*بسم الله الرحمن الرحيم*
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
انقل ادناه مقطع / مقتبس عن سماحة السيد محمد علي الحلو ، احد باحثي القضية المهدوية وعلامات الظهور
التشدّد السندي أم التسامح السندي ؟
----------------------------------------
تُعدّ مسانيد الروايات إحدى آليات معرفة الصدور، فالسند لا يعدو عن آليةٍ للوثوق بجهة الصدور، أي السند لم يكن بحدّ ذاته غاية يتابعها الباحث، بل هي وسيلة من خلالها يطمئنّ الباحث من صدق صدور الرواية ومعرفة جهتها، على أنّ الوثوق لا يتوقّف أحياناً على صحّة وصدق صدورها، وهذا يمكن تطبيقه على ممارسة الاستنباط الفقهي والبحث الاُصولي؛
إذ لا يمكن للفقيه أن يفتي في حكمٍ فقهي ما لم تكن هناك أدلّة صحيحة يستند إليها في استنباطاته واجتهاده الفقهي، وكذا الحال في مباحث الاُصول، فإنّ للرواية الصحيحة أثرها في تقنين العمليّة الاُصوليّة والبتّ بها، وهكذا تتزايد أهمّية البحوث السنديّة تبعاً لأهمّية القضيّة المبحوث عنها، والتي يتوقّف العمل بها على الروايات الصحيحة،
في حين أنّ التشدّد السندي لا يُعدّ من الضرورة بحال في أحيان اُخر، فالقضيّة التاريخيّة لا تحتاج في بعض الأحيان إلى التشدّد السندي في روايتها، فلعلّ تناقلها يتعاطاه الثقة وغير الثقة لما تُحدثه هذه القضيّة من وقعٍ في نفس المشاهد فيتناقلها عنه الرواة كونه شاهدُ عيان حدثت هذه القضيّة أمامه.
نعم، هناك من القضايا التاريخيّة التي لها أثرها في السير العلمي أو في ملازمات البحوث الاُخر، فإنّ التشدّد السندي سيكون داعياً لمعرفة صحّتها والوثوق من وقوعها.
وكذا الحال فيما يتعلّق بروايات علامات الظهور، فلعلّ الحال بها أدعى إلى التسامح السندي منه إلى التشدّد؛ ذلك لأنّ علامات الظهور ما هي إلاّ إشارات مستقبليّة تُشير بها هذه الروايات إلى ما يمكن وقوعه تزامناً أو قبيل اليوم الموعود، وهذه الحالة _ وهي معرفة ما يدّخره المستقبل من اُمور _ تتوق إليها النفوس عموماً بغضّ النظر عن توجّهاتها وما تتّصف بها من ثقةٍ وعدالة أو خلاف ذلك، فإنّ النفس الإنسانيّة حريصة على معرفة ما تلاقيه من مستقبلٍ مجهول يضمّ بين جنباته مفاجئاتٍ تكون سبباً لسعادته، أو داعياً لشقائه،
لذا فالإنسان يتطلّع إلى متابعة هذه العلامات وملاحقة ما روي في شأن المستقبل، ممّا حدى أن يكون هناك اهتماماً خاصّاً لدى البعض في معرفة هذه العلامات أو رواتها بغضّ النظر عن كون هذا الراوي أو ذاك ثقة أم لا، أي أنّ حالة الانبهار لدى النفوس سبباً في ملاحقة مثل هذه الأخبار ومتابعة تفاصيلها، فلربّما يهتمّ بها من كان ثقةً أو يتابعها غير الثقة على أساس معرفة ما سيحدث،
لذا فلا مجال للتشدّد السندي في هذا المضمار؛ إذ على أساس التشدّد سنطرح الكثير من هذه الروايات التي أوْلى الاهتمام بها الثقة وغير الثقة على السواء. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنّ لعلامات الظهور قرائنها المزامنة لها التي تدلّ على صحّة ورودها أو عدمه، بل أنّ القرائن التي تحدث في أجواء مناطق الظهور تشير إلى إمكانيّة تحقّق هذه العلامات، بمعنى أنّ هناك دلائل في الاُفق تشير إلى بوادر هذه العلامات والإشارة إلى تحقّقها مستقبلاً؛ لذا فمن غير العملي أن نشدّد في أسانيد هذه العلامات، فإنّ للقرائن العامّة أثرها في قبول أو عدم قبول مثل هذه العلائم.
على أنّ التسامح في أسانيد هذه الروايات والتعاطي معها سبباً في معرفة هذه العلامات بالجملة بغضّ النظر عن تفاصيلها، أي يمكننا أن نتعرّف جملةً على ما سيحدث مستقبلاً تاركين تفاصيل ذلك إلى المستقبل، وما من شأنه تحقيقه، هذا إضافة إلى أنّ الاحتياط في معرفة بعض تكاليف يوم الظهور داعياً إلى التسامح في مثل هذه الروايات، فإنّ العقل يدعو إلى أن نحتاط فيما سنلاقيه من فتنٍ وملاحم كما هو الحال فيما لو أخبرنا أحدهم بأنّ ما يلاقينا في طريقنا هذا خطراً ما، فإنّ العقل يدعو إلى أن نحتاط ونحذر فيما سنلاقيه تحرّزاً من الوقوع في الهلكة، وهذا بغضّ النظر عن كون المخبر ثقةً أم لا، وكذا الحال في علامات الظهور، فإنّ احتمال وقوعها سيجنّبنا من خطر الوقوع في مهالك تودي بنا وبمستقبل ما نصبو إليه.
---------- انتهى النقل -------------
اقول ( الباحث الطائي ) / نعم موافقين بالعموم وهذا المنهج لعله ساري لدى كثير باحثي القضية المهدوية وعلامات الظهور المبارك .
إلا اننا مع هذا نضيف ما هو ضروري احيانا في فهم التفاصيل بعد التنزل قليلا عن سند الرواية ، وذلك من خلال تدقيق وتفحص نفس المتن ومحاولة معرفة ما اذا كان هناك اضطراب وتردد فيه غير مقبول دينيا او منطقيا ، او ما يحتاج الى تأويل خاص لفهمه ، بالاضافة ال ربط احداث العلامات ببعضها لاستخلاص الفهم الادق وتاكيد الروايات بعضها ببعض .
بمعنى مختصر : التساهل في سند الرواية (بعد ان تم تعليل الاسباب السابقة) لا يعني اخذ النص كيفما كان دون تفحص علمي من جهات اخرى اذا اقتضى الامر ، لكي يمكن الاستفادة من مضمونه بالشكل الامثل والصحيح وبقدر الامكان .
مشكلة اخرى : وهي اننا وجدنا في السنوات الاخيرة وخاصة بعد تفعّل فرضية عصر الظهور التي هي تحت المتابعة الان ،
بانّ هناك احياناً عدم تناسب بين نتائج طروحات وبحوث واسقاطات الباحثين مع نوع الادلة الداعمة لطروحهم ، وهذا ظهر بشكل متكرر عند عدد من اهم واشهر الباحثين المعروفين الان . فكم من نتائج وفهم يظهره الباحثين للمتابعين وكانه حقيقة قاطعة مستخلصة من الروايات ، رغم ان الدليل الروائي / العلمي لا يساعد على القطع ، بل لعله يفيد في احسن احواله الاحتمال الاقرب او الترجيح المعتبر . اذا لم يكن احياناً - اصلا ابعد قبولا من غيره من الاحتمالات .
(مثال) - ولعل نظرية "عراقية اليماني " ( وعلامة التفجير النووي في الشام / الرجفة ) لسماحة الشيخ جلال الصغير مثال تقريبي لفهم هذا الامر ، رغم انه لا يوجد نص روائي عليها ! ، بل النص الروائي او الادلة والقرائن اقرب الى تثبيت يمانية اليماني ، وكل الذي استند عليه الباحث هي ما يعتقده من ادلة منطقية مستنبطة من فهمه للروايات ( رغم وجود اعتراضات على هذا ايضا ) ، وهذا بطبيعة الحال "علميا " لا يساعد على "اليقين والقطع" بعــراقية اليمانــي !
بالعموم لا نريد في هذا الطرح مناقشة هذا الموضوع بقدر ذكر مثال لتقريب الفكرة وما يجري في الواقع العملي احيانا .
والله اعلم
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 19-05-2015 الساعة 01:32 AM.