|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.74 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
اسباب الاهتمام الشدید للمسلمین بالاحلام
بتاريخ : 11-12-2006 الساعة : 08:18 PM
أسباب الاهتمام الشديد للمسلمين بالأحلام
نستطيع ان نقول بان الامة الاسلامية هي من اكثر الامم القديمة اهتماماً بالأحلام و تقديساً لها . لا يستثنى منهم في ذلك سوى المعتزلة و قليل من علماء الكلام الذين تأثروا بهم على وجع من الوجوه .
و مما يلفت النظر ان فلاسفة المسلمين الذين تابعوا ارسطو في كثير من ارائه خالفوه في موضوع الاحلام فلم يأخذوا برأيه فيها ، و في نظرهم ان النفس تتصل اثناء النوم بالعقل الفعال الذي هو عقل الافلاك فتستشف الغيب عن طريقه .
الاحلام والحديث النبوي :
تروى عن النبي محمد (ص) احاديث عديدة في الاحلام . و كلها تشير الى ان الرؤية الصادقة وحي من الله . و أشهر هذه الاحاديث اثنان . احدهما يقول بأن الرؤيا جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة . و جاء في الحديث الاخر : ان الصحابة شق عليهم ان يبرهم النبي بانقطاع النبوة بعده ، فطمأنهم النبي قائلاً : بقيت من بعدي المبشرات . ولما سئل النبي عن المبشرات هذه ما هي ، قال " هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح او ترى له " .
و نحن لا نعلم على وجه اليقين مدى صحة هذه الاحاديث المروية عن النبي ، فمن الممكن ان تكون مكذوبة عليه ، و مهما يكن الحال فقد شاعت تلك الاحاديث بين المسلمين ، واصبحت عند كثير منهم مقدسة لا يجوز الشك فيها . و ذهب بعضهم من جراء ذلك الى الاعتقاد بأن الذي يكفر بالرؤيا يكفر بالنبوة ، اذ ان الرؤيا والنبوة ينبعان في نظرهم من منبع واحد .
القرأن والاحلام :
جاء في القرأن بعض ايات عن الاحلام خصوصا ما جرى للنبي ابراهيم (ع) حين أوحى الله اليه في المنام ان يذبح ابنه ، و ما جرى للنبي يوسف حين اشتهر في مصر بحذقه العجيب في تعبير الرؤيا . واتخذ بعض المفسرين هذه الايات دليلا قوياً على صدق الرؤيا .
و قد وصف القرأن الكريم المؤمنين بأن " لهم البشرى في الحياة الدنيا والاخرة " ففسر الفخر الرازي هذه البشرى بأنها الرؤيا الصالحة يراها المسلم او ترى له . و سرى هذا التفسير بين المسلمين حتى استقر في اذهانهم بأن القران يقرر بأن الرؤيا وحي من الله .
رأي المعتزلة :
ألمحنا انفاً الى ان المعتزلة شذوا عن بقية المسلمين في امر تقديس الاحلام ، و لقد شذوا عنهم في امور عديدة اخرى . و هم بوجه عام يثقون بالمنطق والعقل الواعي ثقة كبيرة ، و يعتقدون بأن الله لا يخرج في اوامره و نواهيه عن جادة العقل السليم ، فما يأمر به العقل يأمر به الله حتماً .
و قد دفعهم ذلك الى الاستهزاء بالاحاديث النبوية التي تنافي العقل في نظرهم . و فسروا القرأن كما يشتهون . و كانوا لا يبالون بالعامة . و يحتقرونهم ، و هم لا يترددون عن اعلان اي رأي ترتضيه عقولهم مهما يكن مخالفاً لعقائد العامة و من إليهم من الفقهاء والواعظين .
و رأيهم في الاحلام انها اضغاث واوهام و لدليلهم على ذلك ان الادراك الصحيح لا يتأتى للانسان الا في اليقظة حين يكون العقل في عنفوانه ، و هم يقولون بان الادراك والنوم ضدان لا يجتمعان ، و ليس من الممكن في نظرهم ان يدرك الحقل حقائق الكون اثناء نومه . و على قدر الانتباه يكون الادراك .
رأي المتصوفة :
و كان رأي المتصوفة على العكس من رأي المعتزلة تماماً . فهم يعدون العقل منبع الاوهام والاباطيل . و هم قد يفضلون الجنون عليه احياناً . و من هنا نشأ تقديس المجانين لدى العوام في بعض الاقطار الاسلامية ، وافتخر ابن عربي انه اصيب بالجنون غير ذات مرة .
و يرى بعض المتصوفة ان النوم يقظة واليقظة نوم . فالنفس البشرية مشغولة اثناء اليقظة بصور المحسوسات و هموم البدن ، وهي عندئذ نائمة لا تفهم سوى ما يأتي به الحس من اوهام واباطيل . اما في النوم فينجلي عن بصرها الغشاء وتحلق في سماء المعرفة طليقة لا يشغلها شاغل .
و يعتقد الغزالي ان ما يبصره الانسان اثناء نومه اولى بالمعرفة مما يدرك عن طريق الحواس ، وقد اخطأ الناس حين ظنوا بأن المعرفة تقع ابان اليقظة اذ هم ينسون ان العقل مشغول عند ذلك بهموم حياته الدنيوية فلا يستطيع ان يفهم من امور الحق شيئا .
و يعد الغزالي الرؤيا طوراً ضعيفاً من اطوار النبوة . و معنى هذا ان الناس جميعاً انبياء على درجة متفاوتة ، و كلما صفت النفس و تخلصت من ادرانها الدنيوية انكشف بين يديها عالم الغيب وارتفعت في سلم النبوة والوحي . خلاصة القول :
خلاصة القول عند جمهور المسلمين ان الرؤيا الصلاقة تنبع من نفس المعين الذي تستقي منه النبوة والولاية . و معنى هذا ان الوحي الالهي ينزل على الانسان بدرجات ثلاث :
1- الدرجة الاولى منه هي الدرجة القوية جداً التي ينكشف الغيب فيها بكل وضوح خاصة بالانبياء ، و بها يمتازون عن غيرهم من الناس .
2- اما الدرجةالثانية منه فهي التي يختص بها الاولياء من أرباب الزهد والكرامة و هؤلاء في درجة قربهم من الله دون مرتبة الانبياء و فوق مرتبة العاديين من الناس .
3- والدرجة الضعيفة من الوحي تتأتى للمسلم عن طريق الرؤيا ، و هي من جانبها تتفاوت قوة و ضعفاً بمقدار ما يتصف به المسلم من ايمان و تقوى . وكلما كان المسلم اكثر صلاحا ً و عبادة كانت رؤياه اصدق .
و ذهب بعض المسلمين الى القول بأن النبي نفسه تلقى الوحي في اول مرة عن طريق الرؤيا الصادقة ، ثم تدرج بعد ذلك في مراتب النبوة .
* د. على الوردي
|
|
|
|
|