نعرض في السطور الاتية أوجه الاختلاف بين قيادتين للتيار الصدري القيادة الأولى المؤسسة المتمثلة بالسيد الشهيد الصدر الثاني والقيادة الثانية المستورثة المتمثلة بمقتدى الصدر ومع اعتذارنا من هذه المقارنة لأنه من التجني على السيد الشهيد الصدر ان يقارن بمقتدى الصدر وحتى مقتدى الصدر نفسه لا يرى في نفسه انه قائد كابية ولكن المقارنة هنا لمن يتبع مقتدى الصدر من اتباع والده الشهيد (قدس سره) والذين بالغوا في قيادته حتى صار مقتدى الصدر في نظرهم ( المهدي الموعود ) و( القائد الملهم من قبل الباري جل ثنائه ) و( المعصوم بالعصمة الثانوية الذي لا يخطأ ) وعلقت اللافتات على صوره مكتوب عليها ( وجدتك أهلا للقيادة فتبعتك حتى الشهادة ) . فإليهم هذه المقارنة لا لغيرهم .
أولا : بدا السيد الشهيد محمد الصدر قيادته للمجتمع العراقي بعد نضوجه العلمي والأخلاقي واكتمال عقله الاجتهادي. فمن الناحية العلمية بلغ درجات عالية في العلوم الدينية وأصبح الاجتهاد احد ملكاته الواضحة وقد كنا نلاحظه يجيب ببداهة على أي سؤال يطرح عليه في العقيدة او الأحكام او التفسير او غير ذلك من العلوم الإسلامية، وكان له المام بكثير من العلوم الحديثة والمعارف المختلفة هذا من الجانب العلمي الديني. اما من الجانب الأخلاقي فقد بلغ رتب عالية في العرفان النظري والعملي والذي يدقق في بعض كلماته المنثورة في خطبه ومحاضراته ومؤلفاته يدرك هذا المعنى بوضوح .
أما مقتدى الصدر فهو فاقد لهاتين الخصلتين فمن الناحية العلمية الدينية ليس له تحصيل علمي يؤهله لقيادة هذه الجماهير ، وفاقد لكثير من المؤهلات القيادية ، أما من الناحية الأخلاقية فالرجل ليس له ذلك كما هو واضح للمقربين منه ، وهو صاحب العبارة الشهيرة ( جهلة .. جهلة .. جهلة .. ) لمريديه وأتباعه ولا نريد الكلام أكثر من ذلك..
ثانيا: بدا السيد الشهيد قيادته الدينية من الصفر مخترقا كل الصعوبات التي كانت تحيط بالمؤسسة الدينية يقول (قدس سره) بهذه الصدد : ( انا في حينه كنت اعتمد على نفسي ، لانه الناس لا زالوا متفرقين عني ، والدعايات كلها ضدي ، ولا احد يدعو لي ، ولا احد يفهمني ، ولا احد يستطيع ان يتصل بي ، فشعرت بالتكليف الشرعي ان اقدم نفسي للمجتمع فكنت يدا وحيدة تقريبا بل تحقيقا ، يعني انه كنت جليس داري ، وخرجت من داري امام الجمهور لم يكن معي احد في الحقيقة ) أهـ. الى ان وصل الى ما وصل اليه قبيل استشهاده من قوة جماهيرية ضخمة ملتصق به التصاق الفصيل بأمه .
اما مقتدى الصدر فبدا وكل الجماهير الشيعية _ باستثناء مقلدي بعض المراجع_ خلفه ويأتمرون بامره الى ان وصل الى هذه المرحلة المأساوية من انفضاض الناس من حوله ، نقل لي من اثق بقوله ان الممهدون في احد قطاعات مدينة الصدر اقصى عدد بلغ حضورهم للدروس الخاصة بهم هو (10) من ( 3000) مواطن وهذا فشل ذريع بالنسبة لقادة التيار الصدري الجدد .
ثالثاً : عرف عن المشروع الصدري على يد الأب المؤسس بانه مشروع إصلاحي واللاعنف اهم سماته حتى قالها مقتدى الصدر ذات مرة من على قناة العراقية : ( ان السيد الوالد رفض ان تسقط قطرة دم واحدة بسبه ) وهذا ما يعرف بالاحتياط في الدماء عند الفقهاء .
اما صاحبنا مقتدى الصدر فاهم الأعمدة التي قام عليها كيانه هو العنف في التعامل مع الناس وكثيرة هي ألأرواح المسلمة التي ذهبت بسبب كلماته الفضفاضة واستفتاءاته اللامسؤولة ولنا وقفه مع هذه الفتاوى المتناقضة إذا شاء الله!
رابعاً: عرف شهيدنا الغالي (قدس سره) بدقة عالية في التعامل مع المشاريع الدينية التي ينوي اقامتها من حيث التخطيط والتنظيم والمتابعة وبواسطة هذه الدقة الفائقة والتنظيم العالي تغلب على مخططات الاستعمار واجهزة البعث القمعية وأساليب الحوزة الماكرة، وبفترة وجيزة حطم مخططات الف عام ، ولم يدخل (قدس سره) معركة خاسرة ولم يخرج من معركة خاسراً .
اما مقتدى الصدر فعودنا على الخسارة في كل مشروع يدخل فيه ؛ ففي إحدى معاركه سلم السلاح ووافق على بنود مذله للخروج من الأزمة وبقية مشاريعه كلها لم تنجز بل الاهمال والفشل حليفهما وما هذا الا لقصور في الرجل وتصديه لقيادة المجتمع العراقي قبل أوانه ومن تصدى قبل اوانه تصدى لهوانه كما جاء في الحكمة.
خامساً : عرف السيد الشهيد بغزارة إنتاجه الفكري والديني وكانت الكتابة والتأليف من مهاراته البارزة وقد الف وهو ابن السادسة عشر من العمر كتابا ناقش فيه مدارس فكرية معاصرة واستمر في التأليف حتى نالت مؤلفاته اعجاب كبار العلماء والمفكرين امثال الشهيد الصدر الاول والسيد فضل الله والسيد الخامنئي وآخرون ..
اما السيد الابن فليس له من هذه المهارة الا كراريس في التقليد والعقيدة وهدفه النبيل من زيارة اربيل وهو تبرير لموقفه الاخير من مؤازة حكومة كردستان والذي قلب الشارع العراقي ضده وهذه الكتيبات لا تنم الا عن بساطة في التفكير ومن احب التأكد من كلامي فليراجع الرابط
http://jawabna.com/index.html على موقعة الخاص على الانترنيت ويطالع كتيباته.
سادساً: السيد الشهيد واجه الحوزة الساكتة مواجهة قاسية لانها اصبحت حجر عثرة في قبال العلماء المجددين والمفكرين الناطقين حتى وصل الامر الى ان يغلق اكثر مراجع الحوزة الساكتة مكاتبهم لانها هجرت من قبل الناس ، اما مقتدى الصدر فقد اعاد الحياة لهذه المرجعيات الصامتة بتصرفاته العشوائية واعتباره اليد الضاربة لهم كما صرح في احد خطبة بذلك وسلم النجف على طبق من ذهب لأحدهم.
سابعاً: كان (قدس سره) يشجع كل من يقوم باي عمل خير ويحمل الناس مسؤولية اصلاح المجتمع وكان يقول ( الدين بذمتكم ) مما اوجد حالة من الحراك الاجتماعي في المجتمع العراقي الذي كان على وشك الموت في تلك الحقبة يقول (قدس سره) : ( الحوزة الناطقة أوجدت مذهبا ناطقا ووعيا ناطقا ) .
اما السيد القائد فقد قيد الناس بحجة ( لا تقولوا قولا ولا تفعلوا فعلا الا بعد مراجعة الحوزة ) والحوزة هنا ( كما يفهم التيار الجديد) ليس مجموع العلماء والفضلاء الناطقين بل ( المكتب ) كما قالها مقتدى الصدر ذات يوم : ( الله.. الوطن .. المكتب ) وكأن المكتب شئ اخر وليس هو ، وهذا ضحك على الذقون كيف نرجع الى مكتب خالي من العلماء !! الى من نرجع في المكتب الى المحقق سلمان الفريجي ام الى الورع جدا اسعد الناصري الذي شتم بعض مصلي الجمعة ووصفهم كالكلاب في خطبة معروفه له، ام الى المفاوض البارع صلاح العبيدي الذي جلب العار والذل لابناء التيار الصدري في كل مفاوضاته مع الحكومة ، ام نرجع الى الخطيب الاسطورة حازم الاعرجي هذا الذي تتغنى قناة الصفا والوصال بخطبة !! ام الى الحكيم المتأله سهيل العقابي مالكم كيف تحكمون ؟
ان سياسة تكميم الافوه ومنع حالة النقد في وسط التيار الصدري اوجد مجموعة من المتطرفين سليطي اللسان ما ان تتكلم معهم حتى قالوا لك تتكلم على السيد القائد !!! وكأن السيد القائد معصوم لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ .
ثامناً : استخدم السيد الشهيد (قدس سره) اسلوب التفسيق كعلاج ضد بعض المعممين المزيفين لكي لا يضلوا الناس امثال علي الشوكي الاوقافي المعروف والسيد فرقد القزويني الذي يدعي انه اعلم الناس في الباطن ! وبعض السلوكيين والسدنة المنحرفين لتنبيه الناس من شرورهم لان هؤلاء الفسقه كانوا ينصبون حبال الدين ليصطادوا به الدنيا يستغلون بساطة الناس لمأربهم الشخصية .
اما مقتدى الصدر فقد استخدم هذا الاسلوب لاسكات الكثير من المؤمنين المخلصين والمشايخ الناطقين فكل من خالف السيد القائد يصدر بيان او استفتاء بتفسيقه والتهجم عليه او على الاقل ينكره ويدعي عدم معرفته به ويفهم منه التفسيق ايضا وهذا اسلوب ماكر مارسته بعض الواجهات الدينية المنحرفة ويمارسه مقتدى الصدر اليوم ، وربما اخطر من الاساليب الواضحة في التفسيق ومن هؤلاء الذين شملتهم انامل السيد القائد ( الشيخ محمد اليعقوبي والشيخ كاظم العبادي الناصري والشيخ ميثم الدبي والشيخ اوس الخفاجي والشيخ عبد الخالق المسلماوي والشيخ عدنان السيلاوي ومسؤول المواكب الحسينية في بغداد الذي مات حسرة بعد ان نكره السيد القائد في استفتاء وزع في المدينة! متناسيا سماحته قول الامام الصادق (ع) : (من روى على مؤمن رواية ، يريد بها شينه ، وهدم مروته ليسقط من اعين الناس ، اخرجه الله تعالى من ولايته الى ولاية الشيطان ، فلا يقبله الشيطان ) فتأمل ..
ولا اريد الإطالة اكثر على القارئ اللبيب ويمكن ان يضيف القارئ نقاط كثيرة عن أوجه الاختلاف بين القيادة الصدرية المتمثلة بالسيد الشهيد الصدر والقيادة الصدرية الجديدة المتمثلة بمقتدى الصدر مثل وضوح المشروع بين القيادتين واختلاف المستوى البلاغي بين الاب والابن والزهد وكذلك مواقفهما من الساسة الظالمين والعلاقة والتعامل مع الجماهير... وغير ذلك من أوجه الاختلاف .
Al_asde2000***********