استشعار حياة المعصوم:
يلزم من الاعتقاد بمنزلة الإمام عند الله تعالى، الاعتقاد بحياته، إذ أن الشهيد حي مرزوق، كما قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}؛ فكيف بأئمة الشهداء؟.. وهم أيضا شهداء، لأنهم ما بين مقتول ومسموم في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، فهم أئمة، وشهداء أيضا.
أولا: التعبير بالفعل المضارع: {يُرْزَقُونَ}، يدل على أن المرزوقية مستمرة.
وثانيا: المرزوقية متناسبة مع طبيعة بيئة المرزوق.. فنقول إن هذا الإنسان الجامعي مرزوق، بمعنى أن له علم كثير وأبحاث قيمة.. وإن هذا التاجر مرزوق، أي أن له مال كثير.. وإن هذا الزارع مرزوق هذه السنة، أي أن له ثمرات كثيرة.. وعندما نقول إن هذا الشهيد مرزوق عند الله تعالى، فبماذا هو مرزوق؟..
بمعنى أن الشهيد وهو في عالم البرزخ، له حالة من حالات الإشراف على عالم الدنيا.. وكما يستفاد من بعض القصص، أن الميت له علاقة بأهله أكثر، مما لو كان حيا.. ولكن ليس كل ميت كذلك، إنما الميت الذي له وجاهة عند الله تعالى، لأن غير الميت الوجيه، أو الميت المعذب، يذهل عن أهله وأولاده، لما هو فيه من عذاب يذهله عن كل شيء، كما يقول تعالى عن عذاب يوم القيامة: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}.
فإذن، الشهيد حي مرزوق، ومن لوازم المرزوقية أن يلتفت إلى زائريه، فعندما تزور عم النبي حمزة سيد الشهداء في زمانه، فمن لوازم مرزوقيته وحياته أن يلتفت إليك.
ولكن قد يقول قائل: هل إن كل من يطلق عليه شهيد له هذه المزايا؟..
بحسب ما يفهم من الآية، أنها للشهيد الذي يقتل في سبيل الله بالشروط الفقهية، ولكن هناك روايات تلحق بعض الشخصيات بالشهداء، فالذي يقتل في سبيل الله يمكن أن نعبر عنه بالشهيد الفقهي، وهناك من نعبر عنه بالشهيد الحكمي: كالغريق، والمهدوم عليه داره، والمرأة التي تموت وهي في حالة ولادة أو نفاس.. ولا شك أن الذي يلحق في أصل الشهادة، أيضا يلحق في المزايا، أي أن له شيئا عند الله تعالى، وإن لم تكن له تلك المزايا بكل أبعادها.