|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 31967
|
الإنتساب : Mar 2009
|
المشاركات : 65
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
رواية أمير المؤمنين (عليه السلام)
بتاريخ : 17-03-2009 الساعة : 05:58 PM
رواية أمير المؤمنين (عليه السلام)
ذكر امير المؤمنين (عليه السلام) وصفا دقيقا لعملية خلق السموات والارض وقد أ ورد الشريف الرضي هذا الوصف في نهج البلاغة في الخطبة الاولى، وقد جئنا على ذكر هذه الخطبة في نهاية الحديث عن الروايات الثلاثة السابقة التي بنيت بشيء من الوضوح فكرة بداية الخلق، وكانت تمهيدا لفهم الخطبة التي فيها شيئا من التفصيل والتبيين.
قال امير المؤمنين (عليه السلام): ثم أنشا سبحانه فتق الاجواء، وشق الارجاء وسكائك الهواء، فأجرى فيها ماء متلاطما تياره متراكما زخاره، حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على اشده، وقرنها الى حده، الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق، ثم انشا سبحانه ريحا اعتقم مهبها، وادام قربها واعصف مجراها، وابعد منشأها فامرها بتصفيق الماء الزخار واثارة موج البحار فمخضته مخض السقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد اوله الى آخره، وساجيه الى مائره حتى تعب عبابه ورمى بالزبد تراكمه، فرفعه في هواء منفتق وجو منفهق، فسوى فيه سبع سماوات جعل سفلاهن موجا مكفوفا،، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها ولادسار ينظمها ثم زينها بزينة الكواكب، وضياءالثواقب وأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا في فلك وسقف سائر ورقيم مائر (6).
ورد في الخطبة عدد من الالفاظ والعبارات التي تحمل معاني محورية في علم الفلك والفيزياء.
فتق: بمعنى شق، واذ ذهبنا بعيدا في الكيمياء يصبح المعنى شطر انشطارا وهو مصطلح يدل على عملية تجرى داخل الذرة تسبب هروب الاكترونات ويسمى بالانشطار الذري الذي يرافقه طاقة هائلة.
الاجواء: جمع جو وفسر الجو بشيئين مابين السماء والارض والفضاء الواسع لكن الصواب الثاني حيث ان كلامه (عليه السلام) في الجو قبل خلق الارض والسماء(7).
سكائك الهواء: يقول ابن ابي الحديد في تفسيرذلك: ان الفضاء الذي هو الفراغ الذي يحصل فيه الاجسام خلقه الله تعالى، ولم يكن من قبل وهذا يقتضي كون الفضاء شيئا لان المخلوق لايكون عدما محضا، وليس ذلك ببعيد فقد ذهب اليه قوم من اهل النظر،وجعلوه جسما لطيفا خارجا عن مشابه هذه الاجسام ومنهم من جعله مجردا (8).
ولما كانت المادة الاولى غير مكونة فالهواء هنا ربما كان المقصود منه الفضاء الخارجي كما ورد في حديث الامام الباقر السابق، فيصبح معنى سكائك هو قوى الجذب التي تحاول ان تمسك الاشياء في خطوط ثابتة.
الزعزع: شديدة تزعزع الاشياء، اي لها قابلية محركة للاشياء تنقلها من حالة السكون الى حالة الحركة.
فأمر بردها: أي ان الله أمر الرياح ان تحفظ الماء وترده عن الجري الذي سبقت الاشارة اليه بقوله (فأجرى فيها ماء) ثم حمله الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق.
اي الهواء الذي هو محل الريح مفتوق اي مفتوح منبسط من تحت الريح الكاملة للماء، والماء دفيق من فوقها أي مصبوب مندفق والفرق انه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب بالريح الحاملة له كما ضبط الريح بالهواء المنبسط، وهو موضع العجب (9).
وليس هناك عجب اذا عرفنا ان المقصود بالريح والهواء ليس المعنى المتعارف بل شيء آخر سنتعرف عليه بعد قليل.
ريحا اعتقم مهبها: أي ريح عقيمة اي ليس فيها صفات الريح العادية.
وأدام مربها: أي اقامتها في محلها من قولهم مرب الابل لمكان لزمته.
فأمرها بتصفيق: الصفق الضرب الذي يسمع له صوت (10).
والتصفيق هو ضرب الكفين ببعض، فيتولد منها صوت عال.
مخض السقاء: اي الحركة التي تدخل داخل السقاء عندما يراد خض اللبن لاستخراج الزبد.
(ورمى بالزبد) الفقاعة التي تنحم عن الماء.
هواء منفتق: اي منشق يفسح المجال لتكون الزبد.
وجو متفهق: اي متسع يصبح بمقدور الزبد أن يأخذ أي حجم يريده.
(موجا مكفوفا ) اي مكفوف من السقوط وكان مهمة الموج وهو الامساك بالكواكب والنجوم حتى لاتسقط.
سقفا محفوظا: اي مانعا يمنع خروج الكواكب الى فوق.
زينة الكواكب: فالكواكب تبعث الزينة فهي تزين السماء بما تعكسه من نور.
فهي ليست مصدر للضوء بل هي عاكسة له
وضياء الثواقب: والثواقب التي تثقب السماء بضيائها وهي الشمس التي هي مصدر للضوء.
فلك دائر: الافلاك التي حول الكواكب والنجوم.
وسقف سائر: وهناك نطاق من الجاذبية يمسك بالاجرام يمنعها من الانفلات لكنها في ذات الوقت تسير ايضا فتسير معها الكواكب والنجوم.
رقيم: بمعنى كتاب وهنا يأتي بمعنى الخريطة، اي الخريطة والمعادلة الفلكية التي تسير وفقها الكواكب والنجوم وهذه الخريطة من صفاتها انها متحركة وغير ثابتة.
( المعنى الاجمالي للخطب)
اشار الامام امير المؤمنين (عليه السلام) الى قدرته سبحانه وتعالى في شق الفضاء والامساك بالاشياء من جانب وتحريك الاشياء ومنها الماء من جانب آخر، فهاذا هو الاساس الذي قام على اساسه الخلق الاول، فقبل ان ينشأ الخلق صنع الظروف الكفيلة اللازمة للايجاد من فتق الاجواء وشق الارجاء وسكائك الهواء ولم يكن في الفضاء في تلك اللحظة الكونية سوى الماء وكانت الرياح هي التي تمسك بالماء من تحت ومن الاطراف، فكلما اراد الماء ان يجتاز حده منعته الرياح.
فالرياح هنا قوة نجدها من ناحية تمسك بالماء، ومن ناحية نجدها انها تسبب خروج الماء أي قوة موجبة وقوة سالبة تعمل باتجاهين متعاكسين وهذه هي الجاذبية التي تمسك بالاجسام اوتدفع بالاجسام الى الخروج من االدائرة.
وفي اللحظة التي شاءت ارادة الله خلق الكون امر بهذه الرياح التي كانت خرجت هذه المرة عن القاعدة لم يكن لها مهب، ولم يكن لها مسار بل استقرت في المكان الذي انطلقت منه.
انها قوة ضاغطة هائلة مركزة موجهة نحو جزئيات الماء، حول الماء الى كفين نجم عن ذلك صوت كبير، وأخذت تفعل بالماء كما يفعل صانع الزبد بالسقاء المملوء باللبن.
ونتج عن هذه الحركة العنيفة الزبد، والزبد هو جزئيات متباعدة فأخذ هذا الزبد حيزا كبيرا في الفضاء حيث كانت الظرووف مواتية لذلك.
ومن هذا الزبد تكونت السموات السبع وانتظمت النجوم والكواكب التي اخذت تسير في مدارات منتظمة وفي حركة دائرية فكانت هناك حركتان الاولى حركتها في مدار منظومة صغيرة وحركتها في منظومة اكبر وهذه اشارة الى حركة الكواكب في منظومة نجومية محدودة كالمنظومة الشمسية وحركة المنظومات النجومية في منظومة المجرة وهذا هو المعنى المستفاد من فلك دائر وسقف سائر.
|
|
|
|
|