[محمد علي 92]

[ مجاذيف ـ قصيدة رائعة ]

أخذتُ مجاذيفي وأقلع زورقي

علی بحرِ أحلامي إلی حيث لا أدري

تلاعبه الأنواءُ (1) من كلِّ جانبٍ

فَيَغدو (2)علی خيرٍ ويُمسي علی شرِّ

وطوّفتُ في دنيا حياتي مغامراً

إذا ما انقضی قفرُ (3) أتيتُ إلی قفرِ

ومِنْ عجبٍ أنْ ذقتُ بؤساً وفاقةً(4)

وفي مركبي ما لا يُعَدُّ من الدُّرِّ

فما بِعتُ يوماً درَّةً من جواهري

وإن كان من بعض العروضِ(5) الذي يعري (6)

رجعتُ إلی الشاطي أتِيهُ(7) بزورقي

وقد خفقت من فوقِهِ رايةُ النصرِ

رميتُ مجاذيفي وأفرغتُ ما بِهِ

وحمَّلْتُ أعبائي الثقالَ علی ظهري

فلستُ أبالي للمُضِلّينَ ضجّة

فلي من مِراني(8) ألفَ دِرعٍ منَ الصبرِ

وعُدتُ إلی الرَّبعِ (9) الذي قد هَجَرتُهُ

صغيراً وقد طالَ الزمانُ علی الهَجرِ

وقلتُ بنفسي : لو رأتني حِسَانُهُ (10)

ذكرتني بَعد حينٍ مِنَ الدهرِ

فَلَمّا أتَيتُ الحَيَّ سارتْ بموكبي

حِسَانُ العَذاری من خيالي ومِنْ شِعري

روائعُ أشعاري علی كُلِّ مَبْسِمٍ(11)

وكلّ نوادي الحَيِّ يَملأؤها ذِكري

فَرحتُ أجوبُ المَرجَ وحدي وأنتَشي(12)

بِكأسٍ مِنَ الذِكری فَأهزأ بالخمرِ


(حصاد الأشواك ص/12- 13 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

[ شرح المفردات ]

(1) ـ الأنواء : النَّوْءُ : رياح شديدة السُّرعة
(2) ـ فَيَغدو : غدَا : بَـكَّـرَ .

(3) ـ قفر : الخَلاءُ من الأَرض لا ماءَ فيه ولا ناسَ ولا كَلأَ ( كلأ : العشب رطبه ويابسه .)
(4) ـ فاقة : حاجة .

(5) ـ العروضِ : الأمتعة كالأثاث والكتب ، ونحو ذلك مما هو من غير الأثمان والنقود .
(6) ـ يعري : أَعْرَى*صَديقَهُ : لم يَنْصُرْهُ.

(7) ـ أتِيهُ : لا أهتدي .
(8) - مُرّان*: رماح صلبة لدنة لينة. / شجر تتخذ منه الرماح .

(9) ـ الرَّبع : الدار .
(10) ـ حِسَان : جمع حسناء .

(11) ـ العَذاری : جمع العَذْرَاء*: البِكْرُ .
ـ مَبْسِم : فم . مكان البسمة من الوجه*.

(12) ـ أنتَشي : اِنْتَشَى*الرَّجُلُ : تَرَنَّحَ مِنَ السُّكْرِ أَوْ غَيْرِهِ .