ثلاث أزمات تعتبر من أخطر الأزمات الصحية التي نتعرض لها في حياتنا ، نظراً لما قد تتركه من تداعيات في حال عدم اتخاذ التدابير الضرورية التي تعجّل في رحيلها أو على الأقل إيقافها عند حدها .
وتفيد الإحصاءات العالمية بأن شخصاً واحداً ينتقل إلى العالم الآخر كل 10 دقائق بسبب الإصابة بالأزمة القلبية ، لأن الكثيرين يجهلون مظاهر الأزمة القلبية ولا يعرفون كيف يتصرفون حيالها للخروج من نار هذه الأزمة ، وفقاً لصحيفة "الحياة" .
الأزمة القلبية :
إن غالبية ضحايا الأزمة القلبية ينتظرون لمدة ساعتين أو أكثر ، من بعد ظهور العوارض ، قبل التفكير جديّاً بطلب المعونة الطبية , وهذا التأخير ليس لمصلحة المصاب على الإطلاق ، لأنه بكل بساطة يُمكن أن يُؤدي إلى الوفاة ، أو إلى حصول تلف دائم في أجزاء من القلب ما ينعكس سلباً على ممارسة أنشطة الحياة اليومية لاحقاً ، فعلى سبيل المثال عندما يشعر شخص ما بوجع بسيط يعمد إلى الضغط على صدره ، أو عندما يحس بألم في منطقة المعدة ، لا يخطر في باله أن المشكلة قد تكون من القلب .
وفي معظم الحالات فإن الألم لا يتطور بسرعة ، أو قد يعتقد المصاب أن الألم الذي داهمه لا يتناسب مع ألم القلب ، لهذا يتأخر في الذهاب إلى المستشفى ، أو قد لا يلقي للأمر أية أهمية ، لكن حينما تتخذ فصول الدراما في الأزمة القلبية منحى سريعاً وقتها يهرع الشخص إلى طلب النجدة ، لكن، وياللأسف ، يكون الوقت قد تأخر نسبياً .
وتقول الجمعية الوطنية الأمريكية للقلب والرئة ، إن أفضل سلاح للنجاح في مواجهة الأزمة القلبية هو الوصول إلى الإسعاف الطبي في أقصر وقت ممكن من أجل تلقي العلاجات المناسبة ، مثل مذيبات الجلطة والأدوية الموسعة للأوعية ، إذ كلما أخذ المريض هذه الأدوية مبكراً كانت النتائج جيدة في تحقيق شفاء عاجل ، وفي منع تمادي الأزمة القلبية ، والحد من تداعياتها .
وحول العوارض التي تنذر بحدوث أزمة قلبية , أشارت جمعية القلب ومراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة , إلى أن ظهور عارض أو أكثر من العوارض والعلامات يدل على وجود وضع غير مستقر في شرايين القلب , مثل الألم الحاد في الصدر يستمر لأكثر من 10 دقائق قد يشع هذا الألم إلى مناطق أخرى كالكتف والذراع اليسرى ، أو إلى الحنك ، أو إلى بوابة المعدة , ويمكن أن يظهر الألم في أي وقت من النهار ، أو أثناء الراحة ، أو في أوقات العمل ، أو حتى خلال النوم .
أيضاً ألم وإحساس بالضغط أو عدم ارتياح في وسط الصدر , وضيق في التنفس ، قد يكون مصحوباً أو غير مرافق لألم الصدر , بالإضافة إلى عوارض هضمية مثل آلام في المعدة ، وعسر هضم ، وغثيان ، وتقيؤ ، وكثرة التجشؤات .
كذلك العوارض العامة ، مثل الدوخة ، والإجهاد غير الطبيعي ، واضطرابات في النوم ، والقلق , كما أنه عند النساء تختلف مظاهر الأزمة القلبية بعض الشيء عن تلك التي نراها عند الرجال ، مثل ظهور آلام في الرقبة والكتفين وأعلى الظهر ، والشعور بالاختناق ، والغثيان ، والتنفس المتسارع ، والدوار الحاد .
الأزمة الدماغية :
إن الأزمة الدماغية تعتبر هي الأخرى من بين أهم أسباب الوفاة ، وبعدما كانت تشاهد سابقاً عند كبار السن ، بتنا نراها في كل الأعمار ، أما السبب فيعود إلى التغير في نمط الحياة ، خصوصاً على صعيد السلوكيات الغذائية والنشاط البدني .
ويمكن للأزمة أن تأتي على حين غرة ، لكن في الحالة العادية يرسل الجسم إشارات معينة تحذيرية لكن المصاب لا يعيرها الاهتمام اللازم .
ووفقاً لدراسة لمستشفى "مايو - كلينيك" الأمريكي فإن 58% من مرضى الأزمة الدماغية الناتجة من الجلطة يجهلون العوارض الأولى الناجمة عنها ، أو أنهم يشخصونها على أنها مرض آخر ، ما يتسبب في التأخر في الاستشارة الطبية لفترة تزيد على ثلاث ساعات ، وهذا ما يقلل من فرص نجاح العلاج .
حيث إن المعاناة من عارض أو أكثر من العوارض الآتية يجب أن تدفع إلى التوجه فوراً إلى الطبيب ، مثل الصداع المفاجيء الذي لم يشعر المريض بمثله من قبل ، أو الآلام في العينين ، أو الإحساس بالتعب ، أو الشكوى من الدوار .
ويمكن أن تظهر الأزمة الدماغية بعوارض صريحة وسريعة الحدوث , مثل الخدر المفاجيء الذي يحصل عادة في طرف واحد من الجسم , أو الصداع الفوري من دون سبب واضح , واضطرابات تشمل الوعي والفهم والنطق , واضطرابات في التوازن وفي المشي , وأخيراً اضطرابات في الرؤية في عين واحدة أو في العينين .
والعوارض المذكورة قد تكون مؤقتة وعابرة لكنها تميل إلى العودة في المستقبل أو أنها قد تتطور نحو الأسوأ ، محدثة المزيد من التدهور على الصعيد الصحي .
وبناء عليه فإنه يجب تشخيص الأزمة الدماغية في شكل مبكر من أجل وضع الخطة العلاجية التي تجنب المريض الوقوع في مطب العواقب التي لا ترحم .
أزمة الجلطة الرئوية :
وهذه الأزمة تعتبر من الأمراض الشائعة ، وتتسبب في وفاة 30% من المصابين بها إذا لم يتم كشفها وعلاجها على وجه السرعة ، وهي قد تحصل من دون عوارض مسبقة ، ويشيع حدوثها أثناء العمليات الجراحية وبعدها .
إن معظم الأزمات الرئوية التالية للجلطات ينشأ من تجمع دموي يأتي من الأوردة العميقة في الطرفين السفليين خصوصاً من الساقين .
وغالباً ما تحدث الأزمة بعد نشوء جلطة صامتة لا يشتكى منها المريض ويكون محجوزاً بالمستشفى لسبب آخر .
وأما الأزمة الرئوية التالية للجلطة صعبة التشخيص بسبب عدم خصوصية العوارض الناتجة منها ، والتي تقود أحياناً إلى تشخيص مرض آخر ، وبالتالي إلى تطبيق علاج خاطيء ليس في محله يزيد الأمور تعقيداً , لذا من الضروري إجراء التصوير الطبقي المحوري المتعدد ، لأنه أفضل وسيلة لتأكيد تشخيص الجلطة الرئوية .
وتبدأ عوارض الجلطة الرئوية بالظهور عادة عند الاستيقاظ ، أو لدى القيام من السرير ، أو عند الضغط أثناء التبرز ، أو على إثر القيام بمجهود ما . وتشمل عوارض الأزمة الرئوية , التهيج الحاد والمفاجيء , والصعوبة في التنفس , والسعال المدمي , والألم في الصدر .
ويجدر التنبيه هنا إلى أن عدم الحركة ، والتزام الفراش لفترات طويلة ، هما من بين أهم العوامل التي تحفز على الإصابة بجلطات الرئة ، فضلاً عن التدخين ، وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم ، والسفر الطويل ، والجلوس المطوّل أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر .
وبحسب دراسة أجراها الدكتور كريستوفر كاربيل من مستشفى ماساتشوستس العام في أمريكا ، فإن الفترات الطويلة من الجلوس الخامل تزيد في شكل واضح من حدوث الأزمة الرئوية التالية للجلطة ، في المقابل نوهت دراسات سابقة بأن الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية هم أقل عرضة لمثل هذه الأزمة .
رصد عوامل الخطر :-
الأزمات القلبية والدماغية والرئوية هي من أهم الأمراض وأكثرها تسبباً في الدخول إلى المستشفى , ويكون التصرف المناسب في الأزمات القلبية والدماغية والرئوية له أهمية كبيرة في الحد من التداعيات التي قد تنجم عنها خصوصاً الوفاة .
حيث إن الغالبية الساحقة من هذه الأزمات تدور أمام شهود عيان ، لكن الأخيرين قد لا يعرفون كيف يتصرفون ، أو ربما يرتكبون أخطاء فادحة تساهم في زيادة الطين بلة .
والغالبية العظمى من المصابين بالأزمات القلبية والدماغية والرئوية يجهلون كيف يتعاطون مع البوادر الأولى التي يعطيها الجسم لتلك الأزمات ، فتكون النتيجة مزيداً من المضاعفات وبالتالي المزيد من الأخطار التي تحدق بأصحابها .