الانطواء هو "حالة من أو ميول إلى الاهتمام أو الهيمنة كليّاً أو أغلبيّاً بحياة المرء الذهني وقد وصف بعض الكُتّاب الشخصيات الانطوائية بأن طاقتها تزيد مع الاستبطان وتضمحل مع التفاعل، خاصّةً مع الناس، ومع أن هذا الوصف قريب من منظور يونج، فقد كان يونج يقصد الطاقة العصبية أو الروحية وليس الطاقة الجثمانية، حيث أن قليل من المفاهيم الحديثة تتضمن هذا الاختلاف
الوصف الصحيح للشخصية الانطوائية هي أنها تكون أكثر تحفظاً وأقل صراحة في وجود مجموعة من الأشخاص، وتستمتع بالنشاطات الفردية، مثل القراءة والكتابة واستخدام الحاسوب وصيد السمك والتخييم والنشاطات العلمية والفنّية، بل إنه من الشائع أن يكون الفنانين والعلماء والمخترعين والمؤلفين والأدباء ذوي شخصيّة انطوائيّة حادّة
وتستمتع الشخصية الانطوائية بالوقت الذي تقضيه منفردةً ولا تجد نفس مقدار المتعة في الوقت المنقضي وسط مجموعة كبيرة من الناس، ولكنها تستمتع بالتفاعل مع الأصدقاء المقرّبين. وتحمل الثقة وزناً ومكانةً كبيراً لدى الشخصية الانطوائية، فتلعب دوراً أساسيّاً في اختيار الرفاق والقرناء. وتحب أيضاً هذه الشخصيّة أن تركّز على كلٍّ مما تفعل على حدى، أي لا تحبّ أن تنفّذ أعمال متنوعة في آن واحد، وتفضّل أيضاً أن تراقب المواقف قبل التّعامل معها أو المشاركة فيها، وتكون هاتان الصفتان ملحوظتان بوضوحٍ عند مرحلتي البلوغ والمراهقة. وتمعن الشخصية المنطوية في التفكير والتحليل قبيل الشروع في الكلام، وتُستَنفَذ طاقة المنطوي النفسيّة من النّشاط الاجتماعي الزائد والاشتراك فيه (مع العلم بأن مثل هذه النشاطات لا تحمل نفس الأثر على نفسيّة المنبسط)، فيفضِّل المنطوي الأجواء الهادئة التي قلّت فيها الإثارة
ومن الخطأ الظّن بأن الانطواء هو خجلٌ أو نتيجةً له، أو أنّ الشّخص الانطوائي منفي من المجتمع والنّاس من حوله؛ إنما الانطواء يتضمّن تفضيل النشاطات الانفراديّة عن مثيلها الاجتماعي، وليس للانطوائية علاقة برهبة المواقف الاجتماعية، فهذا يكون خجلاً، وبإمكان المنبسط أن يكون خجولاً أيضاً، وليس بإمكان المنبوذ اجتماعيّاً أن يحصل على النشاط الاجتماعي حتى لو أراد ذلك
الانفتاح
الانفتاح هو "عادةٌ أو حالةٌ من الاهتمام أو الهيمنة أغلبيّاً بمحيط الشّخص وحصوله على المتعة منه، وتستمتع الشّخصية الانبساطيّة بالتفاعلات الاجتماعيّة وعادةً ما تتسم بالحماس والجزم وتكون اجتماعيّة ومخالِطة وكثيرة الكلام، فتكون النشاطات التي تتضمَن التجمّعات الكبيرة كالحفلات وأنشطة المجتمع والزيارات العائلية الكبيرة والمناسبات كالأعياد والأفراح والأحداث الرياضية، والتظاهرات ومجتمعات إدارة التجارة أو الأحزاب السياسيّة بمثابة متعة كبيرة لها. وعلى خلاف الشخصيّة المنطوية، تزيد طاقة الشخصيّة المنبسطة مع التفاعل وتضمحل مع الاستبطان وفي الأجواء الهادئة التي تخلو من كثرة التفاعلات، وبالتالي يُنَشَّط المنبسط وسط الناس ويمل عند الانفراد بنفسه. وعادةً تكون دائرة معارف المنبسط واسعةً؛ فعلى عكس المنطوي، الذي يهتم بقوة صداقاته قبل عددها، تكون الشخصيّة المنفتحة مهتمّة بعدد الصداقات أكثر، فلا تكون بحاجة للتواصل العميق مع الأشخاص كالمنطوي بل تكون لذة العلاقات الإنسانيّة في منظورها في عدد الناس المُتَعَامل معها. ومن الوظائف الملائمة للشخصيّة المنفتحة هي التي تعتمد على التواصل المستمر مع الناس، كالتعليم والسياسة ومجالات التجارة والإدارة
توازن المزاج
الانطواء والانفتاح ليسا بوجهان لعملة واحدة بل لهما درجات مختلفة، فيمكن لشخص أن لا يكون منطوياً أو منبسطاً بل تكون شخصيته مزيجاً من طباع الإثنين، ويُقال عليها متوازنة المزاج . فتهوى هذه الشخصيّة الحياة الاجتماعيّة الغنيّة والتواصل مع الناس، ولكن في نفس الوقت تستمتع بالانفراد بنفسها وقضاء الوقت في النشاطات الفرديّة، وتحتاج إلى كلّاً من هاتان الناحيتان من الحياة كي تحافظ على صحّتها النفسيّة والمحافظة على طاقتها النّفسيّة
إنّ سمة الانطواء/الانفتاح من الأبعاد المحوريّة لنظريّة الشخصيّة
في سياق الشّخصيّة، عندما يستعمل النّاس كلمة "المنفتح" (أو المنبسط) فإنهم يعنون الشخصيّة الاجتماعيّة الأنيسة الجازمة التي تسعى وراء الأشياء الظّاهرة المثيرة، بينما تُستَعمَل كلمة "المنطوي" لتعني الشّخصيّة الاستبطانيّة الهادئة الغير اجتماعيّة، ليست بالضّرورة منعزلة ولكن لها عدد قليل من الأصدقاء، ولا ينتج هذا من صعوبات اجتماعيّة لدى الشّخص المقصود بل من تفضيله الاجتماعي؛ فقد لا يكون خجولاً ولكنّه يفضل نشاطاً اجتماعيّاً أقل.
ولكن يُرى في علم النفس أن المعنيان المدرجان أعلاه ليسا بصحيحين، وُيرى أيضاً أن الانطواء والانفتاح ليسا بمتناقضين ولكن لهم درجات على مقياس، حيث أنّ معظم النّاس (حوالي ٦٨% منهم) يقعون حول الدرجات المجاورة لمنتصف هذا المقياس فيُظهِرون درجات مختلفة من الانطواء أو الانبساط، وبالإمكان أن تقع شخصيّةً في الدرجة المنتصِفة فلا تكون منطوية ولا منفتحة بل مزيج من الإثنين، فيكونون متوازنو المزاج . ويمكن أن تقع شخصيّات الناس على أقصى درجتي المقياس فيكون هنالك ١٦% من الناس على كلّ من هاتين الدرجتين
وقد تمّ تدريج المصطلحان من قِبَل عالم النّفس السويسري كارل يونج، وتحتوي تقريباّ كل نظريات علم النّفس على مفهومهما في أشكال مختلفة، ومثال ذلك علم النّفس التحليلي لكارل يونج، والنموذج الثلاثي الأبعاد للشخصيّة لهانز أيزنك ، ونموذج العوامل الستة عشر لريموند كاتل، وعناصر الشخصيّة الخمسة، والأمزجة الأربعة ، ومؤشر أنماط مايرز-بريجز، والسّوسيونيك
ولأنه يُنظَر إلى الانطواء والانفتاح على أنّهما طرفي مقياس، يُكَوِّن هذا النّموذج علاقة متناسبة عكسيّاً بينهما، أي أنّه إذا زاد انطواء الشّخص قلّ انفتاحه، والعكس صحيح. وقد إبتكر كارل يونج ومؤلّفا مؤشر أنماط مايرز-بريجز منظوراً مختلفاً؛ وهو أنّ كلّ شخص لديه جانب انطوائي وانبساطي، ويكون جانب منهما أقوى من الثاني فيغلب عليه. وعوضاً عن التّركيز على جانب التواصل والعلاقات بين الأشخاص عرّف يونج الانطواء بأنّه "نوع من السلوك يتميّز بالتوجيه في الحياة من خلال محتويات نفسية شخصانية" (أي أن الشّخص يكون مركّزاً على نشاطه النّفسي الدّاخلي)، بينما عرّف الانبساط بأنّه "نوع من السلوك يتّسم بتركيز الاهتمام على الأشياء الخارجية" (أي أنّ الشخص يصبّ تركيزه على العالم من حوله
على أيّة حال، يتقلب مزاج الناس وتصرفاتهم مع مرور الزمن، وحتى المنفتحين والانطوائيين الشديدين لا يتصرفون على سجيّتهم طوال الوقت