نابوكو Nabucco هو عمل للموسيقار فيردي يصور فيه السبي البابلي لليهود على يد القائد البابلي نبوخذ نصر
وهذا الاسم نابوكو اطلق اليوم على مشروع الغاز الامريكي الاوربي الممتد من تركيا ويمر خلال اربعة دول اوربيه ليصل النمسا ثم الى باقي اوربا
في بداية التسعينات اجبر الاتحاد الاوربي نفسه بالالتزام باتفاقية كيوتو (Kyoto Protocol) وهدفت المعاهدة الى تحقيق "تثبيت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون التدخل البشري في النظام المناخي. ونصت المعاهدة على التزامات قانونية للحد من انبعاث أربعة من الغازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروس، وسداسي فلوريد الكبريت)
لذالك وجب على هؤلاء او الاصح اجبر هؤلاء قانونيا بالانتقال من الاعتماد على الفحم والنفط إلى الغاز والوقود الحيوي
وبما اني اعمل في احد اكبر شركات صناعة مضخات البانزين في العالم ومقرها احدى الدول الاوربيه فقد شهدت بنفسي ثورة الاعتماد او ثورة التغير الى الغاز الطبيعي وكيف زاد انتاجنا للمضخات التي تستخدم الغاز بشكل رهيب وفي كل اوربا
واننا نعلم ان الوقود الحيوي لايمكن وحده ان يسد حاجة الدول الصناعيه وخاصتا لو علمنا ان تقنية استخدام هذا الوقود لا تزال في بداية اكتشافاتها وليست متوفره في كل المجالات فلذالك وجب الاعتماد على الغاز الطبيعي خاصتا وانه طاقة متجدده وارخص من النفط
اوربا وامريكا هم اول من تنبه لهذه الكارثه لانهم يسيطرون على اغلب منابع النفط في العالم ولكنهم لا يسيطرون على منابع الغاز بل ان اغلب منابع الغاز هي بيد روسيا وان اوربا تكاد تعتمد اعتمادا كليا عليها فلذالك علمت اوربا وامريكا انهم سيصبحون عاجلا او اجلا تحت رحمة روسيا, فوقف هؤلاء على مفترق طرق اما ان يتركوا الاحتكار لروسيا ويضعوا انفسهم تحت مطرقة الروس او ان يجدوا البديل للغاز الروسي!
وبالفعل قرروا ان يجدوا البديل وهو خط انابيب غاز نابوكو الممتد من نقطة التجمع في تركيا الى النمسا وبطاقة نقل أكثر من 40 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا ويتم تشغيله سنة 2014 وهو المشروع البديل والمنافس لمشروعي السيلين الشمالي والجنوبي الروسيين
Nord Stream and South Stream
ولكن السؤال المهم هو من اين يأتوا بهذه ال40 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا?!
ان الدول البديلة التي يمكن ان تمون هذا الانبوب بالغاز هي دول منطقة ما وراء القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الاوسط شريطة عدم مرورهم بالاراضي الروسية
والدول الابرز وهي
تركمانستان
واذربيجان
والعراق
وايران
ومصر
قطر
ولنناقش معا ظروف كل دوله على حده
اما تركمانستان فقد وافقت على امداد هذا الانبوب الذي تكون نقطة التجمع في (Erzurum) ارضروم في تركيا. ولنرى هذه الخريطه حتى يكون عندنا تصور اوضح
لكي يصل الغاز التركمانيستاني الى تركيا فلا سبيل الا عن طريق مد انبوب في بحر قزوين وهنا يجب على تركمانستان ان تاخذ موافقة الدول المطله على بحر قزوين ومنها روسيا وايران لانهم تجمعهم بما تسمى اتفاقية الدول المطله على بحر قزوين اذا هنا الغاز التركمانستاني قراره بيد الروس فالقضية محسومة لروسيا التي لا يمكن ان توافق على هذا الامر
واما اذربيجان فلا يمكن نقل غازها كما كان مخطط له عن طريق ارمينيا لانه يجب ان يحل النزاع الشائك بين البلدين حول إقليم كاراباخ اولا وهذا النزاع على ما اعتقد ان روسيا تلعب فيه دورا مهما لعدم اتفاق الطرفين
ولها تاثيرا ملحوظا هلى اذربيجان لتواجد اكثر من مليون عامل اذري في روسيا يدعمون الاقتصاد الاذري بما يقارب ال 5 مليار دولار سنويا وبلا اي شك ان وجود حل لهذه القضيه بين البلدين ليست بمصلحة روسيا لان الصلح من شانه ان يمد انبوب غاز نابوكو المنافس لغاز روسيا بالغاز الاذري!
ولم تقف روسيا عند هذا الحد بل استطاعت ان تاخذ خطوه استباقيه لسد المنافذ على انوب نابوكو فسارعت لشراء غاز آسيا الوسطى وبحر قزوين عبر مناقصة للغاز وخاصتا الغاز الاذري فالغاز الاذري حسمت امره روسيا لصالحها ايضا
وكان هناك خطة لمد الغاز من اذربيجان عبر جورجيا ولكن تلك التمديدات دُمرت خلال حرب البلقان سنة 2008، حين اعتدت جورجيا على أوسيتيا الجنوبية بعد انفصالها عن جورجيا، وتدخل الجيش الروسي لحماية الأوسيتيين، فقامت القوات الروسية بهجوم مضاد سريع دمرت فيه كل ما له علاقة بخط غاز نابوكو،
الغاز الايراني
ايران كروسيا فهمت لعبة نابوكو من البدايه ولم توافق بامداد هذا الانبوب بالغاز الايراني رغم كل التهديدات الغربيه لا بل زادت ايران طين نابوكو بله فقد اعلنت بانشاء انبوب غاز ايران سوريا الممتد عبر الاراضي العراقيه وستكون سوريا هي نقطة التجميع على اساس الحاق الغاز اللبناني والمصري بسوريا لاحقا وهنا اطلقت رصاصة الرحمه على الاحلام التركيه باكمال مشروع غاز نابوكو وان تكون تركيا هي مركز التقاء الغاز الواصل لاوربا فبذلك تحقق ارباحا لم يحلم بها اي تركي وسيفرضون دخولهم للاتحاد الاوربي لاحقا على اوربا ورغم انفهم
لذالك لم تفرح تركيا ابدا بهذا المشروع الايراني فعجلت بالحرب على سوريا ودعم المنشقين والارهابين ورفضت كل التسويات بالسر والعلن لدمار سوريا ليس لاجل تطبيق او دعم مشروع ديمقراطي او نشر الديمقراطيه التي هي تفتقدها اصلا بتعاملها مع الاكراد وانما رغبتا لعدم اكمال المشروع الايراني و التوجه لاكمال مشروع نابوكو الحلم لتركيا
فنحن اما ان نشهد انهيار النظام السوري اليوم او غدا واما تقسيم سوريا لافشال مشروع غاز ايران سوريا ولاكمال مشروع نابوكو والاستحواذ على غازسوريا وربطه بنابوكو لامداد اوربا اي موتوا ياسوريون ويا عرب لاجل ان يعيش العم سام وابو ناجي بالدفيء
الغاز العراقي
طبعا لو علمنا ان احتياطي العراق من الغاز 3170 مليار م/مكعب اي 1.7% من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي فلعرفنا ان الغاز العراقي مؤثر كثيرا في لعبة الغاز العالمية رغم عدم شهرة العراق بانتاج الغاز
فلذالك نجد ان قانون النفط والغاز العراقي لازال محلك سر ولا زال متاخرا بسبب التاثيرات الامريكية عليه حتى ضمان امداد خط نابوكو من الغاز العراقي على ما اعتقد
والغاز موزع في العراق في الحقول الشمالية والجنوبية
لقد سارع الاكراد في الشمال بتوقيع اتفاق بامداد خط نابوكو بالغاز ولكن الغته الحكومه العراقيه لاحقا فحصل الخلاف واستغلت قطر هذا الخلاف بين الكرد والحكومة الشيعية فعرضت قطر الدعم للكرد على ان يفكوا الارتباط التاريخي بينهم وبين الشيعة ولو حصل ذالك لصب هذا الامر بمصلحة نابوكو لان قطر لاعب اساسي في هذا المشروع وسياتي التفصيل انشاء الله
فالاكراد اليوم من اشد المؤيدين للتعاون مع نابوكو لانه
اولا مشروع العم حامي الحمى العم سام الامريكي فيجب ان يدعموه بكل ما اوتوا من قوة
وثانيا بفضل وبركة هذا المشروع تم التقارب بين العدويين التاريخيين الاكراد والترك وتوحدت المصالح وبذالك ستستطيع كردستان الاتصال بالعالم من خلال تركيا (التي لاحقا ستكون جزءا من اوربا ) ولانها لاتستطيع تحقيق الاتصال بالعالم لامن خلال ايران المحاصره ولا من خلال سوريا المدمره ولا العراق مستقبلا عند اعلان استقلال كردستان وهذا ما سنشهده شأنا او ابينا ولكن الامر متوقف على حسم قضية المناطق النفطية المتنازع عليها ومنها كركوك لصالحهم لظمان كميات اكبر من الغاز لنابوكو بل سيكون العراق تحت رحمة حكومة كردستان لو اراد تزويد نابوكو بغاز الجنوب لانهم يجب ان يمرروه من خلال كردستان
ومن نتائج هذا التقارب الكردي التركي استطاعت الاخيرة شراء سكوت الكرد في عمليات تصفية حزب العمال الكردستاني ودخول القوات التركية في كردستان الارض المقدسة للكرد التي لم يسمحوا حتى للجيش العراقي بدخولها, وبالطبع لا يمكن ان ننسى ان عملية القبض على عبد الله أوجلان زعيم الحزب سنة 1998 بعملية مشتركة بين السي اي اي والموساد الاسرائيلي الا صفقة مع تركيا لتصفية هذا الحزب لظمان عمل انبوب نابوكو باكمل وجه وانهاء لاي وجود او تاثير روسي في المنطقه
فامريكا باقل التقديرات ستظمن غاز الشمال العراقي مستقبلا, وليس لروسيا اي تاثير يذكر على هذا الامر الا من خلال دعمها السري لحزب العمال الكردستانيPKK كما تفعل امريكا مع تنظيم القاعده الارهابي ويجب ان تعمد روسياعلى تقويته وجعله الورقة الاخيره التي ستلعب بها لتاخير مشروع نابوكو من خلال شن هجمات ارهابيه على هذا الانبوب لو نجح
واما الحكومة المركزية العراقية فاعتقد ان وافقت على امداد خط غاز نابوكو بالغاز العراقي فأمامها عدة صعوبات
الاولى والاهم هي ان حقول العراق الغازية غير مهيئة للتصدير وغير معدة لذالك
والمشكلة الثانيه هو عدم اكمال قانون النفط والغاز لحد الان
والمشكلة الثالثة هي العلاقات المتدهوره مع اربيل وانقره والتي تسوئ يوما بعد يوم ولذالك عمل الغرب على اسقاط الحكومات الشيعية في العراق بمساعدة جميع كلاب نابوكو من مملكة ال سلول وقطرائيل وتركيا والاكراد ليأتوا بحكومات اكثر ليونه واسهل بالتعامل مع الاكراد والاتراك على اقل التقديرات لامداد خط نابوكو بالغاز العراقي
وان لم توافق الحكومة المركزية على امداد خط نابوكو بالغاز وهذا ما نأمله فعليها هنا استغلال فرصة الاشتراك وبكل طاقتها بمشروع خط غاز ايران سوريا لان هذا الخط له مستقبل اكبر ولكن الامر مرهون بالهدوء على الساحة السورية واللبنانية وهذا ما اشك فيه ان يحصل في القريب العاجل لتكالب كلاب نابوكو على سوريا ولبنان
واما غاز مصر فلن يعول عليه كثيرا لو علمنا ان طاقة مصر المصدره لخط نابوكو المتفق عليها لا تتجاوز ال 5 مليار متر مكعب في السنة من اصل ال30 مليار او ال40 مليار بعد الزياده التي يجب ان يصدرها خط نابوكو لاوربا
ولكن في كل الاحوال فقد وصل الانبوب المصري الى سوريا وهو اليوم بعد هذه التطورات امام خيارين
اما الاشتراك مع خط الانبوب الايراني السوري, هذا في حال صمود سوريا وافشال المخطط الارهابي الذي يستهدفها وهذا ما اشك فيه لعدة اسباب الاول ان الهجمة على سوريا شعواء ليس من السهل التصدي لها
والثاني ان الحكومة المصرية اليوم اتخذت موقفا معاديا لسوريا وهي مع التغير ولا اعتقد انها تشجع هذا المشروع لاسباب طائفية وللظعف السياسة المصرية في مواجهة الارادة الامريكية
والخيار الثاني هو اكمال مشروع الخط العربي مصر سوريا الى تركيا لامداد نابوكو بالغاز المصري واعتقد هذا ما تفضلة مصر من خيار ولكن يتطلب من مصر زيادة حصتها ولاجل ذالك اتخذت مصر من الان خطوات لتوفير الغاز المستهلك داخليا من خلال تقليل عمل المحال التجارية لتقليل استهلاك الكهرباء المنتج من محطات الغاز حتى يتم تصدير الفائض
قطر
اما الغاز القطري فامره محسوم مسبقا منذ انقلاب الابن على ابيه سنة 1994 بالمباركة الامريكيه لانها ستنشيئ انبوب غاز يمتد منها عبر الاراضي السعوديه مرورا بالاردن ثم اسرائيل فكان مشروع هذا الخط هو احد الاسباب التي دعت مجلس تعاون الخليج الفارسي بعرض عضويته على الاردن
وهذا الخط اما سيتم ربطة بالانبوب نابوكو عبر سوريا بعد سقوطها او تقسيمها مستقبلا او ايصال هذا الخط الى تركيا عبر البحر ثم يتم ربطة بنابوكو لتزويد اوربا
وتقديرا لجهود قطر الاستثنائية في العمل على انجاح مشروع نابوكو والخط القطري الاسرائيلي وباقي المشاريع الامريكية في المنطقة والعالم تبرعت امريكا لقطر بحقها لاستظافة مونديال كاس العالم لكرة القدم 2022 ورامت بهذا العمل لاظهار قطر كدولة مؤثرة في العالم وليست كما قال عنها المقبور جمال عبد الناصر نخلتين وخيمة تريد التاثير على مصر
فبلد النخلتين والخيمة اصبح بالفعل مؤثرا وخاصتا في التآمر على قضايا الامة وتحقيق مصالح الغرب
واراد الامريكان ايضا ان تتصدر قطر الدول العربية وتكون محط انظار وفخر للعرب باستظافتها لهذا الحدث وفعلا نجحوا في هذا الامر فرأينا احتفالات العرب من عمان الى موريتانيا بفوز قطر بهذه الاستظافه وكيف اصبحت نخلتين وخيمة في ليلة وضحاها من اهم واقوى الدول سياسيا واعلاميا في المنطقة
وهذا العمل المظني والدؤوب من قبل قطر لانجاح مشروع نابوكو قد ازعج الروس فسائت العلاقات بين الاثنين وما ازعجهم اكثر من قطر ان الاخيرة عرضت على روسيا 10 مليارات دولار فقط لتمرير قرارات ضد سوريا وعدم استخدام الفيتو وهذا ما رفضته روسيا لا بل حركت مع حليفتها الصين الاساطيل لاجل حماية سوريا
لقد نجحت روسيا لحد الان بمحاصرة خط انابيب غاز نابوكو واستطاعت في غلق اغلب منافذه حتى اجبرت هذا المشروع لتاجيل الافتتاح من 2014 الى 2017 وبذالك وزادت تكلفة هذا المشروع من 11 مليار دولار لتصل الى 21 مليار واخر اعلان وصل الى 24 مليار دولار
فان لم نقل ان روسيا وايران وسوريا قتلت مشروع نابوكو بل انهم اصابوه بالشلل التام
ذهبت كل احلام الغرب بالاستغناء عن الغاز الروسي مهب الريح ولو مؤقتا حتى يتم معالجة نابوكو من شلله وهذا لن يتم قبل 2017 لو فرضنا تهاون الروس بالموضوع
وذهبت احلام تركيا وكل الترتيبات السابقة من الغرب مهب الريح لاظهار احد كلاب نابوكو اردوغان كبطل اسلامي يناصر القضايا الاسلامية والعربية من خلال معاداته لاسرائيل. اسرائيل هذه التي لها سيطرة واضحه على الاقتصاد التركي بموافقة ومباركة اردوغان!!
ومن خلال نصرة القضيه الفلسطينيه فعمد كلب نابوكو هذا على ارسال سفينة مرمره لكسر الحصار على اهل غزه وتقديم بعض النشطاء الاتراك كبش فداء للمصالح التركيه حتى يتصور العرب انهم مع تركيا في خندق واحد في مواجهة اسرائيل وقد نجحوا بهذا الامر بينما اردوغان في نفس الوقت يملئ تركيا قواعد صواريخ امريكيه لحماية اسرائيل من اي هجوم محتمل عليها من قبل ايران
واخيرا عمد الغرب على اظهار اردوغان العبد المؤمن الذي يناصر اهل السنة المظلومين من الشيعة في العراق
بينما هو في نفس الوقت يساند وبقوة الزمر الارهابية التي تقتل السوريون السنة في سوريا فبسذاجة العربي وجهله صدق الاسطورة الاردوغانيه واصبح كل واحد منهم يحلم ان يكون لديه رئيسا كاردوغان مناصرا لقضايا الامة ومدافعا عن حمى الدين والمظلومين
فكلاب نابوكو تكالبت على حزب الله بالامس واليوم على سوريا فهل نشهد تكالبا على ايران ام انهم لايجرؤون على ذالك؟
الصور المرفقة
تحذير : يتوجب عليك فحص الملفات للتأكد من خلوها من الفيروسات والمنتدى غير مسؤول عن أي ضرر ينتج عن إستخدام هذا المرفق .