ولكن منقوله للكاتبه بنت النور<< مو اللي عندنا من منتدى ثاني
يعني مو بكيفي انزل الاجزاء اذا نزلت جزء جديد بعطيكم اياه
والحين عندي 28 جزء بنزلهم شوي شوي مو دفعه وحده
ونزلتها هنا على طلب الاخ بيست فريند
للتسهل عليكم
العائلة الاصلية
1) ابو حسام وام حسام: لديهم حسام سيتزوج أنهار
مهند سيتزوج أبرار
وانهار وابرار هما اختان
البدايه بالرد القادم
اتمنى ان تنال اعجابكم
التعديل الأخير تم بواسطة عاشقة أهل البيت ; 14-02-2007 الساعة 05:18 PM.
الزجاج من على الأرض...كيف لهذه الزهرية أن
تقع على الأرض من بين يديه وتوقظه من حلمه
الجميل الذي كان يعيشه...
كم يحترق شوقاً لوصول والدته برفقة نبأ السعادة
التي هو على موعد معها....
سمع صوت باب غرفته يفتح ترك قطع الزجاج وتوجه
مسرعاً نحو والدته رأى عيناها تلمعان....
لا بد أنها تحمل نبأ سار ابتسمت في وجهه باد لسؤالها
قال:
أخبريني هل وافقوا هل تمت الخطبة
قالت:
رويدك يا بني رويدك نعم لقد وافقوا على خطبتك
أنت وأخيك سيتم عقد قرانكما في ليلة واحدة..
أخذ يطوف حول والدته من سعادته الغامرة أنحنى على
يداها اللتان حملتا له نبأ السعادة يقبلهما....
عانقها بفرح وسرور أخيرا معشوقته الأميرة الجميلة
ستكون له ويروي ظمأ عينيه برؤيتها...
لطالما سهر الليالي وأرق وهو يفكر فيها وبها لطالما
راودته أحلام وردية معها......
تلك الجميلة التي كانت تجذب كل الأطفال حولها
عندما كانت طفلة بجمالها الخلاب وغنجها ودلالها
أمور كانت تدفع الجميع للرغبة في التقرب منها...
ابتسمت والدته وقالت:
سأذهب لأبلغ أخيك بالنبأ السعيد..
أغلقت الباب.....
وهو ألقى بنفسه على فراشه الوثير وضم وسادته لصدره
وأخذ يحلق بخياله لسعادته القادمة والجمال القادم لحياته
ليزينها......
،،،،،،،،،،
أزاحت خصلات شعرها المجعد الأسود عن وجهها وأخذت
تحاول إكمال قراءة الكتاب الذي بيدها ولكنها عاجزة عن تفهم
ما به فعقلها مشغول بكلمات أختها أنهار مع والدتها لعلها تجد
كلمة تروي فضولها عن مهند العريس المرتقب ولكن كان كلمات
والدتها وأختها عن حسام العريس المرتقب لأنهار....
قالت أنهار بغنج ودلال وهي تلف خصلة من شعرها الحريري
الأسود:
لقد رفضت الكثير يا والدتي ولكن هل ترين بأن حسام
هو أفضل من تقدم لي...
أجابت والدتها:
نعم عزيزتي هو الأفضل فهو يحظى بحب واهتمام أهله
لأنه البكر كما وأن لديه وظيفة مرموقة وهو وسيم وأنيق
.....
علت ضحكة من أنهار وكانت ضحكتها جميلة وعذبة
كجمالها الأخاذ وتجبر من يستمع لها أن يشاركها الضحك
أحمر خديها بعد تلك الضحكة وقالت بخيلاء:
ولكن لا تنسي يا والدتي أنه يحال أن يفوقني جمال....
وقفت أبرار واقتربت من مكان جلوس والدتها وأختها
وقالت: هل من الممكن يا والدتي العزيزة أن أحصل على
معلومات عن مهند..
قالت والدتها: لا بأس به ولا أظن أنك ستحصلين على شاب
أفضل منه.....
قالت أنهار:
كوني عاقلة يا عزيزتي أبرار ودعي عنك هذا الإنكباب على
قراءة تلك الكتب وتفرغي قليلاً للاهتمام بمظهرك لترضي
عريسك القادم....
نظرت أبرار نظرات استنكار نحو أنهار وانصرفت نحو غرفتها
لطالما كانت تسمع أختها وهي ترد هذا وذاك وترفض الزواج
بهم لكم تفننت في سحر الرجال بجمالها ودلالها دون أن تراعي
ديناً أو عرفاً لطالما سخرت منها لتوجهها وتفكيرها بالآخرة
قبل الدنيا....
،،،
علت رائحة البخور والتهاليل في كل مكان والكل يقول مبروك
جلس مهند بجوار حسام وأقبل الجميع يهني العريسين ويتمنى لهما
السعادة كان وجه مهند يهل فرحا وسعادة فهو سيحظى بمن تنافس
العديد من الشباب للحصول عليها ولكن لم يستطيعوا الحصول عليها
وكان هو الفارس الحائز على هذه الأميرة الجميلة....
كان والده يحادث والد العروسين وهو يقول:
لقد جأتك من قبل خاطباً أختك أم حسام وها أنا أعود إليك
لأخطب منك ابنتيك لولدي....
ستكون أنهار لحسام وأبرار لمهند...
هنا أنتفض مهندا من مكانه من هذه أبرار التي ستكون له
وقف نظر الجميع ناحيته لا حظ والده علامات الضيق على
وجهه امسك بيد ابنه واتجه معه للغرفة المجاورة.....
قال له: ما بك يا بني
صرخ مهند:
أريد محادثة والدتي
......
حضرت أم حسام وهي تضع يدها على قلبها وكأنها لم
تكن قبل لحظات قليلة في غاية السعادة...
أقبلت نحو مهند وقالت:
ما بك يا بني ؟؟؟؟
قال مهند بعد أن اخذ نفساً عميقاً:
لقد طلبت منك يا والدتي خطبت أنهار لي وليس
أبرار لما خدعتني لما؟؟؟؟
ألأنك تحبين حسام أكثر مني وهو الأقرب لقلبك
لم تريدي أن تكون عروسي الأفضل....
وضعت أم حسام يدها على فم مهند لتمنع
بقيت الكلمات من الوصول لمسمعها........
قالت:
بني حسام حبيبي أنا أحبك كأخيك ولم أفكر بما تقوله
أبداً ولكنك طلبت مني أساعدك لتتزوج وطلبت أن
أخطب لك ابنة أخي انهار ......
ولكن وجدت من المعيب أن اخطب لك قبل
أخيك الأكبر ولهذا قررت أن أخطب لكما
أنتما الاثنين أبنتا أخي وبما أن أنهار هي الكبيرة
فالوضع الطبيعي أن تكون من نصيب الكبير
وتكون أبرار من نصيبك....
صمت طويلاً مهند.....
ثم قال:
ولكني لا أريد الزواج من أبرار إما أنها
أو لن أتزوج......
بانت الحيرة والقلق على والد حسام
انخفضت والدة مهند على يديه تقبلهما
وتبلل يديه بدموعها وهي تقول:
أرجوك يا بني لا تحرجني مع أخي والناس
أرجوك أقبل يديك.....
وسقطت تلك العجوز أرضاً تنتظر الحكم
الذي سيصدره أبنها....
نظر مهند ناحية والدته ونظر لعينيها التي تحاطان
بتجاعيد رسمتها السنون عليها وتختفي تلك التجاعيد
تحت دموع والدته النازفة....
هل يوافق وتكون أبرار زوجته ومن هذه أبرار..
إنها تلك الطفلة التي تصغر أنهار بسنتين ولكن من
يراها يحسبها هي الأكبر بخمس سنين.....
لم تكن تملك ما تملكه أختها من جمال ودلال كانت
دائماً صامتة متفكرة وكأنها تعيش سناً أكبر من سنها
تهتم بأمور لم تجذب طفلة يوماً ما كالقراءة والرياضيات
مادة لطالما كرهها الأطفال بينما كانت هي تستمتع تلهو
بحل تلك المسائل الصعبة....
لا تراها وهي طفلة إلا وهي برفقة قلم وورقة وكتاب
تتحدث عن الرياضيات وتحلم بأن تستطيع التحدث بكل
اللغات.............
لم يكن فيها ما يلفت انتباه طفل لتشد انتباه رجل
أفاق من أفكاره هذه على صوت أنين والدته
ونظراتها المتوسلة نحوه.....
يتبع...............
أيتركها تنهار سار نحوها أوقفها وضمها لصدره
وقال:
لأجلك يا أمي أنا موافق.
عاد لحيث كان يجلس ليتم قرانه على أبرار وقلبه
يعتصر ألماً وهو يرى أخيه يحوز على معشوقته
أنهار....
ولكن ليسلم أمره لله لعل ما هو قادم به خير..
،،،
جلست أبرار بجانب أختها أنهار ترتدي فستانها
الأزرق بينما كانت أنهار ترتدي فستان ذو لون
زهري....
كانت وجود أنهار وهي بكامل أناقتها يبهر الجميع
بل كان حضور أكثرهم ليمتع عينيه بجمال حوراء
إنسية على الأرض تدعى أنهار....
لم تكن تعلم أبرار ما سبب هذه النظرات الخالية
من أي مضمون والتي لدى الحضور فكل ما يهم
هؤلاء هو الجمال والمظهر ولم يبالي أحد بالجوهر
ألهذه الدرجة لا قيمة لروح الإنسان ولكن أليس
في النهاية يفنى الجسد ويبلى وتبقى الروح نعم
يبقى المضمون.........
قالت أبرار في نفسها:
لو علمت أنهار ما يجول في خاطري لقالت أنك
حقاً إنسانة معقدة وغريبة الأطوار ابتسمت في نفسها
وواصلت مراقبة الحضور من حولها........
،،،
ابتدأت نبضات قلب مهند تضطرب وضع
يده على صدره لحظ والده ذلك أقترب منه والقلق يدب
في نفسه كم تمنى لو كان بإمكانه إبدال قلب مهند المريض
بقلب سليم منذ ولد وهو مالك لهذا القلب الضعيف
كم تمزق قلبه أشلاءاً أشلاء وهو يرى مهند بقلب
يمنعه من الحياة كأي إنسان آخر ويلمح الموت بين كل
لحظة في حياته وأخرى.....
هل التضحية التي قام بها من أجل رفع رأس والدته
هي السبب ربما....
قال:
أأنت بخير يا بني ؟؟؟؟
نظر مهند وأزاح يده عن صدره وقال:
نعم أنا بخير يا والدي..
،،،
جلست مقابل شريك حياتها حيا ة عايشتها
معه بلحظاتها الحلوة والمرة....
ولكن نظرات الشريك الحبيب مليئة بالحزن
وكأنه يستعرض أمام عينيه اللحظات المرة
وتناسى لحظات السعادة العديدة التي عاشها بجانبها
ولكن ما هذا هل يعقل ذلك هل ما تراه حقيقي اقتربت
أكثر لم تصدق اقتربت بعينيها عند عينيه أكثر
أ هذه دموع أيعقل أن تهطل من تلك العينين البارزتين
هذه الدموع نظرت ناحية تلك الشعرات البيضاء
وبدأت تنقل بصرها بين الدموع والشعر الأبيض
هل يمكن للنقيض أن يجتمع
أيكون الشيء باردا كالجليد وملتهب كالجمر في
آن واحد مستحيل هذا من المسلمات في
هذه الدنيا وقفت عند الكرسي الذي
يجلس عليه خللت أصابعها بين الشعرات البيضاء
وحاولت أن تكون هي الأقوى نعم إنها في موقف
لابد أن تكون فيه هي الأقوى
قالت:
ما الذي يبكيك يا أبا حسام؟؟؟
نظر لها ولكنه لم يحاول أخفاء دموعه عنها
وكأنه لحزنه الكبير تناسى أنه في الخمسينات
من العمر فهو الآن بحاجة لأن يعود طفلاً ليجد
صدر حنون يعطف عليه ويلطف به نظر لأم حسام
كما كان ينظر لوالدته وهو طفل ولعل ابتسامتها
العذبة هي التي شجعته ليواصل دور الطفل..
قال:
عزيزتي أجد نفسي مكتئباً حزيناً حينما أنظر
لأبني مهند وأجده بهذا القلب المريض وهو مقبل
على بداية حياته التي يفترض أن تكون مملؤة
بالقوة والنشاط ولكنه ليس كالآخرين
كم هو مؤلم منظره الليلة وهو حزين لعدم
حصوله على من أحب ولكن لما لم تخبريه
الحقيقة ؟؟؟
أعلم يا أم حسام أنه يفترض بي أن أكون الأقوى
ولكن سامحيني.
بدأت الدموع تتقاطر من بين جفني أم حسام
وقالت:
ماذا تريدني أن أخبره هل أخبره بأني حين طلبت
من أختي أبنتها أنهار زوجة له رفضت لعلمها
بمرضه وأن مرضه هو سبب في عدم حصوله على من
يحب وأنها عرضت علي أن تكون أنهار لحسام لأنه
شاب بكامل قوته وصحته...
ولم تمانع لو خطبت له أبرار لأن حظها لن يكون
كأختها في الحصول على شاب مناسب....
لا....لا أحتمل إيذاءه وفيما أؤذيه في قلبه الذي بين
أضلاعه فبالتالي سيكره قلبه ويكره نفسه....
فلأكن بنظره سبب عدم حصوله على سعادته
ولا ينظر يوماً لقلبه كمتهم نعم لا أريده
أن يكره قلبه أتعرف يا أبا حسام معنى
أن يكره الإنسان قلبه...
وبدأ النشيج يعلو في غرفة العجوزين وكل منهما
يتمنى لو بإمكانه تقديم قلبه لمهند ليحيا كالآخرين..
،،،
جلست على الكرسي وهي تنظر
لصورت وجهها الجميل الذي يشد كل من حولها
ليبدي إعجابه بجمالها حتى أنها تظن بأنها معجزة
إلهية لتملك دون سواها هذا الجمال..
فلما لا تمتع هي الأخرى عينيها بجمالها بل
أنها تكاد ترى المرآة تريد أن تنطق وتخبرها كم هي جميلة.
تذكرت صورة حسام حين رآها وقد أحمر وجهه
خجلا ولم يتمالك نفسه فلم يعد قادراً على
رفع بصره عنها.
وكلماته وتساؤلاته العذبة التي زادت من غنجها
ودلالها الكثير..
تارة يقول: أنا محظوظ..
أن الله يحبني حقاً
لأملك جمالاً كجمالك...
وتارة أخرى:
لابد أني في الجنة لا أعتقد بأنه توجد
امرأة بهذا الجمال على سطح الأرض...
وأخرى:
أتسمحين لي أن أمسك يدك لأتأكد بأنك
حقيقة ولست خيالاً ولأتأكد من أني لا
أحلم...
ابتسمت للمرآة كأنها سمعت منها هي
الأخرى إطراء لجمالها كما المدعوون
نظرت ناحية أختها وهي تجلس على كرسيها
الهزاز المعتاد لقد بدلت ملابسها وارتدت
ملابس النوم
قالت:
هل ستنامين يا أبرار لا أعتقد أن جفني
سينطبقان هذه الليلة ففكري مشغول بحسام
وكلماته العذبة وإعجاب الحاضرين بي ألم تلحظي
ذلك..
نظرت أبرار ناحية أنهار بلا مبالاة وقالت:
نعم لاحظت ذلك.
قالت أنهار:
ما بالك أعتقد بأنك غاضبة مني لأني خطفت
الأضواء منك ولكن ليس ذنبي أني جميلة
ولكن أقلاً لم يرني خطيبك ليشعر بأنك
أقل جمالاً مني.
هنا انتفضت أبرار من مكانها وقالت:
ما هذا الكلام يا أنهار ؟؟؟؟
ضحكت أنهار ضحكتها التي ملأت الغرفة
وقالت:
أبداً كنت أمزح لأني أريدك أن تهتمي
بحديثي لك فتعمدت إغاظتك؟؟
ابتسمت أبرار ببراءة وعادت للقراءة
وقفت أنهار واتجهت حيث تجلس أبرار
سحبت الكتاب من بين يدي أبرار وقالت:
أف مللت من رؤيتك برفقة هذه الكتب
حتى في ليلة مميزة كهذه تقرأين أخبريني
ماذا تقرأين نظرت لغلاف الكتاب
لتعرف ما هو عنوانه..
قالت:
كتاب للأدعية ولما؟؟
قالت:
أنهار أبحث عن دعاء لليلة عقد القران
ليطرح الله لنا البركة في هذه الليلة
المميزة هل عرفت ما أقرأ ؟؟
هيا أعيدي ألي الآن الكتاب.
قالت أنهار:
لا لن أعيده إلا إن أخبرتني
ماذا قال لك مهند هيا أخبريني..
علت وجه أبرار مسحة من الخجل
أخذت أنهار تلح على أبرار أن تخبرها
بما قال لها زوجها المقبل ولكنها ظلت
خجلة وضعت يديها على كتفيها وهزتها
قائلة:
هيا أخبريني لا تخجلي سأخبرك أنا بما
قال لي حسام..
قالت أبرار:
حسنا سأخبرك.
ووقفت واتجهت ناحية فراشها
وقالت:
قال لي بأنه علي النوم باكراً وأخذت
الغطاء و أطبقته على وجهها وهي تضحك
أخذت تضحك أنها وتقول:
يا لك من خبيثة هربت مني الليلة
ولكن سأعرف ما قال لك بأي طريقة..
،،
جلس مهند على الفراش يحمل بيده العلبة
التي جمع بها قطع الزهرية كان يفكر بأن يعيد
إصلاحها لشدة سعادته حين علم بالموافقة ظناً منه
بأن أنهار باتت له.
فظن بأنه قادر بوجودها بجانبه على المستحيل حتى
إصلاح زهرية تحطمت لقطع صغيرة.
ولكن لم يتحقق الحلم وأنهار ليست له فحان الوقت
ليلقي بالعلبة وما تحويه من قطع زجاج في سلة المهملات
فهذه الزهرية المكسورة كقلبه المريض لا أمل في إصلاحها..
تراءت له ذكريات إصلاح قلبه المريض وتلك العمليات
المرهقة والشاقة ومع كل تلك
العمليات والآلام إلا أن قلبه المعطوب
لم يكن كغيره من قلوب البشر صحيحاً معافى.
خرج عند باب المنزل وأراد أن يلقي بالعلبة في
سلة المهملات فرأى الخزانة التي بجانب المرآب
فقرر وضعها بداخل تلك الخزانة كغيرها من
المخلفات..
أخذ يسير في حديقة المنزل الصغيرة بحثاً عن
شجرته المفضلة شجرة التين..
جلس على الكرسي المقابل لها رأى
ثمرة تين قد نضجت قطفها وعاد للجلوس على الكرسي
كم يهوى أن يقضم حبة التين بحيث يقسمها لنصفين
فيأكل النصف ويتأمل النصف الآخر الذي يبدو
كقلب..
عندما كان طفلاً كان يتمنى أن يستبدل قلبه المريض
ولو بثمرة تين على أن لا تكون مريضة.
وعادة به الذكرى لأيام كان يقطف ثمر التين الناضج
ليقدمه لأنهار دون سواها فكان كلما حصل على شيء
مميز بادر لتقديمه لأنهار.
أخذ يقول بصوت خافت:
آه يا أنهار..
تذكر كيف دخلت عليه الليلة عروسه أبرار
كان أول ما رأى باقة الورد التي بيدها كانت
زهور حمراء تتوسطها زهور بيضاء كانت غاية
في الجمال وأدخلت لقلبه السعادة واللون الأزرق
الداكن الذي كان يحيط تلك الزهور وهو فستان
عروسه أضاف لتلك الزهور المزيد من الحياة
فأبتسم و بدأت نبضات قلبه تتسارع أكثر..
ولكن شعور الراحة والسعادة تلاشى وكان
كمن يعيش كابوس حين رأى بأن تلك العروس
القادمة له ليست معشوقته الجميلة بل هي فتاة
جمالها أقل بكثير من معشوقته ولكنها لم تكن قبيحة
ذات ملامح هادئة وابتسامة عذبة وعينان تتقدان
بالذكاء والفطنة..
كان يجلس بجانبها ويتذكرها طفلة لم تتغير
كثيراً عن ما كانت عليه كانت تحني رأسها
لأسفل ولم تستطع حتى رفعه للنظر له بل
كلما ألتقت عيناه بعينيها صدفة ارتبكت
وزادت من انحناء رأسها لم يسمع حتى
صوتها حتى أنه شك بأن تكون بكماء
لا تستطيع الكلام ابتسم لهذه الفكرة
وعاد لفراشة ليحظى بقليل من النوم..
لم تدم فترة الخطوبة طويلاً فما هي إلا أشهر
قليلة ليتم الزواج..
كانت ترى أبرار أنهار وهي برفقة خطيبها
حسام تختار أفخر الأثاث بل وحتى أغراضها
الخاصة كان يشتريها هو لها ولم تصرف
إلى حد الآن من مهرها أي فلس..
بينما هي في المرات القليلة التي خرجت برفقة
مهند تخجل كثيراً من أن تطلب منه الكثير ولكن
لما تشعر بأنه غير متحمساً لهذا الزواج..
رن جرس الباب وكانت أنهار تقف عند الباب
بانتظار حسام لترافقه للخروج.
بينما كانت أبرار تجلس على الكرسي المقابل وهي
تقرأ في أحدى كتبها الدراسية..
نظر مهند بوسع عينيه لهذا الجمال الذي يظهر
إعجاز الخالق في هذه المخلوقة كانت ملامح
وجهها بل والأصباغ التي وضعتها على وجهها
تنطق بحسنها وجمالها أيعقل أن هذه إنسانة حقيقة
من لحم ودم كم تمنى لو كانت ملكه...
بدأ تلك الجميلة تبتسم له وقالت:
أهلا مهند ظننت بأن حسام هو القادم
تفضل أبرار بالداخل..
وقفت أبرار واتجهت ناحية الباب حين سمعت
أنهار تناديها كانت لا زالت تحمل الكتاب
بيدها رأت كيف أن أنهار كانت تقف أمام
مهند دون أن تراعي ارتداءها للحجاب
شعرت بحرارة تسري في بدنها وقع الكتاب من بين
يديها..
أشارت أنهار بيديها ناحية المنزل وقالت:
تفضل يا مهند بالدخول هيا..
دخل مهند داخل المنزل وعينيه عالقتين بوجه
أنهار تمنت أبرار أن تصفع أنهار على وجهها
وتصفع مهند الآخر والذي لم يكن حتى يشعر
بوجودها قربه...
سقط الكتاب من بين يديها
شعرت بدموع تكاد تتغلب عليها وتتساقط
اتجهت ناحية المطبخ لكي تحاربها بمفردها
إنها تعلم بأن أنهار متهاونة في حجابها
وأنها لا تبالي بالالتزام به خصوصاً مع أقاربها
ولكنها لم تكن تعلم بأن مهند لا يبالي
بأن يغض بصره تحطمت تلك الصورة التي
باتت ليلها ترسمها له..
تخيلته شاباً ملتزماً يقدر الجوهر قبل المظهر
غلب الإيمان على جوانب قلبه..
ولكنها صدمت به الآن وكيف مع أختها..
دخلت أنهار المطبخ وهي تقول:
ما بك يا أبرار تركت خطيبك بمفرده
نظرت أبرار بحنق ناحية أنهار وقالت:
لقد تمت خطبتك يا أنهار ولا زلت
تهملين في حجابك.
ردت أنهار بضحكتها الساحرة
وقالت:
ما بالك يا أبرار وما الذي تغير
قالت أبرار:
ألا تفكرين بأن تحفظي جمالك
لزوجك فقط فهو الوحيد الذي يجب أن
يحظى بجمالك هذا ؟؟؟
ألا تفكرين بمشاعره؟؟؟.
قالت أنهار:
إن حسام رجل متحرر ومتفهم وليس
رجعياً مثلك يا أبرار ولا أظنه يجد في
نفسه من أمر حجابي شيئاً ولم ألحظ
أي ضيق باداً عليه أثناء خروجنا فهو
يثق بي وأنا أيضاً أثق بنفسي وبه.
ولكن على ما يبدو يا أبرار أنك لا
تثقين بنفسك ولا بخطيبك.
ازدادت نظرات أبرار حدة و قالت:
هناك فرق يا عزيزتي بين الثقة التي
تتحدثين عنها وبين الالتزام بأوامر
الله عز وجل أم أنك واثقة بأن العذاب
لن يطالك يا أنهار..
أخيتي أن الجمال الذي حباك الله به هو
نعمة وأنت واقعة تحت امتحان المحافظة
عليه وشكر الله على هذه النعمة بإطاعة
أوامره واجتناب نواهيه..
قالت أنهار:
أرجوك ارحميني من محاضرتك هذه
لقد أفسدت صفو نفسي أذهبي وأعرضي
آراءك هذه على خطيبك كم هو مسكين مهند.
وسارت كأنها تفر من صدى كلمات
أبرار...
********
اتجهت أبرار حيث يجلس مهند وكان شارد
الذهن يسترجع صورة أنهار الجميلة أمام عينيه
مرة تلو الأخرى ولكن قطع عليه هذا الشريط
كلمة أهلاً...
نظر باحثاً عن مصدر هذه الكلمة كانت
أبرار تقف أمامه إنها مصدر هذه الكلمة كان صوتاً
دافئاً..
وعندما تلاقت عيناه بعينيها أحنت رأسها للأرض
وجلست على الكرسي المقابل له قال لها:
مرحباً
وكأنه أحب أن يسمع المزيد من صوتها الدفيء
والذي لتوه يستمع له جيداً بعيداً عن زحمة السوق
فهذه المرة الثانية التي يجلس منفرداً معها بعد ليلة
عقد القران التي ظن فيها بأنها بكماء فقال:
هل أنت مشغولة فعذراً قد أتيت بدون موعد
ولكني شعرت بالملل ففكرت بالحضور و
الجلوس معك لنتحدث قليلاً بعيداً عن زحمة الأسواق.
قالت: لا أبداً لا بأس لست مشغولة
أطربه صوتها كثيراً مد يديه بالكتاب
وقال:
لقد وقع منك هذا الكتاب عند الباب
هل كنت تدرسين؟؟
مدت يدها لتأخذه من بين يديه تعمد
أن يضم يديها بين يديه أحنت أبرار رأسها
أكثر إلى الأرض وسحبت يدها من بين يديه
كالمصعوقة بتيار كهربائي أثار فيه منظرها
المرتبك وحياءها نشوة عارمة جعله يراها
أكثر جمالاً وحسناً من قبل..
قطع عليه هذه النشوة صوت الجرس أقبلت
أسماء الأخت الصغيرة لأبرار وفتحت الباب
ومن ثم عادت تقول:
لقد حضر حسام.
وقفت أبرار من مكانها على عجل وأسرعت
تصعد الدرج أثار هذا الموقف حيرة مهند
أقبلت أنهار وأدخلت حسام وكانت تضحك
وتحادثه دخل حسام وابتسم حين رأى مهند
وقال:
أنت هنا؟؟
ووالداك حائرين يتساءلان أين أنت؟؟
عادت أبرار ولكن بهيئة مختلفة كانت ترتدي
عباءتها وكأنها خارجة قال حسام:
كيف الحال يا أبرار؟
أجابته بصوت منخفض:
الحمد لله.
وجه حسام كلامه لمهند وقال:
هل أنتما خارجان
قال مهند:
لا ولكن على ما يبدو أن أبرار تريد منا الخروج.
ضحكت أنهار ضحكتها المعتادة التي جعلت من
حولها يذوب لسماعها و قالت:
إن أبرار فتاة رجعية أو كما يحلو لها تسمية
نفسها هي فتاة ملتزمة دينياً فهي ترتدي الحجاب
عنك يا حسام..
هيا لنتجه لغرفة الجلوس..
أخذت كلمة أنهار رجعية تتكرر في مسمع
مهند وشعر باستياء عارم لسخرية أنهار وحسام
منه ومن أبرار نظر نظرة عتاب ناحية أبرار وقال:
لما تصرفت هذا التصرف يا أبرار أتحبين
أن تكوني في موضع سخرية؟؟
أشتد صوت أبرار وهي تقول:
ما هذا الذي تقوله يا مهند أنه شرع الله
أتسميه وضع سخرية؟؟
قال:
ولكن حسام أخي وها قد رأيت بأن أنهار
تتصرف بحرية معي فلما لا تفعلين أنت مثلها
مع أخي..
أخذ اليأس والأسى يطرق أبواب قلب
أبرار وقالت بيأس:
إني أحافظ على نفسي لأجلك يا مهند
فأنت الوحيد الذي..
وصمتت
فقال مهند:
ولكني آذن لك يا أبرار أن تتصرفي
بحرية فلا أرى بأن هذا الحجاب الذي ترتدين
سوى رجعية وتخلف فدعيه عنك..
قالت أبرار:
ولكن ربي لم يأذن لي أن أتجاوز حدود
حجابي هذا مع غير زوجي ومحارمي من
رجال العالم.
وقف مهند وكأنه يظهر لأبرار ضيقه من
رأيها هذا وقال:
حسناً علي العودة للمنزل لأتيح لك
الفرصة للدراسة..
وقفت أبرار وقالت:
في أمان الله.
ومد يده لمصافحتها فصافحته
وجلست على كرسيه وشيعته بنظراتها
له وهو قاصداً الخروج.
رفعت قدميها على الكرسي وضمتهما
لصدرها ووضعت وجهها بين ركبتيها
وأخذت تفكر..
أفعلاً هي متخلفة ورجعية أيعقل أن
يكون الجميع على خطأ وهي على حق..
ربما لأنها ولدت في منزل حمل أصحابه
شعار التقدم والانفتاح ولو على حساب
الدين.
فكانت هي كمن يسير عكس التيار..
كانت تظن بأن بيئة زوجها القادم مهند
ستكون موافقة لها لأنها كانت ترى
عمتها أكثر محافظة على حجابها من والدتها
ولكن ها قد ذهبت أحلامها أدراج الرياح..
********
لما يهجره النوم هذه الليلة؟؟
إن صورة أنهار تغزو خياله وتفكيره
ومقارنته بينها وبين أبرار تخيفه وترعبه..
هل سيستطيع العيش معها وهو يشعر بأنها
فتاة ليس لها حظاً وفير من الجمال ؟؟
ولكي يزداد الطين بلاً رجعية متخلفة وكأنها والدته
في أفكارها لا خطيبة له كيف سيعيش معها
بقية حياته بل كيف سيحتمل أن يرى أنهار الجميلة
المتفتحة لأخيه دونه..
تذكر موعد دوائه أخذه واتجه نحو المطبخ
ليحضر كوب ماء..
سمع صوت نشيج وهمس داخل المكتب
أقترب عند الباب ليرى من بالداخل
فتح الباب فتحة صغيرة وجد والده منكب على
مصلاه يدعو الله تأمل كلمات والده ليرى
ما الذي يطلبه والده من الخالق عز وجل..
عاد للخلف اتجه للمطبخ تناول دواءه
وأخذت دموعه تنهمر شرب كأس الماء
وألقى بدوائه في المطبخ تحطم زجاجه
وملأ أركان المطبخ..
أخذ يصرخ ويبكي قائلاً:
لما أنا لما لم يهبني الله أي شيء
حرمني من قلب سليم كالآخرين وحتى
من أحب انتقلت لغيري ولا وظيفة
مميزة ولا قدرة على القيام بأي شيء مجرد
إنسان لا قيمة له لما وجدت في هذه الدنيا..
أقبل والده رآه منحناً على الأرض
يضربها ويعترض لوجوده في الحياة
أمسك بكتفيه وقال له:
أهدأ يا بني واستغفر الله من ما تقول.
وقف وقال:
كنت قبل لحظات قليلة تطلب من الله أن يكفيك
من البلاء الذي ابتلاك الله به في ابنك الذي
هو أنا أ لست مصيبة حلت عليك وعلى والدتي
أمسك والده بيده وقال:
إن يدك تنزف سأضمدها لك..
صرخ مهند:
لا دعني أموت لأرتاح وأريحكم مني..
ووقع أرضاً ازداد فزع الرجل العجوز
حين رأى ابنه واقعاً أرضاً..
وكأنه عاد بقوته لأيام الشباب وأحتمل ولده
وهرع به إلى السيارة قاصداً المستشفى..
أتعلمون كيف يشعر أب وهو يرى أبنه
يموت أمام عينيه..
قالت أنهار:
أما زال على حاله يفتح عينيه وينظر لمن حوله
ويعود لسباته.
قالت أبرار:
أجل لا زال على حاله وأني أدعو الله له بالشفاء.
قالت أنهار:
فليكن الله في عونك.
قالت أبرار:
هل أنت خارجة يا أنهار؟؟
قالت أنهار:
نعم سأخرج برفقة حسام فنحن ذاهبان لشراء ثوب
الزفاف وآمل أن تتحسن حال مهند ليتم الزفاف في
ميعاده.
قالت أبرار:
إن شاء الله.
وخرجت أنهار مخلفة خلفها رائحة عطرها النفاذ
تشمه أبرار...
وأخيراً ظهرت سيارة والد حسام فأسرعت أبرار للسيارة
وألقت التحية على عمتها وزوجها واستوت جالسة..
كان الصمت مطبقاً على الجميع وكأنهم يسيرون في جنازة
أخذت أبرار تتردد في ذهنها فكرة شراء ثوب الزفاف و
لكن فيما يبدو فأن عليها شراء الثوب الأسود لجانب الثوب
الأبيض فهي لا تعلم من هو الأقرب فيهما لها...
هيا سننصرف كانت هذه كلمات عمتها وزجها اللذان سأما
مكوثهم لجانب مهند الذي لم يكن منه إلا أن فتح عينيه وتأملهم
وعاد من جديد لغفوته..
نظرت ناحيته أبرار وقالت:
سأبقى لجانبه لبعض الوقت.
قالت عمتها: ولكني أخشى أن تصابي بالملل ببقائك بمفردك
قالت أبرار: أأشعر بالملل بجانب شريك حياتي القادمة..
ابتسمت عمت أبرار وبان الفرح والسرور على محياها
وقالت: بارك الله فيك يا أبرار..
وانصرفت برفقة زوجها وقد أطمأنت نفسها بكون أبرار غير
نادمة لارتباطها بمهند المريض..
جلست على الكرسي المجاور لفراش مهند تأملت صدره العاري
الذي قد رفعت من عليه الأسلاك فلقد تحسنت صحته قليلاً.
تلمست بيدها مكان قلب مهند اقتربت بأذنها لتستمع لنبضه
أخذت دموعها تنهمر لهذا القلب المريض عله يستجيب
لرجائها وحزنها ويرحم حالها وحال حبيبها ويشفى..
أخذت دموعها تنهمر بغزارة بللت خديها وصدر مهند
شعر مهند بحرارة تلك الدموع المنهمرة على صدره أفاق
من غفوته وخلل شعر الرأس القابع على صدره بأصابعه
شعر بصدق وحرارة المشاعر التي تكنها له أبرار رفعت
أبرار رأسها من على صدر مهند وقد أصطبغ وجهها بحمرة
الخجل..
استوى مهند جالساً قالت أبرار: آسفة يا مهند فقد أزعجتك في
أثناء نومك وأرادت أن تحني برأسها للأسفل ولكن مانعها مهند
ذلك وأمسك بوجهها وتأمل عينيها الحمراوان ودموعها التي
تبلل وجهها البريء....
قال: هذا أحلى إزعاج ، أأستحق هذه اللآليء المنثورة على
خديك يا أبرار هل أنا غالٍ لهذه الدرجة..
ابتسمت أبرار وقالت: أنت تستحق أغلى شيء في هذه
الدنيا يا مهند تستحق حتى قلبي فلن أبخل به عليك..
وقف مهند وهو يرفع يديه للأعلى ويقول: كم أنا محظوظ بك
يا أبرار كم أتمنى أن أخرج بأسرع وقت من المستشفى..
وأخذ يضحك ويتأمل وجه أبرار ويقول: ومن ثم يتم زواجنا.
كانت الحيرة ومشاعر متمازجة تختلط داخل نفس هذه
العجوز فقد باتت ليلتها والنوم جافاً لها فكيف لا يهجرها
النوم وهي تنتظر ليلة كهذه ليلة لزواج أبنيها الوحيدان مهند
وحسام كانت محتارة بماذا تبدأ ؟؟؟
وأي عمل هو الأول أنه يوم لن يتكرر في حياتها من جديد
فهي لا تملك إلا هذان الولدان...
كم تمنت لو كان لديها العديد من الأولاد ولكن مرض مهند
جعلها تقرر هي وزوجها عدم الإنجاب حين تبين أن مرضه
وراثي مصاب به أهل زوجها فبعد كل تلك المعاناة مع
مهند لم يريدا أن يعيدا تكرار تلك التجربة المريرة مع ابن آخر
لهما..
ثم قالت العجوز في نفسها:
الحمد لله على كل حال وبإذن الله سأحظى بأحفاد كثر..
جلست أبرار على الكرسي وسلمت نفسها لخبيرة التجميل
التي كانت كفنانة تحاول رسم لوحة لها..
تأملت أبرار وجه خبيرة التجميل والتي كانت فيما يبدو
مرتاحة وهي تقوم بعملها كانت مشغولة تماما وكأنها تتعامل
مع لوحة ونسيت أن التي تجلس بين يديها هي إنسان...
أغمضت أبرار عينيها كما أمرتها خبيرة التجميل وأخذت
تستجمع جميع حبائل المشاعر التي اختزنتها.
مشاعر حب وشوق ووله مشاعر لطالما دفنتها في
خبايا نفسها وأبت أن تظهرها أو تبوح إلا لمن سيربطه
بها رباط مقدس رباط ديني تفخر بإظهاره للناس
لا تخجل من إظهاره..
تراءت لها صور قديمة لزميلاتها اللاتي لطالما كن يحكين
مغامرتهن مع أبطال من الواقع أو أبطال من التلفاز..
كن يحاولن أن يعرفن من هو فارسها الذي تحلم به ولكنها
لطالما كانت تؤكد لهن أنها لا تكن لأحد أي مشاعر طالما
لم ترتبط به برباط مقدس لا تخجل من أن يعرفه الناس
وليس سراً تخفيه...
كن أحياناً يضحكن من أفكارها هذه وأحيانا يقلن لها:
يبدو أنك لا تملكين أي مشاعر ولهذا تختفين خلف هذا
الستار...
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت في نفسها:
حان لك يا مشاعري العميقة أن تظهري وتنمي كشجرة
يافعة تنمو وتنشر فروعها في أعماق نفسي وجميع
شراييني وتغرس جذورها في أعماق قلبي وتتغذى بدمي
لأني وجدت أخيراً حبيبي مهند..
جلس على الأريكة الموجودة في الغرفة ينتظر دخول عروسه
عليه تلك العروس التي ظلمها في أيام مرضه فلطالما كان يفتح عينيه ويبحث عن أنهار بين الموجودين وكأنه تناسى وجود
عروس ربطه بها رباط الزواج لطالما كانت أنهار تذهله بجمالها وتشده حتى عن التفكير مجرد تفكير بأبرار التي رأى منها مشاعر
جياشه في الأيام الأخيرة...
قرر في نفسه أن يتناسى انهار والجمال أن يترك
المظهر والخداع ويبحث عن الجوهر في مشاعر أبرار
المحبة له خشي أن يشعر بالصدمة التي شعر بها حين
التقى بأبرار في عقد قرانه...
قرر أن يتأمل وجه القادمة لا باقة الورد التي تحملها أخذ
يرسم صورة أبرار في خياله ويطرد صورة أنهار اخذ يقنع
نفسه وهو يقول بصوت خافت: أبرار زوجتي أنهار زوجة أخي.
قطعت أفكاره هذه بأصوات التهليل والصلاة على محمد وآله تسبقها
رائحة البخور...
دخلت والدته والتي كأنها عادت بها السنين للخلف تبدو أكثر شباباً
والتي يبدو أنها لم تترك أي قطعة حلي في دولابها إلا وارتدتها
أخذت تهلل وتضم مهند لها شعر مهند بالسعادة لرؤية والدته
والسعادة التي تغمرها وعاد وجلس على الأريكة فهو لا يعلم لما
يشعر بأنه غير قادر على الوقوف وبدأ يتصبب العرق منه
كانت خالاته وعماته ونساء أخريات لا يعرفهن ينهلن عليه
بالتهاني والتبريكات وهو حائر لا يعلم بما ينطق لسانه كانت عينيه
تبحثان بين هؤلاء النسوة ألا يفترض أن تكون عروسه بينهن
أين هي؟؟؟
وكأن والدته شعرت به يبحث عنها فقالت:
هيا بعد مباركتكن أفسح الطريق لدخول العروس.
أخذ يحدق وسع عينيه عند الباب دخلت كانت في غاية الجمال
وكأنها أبرار ثانية كان الشال الأبيض الذي تضعه على رأسها
وقد انتشر حولها يشعر الناظر إليها بأنها ملاك قادم من السماء
خصلاتها المجعدة التي كانت تقع على كتفيها جعلتها تبدو
أكثر أنوثة وعقد اللؤلؤ الذي يحيط بعنقها وفي وسطه ماسة
تبهر نظر من يتأملها.
أذناها تحملان هما الأخريان ماستان وأحاطت بهما شعرات مجعدة.
ألوان متناسقة رسمت على وجه أبرار جعلته يراها جميلة الجميلات وهاهي كالعادة يصطبغ وجهها بحمرة الخجل.
أمسكت بيدها والدته وأجلستها لجانبه وأخذت رداء أخضر
مطرز بخيوط ذهبية وأخذت كل واحدة من الحاضرات بطرفه
وأخذن ينشدن أبيات شعرية..
يتبع...