تكتظ المحافظات المصرية بالمزارات الشيعية، التي تهفو إليها قلوب الشيعة، ليس في مصر وحدها، لكن في أماكن تجمُّعات الشيعة في العالم، مما جعل بعضهم يطرح «العتبات المقدسة» كمشروع سياحي اقتصادي يمكن أن يجلب الملايين من السياح الشيعة.
مزارات الشيعة تتنوع بين أضرحة آل البيت التي تُعتبر مزارات صوفية، يتفق في حبها المصريون جميعاً، مثل ضريح السيدة "زينب" عليها السلام و"الحسين" عليه السلام، والسيدة "نفيسة" عليها السلام.
كما يحتوى جنوب مصر «الصعيد» على عشرات الأضرحة، حتى إنه يصعُب وجود قرية خالية من ضريح فقيه أو ولي، على حد تعبير العامة.
في أسوان وحدها يوجد أكثر من 10 أضرحة ينتسب أصحابها إلى آل البيت ترفرف من فوقها الأعلام الحمراء والخضراء، كما يوجد بها 3 مشاهد للسيدة "زينب" عليها السلام.
لكن أهم المزارات الشيعية، هو ضريح «مالك بن الأشتر» رضوان الله تعالى عليه قائد جيوش علي بن أبى طالب عليه السلام، والموجود قبره بالقلج بالقرب من بلدة الخانكة ضمن حدود مدينة عين شمس القديمة.
وأكثر زوار مرقد مالك بن الأشتر من العرب والأجانب، حيث إن شهرته محدودة وسط المصريين، ولذلك يلقبونه بالشيخ العجمي، وجُدِّد مرقده مؤخراً على أيدي طائفة البهرة الإسماعيليين، ودُفن إلى جواره شقيق شيخ البهرة، بالمرج في شارع الأشراف بالقرب من مسجد السيدة "نفيسة".
وثاني أهم المزارات هو مشهد «محمد بن أبي بكر» الذي كان والياً على مصر، واستُشهد(رضي الله عنه) عام 38ه في مصر، على يد عمرو بن العاص، الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان مع جيش جرّار لاحتلال مصر، ثمّ وضعوه في جوف جلد حمار ميّت واحرقوه بالنار، ودُفن في القاهرة، وقبره معروف يُزار، ويوجد في ميت دمسيس بأجا.
أما مرقد السيدة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبى طالب، فهو مزار مهم لهم، حيث دُفنت في منزلها الذي تحول إلى قبرها، وأراد زوجها أن يحملها ليدفنها في المدينة مع أجدادها، فسأله أهل مصر أن يتركها لتُدفن عندهم من أجل التبرُّك بها.
ويعتبر مشهد رأس زيد بن علي، مزاراً مهماً، وهو مَن يقال عنه «زين العابدين»، وسرقه أهل مصر ودفنوه في موضعه الحالي، وجاء به إلى مصر عام 822 ه أبو الحكم بن الأبيض القيسي.
وهناك أيضاً مشهد كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق عليه السلام، كانت من الزاهدات العابدات ومدفنها يقع بمقابر قريش، بجوار مسجد الشافعي بمصر القديمة.
وهناك الكثير من المراقد والمزارات بالقُرب من مشهد السيدة نفيسة، من أشهرها مرقد السيدة رقية ابنة الإمام علي الرضا عليه السلام، وينسبها العامة إلى الإمام علي عليه السلام.
وبالقُرب من مرقد السيدة رقية، يقع مشهد السيدة سكينة بنت الحسين، ويحتفل الشيعة والصوفيون بمولدها كل عام.
كما أن هناك أيضاً مرقداً مشهوراً لواحدة من بنات الإمام الصادق عليه السلام، وهي عائشة، التي تُسمى المنطقة التي يقع فيها المرقد بحي السيدة عائشة.
ويمثل المشهد الحسيني أهم مزاراتهم، إضافة إلى عامة المصريين، والقصة الشعبية، أن رأس الحسين عليه السلام كان مدفوناً في عسقلان، فأُخرج وعُطّر وحُمل حتى دفن في مصر، حيث قيل إن المشهد كان بعسقلان، وبناه أمير الجيوش «بدر الجمالي» وكمّله ابنه «الأفضل»، إلا أن الفاطميين خشوا على الرأس من الصليبيين، فقرروا حمله إلى القاهرة، ووصل يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 584 هـ، ولما أخرج من المشهد بعسقلان وُجد دمه لم يجف، وله ريح كريح المسك فحُمل إلى القصر الزمرد، ثم دُفن عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة.
المشهد الزينبي، يُعتبر مزاراً رئيسياً، وهو في المرقد المعروف بمسجد السيدة "زينب" عليها السلام حيث يقام لها مولد ضخم في شهر رجب من كل عام، وهو مَن عمّره أحمد بن طولون، ولما جاء المعز لدين الله إلى مصر بنى لها مشهداً عظيماً في عام 369 ه، ما زال إلى الآن.
ونعتقد أنه لا يمكن لأي شخص أن يرى اليوم مسجد الحاكم بأمر الله إلا أن يعتقد أنه في حوزة من الحوزات الشيعية بمدينة قُم، أو يتخيل أنه في مزار شيعي بمدينة النجف العراقية، فمِن غير المألوف أن تجد صفوفاً عريضة من المصلين يضربون على صدورهم وهم يصلون إلا هناك، أو يلبسون ملابس خضراء قصيرة ويلفون على رؤوسهم لفافات مزركشة إلا به، لأنه المزار الرئيسي لطائفة البهرة الإسماعيليين.
المزارات الشيعية هي تفاصيل قصة وحكاية طويلة؛ الشيعة أهم فصولها، وأصبح لها الآن وجه مختلف بعد الامتداد الشيعي الكبير في مصر