بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ورد في كتاب لآلئ الأخبار وعدة الداعي وسائر الكتب الاخرى، عن رسول الله (ص) في شرح قوله تعالى (وآتيناه الحكم صبيا). (سورة مريم, الآية: 12). أنَّه قال (ع) (كان من زهد يحيى بن زكريا (ع) أنه أتى بيت المقدس فنظر إلى المجتهدين من الأحبار والرهبان عليهم مدارع الشعر وبرانس الصوف وإذا هم فرقوا تراقيهم وسلكوا فيها السلاسل وشدّوها إلى اسواري المسجد. فلما نظر إلى ذلك، اتى أمه فقال لها: يا اماه انسجي لي مدرعة من شعر وبرنساً من صوف حتى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار والرهبان فقالت له امه: حتى يأذن نبي الله في ذلك، فدخل زكريا بمقالة يحيى فقال زكريا: ما يدعوك إلى هذا وإنما أنت صبي صغير؟ فقال له: يا أبت أما رأيت من هو اصغر سناً مني قد ذاق الموت؟ قال بلى ثم قال لأمه انسجي له مدرعة من شعر وبرنساً من صوف، ففعلت. فتدرع بالمدرعة على بدنه ووضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس فأقبل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه. فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه فبكى، فأوحى الله تعالى: يا يحيى أتبكي مما نحل من جسمك وعزتي وجلالي لو اطلعت على النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلاً عن المنسوج، فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه وبدا للناظرين أضراسه. فبلغ أمه ذلك فدخلت عليه واقبل زكريا واجتمع الأحبار والرهبان فأخبروه بذهاب لحم خديه، فقال ما شعرت بذلك، فقام يحيى فنفض مدرعته، فأخذته امه فقالت: أتأذن لي يا بني ان اتخذ لك قطعتي لبود يواريان أضراسك وينشفان دموعك؟ فقال لها، شأنك، فاتخذت له امه ذلك ووضعتهما فابتلتا من دموع عينيه فحسر عن ذراعية ثم أخذهما وعصرهما فتحدرت الدموع بين أصابعه، فنظر زكريا إلى ابنه وإلى دموع عينيه، فرفع رأسه إلى السماء، وقال (اللهم هذا ابني وهذه دموع عينيه وأنت ارحم الراحمين).