انسابت في هذه الأيام إلى مجتمعاتنا بعض الظواهر الغريبة ، تدعمها قوى تريد النيل من الإسلام و معانيه ، و لعل من أبرز تلك التحديات ، التي يواجهها المسلمون ما تبثه وسائل الإعلام ، حتى يصل إلى أصغر لبنة من لبنات المجتمع ( الأسرة ) ، و المراقب للأوضاع ، يرى الانغماس وراء الملذات بشتى صورها ، و الصرعات المختلفة من هنا و هناك ، قد ظهرت بين الفينة و الأخرى ، حتى أصبحت عادةً متبعة …
نسلط الضوء في هذا اليوم على ظاهرة التعري و الانسلاخ من الحجاب ، بدعوى التحرر الذي يدعمه الغرب ، و تقف وراءه بعض المنظمات الاستعمارية ، بدعوى حقوق المرأة . و في مجتمعنا الصغير الموالي لأهل البيت عليهم السلام.
بدأت هذه الظاهرة تأخذ شكلاً من اللامبالاة ، رغم خطرها الشديد ، إذ بدأت هذه الظاهرة منذ سنوات خلت بتعدد في أشكال و ألوان العباءة ، و بعض الزخارف التي تطرز على الأكمام و الأطراف ، ثم ما لبثت أن اتسع نطاقها إلى تغييرها من الفضفاضة إلى أن أصبحت شبه مجسمة لجسم المرأة ، ثم ما لبثت شيئاً قليلاً حتى ورد علينا ما يسمى بعباءة الكتف ، ثم الأدهى و الأمر ( النقاب ) ، الذي جعل من المرأة على حد تعبير البعض ( الفارس الملثم ) أو ( النينجا ) ، و لم يمض من الأيام إلا القليل ، حتى وجدنا فتحة العين تتسع لتشمل الجبهة و شيئاً من الأنف ، و من ثم انحسار الحجاب عن جميع صفحة الوجه ، كل ذلك كان و لم تأت التوعية بالمخاطر المحدقة بهذا المجتمع قوية لا من الآباء ، و لاحتى الملتزمين الذين يرزحون تحت رغبات نسائهم ، فنجدهم يلتزمون بالحجاب في البلاد ، ولكن ما إن تخرج من حدود البلدة حتى نراها مسفرة عن وجهها ، دون أن ينبس زوجها ببنت شفه ، و ربما داعبها ببعض الكلمات التي تشجعها على هذا العمل ، و حتى لانظلم الجميع فقد قام بعض الخطباء و المثقفين بإبداء بعض الامتعاض من تسرب مثل هذه الظواهر ضمن توجيهات منبرية في الحسينيات ، و الاحتفالات المختلفة ، ولكن الأثر لم يكن فاعلاً فهو يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير . . .
السؤال ماذا بعد كل هذا ؟ ، و إلامَ يؤدي ذلك ؟
إن ظهور بعض ملامح هذا الانسلاخ أدى إلى تفشي كثير من المشكلات الأخلاقية ، فما بالك بالانسلاخ الكامل !! . الظاهرة التي نحن بصددها الآن ، و هي امتداد للظواهر السابقة ، أن تخرج فتاتان متعارفتان أصلاً و متفقتان بالباطن إلى السوق ، و قد ارتدت كل منهما أفضل أزيائها ، و تفننت في وضع المساحيق على وجهها ، حتى إذا ما وصلتا السوق تعانقتا ؛ لجذب أنظار المارة إليهما ،
إن مثل هذه الظاهرة تنم عن أمراضٍ نفسية تعاني منها الفتيات داخل بيوتهن ، و سبب ذلك عدم اكتراث الأم و الأب و عدم السؤال عن بناتهن و مراقبة تصرفاتهن ، بل و ربما شجع الوالدان بناتهن ضمناً عمل ذلك ، و ما النتيجة المتوقعة من هذا الفعل يا ترى ، هل ستكون البنت عفيفة ؟ ، هل سيكون شبابنا عفيفاً ، و هو يجد هذا الإغراء الصارخ أمامه ؟،
ماذا سيفعل الآباء حيال بناتهم و أولادهم ؟ ، هل ينتظرون الوقوع في فخ الفضيحة؟ … ، هذا هو فعلاً ما يحدث . و أحب أن أنوه عن شكلٍ جديد من العباءات المخصرة ، التي بدأت تدب في الأسواق و هذه العباءة نوع خاص ، إذ أنها عباءة للكتف ، و تجسد جسم المرأة ، و يوجد بها فتحة في ظهرها شكلها ما يسمى قلب الحب !! ليكشف ما تحته من ثياب إن كان ثمة ثياب موجودة !!!
للحد من أخطار هذه المشكلات :
1. يجب أن يقوم كل فرد بدوره : الأب ، الأم ، الأخ ، الأخت ، الخطباء ، المثقفون . . . .
2. العودة إلى تعاليم الدين و النصوص الواردة في الحجاب و شكله.
3. تقديم المثل العليا ، و نحن لا نجد مثالاً ابلغ من السيدة الزهراء و ابنتها السيدة زينب عليهما السلام في الحفاظ على الستر و الحجاب.
4. عدم كبت الفتيات نفسياً ، و مراعاة حقوقهن ، و عدم وضع الفروقات بين البنات و البنيين.
5. مراقبة الأبناء أثناء خروجهن ، و عدم ترك الفتيات يذهبن للأسواق بمفردهن.
6. مراعاة الصحبة و أثرها.
و أخيراً أقدم النصح ببناء الأسرة بالإطار الإسلامي الصحيح ، و الحفاظ عليها لأنها اللبنة الأساس في صلاح المجتمع ، آملاً أن يستجيب الآباء ، و يجعلوا شيئاً من أوقاتهم لأبنائهم ، و أن لا تنصب همومهم في الملذات الدنيوية ، كما أقدم همسة صغيرة في أذن مدعي الالتزام ، فأقول مقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : " من لم يكن له رادع من نفسه فلا رادع يردعه ".