ان كتاب ( الصراع بين الأمويين ومبادئ الاسلام ) للدكتور نوري جعفر المطبوع عام 1978 في مطبعة دار المعلم بالقاهرة كتاب مهم وغني بمعلوماته القيمة وقد حرص المؤلف على بناء دراسته من كتب أهل السنة وكلما أردت الاختصار فلم أتمكن لأن جميع ما في الكتاب مهم في نظري . لذلك اخترت اليوم موضوع سميته ( كيف تمت البيعة ليزيد بن معاوية ).. نتصفح الكتاب الصفحة54 لنقرأ :
عندما أراد معاوية أن يعزل المغيرة بن شعبة عن الكوفة ويستعمل بدله سعيد بن العاص بلغ ذلك المغيرة فقدم على معاوية واقترح عليه تولية يزيد – من بعده – (خليفة) المسلمين فثنى ذلك معاوية عن عزله وأوجد في نفسه ميلا لتخليف يزيد ..
فمضى المغيرة حتى دخل على يزيد وقال له : أنه قد ذهب أعيان أصحاب النبي وبقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأيا وأعلمهم بالسنة والسياسة ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة !!!! ....فدخل يزيد على أبيه وأخبره بما قال المغيرة .. فأحضر معاوية المغيرة .
قال المغيرة يا أمير المؤمنين قد رأيت ما كان من سفك الدماء.. وفي يزيد منك خلف فاعقد له فان حدث بك حادث كان كهفا للناس ....
قال معاوية : ارجع الى عملك وتحدث مع من تثق اليه في ذلك وترى ونرى ..
وسار المغيرة ( وقد علق المغيرة على ذلك فقال : لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا- كل ذلك في سبيل بقائه أميرا على الكوفة) حتى قدم الكوفة وذاكر من يثق اليه أمر يزيد فأجابوه الى بيعته .. فأوفد منهم عشرة... وأعطاهم ثلاثين ألف درهم و جعل عليهم ابنه موسى ...
وقدموا على معاوية فزينوا له بيعة يزيد .. فقال معاوية لموسى : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم ؟؟؟ قال : بثلاثين ألف . قال : لقد هان عليهم دينهم (وقد فات معاوية أن يتذكر انه اشترى دين المغيرة بولاية الكوفة وأنه باع دينه باغتصاب خلافة المسلمين) فقوى عزم معاوية على البيعة ليزيد...
فكتب الى عماله بتقريظ يزيد وأن يوفدوا اليه الوفود من الامصار . فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو من المدينة والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة فتبادلوا الكلام في يزيد .. ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال : هذا أمير المؤمنين – وأشار الى معاوية – فان هلك فهذا – وأشار الى يزيد – ومن أبى فهذا – وأشار الى سيفه.
فقال له معاوية : اجلس فانت سيد الخطباء...
وخطب معاوية فذكر يزيد فمدحه وقال: من أحق بالخلافة منه في فضله وعقله وموضعه ..
( الكامل في التاريخ لابن الاثير ج3 ص249-251 ويروي ان معاوية – في الجلسة التاريخية الآنفة الذكر – سأل الاحنف بن قيس عن رأيه في يزيد : فأجاب الأحنف : نخافكم ان صدقناكم ونخاف الله ان كذبنا . وانت أعلم بيزيد في ليله ونهاره )