|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 217
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 79
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
سكوت الإمام علي عن حقه وعدم محاربة الخلفاء الثلاثة
بتاريخ : 21-08-2006 الساعة : 11:04 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
لقد طرح هذا السؤال على الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ عصره، فأول من سأل الإمام (عليه السلام) هذا السؤال هو الأشعث بن قيس حيث إنه قال للإمام (عليه السلام): ما منعك يا ابن أبي طالب حين بويع أخو بني تيم وأخو بني عدي وأخو بني أمية أن تقاتل وتضرب بسيفك، وأنت لم تخطبنا مذ قدمت العراق إلا قلت قبل أن تنزل عن المنبر، والله إني لأولى الناس وما زلت مظلوما مذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (عليه السلام): يا ابن قيس لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية لقاء ربي ولكن منعني من ذلك أمر النبي (صلى الله عليه وآله) وعهده إلي. أخبرني بما الأمة صانعة بعده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي ستغدر بك الأمة من بعدي... فقلت يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان كذلك..؟ فقال: إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم. وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا(1).
وهذا الذي اتبعه الإمام علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وفي رواية أخرى عن أبي عثمان النهدي عن الإمام علي (عليه السلام) قال: أخذ علي يحدثنا إلى أن قال: جذبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبكى فقلت: يا رسول الله ما يبكيك..؟ قال: ضغائن في صدور قوم لن يبدوها لك إلا بعدي فقلت: بسلامة من ديني؟ قال نعم بسلامة من دينك(2).
لاحظ أخي القارئ نفس السؤال يتكرر في عصر الإمام الرضا (عليه السلام) الإمام الثامن لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) فيسأل نفس السؤال فيقال له: لم لم يجاهد علي أعداءه خمسا وعشرين سنة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم جاهد في أيام ولايته؟
فأجابهم: لأنه اقتدى برسول الله في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة تسعة عشر شهرا. وذلك لقلة أعوانه عليهم وكذلك ترك علي مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه عليهم. ومن هذا القبيل أدلة كثيرة. فحسبك في جوابه قوله (عليه السلام) فيما تضافر عنه نقله أدلة كثيرة.
وغيره من مؤرخي أهل السنة، حيث يقول (عليه السلام): (لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله تعالى على أولياء الأمر، أن لا يقاروا على كظة ظالم، أو سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها...).
وأنتم ترون أن قوله (عليه السلام) هذا صريح في أنه (عليه السلام) إنما ترك جهاد المتقدمين عليه لعدم وجود الناصر وجاهد الناكثين، والقاسطين، والمارقين لوجود الأنصار والدليل الآخر:
أنظر كتاب معاوية المشهور إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار. ويداك في يد ابنيك الحسن والحسين يوم بويع أبو بكر. فلم تدع من أهل بدر والسوابق إلا دعوتهم إلى نفسك ومشيت إليهم بامرأتك وأدليت إليهم بابنيك. فلم يجبك منهم إلا أربعة أو خمسة. ومهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك وهيجك. لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم(3).
فإذا الإمام كان وحيدا فكيف يقاتل أمة لوحده.
وإليك ما ذكره ابن قتيبة. (وحمل أمير المؤمنين الزهراء والحسنين ليلا مستنصرا بوجوه القوم فلم ينصروه)(4).
وكم قال (عليه السلام): فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت. وأغضيت على القذى وشربت على الشجى وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمر من طعم العلقم.
وقال أيضا: لا يعاب المرء بتأخير حقه. إنما يعاب من أخذ ما ليس له.
لكن الإمام ترك جهاد المتقدمين عليه لقلة وجود الناصر فصبر، لكن الإمام أعطى الجواب القاطع لهذا السؤال الذي طرحه الكثيرون، وكل من يتسائل لم لم ينازع علي (عليه السلام) الخلفاء الثلاثة؟! كما نازع طلحة والزبير ومعاوية.
فيكون الجواب قوله (عليه السلام): (إن لي بسبعة من الأنبياء أسوة):
الأول: نوح (عليه السلام) قال الله تعالى مخبرا عنه في سورة القمر (سورة القمر: الآية 10):
فدعا ربه (ربي أني مغلوب فانتصر)، فإن قلتم لي لم يكن مغلوبا فقد كذبت القرآن وإن قلتم لي كان مغلوبا كذلك فعلي (عليه السلام) أعذر.
الثاني: إبراهيم الخليل (عليه السلام) حيث حكى الله تعالى عنه قوله: (وأعتزلكم وما تدعون من دون الله)( سورة مريم: الآية 48)، فإن قلتم لي اعتزلهم من غير مكروه، فقد كفرت وإن قلت لي رأى المكروه فاعتزلهم فعلي (عليه السلام) أعذر.
الثالث: ابن خالة إبراهيم نبي الله تعالى لوط (عليه السلام) إذ قال لقومه على ما حكاه الله تعالى: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)( سورة هود: الآية 81)، فإن قلتم لي كان له بهم قوة فقد كذبت القرآن وإن قلت إنه ما كان له بهم قوة فعلي (عليه السلام) أعذر.
الرابع: نبي الله يوسف (عليه السلام) فقد حكى الله تعالى عنه قوله: (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)(سورة يوسف: الآية 33).
فإن قلتم لي إنه دعي إلى غير مكروه يسخط الله تعالى فقد كفرت، وإن قلت إنه دعي إلى ما يسخط الله فاختار السجن فعلي (عليه السلام) أعذر.
الخامس: كليم الله موسى بن عمران (عليه السلام) إذ يقول على ما ذكره الله تعالى عنه: (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي رب حكما وجعلني من المرسلين)( سورة الشعراء: الآية 21).
فإن قلتم لي إنه فر منهم من غير خوف فقد كذبت القرآن وإن قلتم فر منهم خوفا فالإمام علي (عليه السلام) أعذر.
السادس: نبي الله هارون بن عمران (عليه السلام) إذ يقول على ما حكاه الله تعالى عنه: (يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)( سورة الأعراف: الآية 150).
فإن قلتم لي: إنهم ما استضعفوه فقد كذبت القرآن وإن قلتم: إنهم استضعفوه وأشرفوا على قتله فعلي (عليه السلام) أعذر.
السابع: محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث هرب إلى الغار فإن قلتم لي. إنه (صلى الله عليه وآله) هرب من غير خوف فقد كفرتم وإن قلت لي: أخافوه وطلبوا دمه، وحاولوا قتله فلم يسعه غير الهرب فالإمام علي (عليه السلام) أعذر.
فأقول للسائلين عليكم بالرجوع إلى التاريخ لمعرفة كل الحقيقة وأؤكد لكم إن من الأنبياء من قتل: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون)(سورة البقرة: الآية 87).
ويكفيكم مثالا على ذلك عيسى ابن مريم (عليه السلام) فأمر الإله إذا لم يقبله الناس لا يفرضه الله والدليل على ذلك أمره بعدم الزنى: (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)(سورة هود: الآية 29).
وأزيدكم على ذلك دليلا أقوى، فالبيعة في الإسلام لا يفرضها الله ولا الرسول ولا أي مسلم، بدليل قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)(سورة الممتحنة: الآية 12). لا أن ترسل لهن ليبايعنك. وإنما يأتين طوعا.
ودليل آخر: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)( سورة الفتح: الآية 10) ولذلك لم يطلب الرسول بيعة منهم، وإنما هم الذين بايعوه، وعندما يصافح أحدهم النبي فإنه يكتب على نفسه عهدا.
أما أن يقول لهم بايعوني بالقوة فذلك أمر لا يرضاه الله ولا رسوله.
فالرسول (صلى الله عليه وآله) أمر عليا بذلك بعد أن علم ما تدبره قريش من إبعاد ابن عمه وخليفته عن الخلافة، بحجة أنه صغير السن وأن دماء قريش معلقة به، وبحجة أنه محسود، ومكروه وهذا ما أخرجه الطبري - أحد علماء السنة، وليس من أقوال الشيعة - في (الرياض النضرة) قال: دعا الرسول (صلى الله عليه وآله) عليا وقال له: " يا علي إني أعلم ضغائن في صدور قوم سوف يخرجونها لك من بعدي، أنت كالبيت تؤتى ولا تأتي، إن جاءوك وبايعوك فاقبل منهم وإلا فاصبر حتى تلقاني مظلوما " لماذا.. ؟ لأن الله أخبر نبيه بالقرآن بأن الأمة ستنقلب من بعده على عقبيها وسوف لن يثبت إلا القليل. وإذا ما قامت ثورة ودعوة إلى السيف - والعياذ بالله - فسوف يرتد الجميع - وعندئذ فعلى الإسلام السلام.
ماذا قال عباس محمود العقاد في كتابه(5): " آمن علي بحقه في الخلافة، ولكن أراده معا يطلبه الناس ولا يسبقهم إلى طلبه " وقول العقاد هذا غير بعيد عن زهد الإمام (عليه السلام) القائل: " إن خلافتكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز ".. وقد وصف بعض العارفين إعراض الإمام عن الدنيا بقوله: " الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظمأ ".
وقيل لمسلمة بن نميل: كيف ترك الناس عليا وله في كل خير ضرس قاطع؟ فقال: لأن ضوء عيونهم يقصر عن نوره. ماذا قال المقداد بن عمرو الكندي. ومن ذلك كلام المقداد بن عمرو في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاثيا على ركبتيه، يتلهف تلهف من كأن الدنيا كانت له منهلا ! وهو يقول: واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم! وفيهم أول المؤمنين، وابن عم رسول الله، أعلم الناس، وأفقههم في دين الله، وأعظمهم عناء في الإسلام، وأبصرهم في الطريق، وأهداهم للصراط المستقيم.. !! والله لقد زووها عن الهادي المهتدي، الطاهر النقي، وما أرادوا صلاحا للأمة ولا صوابا في المذهب! ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعدا وسحقا للقوم الظالمين(6).
وأما قول أبي ذر الغفاري: " أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها أما لو قدمتم ما قدم الله وأخرتم ما أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولما كان ولي الله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله إلا وجدتم علم ذلك عندهم في كتاب الله وسنة نبيه. فأما إذا فعلتم ما فعلتم، فذوقوا وبال أمركم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "(7).
وهذا ما قاله الإمام علي (عليه السلام) في خطبته الشقشقية وأكد حقيقة الأمر بنفسه: " أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة... إلى أن يقول... فارتأيت أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء... فوجدت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت... إلى آخر الخطبة "،...
الصبر أولى من الخلافة والدليل على ذلك عندما جاء أبو سفيان وقال له: لو شئت لملأتها عليك خيلا ورجالا، فأجابه الإمام علي (عليه السلام) إني أعرف ما في نفسك - فعلي بن أبي طالب يريد نصرة الإسلام، لا هزيمته وأبو سفيان كان يريدها حربا شعواء بين المسلمين لينتهي من الكل. وأن الإمام بصبره وتأنيه ضرب رقما قياسيا بالحكمة.
فهنا يأتي سؤال يطرح نفسه: عندما وصل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الخلافة بعد هذا الصبر ماذا فعل ؟ أول شئ فعله أنه صعد إلى المنبر فقال: أشهد من حضر بيعتي يوم الغدير إلا قام وشهد، فقام ستة عشر بدريا كلهم يشهدون أنهم سمعوا مبايعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير. لماذا الإمام علي يثير هذه المشكلة بعد خمسة وعشرين عاما ؟
بالتأكيد أراد أن يبين للأمة. أن الأمر خطير ولذلك سكت عنه وسكت هؤلاء الصحابة معه ولم يذكروا ذلك. فالصبر على مقاتلة ومحاربة المسلمين هو واجب شرعي. لأن عليا أول من يفكر لمصلحة الإسلام ولذلك قالها عدة مرات: " والله إن خلافتكم هذه عندي كعفطة عنز أو كورقة تقضمها جرادة إلا أن أقيم حدا من حدود الله ". وليس مشكلة علي هي الخلافة يا مسلمون.
الهوامش:
1- شرح الذهبي في البلاغة للتستري: ج 4 ص 519.
2- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج 13 ص 398. ما نقله لنا ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة.
3- رواه نصر بن مزاحم في تاريخ صفين - شرح النهج ج 1 ص 327.
4- الإمامة والسياسة 130 والنهج ج 3 ص 5.
5- العقاد: فاطمة الزهراء: ص 56 ط دار الهلال.
6- تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 163.
7- تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 171، وذكر أول الخطبة ابن قتيبة في الإمامة والسياسة في (المعارف) ص 146.
م ن ق و ل .....
|
|
|
|
|