- وفي كتاب الرجعة للميرزا الأسترابادي عن صاحب كتاب الواحدة كما في كتاب تأويل الآيات الظاهرة - وكتاب الواحدة للحسن بن محمد بن جمهور القمي الثقه - عن أبي جعفر عليه السلام ( في حديث ) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : وأنا المؤذِّن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس (1) ، وأنا دآبة الأرض .
7- كتاب سليم بن قيس ، في حديث عن أبي الطفيل فقلت يا أمير المؤمنين ، قول الله تعالى " وإذا وقع القول عليهم....." إلى أنْ قال : قلت : يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : صدِّيق هذه الأمة وفاروقها وربيبها وذو قرنيها . فقلت يا أمير المؤمنين من هو ؟ قال : الذي قال الله تعالى "ويتلوه شاهد منه" و "ومن عنده علم الكتاب" و " والذي جاء بالصدق وصدق به" أنا والناس كلهم كافرون غيري وغيره قلت : يا أمير المؤمنين فسمه لي . قال : قد سميته لك .
8- كتاب سليم بن قيس ، عن محمد بن العباس المعروف بإبن ماهيار المفسِّر بإسناده عن عباية قال : أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال : حدثني عن الدآبَّة . قال : وما تريد منها ؟ إلى أنْ قال أمير المؤمنين عليه السلام : هو عليٌّ ثكلتك أمك .
9- بإلاسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزاً وخلاً وزيتاً ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، قال الله عزَّ وجلَّ " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة من الأرض تكلمهم " فما هذه الدآبَّة ؟ قال : هي دآبَّة تأكل خبزاً وخلاً وزيتاً .
10- وفي تفسير البرهان نقلاً عن كتاب مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله بإسناده عن عبد الله بن سنان : قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله في حديث قدسي : يا محمد ، عليٌّ أول مَنْ آخذ ميثاقه من الأمة وهو الدآبَّة التي تكلم الناس .
11- عن الحسين ، عن ابن سيابة ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية ابن ربعي قال : دخلت على أمير المؤمنين**وأنا خامس خمسة وأصغر القوم سنا فسمعته يقول : حدثني أخي رسول الله**أنه قال : إني خاتم ألف نبي وإنك خاتم ألف وصي ، وكلفت ما لم يكلفوا . فقلت : ما أنصفك القوم [ يا أمير المؤمنين ] فقال : ليس حيث تذهب يا ابن أخ ، والله [ إني ] لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمد**وإنهم ليقرؤون منها آية في كتاب الله عز وجل وهي " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " وما يتدبرونها حق تدبرها .
انتهى ، وهذه احد عشر دليل ورواية تثبت بوضوح أنّ دابة الارض التي تخرج في آخر الزمان هي الامام علي امير المؤمنين عليه السلام في كرته / رجعته للدنيا ليقوم بالدور المترتب عليه على اثر وقوع القول على من حق عليه القول بالانحراف والكفر والجحود والعناد لآيات الله المبينة .
والله اعلم ، والسلام عليكم ، الباحث الطائي
يتبــع لاحقـــاً
-------------
(1) : في غيبة الطوسي ص439 ح 431 قال: سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي الزيتوني وعبد الله بن جعفر الحميري(معا) عن أحمد بن هلال العبرتائي عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث له طويل اختصرنا منه موضع الحاجة - أنه قال: لابد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وكم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقد الماء المعين كأني بهم أسر ما يكونون وقد نودوا نداءاً يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب يكون رحمة للمؤمنين وعذاباً للكافرين.
فقلت: واي نداء هو؟ قال: ينادون في رجب ثلاثة اصوات من السماء صوتاً منها ألا لعنة الله على الظالمين . والصوت الثاني ازفت الأزفة يا معشر المؤمنين والصوت الثالث - يرون بدنا بارزاً نحو عين الشمس: هذا أمير المؤمنين قد كر في هلاك الظالمين.
وفي رواية الحميري والصوت (الثالث) بدن يرى في قرن الشمس يقول: (إن الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا) وقالا جميعاً فعند ذلك يأتي الناس الفرج وتود الناس لو كانوا احياءاً ويشفي صدور قوم مؤمنين
اقــــول : سوف نستفاد من هذه القرينة لاحقا للربط بين الآية الإلهية المعجزة وكرة امير المؤمنين / دابة الارض .
وصلنا في هذا المبحث الى جواب : متى تظهر دابة الارض ،،، للجواب على هذا السؤال نضع اولا الرواية التالية :
عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)
قال: سيفعل الله ذلك بهم، فقلت: من هم ؟ قال: بنو أمية وشيعتهم قلت: وما الآية ؟ قال: ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر، وخروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه ذلك في زمان السفياني وعندها يكون بواره وبوار قومه . انتهـــى .
اقول : الاية الربانية المذكورة في الرواية هي آيتان ، الاولى ركود الشمس ما بين الزوال الى العصر ،،، والثانية خروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس .
والآية الثانية تذكر أنّ هذا الذي يظهر وجهه وصدره في عين الشمس معروف بحسبه ونسبه ! وحيث انها آية ربانية وعلامة ونذير فلا بد من ان يكون هذا الذي سيظهر معروف لدى اهل الاسلام " خاصة " وهذه المعرفة إما ان تكون لشخصية من عصر الظهور ، او شخصية من التاريخ ترجع باذن الله وقدرته وتُفصح وتُعرّف عن نفسها بالدليل الاعجزازي الذي تذعن له النفس والعقل وتوجب الايمان واليقين كحال طبيعة المعجزات الآلهية . وكلا الاحتمالين يحتاج الى دليل او قرينة روائية ، وهنا نستفيد من الرواية التالية : كتاب الرجعة للميرزا الأسترابادي عن صاحب كتاب الواحدة كما في كتاب تأويل الآيات الظاهرة - وكتاب الواحدة للحسن بن محمد بن جمهور القمي الثقه - عن أبي جعفر عليه السلام ( في حديث ) قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : وأنا المؤذِّن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دآبة الأرض . انتهــــى .
اقول : فهذه الرواية عن الامام امير المؤمنين عليه السلام يذكر عن نفسه بالتحديد انه " بارز الشمس " اي الاية والعلامة التي ستظهر في عين الشمس في آخر الزمان وهو ايضا دابة الارض . ( لكن لا يظهر لحد الان الجمع والتزامن بين الآيتين اللتين حقيقتهما هي واحدة وهي نفس الامام علي ع )*
ومما يؤكد ايضا هذه الحقيقة الرواية التالية : في غيبة الطوسي ص439 ح 431 قال: سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي الزيتوني وعبد الله بن جعفر الحميري(معا) عن أحمد بن هلال العبرتائي عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث له طويل اختصرنا منه موضع الحاجة - أنه قال: لابد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وكم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقد الماء المعين كأني بهم أسر ما يكونون وقد نودوا نداءاً يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب يكون رحمة للمؤمنين وعذاباً للكافرين .
فقلت: واي نداء هو؟ قال: ينادون في رجب ثلاثة اصوات من السماء صوتاً منها ألا لعنة الله على الظالمين . والصوت الثاني ازفت الأزفة يا معشر المؤمنين والصوت الثالث - يرون بدنا بارزاً نحو عين الشمس: هذا أمير المؤمنين قد كر في هلاك الظالمين .
وفي رواية الحميري والصوت (الثالث) بدن يرى في قرن الشمس يقول: (إن الله بعث فلاناً فاسمعوا له وأطيعوا) وقالا جميعاً فعند ذلك يأتي الناس الفرج وتود الناس لو كانوا احياءاً ويشفي صدور قوم مؤمنين . انتهــى .
اقول : اذن يتبين من الرواية اعلاه مع اضافتها للرواية الاولى اعلاه اول الطرح ، ان علامة ركود الشمس من بعد الزوال الى وقت العصر وخروج وجه وصدر في عين الشمس هي ستكون في زمان السفياني وفي شهر رجب ايضا مزامنة لخروج السفياني الحتمي في رجب والاكثر بعد خروجه وعلى اثر افعاله ، وسيرافق هذه الاية الباهرة ثلاث ندائات اعجازية من السماء ، والنداء الثالث منها سيكون مع نفس توقيت ظهور ( خروج ) صورة وجه وصدر امير المؤمنين ع في عين الشمس وهذا يفسر كونه معروف " بحسبه ونسبه " عن اهل الدين الاسلامي خصوصا وستتكفل السماء كما يبدوا من ظاهر صريح الرواية التعريف به حيث قالت : ( هذا أمير المؤمنين قد كرّ َ في هلاك الظالمين ) ،
وكرّة أمير المؤمنين في هلاك الظالمين لا تتوقف ومحصورة هنا بهذه العلامة والاية الربانية الباهرة التي هي نذير سوء على الظالمين كالسفياني وبني أمية وكل اعداء خط السماء ، وهي ايضا بشرى للمؤمنين بالفرج القريب .
بل سيكون لكرّة امير المؤمنين ع دور من خلال الاية الاخرى الموعودة وهي دابة الارض صاحبة العصا ( عصى موسى ع ) والميسم ( خاتم سليمان ع ) .
دور دابة الارض ومحل خروجها وتوقيتها اوضح قرينة عليه تبينه الرواية المهمة التالية :
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كتابه كمال الدين وتمام النعمة ص525ح1 (باب حديث الدجال وما يتصل به من أمر القائم عليه السلام)حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه... عن النزال بن سبرة قال: خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وتكلم عن علامات آخر الزمان فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على محمد وآله، الى ان قال: (...خروج دابة الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان بن داود، وعصى موسى عليهم السلام، يضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، ويضعه على وجه كل كافر فينكتب هذا كافر حقا، حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك يا كافر، وإن الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن، وددت أني اليوم كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما. ثم ترفع الدابة رأسها فيراها مَنْ بين الخافقين بإذن الله جل جلاله. بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ثم قال (ع) لا تسألوني عما يكون بعد هذا فانه عهد الي حبيبي (ص) ان لا أخبر به غير عترتي ، قال النزال بن سبرة: فقلت لصعصعة بن صوحان: يا صعصعة ما عنى أميرالمؤمنين بهذا؟ فقال صعصعة: يا ابن سبرة ان الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم هو الثاني عشر من العترة، التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما السلام وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهّر الأرض، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحدٌ أحداً، فأخبر أمير المؤمنين عليه السّلام أن حبيبه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله عهد اليه أن لا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمة صلوات اللَّه عليهم أجمعين ) . انتهـــــى .
اقول : فخروج دابة الارض اذا صحت الرواية اعلاه ولعلها المتفردة بها سيكون من عند الصفا اي في مكة المكرمة عند جبل الصفا القريب من الكعبة والمعروف للمسلمين في شعيرة الحج والعمرة . وهو الامام علي ع ومعه عصى موسى ع وخاتم سليمان ع وستختم على وجه المؤمن والكافر ولا يظهر في الرواية وغيرها من الروايات الكيفية التي سيظهر بها الامام علي ع دابة الارض ولا الكيفية التي سيختم بها على وجوه الكافرين والمؤمنين ولكن هذا العمل سيستمر من وقت خروجه عند الصفا الى ما بعد علامة وآية ربانية باهرة اخرى وهي طلوع الشمس من مغربها هذه الفترة الزمنية قرينتها الاولى من الرواية هي حرف العطف الذي يفيد التراخي الزمني وهو " ثم " في قول المعصوم ع : ( ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين باذن الله ) وهذا يعني هناك مدة ما بين وقت خروجها عند الصفا وحتى زمان رفع رأسها الى السماء بعد طلوع الشمس من مغربها ، وتفسر نفس الرواية كما فهم منها صعصعة بن صوحان ان تأويل طلوع الشمس من مغربها هو طلوع / خروج المهدي بين الركن والمقام وهذا يعني ان دابة الارض وخروجها / توقيتها سيكون قبل ظهور وخروج المهدي وهذا يعني على الاكثر في نفس شهر رجب الذي سيخرج فيه السفياني وتكون الصيحات الاعجازية الثلاثة وركود الشمس والاية التي في عين الشمس ، فتأمل .
من هنا نستطيع ان نفهم قول امير المؤمنين علي ع واشارته للعجائب التي ستحصل في شهر رجب في احداث آخر الزمان كما في الرواية التالية :
في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون : ( ... يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب , فقال رجل من شرطة الخميس ما هذا العجب يا أمير المؤمنين , قال : ومالي لا أعجب وقد سبق القضاء فيكم وما تفقهون الحديث الا صوتات بينهن موتات حصد نبات ونشر أموات يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب.... وأي عجب يكون أعجب من أموات يضربون هامات الاحياء ... )
وورد ايضا قريب منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العجب كل العجب، قالها ثلاث مرات، بين جمادى ورجب \ يا عجبا كل العجب، بين جمادى ورجب، من جمع شتات، وحصد نبات، ومن أصوات بعد أصوات، ثم قال: سبق القضاء سبق ) معجم أحاديث الامام المهدي ج1: ص 436 الحديث 300 (32 مصدر).
وعن الصادق عليه السلام قال : إذا آن قيام القائم مطر الناس جمادى الآخرة و عشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم فكأني أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب. ،،، انتهى .
اقول : جهينة ، قبيلة جهينة هي قبيلة تاريخية قديمة تقع في الحجاز / السعودية الان ، ويظهر من سياق الرواية ان هذا المطر ليس فقط فيه الصفة العلاماتية من حيث الكمية ، بل فيه ايضا الصفة الاعجازية بدلالة قوله عليه السلام : ( فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم ) , وهذه من علامات الرجعة والنشور للبعض ( بالاضافة الى خروج دابة الارض ) , ولعلهم هم ممن محّض الايمان محضاً كما ورد في بعض الروايات ، وسيكون لهم دور في الثورة العالمية وتاسيس دولة العدل الموعودة .
بعد الذي سبق ، وعليه المقام اتسق ، بما عليه الدليل اتفق ، وبان الحق وانفلق ،
بان امير المؤمنين علي ع هو دابة الارض ، في القرانِ مذكورة ، ولآخر الزمانِ موعودة ، يكر قبل الظهور بالايات والعجائب الباهرة ويرجع الى الدنيا من كل امة فوجا ممن يكذب بآيات الله فهم محبوسون للسؤال واقامة الحجة عليهم ، يحشرهم الله هم وبعض خالص المؤمنين من كل امة ، في مشهد مصغّر وشبيه ليوم القيامة والحشر ، فيوسمهم الامير بوسمه فيعرف المجرمون بسيماهم وكذلك المؤمنون . وهكذا يختم عليهم كما يختم على من كان هناك من اهل الارض زمن الظهور بعد طلوع الشمس من مغربها ، فيستأصل القائم من ختم عليه بالشقاء والخسران ، وينجوا المؤمن الذي آمن بالله وآياته واتبع الحق .
الى هنا تنتهي اولى احداث اخر الزمان ، وتتحقق الإرادة الإلهية من خلق البشرية : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )
وتبدأ بعدها المرحلة التالية من الغاية الإلهية الكبرى وهي : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) هذه المرحلة هي طور متقدم من الحياة الدنيا ولذلك نجد الروايات التي تتحدث عن تلك المرحلة تصف الحالة الطبيعية الارضية والحالة العقائدية المعرفية بشكل يخالف المعتاد كما والذي نعيشه الان ،*
نسال الله ان يعجل فرج وليه ويرزقنا واياكم الشهود والنصرة لعصر الظهور المبارك
والله اعلم ، والسلام عليكم*