قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:1/5: ( قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله(ص)وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيراً ! قالت فغمني فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فقلت لمَ أحرقتها؟ قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني ، فأكون قد نقلت ذاك ! ). انتهى .
وغرض عائشة تبرير فعل أبيها ، وكفّ ألسنة الناس عنه ! ولذلك لم تذكر في هذه الرواية أن أباها ناشد الناس أن يأتوه بما كتبوه من حديث النبي صلى الله عليه وآله ، فتصور الناس أنه يريد تدوين السنة ، فأتوه به بطيب نية فجمعه عنده ثم أحرقه !
أما عمر فأحرق السنة ولم يتأرق أبداً !
قال ابن سعد في الطبقات:5/140: (عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي عليَّ أحاديث فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب ، فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ! ). انتهى .
وضغط الصحابة على عمر فطلب المهلة شهراً !
روى في كنز العمال:10/291عن ابن عبد البر في كتاب العلم: ( عن الزهري ، عن عروة أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله (ص) في ذلك فأشاروا عليه أن يكتبها ، فظل عمر يستخير الله فيها شهراً!
ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبداً ) ! انتهى .
وروى عن ابن سعد في الطبقات ، عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ، ثم أصبح وقد عُزم له (يقصد عزم له الله) فقال: ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله ) ! انتهى .
ثم أصدر مرسوماً خلافياً بمحو السنة المدونة !
روى في كنز العمال:10/291عن ابن عبد البر في العلم وأبي خثيمة عن ابن وهب قال: سمعت مالكاً يحدث أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله .
عن يحيى بن جعدة قال: أراد عمر أن يكتب السنة ، ثم بدا له أن لا يكتبها ، ثم كتب في الأمصار: من كان عنده شئ من ذلك فليمحه) !! انتهى .
الأسئلة
1 ـ كيف تفسرون تحريم عمر تدوين السنة ، مع أنه كان يرى أن العلم الذي له قيمة يجب أن يُدَوَّن ، فهو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وآله أن يسمح له ولرفقائه أن يكتبوا أحاديث اليهود ، لأنها أخذت بمجامع قلوبهم حسب تعبيره !
قال السيوطي في الدر المنثور:5/148 عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب قال: يارسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا، وقد هممنا أن نكتبها! فقال:يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟!) .
وقال الحاكم في المستدرك:1/106: (وقد صحت الرواية عن أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: قيدوا العلم بالكتاب...عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: قيدوا العلم بالكتاب). انتهى.
2 ـ لماذا اعتذر أبو بكر وابنته عائشة بأن السبب في تحريمه تدوين السنة وإحراق المكتوب منها ، هو الخوف من كذب رواتها قال: (خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت، ولم يكن كما حدثني)! ولم يعتذر بذلك عمر ؟!
وإذا صح عذر أبي بكر ، فلماذا خالفوه ودونوا السنة بعد أكثر من مئة سنة وبعد أن كثرت وسائط الرواة ، وزاد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!!
3 ـ من هم هؤلاء القوم الذين قال عنهم عمر إنهم كتبوا كتاباً فيه سنة نبيهم فتركوا كتاب ربهم ، ولماذا لم يسمهم ! (فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبداً ) ؟! لقد كان أذكى من صاحبه أبي موسى حيث أوهم أنه يريد اليهود ولم يسمِّهم ، بينما سماهم أبو موسى! ففي مجمع الزوائد: 1/150، عن أبي موسى قال: قال رسول الله(ص): إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً واتبعوه وتركوا التوراة ) . لكنه كلام لاينطبق على تاريخ اليهود ولا النصارى أبداً ! فالذي حدث بعد نبي الله موسى عليه السلام أن أكثر قومه أطاعوا وصيه يوشع عليه السلام مدة قليلة ثم انقلبوا على أعقابهم بعد يوشع ولم يقبلوا الأوصياء عليهم السلام ، بل شكلوا دولة القضاة التي هي أشبه بدولة الخلفاء القرشية . وفي هذه المدة لم يكتبوا أحاديث موسى ولا يوشع عليهما السلام ، بل قاموا بتحريف التوراة .
والأمر بعد داود وسليمان عليهما السلام أوضح ، فقد انقلبوا على أعقابهم أيضاً ولم يقبلوا آصف بن برخيا الذي كان وصي سليمان عليهما السلام ، والذي ذكره الله تعالى في القرآن بقوله: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ! وبعد ذلك بزمان طويل كتبوا كتباً في تشريعات موسى عليه السلام !ولكنهم لم يُكِبُّوا عليها ولم يتركوا التوراة ، لأنها شروح للتوراة المحرفة ، متجانسة معها .
أما النصارى فبعد تضييعهم الإنجيل كتبوا الأناجيل الموجودة وأكبوا عليها !
فالذين عناهم أبو موسى وعمر لاوجود لهم !!
4 ـ تشير النصوص الى أن تدوين السنة كان مطلباً مُلِحّاً لعامة الصحابة ، وأنهم ضغطوا على عمر فاستمهلهم ليفكر في الأمر ، وفكر شهراً حتى هدأ جَوُّهم ، ثم صعد المنبر وأعلن للمسلمين ما عزمه الله له ! (فأشاروا عليه أن يكتبها ، فظل عمر يستخير الله فيها شهراً ! ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال...)؟! فهل نزل الوحي على عمر بأن رأيه وعزمه بمنع كتابة السنة هو عزم الله تعالى، وأن أمره الولاة بمحو المكتوب منها وإحراقه ، قرارٌ من الله تعالى ؟!
المسألة: 111
تدوين السنة حرام . . والأحوط شرعاً إحراق السنة
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ:1/5: ( قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله(ص)وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيراً ! قالت فغمني فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها، فقلت لمَ أحرقتها؟ قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني ، فأكون قد نقلت ذاك ! ). انتهى .
وغرض عائشة تبرير فعل أبيها ، وكفّ ألسنة الناس عنه ! ولذلك لم تذكر في هذه الرواية أن أباها ناشد الناس أن يأتوه بما كتبوه من حديث النبي صلى الله عليه وآله ، فتصور الناس أنه يريد تدوين السنة ، فأتوه به بطيب نية فجمعه عنده ثم أحرقه !
أما عمر فأحرق السنة ولم يتأرق أبداً !
قال ابن سعد في الطبقات:5/140: (عبد الله بن العلاء قال سألت القاسم يملي عليَّ أحاديث فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب ، فأنشد الناس أن يأتوه بها ، فلما أتوه بها أمر بتحريقها ! ). انتهى .
وضغط الصحابة على عمر فطلب المهلة شهراً !
روى في كنز العمال:10/291عن ابن عبد البر في كتاب العلم: ( عن الزهري ، عن عروة أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله (ص) في ذلك فأشاروا عليه أن يكتبها ، فظل عمر يستخير الله فيها شهراً!
ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبداً ) ! انتهى .
وروى عن ابن سعد في الطبقات ، عن الزهري قال: أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن فاستخار الله شهراً ، ثم أصبح وقد عُزم له (يقصد عزم له الله) فقال: ذكرت قوماً كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله ) ! انتهى .
ثم أصدر مرسوماً خلافياً بمحو السنة المدونة !
روى في كنز العمال:10/291عن ابن عبد البر في العلم وأبي خثيمة عن ابن وهب قال: سمعت مالكاً يحدث أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله .
عن يحيى بن جعدة قال: أراد عمر أن يكتب السنة ، ثم بدا له أن لا يكتبها ، ثم كتب في الأمصار: من كان عنده شئ من ذلك فليمحه) !! انتهى .
الأسئلة
1 ـ كيف تفسرون تحريم عمر تدوين السنة ، مع أنه كان يرى أن العلم الذي له قيمة يجب أن يُدَوَّن ، فهو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وآله أن يسمح له ولرفقائه أن يكتبوا أحاديث اليهود ، لأنها أخذت بمجامع قلوبهم حسب تعبيره !
قال السيوطي في الدر المنثور:5/148 عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب قال: يارسول الله إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا، وقد هممنا أن نكتبها! فقال:يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟!) .
وقال الحاكم في المستدرك:1/106: (وقد صحت الرواية عن أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال: قيدوا العلم بالكتاب...عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: قيدوا العلم بالكتاب). انتهى.
2 ـ لماذا اعتذر أبو بكر وابنته عائشة بأن السبب في تحريمه تدوين السنة وإحراق المكتوب منها ، هو الخوف من كذب رواتها قال: (خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت، ولم يكن كما حدثني)! ولم يعتذر بذلك عمر ؟!
وإذا صح عذر أبي بكر ، فلماذا خالفوه ودونوا السنة بعد أكثر من مئة سنة وبعد أن كثرت وسائط الرواة ، وزاد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!!
3 ـ من هم هؤلاء القوم الذين قال عنهم عمر إنهم كتبوا كتاباً فيه سنة نبيهم فتركوا كتاب ربهم ، ولماذا لم يسمهم ! (فقال: إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشئ أبداً ) ؟! لقد كان أذكى من صاحبه أبي موسى حيث أوهم أنه يريد اليهود ولم يسمِّهم ، بينما سماهم أبو موسى! ففي مجمع الزوائد: 1/150، عن أبي موسى قال: قال رسول الله(ص): إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً واتبعوه وتركوا التوراة ) . لكنه كلام لاينطبق على تاريخ اليهود ولا النصارى أبداً ! فالذي حدث بعد نبي الله موسى عليه السلام أن أكثر قومه أطاعوا وصيه يوشع عليه السلام مدة قليلة ثم انقلبوا على أعقابهم بعد يوشع ولم يقبلوا الأوصياء عليهم السلام ، بل شكلوا دولة القضاة التي هي أشبه بدولة الخلفاء القرشية . وفي هذه المدة لم يكتبوا أحاديث موسى ولا يوشع عليهما السلام ، بل قاموا بتحريف التوراة .
والأمر بعد داود وسليمان عليهما السلام أوضح ، فقد انقلبوا على أعقابهم أيضاً ولم يقبلوا آصف بن برخيا الذي كان وصي سليمان عليهما السلام ، والذي ذكره الله تعالى في القرآن بقوله: قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ! وبعد ذلك بزمان طويل كتبوا كتباً في تشريعات موسى عليه السلام !ولكنهم لم يُكِبُّوا عليها ولم يتركوا التوراة ، لأنها شروح للتوراة المحرفة ، متجانسة معها .
أما النصارى فبعد تضييعهم الإنجيل كتبوا الأناجيل الموجودة وأكبوا عليها !
فالذين عناهم أبو موسى وعمر لاوجود لهم !!
4 ـ تشير النصوص الى أن تدوين السنة كان مطلباً مُلِحّاً لعامة الصحابة ، وأنهم ضغطوا على عمر فاستمهلهم ليفكر في الأمر ، وفكر شهراً حتى هدأ جَوُّهم ، ثم صعد المنبر وأعلن للمسلمين ما عزمه الله له ! (فأشاروا عليه أن يكتبها ، فظل عمر يستخير الله فيها شهراً ! ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال...)؟! فهل نزل الوحي على عمر بأن رأيه وعزمه بمنع كتابة السنة هو عزم الله تعالى، وأن أمره الولاة بمحو المكتوب منها وإحراقه ، قرارٌ من الله تعالى ؟!