يتحدّث القرآن عن فترة الاحتضار، وحركة الروح للخروج من البدن إلى العالم الآخر، فإنَّ الروح تبدأ
بالإنسحاب من أطراف الجسد حتى
تبلغ التراقي أو الحلقوم، لتخرج أخيراً من أسر الجسد وتنطلق في رحلة عالم البرزخ، روي عن الإمام
زين العابدين عليه السلام: "أشدُّ ساعات
ابن آدم ثلاث ساعات: الساعة التي يعاين فيها ملك الموت، والساعة التي يقوم فيها من قبره، والساعة التي
يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى،
فإما إلى الجنّة، وإمّا إلى النّار".
وللمحتضر حالتان، فإمَّا أن يكون احتضاره يسيراً، وإمَّا عسيراً، وهذا يعتمد على حالة المحتضر الدينيَّة
وعلاقته بالله، فالنوع اليسير من
الاحتضار، لصلحاء المؤمنين، والعسير، للعصاة والكافرين.
وعن الإمام أبي جعفرٍ الباقِر عليه السلام:"إنَّ آية المؤمن إذا حضره الموت أن يبيضَّ وجهه أشدَّ من بياض
لونه، ويرشح جبينه، ويسيل من
عينيه كهيئة الدموع، فيكون ذلك آية خروج روحه، وإنَّ الكافر تخرج روحه سلاًّ من شدقه كزبد البعير..."
أمَّا المجرمون فينطبق عليهم قوله تعالى وَلَو تَرى إذ الظّالِمُونَ في غَمَراتِ المَوْتِ والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِم
أَخْرِجُوا أَنفُسَكُم اليَوْمَ تُجْزَونَ
عَذَابَ الهُوْنِ...) (الأنعام:93).
ويقول سبحانه وتعالى: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ)،(محمَّد:27).
وهي لحظات سمّاها القرآن بغمرات
الموت التي تغشى الظالمين، وهم يشاهدون في تلك اللحظات ملائكة العذاب ينتظرون خروج الروح.
بموت الإنسان وحالما تخرج الروح من البدن تنكشف للإنسان أمور منها:
أ- منزلته من الجنة أو النار
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه لمحمَّد بن أبي بكر لما ولاه مصر: "ليس أحد من الناس تفارق
روحه جسده حتى يعلم أيَّ المنزلتين
يصِل إلى الجنة أم إلى النار، أعدوٌ هو لله أم وليّ، فإن كان وليّاً لله فُتِحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها
، ورأى ما أعدّ الله له فيها، ففرغ
من كلِّ شغل، ووضع عنه كلُّ ثقل، وإن كان عدوّاً لله فُتِحت له أبواب النار، وشرعت له طرقها، ونظر إلى
ما أعدّ الله له فيها، فاستقبل كلَّ
مكروه، وترك كلَّ سرور، كلُّ هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين"
ب- تجسّد المال والولد والعمل
فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنَّ العبد إذا كان في آخر يومٍ من الدنيا، وأول يومٍ من الآخرة،
مَثُلَ له ماله وولده وعمله، فيلتفت
إلى ماله ويقول: والله إنِّي كنتُ عليك حريصاً شحيحاً، فما لي عندك؟ فيقول: خُذ منّي كفنك. قال: فيلتفت
إلى ولده، فيقول: والله إنِّي
كنت لكم محبّاً، وإنِّي كنت عليكم محامياً، فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤدّيك إلى حفرتك ونواريك فيها.
فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إنَّك
كنت عليّ لثقيلاً، وإنّي كنت فيك لزاهداً، فماذا عندك ؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك، ويوم نشرك حتى
أعرض أنا وأنت على ربِّك".
ج- معاينة النبي الأكرم والأئمة صلوات
الله عليه وعليهم قال الشيخ المفيد: "هذا باب قد أجمع عليه أهل