امتقع وجهيي و تغيرت ملامحي ، بعد لحظة ، سألت أمي :
- من ؟؟
- ولد عمة أبوك ، بسام ...
انصدمت ، بس ما تفاجأت ، أمّه لمحت أكثر من مرة قبل . كنت بصراحة متوقعة يجي يوم رسميا .
بس ما كنت أتمناه ...
- متى جوا ؟
- عارفة أنها كلمتني قبل تلميح ، أمس دخلت في الموضوع رسمي . الولد استقر بعمله و صار جاهز
صمتُّ صمْت طويل ، حتى النقاش بالموضوع ما يثير أي ذرة اهتمام فيني ، من يصدق هذا حال عروس تنخطب ؟
- بما أنك عارفة عنه كل شي ... ما يحتاج أقول أكثر
- بس أنا أحتاج أفكر ...
- فكري ، ما رح تلقي أحسن منه ، و رقعة الثوب منه و فيه
تجاهلت الموضوع أول يوم ، و بعد ما ردت الوالدة فتحته يوم ثاني ، و كلمني الوالد بعد ... بديت أحس
بالجدية ... يا تمر ، الموضوع جدي ، صحصحي ...
غصباً علي ، لا جيت أفكر ، مو صورته هو اللي تجي ببالي ، لا ... صورة حبيبي الهاجر ... آه يا عسل
للآن مرت شهور على زواجه ... ما ادري من اين جت هذه الدموع ؟ ما ابي اعيد فتح الجرح انسي يا تمر خلاص
انسي
ما نمت ذيك ليلة ، و ظليت سهرانه للصباح ، و اللي طلعت به من تفكيري الطويل ، فكرة وحدة بس ....
***
- معقول ؟؟ ما .... أصدق عيوني ....
-صدّق ... قمر قدّامك الحين ....
كانت أطرافي كلها ترتجف ، و قلبي يركض ، ما توقعت أني أظل حيّة ... كان هو ... آه ... ما تغير فيه
شي ... نفس الصورة و نفس الصوت ... نفس النظرات ... نفس الشعور اللي يعتريني لاشفته قدامي ... ما كأن الزمن فرق بيننا و لا لحظة وحدة ...
- فيه شي ، بغيت أقل لك عليه ، و أمشي ...
- تفضلي ؟ آمري ...؟ خير ...؟؟؟
مرت دقايق ... و انا جامدة بمكاني ، لا عرفت اجلس و لا أتكلم ، الرجّال عنده عمل ، و أنا ... ؟؟
هو ... بعد كان مرتبك ... و حس بتوتر الجو ، حاول يلطفه شوي و سألني عن الدراسة ...
-كيف الدراسة معك ؟
- الحمد لله
- الله يوفقك ، و تتخرجي بامتياز ان شاء الله
- إذا ... إذا واصلت ...
- ليه ؟ لا يكون ببالك تتركيها ؟ بعد كل هالسنين ؟؟؟
- حسب الظروف ...
توجس ، تغيرت نبرة صوته ، و قال :
-فيه شي ... جديد ...؟؟
وقف قلبي عند هذا السؤال ، بدون شعور ، رفعت وجهي صوبه و ظليت احدّق بنظراتي في عينه ، بدأ صدري
تنكتم أنفاسه و تتلخبط ... ما وعيت ، الا و الدموع تنجرف من عيني بغزارة ...
-قمره ....؟؟
ما ادري كيف طلعت الكلمة مني ... قلت فجاة :
- بسام خطبني ..
هل كان تخيل مني و الا بالفعل ... شفت الذهول يظهر فجاة على وجهه ، و تتغير ملامحه ، ما ادري كيف
قدرت أشوفها وسط دموعي ... أظنه تفاجأ ... و استنكر ...
- بسام ، ما غيره ؟؟؟
- .... نعم ....
-بعد صمت قصير
-لكن ... بسام ما يناسب مستواك الدراسي ...
هزيت راسي : لا
باسلوب المغلوب على أمره ... و مسحت دموعي باستسلام ...
-و ... ايش رايك ... وافقتِ ؟
- بعد ، ما قررت
- قمره ... لا تتسرعي ...
- إش تفرق ؟ بسام أو غيره ...
- على الأقل ، اختاري رجّال يناسب مستوى ثقافتك ... أحسن لك و له ...
- النصيب نصيب ... ما به شي ينعاب ...
- هذه حياتك ...... أنتِ حرة .....
طالعت فيه بشكل غريب ... و استغرب نظراتي ، و بعدها قلت :
- أتزوجه ؟ ...
تفاجأ من السؤال ، و بدا و كأنه يحاول يتمالك نفسه ، او كذا أنا تخيلت ، و قال :
-اذا تشوفيه يناسب لك ، وهو رجّال للحق جيد ، فـ ... على بركة الله ...
على بركة الله .... كلمة غرزت خنجر بصدري و صحت
- بس أنا أحبك أنت ...
طلعت الكلمة بلا شعور ، بلا وعي ، ما اكتشفت أني قلتها إلا بعد ما اهتز و انتفض قدّامي ،
و شاح بوجهه عني و بدت يديه تتحرك باضراب على وجهه ، تنقبض بشدة ... انتظرت منه ردة الفعل
التالية ... و جت أقسى من الطعنة الأولى ...
- قمر ... لا تهذري مشاعرك على رجال متزوج و خالص ...
حسيت بصفعة قوية على وجهي ، و فقت منها ... أنا وش جابني هنا ... أنا إيش سويت ...
وقفت بسرعة ، و جريت صوب الباب اداري دموعي بيديني ... كنت اسمعه و هو يناديني
مشيت و مشيت على غير هدى ، وصلت البيت ، حذفت جسمي على سريري ، و صرخت بوجه الوسادة ، بصرخة
مكبوتة :
- أكرهك يا عسل ، أكرهك أكرهك أكرهك ....
بعدها بساعة وحدة ، كنت عند أمي أقول لها :
- خللي العريس يجي الليلة .....
.................................................
" لا تكابر "
طرقت الباب ، و دخلت . شفت (سلطان) واقف عند النافذة ما ادري وش يراقب ؟
سلّمت عليه و ما رد علي .
رفعت صوتي :
- إحـم إحـم ! أقـول : العوافي يا طويل العمر !
انتبه لي ، و رد علي دون يلتفت صوبي
- هلا ياسر ...
من نبرة صوته ، حسيت أنه به شي . سألت :
- خير ...؟ كأنك تعبان أو متضايق ؟
ما رد علي ، و هذا اللي أكّد لي أن به شي . قلت يمكن ما يبي يقول لي ، اجل ندخل في موضوع الشغل .
- بغيت نراجع البنود للمرة الأخيرة قبل الاجتماع .
-الحين يا ياسر ؟ ما له داعي .
- عجب ! أنت اللي قايل لي أمس !
- خلاص ياسر . احضر الاجتماع وحدك و بالنيابة عني ، و الا أقول ، أجله الى بكرة .
تفاجأت ! أمس كنا حضّرنا كل شي ، و هذه أول مرة يقول لي فيها أجّل ! الرجّال مو طبيعي . كان واضح عليه
أنه ضايق الصدر ... رديت سألته مرة ثانية :
- فيه شي سلطان ؟ ما انت طبيعي . قل لي يا أخوي . توني مخليك عال العال قبل ساعة ! وش صار ؟؟؟
- ما فيه شي يا ياسر ، ما ودي أحضر اجتماع الحين .
- أنا مو تايه عنك يا سلطان ! مو تونا نعرف بعض . قل لي يمكن ترتاح ؟ أنا قريبك و صديقك و زميلك
في الدراسة و العمل و أقرب الناس لك . و الا ( الأحباب ) نسوك الأصحاب ؟؟؟
فجأة ، إلا و وجه الرجّال منعفس علي ، و ضرب بإيده على النافذة و زين ما كسرها . كأن الجملة اللي
قلتها صابت الهدف بالضبط .
سكت عنه لحظة ، أعرف سلطان ، مو من النوع اللي يعصّب بسهوله ، و مو أي شي يقدر يأثر عليه.
(أشياء معينة) ممكن تخليه بهذه الحالة ....
- قمر ...
قلت الاسم ، ودي اختبر ردة الفعل ، و ما اخطيت الهدف . بس سمعني لف راسه فجاة صوبي و خزني بنظرة
اعرفها زين . قدرت اشوف بعيونه كلام كثير مكبوت ... و قدرت أشوف يدينه و هي ينقبض بقوّه و عصبية
كأنه يحاول يمسك نفسه عن الانهيار ... لكنه ، ما قدر ...
على الكنبه اللي كانت جنبه ، ارتمى بانهيار ، و رفع راسه و غمض عينه و أخذ نفس طويل ... و طلع
بتنهيده مريرة ...
- رجّال طيب و أخلاقه ممتازة ، و يستاهل كل خير .... بس ...
... ما يستاهلها ...
يمكن قال الجملة دون يحس ؟ حبيت اتأكّد ، و كرّرت :
-ما يستاهلها ؟؟؟
- لا ما يستاهلها . قمرة ... بنت جامعية و ثقافتها عالية ، بسّام ... انسان بسيط ... ما فيه
تناسب بينهم . ما تستاهل واحد مثله ، و لا هو يستاهلها ...
- من يستاهلها أجل ؟؟؟
طلع هذا السؤال عفويا من لساني ، و ما ظنّيته رح يجاوب ، لكنه قال :
- واحد ... عالي الثقافة و المركز الاجتماعي ، ذكي ... واسع المدارك ، واسع التفكير ... يقدر يفهمها...
انسان عنده طموح ... عنده شخصية أقوى و أرقى ...
- مثلي يعني ؟
قلتها بمزحة ، بس شكلها طلعت غلط ! لأن صاحبنا رماني بنظرة توعّد و تهديد ! حبيت ألطّف الجو ، بس
الظاهر عكّرته بزيادة ، قلت :
- فيني كل الصفات اللي قلت عليها ! و انت تعرفني زين ! وش رايك ؟ ما أصلح ؟
و الله كان قصدي مزح ، بس سلطان و هو بوضعه الحالي ، ما بلعها ، صاح بوجهي :
- ياسر خلنا من سخافاتك ذي الساعة ، مو ناقصك أنت بعد .
بصراحة الكلمة جرحتني . هذا جزاي اللي أحاول أخفف عنه . قلت بجدية :
- وش فيني أنا ما يعجبك ؟
- أنت آخر واحد ممكن أسمح أنه يكون زوج لقمر .
هذه عاد كانت قوية و ما تحمّلتها ، كأنه يهزّئني الرجّال ؟؟؟ ما سكتّ عنه :
- و انت وش دخلك ؟ تسمح و الا ما تسمح ؟؟؟
ما عرف يجاوب ، ما عنده أصلا جواب . و لا له حق يتدخل . انتهزت فرصة صمته و قلت :
- هذه حياتها الخاصة و هي حرة تتزوج اللي تبيه . و اظن بسّام خوش آدمي ، و قلبه طيّب و لا به
غرور ، و أكيد رح يسعدها و الله يهنيهم مع بعض .
- ياسر ، ممكن ترجع مكتبك ؟
كأنها طردة ؟ مو صح هذه طردة ؟ انتوا فهمتوها طردة ؟؟؟ .. ما تزحزحت من مكاني ، كأنّي ما استوعبت
الجملة ، رد يقول و هو يضغط على كلامه :
- يــاســر أقـول مـمـكـن تـرجـع مـكـتـبـك ؟؟؟
و أجل الاجتماع إلى بكرة . مـمـكـن ؟
ناظرته لحظة ، و بعدها عطيته ظهري ، و مشيت . بس كان فيني كلمة غاصّة ببلعومي ما قدرت إلا أطلّعها.
فتحت الباب ، و قبل ما أطلع وقفت لحظة ، و لفيت صوبه ، و قلت :
- عارف إش مشكلتك يا سلطان ؟
إنك الى الآن مازلت معتقد أن قمر لك . مو قادر تتقبل أنها تصير لغيرك . مشكلتك يا سلطان ، أنك
تحبها و ما انت راضي تعترف لنفسك . لا تكابر ...
صرخت بوجه ( قمر ) و عيني مفتوحة أوسعها و حواجبي متقوسة حدها من شدة الدهشة و الاستنكار ...
- تروحين له بنفسك يا قمر ؟ أنت ِ أكيد جنيتي ؟؟؟
- اللي صار
- تمر ! تهورت ِ ، ليه تذلين نفسك له كذا ليه ؟
- رجاءا ( سلمى ) ... خلاص ...
طبعا أنا ما كنت ناوية أسكت ، لكن ... كأني لمحت بريق دمعة مكبوتة في عينها ، اللي خلاني أبلع لساني ، و اخمد ...
بعد شوي ، قلت :
- ... و بسّام ...؟ ... خلاص ... ؟؟
- ... خلاص ...
قالتها بمرارة و يأس ، صديقتي و اعرفها زين ، ما هي مقتنعة به ، بس قبلته كردّه فعل في لحظة يأس ....
بغيت أقول لها : ( إذا مو مرتاحة من قرارك ، راجعيه، لا تتهوري ... مو مضطرة تقبلين أحد مو مقتنعة به )
بس ما قلت ، و يا ليتني قلت ....
بصراحة ، كنت أبي ( قمر ) تتزوج ، و تنشغل بحياتها الجديدة ، و تنسى ( سلطان ) و أيام سلطان و عذاب سلطان .... يكفيها اللي لقت منه يكفي ...
قلت :
ٍٍ
- بسّام و النعم فيه ، رجّال الكل يمدح في أخلاقه ، اثنينكم محظوظين ببعض، هني لكم ...
مرة لحظة صمت ... بعدها ، غصبا ً عليها و بعد حبسة طويلة ، تفجّرت دموعها بغزارة ،
و رفعت ايدها تخفي وجهها الكئيب بها ....
تقطع قلبي و أنا أشوفها ، صديقة عمري ، و هي بذي الحالة ...
فتحت ذراعيني و طوقتها ... ضميتها لصدري بحنان ....
ظلت تبكي فترة ... و أنا احاول أواسيها و أربّـت عليها ....
هالمرة هي اللي بدأت الكلام ، قالت :
-مع الوقت ، أكيد رح أتعود عليه ، و أحبه ... و يستحوذ على اهتمامي و مشاعري ،
مو صح يا سلمى ؟ مو كل البنات كذا ؟ بعد ما ينخطبوا يتعلقوا برجالهم و يحبوهم ... صح سلمى ...؟؟؟
قالتها بكل مرارة ، ما ادري هي كانت تسألني و الا تسال روحها ؟
حسيتها ذيك اللحظة مثل الغرقان اللي يتعلق بأي ذرّة أمل بالنجاة ...
فهمت أنها محتاجة الى التشجيع ، إلى أن أحد يقول لها :
( صح رح تحبينه أكثر من سلطان ... نهاية سلطان مو نهاية الدنيا ...) ...
قلت :
- أكيد يا قمر ! و هذا أجمل شي في الزواج ، أن مشاعرك تتعلق بشخص يعني لك نصف العالم ، و أنت ِ النصف الثاني ....
- سلطان كان يعني لي العالم كله يا سلمى .... كله ... كله ...
قالتها و انفجرت مرة ثانية في بكاء أشد من اللي قبل ...
شديت ذراعيني حواليها ، ما قدرت استحمل شوفتها و هي تتحطم قدامي .
تمنيت ذيك اللحظة ، أن سلطان يظهر ، مو عشان يشوف إش قاعد يصير للبنت بسببه ، و لا عشان يسمع وش تقول عنه ، لا ....
عشان أمسك سكين و أقطع بقلبه مثل ما قطع قلب صديقتي الحبيبة ...
-يكفي يا قمر ... انسي اللي فات و خلينا في اللي جاي ....
خلاص يا قمر أرجوك ِ...
رفعت راسها و ناظرتني ... نظرة ما عمري رح انساها .... و دموعها مبلله وجها ، و عيونها حمرا ، و جفونها متورمه .... و وجهها كان أشبه بوجه المحتضر ...
- سلمى ... ودّي أبكي للمرة الأخيرة .... ممكن ؟؟؟
ما من حقي أعبر عن شعوري للمرة الأخيرة قبل الوداع ؟؟؟
سلمى ... سلمى ... اللي فقدته ما هو شي هيـّن ... أنا فقدت قلبي يا سلمى...
ما تبيني حتى أقول آه و أتألم ؟؟؟
حرام عليكم ... ما انتوا فاهمين وش عنى لي سلطان ... آه ...( العسل )...
... خلوني أبكي ... خلوني أبكي ...
ليه يا سلطان ؟ ليه ؟ ليه ؟ ليــــــــــــــــــــــــــــه .....
ذاك اليوم ... ما عمري بانساه ... من كل قلبي بكيت ....
و من كل قلبي دعيت بعد ...
يا رب أعيش و أشوف سلطان يتحطم و يتقطع قطعة قطعة ... مثل ما سوّى بقمر ...
... و ما كنت دارية ... أنها كانت ... ساعة إجابة ....
.............................
ما توقعت أني أقدر أنام بعد ذيك الليلة ، بس الظاهر التعب النفسي اللي عشته خلاني استسلم للنوم بسرعة عجيبة ...
و مع ذلك ، ما تهنيت ...
شفت حلم غريب ... يمكن أحداث اليوم هي اللي خلقته لي .
كنت أنا مع ( عسل ) في سفينة وسط البحر ... كنا مبسوطين ...
وفجأة ظهر ( بسام ) جاي من قلب البحر بقارب صغير ....
اقترب من سفينتنا و راح ينادي :
( قمر ... انزلي .... قمر ... انزلي )
كان وجهه مفزوع و مرتعب ... و كان يلهث و يتنفس بقوة و التوتر صارخ عليه ....
ناظرت ( عسل ) و أنا مندهشة ، و اندهشت أكثر لما شفته يبتسم ...
ما زال صوت بسام يدوي براسي ( قمر انزلي ) و يمد يده لي يبيني انزل القارب معه ... و انا واقفه جنب
( عسل ) ما اتحرك ....
فجأة ، بدأت السفينة تغرق و تغرق بسرعة ... و بسام يصرخ (يا قمر تعالي بسرعة ) و أنا مسكت يد ( عسل ) أبيه ينزل معي ...
إلا و أيده تتلاشى مثل الدخان ... و فجأة شفت نفسي طايرة بالهوا ...
أهوي صوب القارب و يد ( بسام ) تلتقطني ... و عيني على ( عسل ) و هو واقف بالسفينة و هي تغرق
- وأنا أعرف أنه ما يعرف يسبح - و أصرخ بقوة ، و بأعلى صوتي ...
ما قلت لـ سلمى أنا ايش رح أسوي ، لو عرفت ، كانت رح تصرخ بوجهي و تحاول تمنعني ... و اعرف أن معها الحق ... لكن ...
سلطان قلبي ... و ما اقدر أعصيه ....
كانت الشمس ترسل خواتم أشعتها قبل ما تودع السماء ....
و تبعثرت الأشعة الباهتة صوب الغرب ... و لونت الأفق بألوان نارية متدرجة ...
كان منظر جميل ... الشمس تودع ... لكن لنا معها بكرة لقاء جديد ....
و صلنا المكتب ، أنا و شوق ...
معظم الموظفين غادروا ... و الباقين ، يلموا أشياءهم و يرتبوها استعدادا للرحيل ...
أما سلطان العسل ... فكان واقف عند نافذة الشرفة المفتوحة ... يتأمل الشمس .... و يمسك مسباحه الفضي يحركه بين أصابعه ....
- السلام عليكم ، كيفك أخوي ؟
كانت شوق أول من تكلم ، ابتسم سلطان و رد التحية ، و لف تجاهي ، و قال :
- مساء الخير ، قمره ...
ارتبكت بشكل ما توقعته ... هذا هو سلطان قدّامي الحين ... يفصل بيني و بينه خطوات ... تلعثم صوتي و أنا أرد ..
-مساء ..... النور ....
- تفضلوا ...
رفعت ايدي و فيها الكتب ، و حطيتها على الطاولة ، و قلت أحاول أخفي توتري :
-هذه آخر الكتب ، شكرا ...
- العفو ، إن شاء الله بس عجبتك ؟
- نعم ، عجبني اللي قريته منها ...
جا صوت شوق ، و هي تحاول تلطف الجو شوي ، و قالت بمزحة :
- كم عمود حجزت لها بالمجلة ؟ ترى جايبة معها قصيدة طويــــــــلة ! و هالمرة مو ببلاش ! و الدفع مقدما !
- احنا حاضرين ... !
و داهمت الجو أصوات سرب من العصافير ، كان قوي ... و التفتنا كلنا صوب الشرفة ... و فتح سلطان البوابة الزجاجية للشرفة ، و طلع يتفرج عليها ، و مسكت شوق إيدي و أخذتني معها للشرفة ...
كان عدد العصافير كثير كثير .... و منظرها يشرح الصدر ... و الشمس اختفت ، و ما بقت إلا أطراف أشعتها تتراقص على أغنية السرب المهاجر ....
ظلينا فترة نراقب جمال المنظر دون كلام ... و لما تلاشت الطيور ... انتبهت على صوت سلطان يقول :
- يا ليت لي جناحين مثلها !
لفيت صوبه ، كان ما زال يناظر في السماء ... و نقل أنظاره تجاهي لما حس بحركتي ... و التقت نظراتنا التايهة ...
كأني حسيت بصدمة ، و باعدت أنظاري عنه ، و لفيت تجاه شوق ... و ما لقيتها ...
درت بأنظاري بالمكتب و حوالي ، و شفتها واقفة بعيد ، عند المكتبة ، تتفرج على الكتب و تتصفحها ، أو بالأحرى ... تتظاهر بتصفحها ...
كانت الشرفة واسعة ، و وقفنا عند أحد أطرافها ... و خيم علينا صمت رهيب ....
انتظرته يبدأ الكلام ... و بدا و كأني رح أنتظر لآخر العمر ....
الشمس الحين سحبت أذيالها ، و ما عاد فيه إلا لهيب الشفق الأحمر ... ينذر بالظلام القادم ...
- إش بغيت ... سلطان ؟
سبقته أنا بالكلام ... و أنا عيني على الشفق ...
- قمره ... أنا آسف ...
ما زالت عيني على الشفق ... مصرة تودعه لآخر لحظة ...
- على ايش ؟
قلتها و أنا أتظاهر بالبرود ، و داخلي نار تحترق ...
- على كل شي يا قمر ... أبيك ... تسامحيني .
- هذا كل شي ؟
كأن كلمتي أصابت منه موضع ألم ، تأوه ... و تنهد بمرارة ...
تنهيدته ذي ، قطعت قلبي ، حبيبي يتنهد يعني ضايق ٍ صدره ، و أنا ما اقدر أشوفه ضايق الصدر ...
وجهت انظاري صوبه ، و قلت ...
- سلامتك من الـ آه ...
- قمر ... قمر ... ما أدري إش أقل لك ...
- اللي بخاطرك ، اسمع ... خير ؟
و بعد تردد قصير ، قال ...
- قمر ، أنت ِ مقتنعة بـ بسـّـام ؟
وصلنا للنقطة الحساسة ... رغم أني كنت أتوقع يكلمني عن موضوع ارتباطي ببسام ، لكني مع ذلك اضطربت ...
- اش فيه بسام ؟ ما اقتنع به ؟ مو هو اللي رجال أخلاقه طيبة و ما ينعاب ... مو هذا رأيك به ؟
- صحيح ، بس مهم أنك ... تكوني مقتنعة به ....
- مهم ؟ مهم عشان مين ؟ عشان إيش ؟؟؟
- ... عشانك ... عشانكم انتم الاثنين ... عشان ... عشان حياتكم المشتركة المستقبلية ... قمر ... لازم تعطي نفسك فرصة أكبر للتفكير .... لسا ما فات الأوان ...
- الأوان فات ، خلاص .... أنا وافقت ، و الخطوبة بعد أيام ...
عض على أسنانه ، يعبر عن استنكاره ... و رفعت عيني عنه ، و طالعت بالسماء أدور الشفق ... اختفى و ما لحقت أودع النظرة الأخيره منه ....
رجعت بانظاري خائبة الأمل ... و حنيت راسي للأرض ...
- قمره ... ما أبي أكون سبب من أسباب تعاستك ...
- أنت ... سبب تعاستي كلها ... السبب الوحيد ...
ما ادري كيف طلعت مني الجملة ، غصبا علي قلتها ....
تضايق هو ، و قال بحزن ...
- أرجوك يا قمر ، لا تخليني أتعذب و أنا أحس بالذنب ... قمر أنت ِ عارفة أن ظروفنا ما سمحت لنا نرتبط ... عارفة أن بينا عقبات مستحيلة ... ما نقدر نتجاوزها ...
- نعم ، صحيح ...
قلتها بأسلوب ساخر ، الأمر اللي أثاره بزيادة ، و علا صوته و هو يكرر :
- ما هو بإيدنا يا قمر ... صدقيني ، كل واحد منا له طريقه ، ما فيه بينا تقاطع طرق
افهميني يا قمر ... أنا خلاص تزوجت و اللي صار صار ... و أنت ِ بعد رح تتزوجي، بس لازم يكون اختيارك عن اقتناع تام ...
- ما يهمني ، بسّام من غيره ...
- لا يا قمر ... لا ...
هذه حياة و مستقبل ...و عمر ... لازم تختاري اللي يناسبك ... اللي تقتنعي فيه ...
- ما غيرك قلبي يختار ... ما غيرك يملي عيني ... ما غيرك اقتنع فيه ...
بلاش اتزوج يعني ... ؟
لها الحد و ما قدرت أمسك نفسي ، انهرت في نوبة من البكاء الشجي ، وعطيته ظهري ، و ظليت أبكي و ابكي ... و هو صامت ، ما ادري كيف كانت تعابير وجهه ... بعد ما هدأت شوي ... سمعته يقول :
- تقبلي تتزوجيني و أنا متزوج ؟
...........................
ببطء ، لفيت انظاري صوبه ، و حاولت ادقق في تعابير وجهه ، لكن دموعي هزّت الصورة ... هل هذا عرض زواج و إلا مجرد سؤال استنكار ؟ ...
- ما أظن يا قمر ... ، ما أنت ِ مضطرة تتزوجي رجـّـال متزوج و قريب يصير أب ...
ارتجفت أوصالي ، و حسيت برعدة تهز جسمي كله ... و كلمة ( أب ) هذه رنت بأذني لين بغت تثقب طبلتها ...
معلومة جديدة ، جاي تصدمني بها بعد ... ؟؟؟
واصل هو كلامه ، لما شافني صامتة و في وضع ذهول ....
- بعدين ، ( منال ) وش ذنبها ؟ يرضيك بعد 3 أشهر من زواجنا ، أتزوج عليها ؟
إش يكون موقفي قدامها و قدام أهلي ؟ و حتى أهلك ... تتوقعي يرضوا بكذا ؟
أبدا يا قمر ... حتى مجرد طرح الفكرة أسخف من سخيف ...
- نعم ... سخافة ...
- فاهمتني يا قمر ؟
- نعم ... فاهمة ...
- شفت ِ كيف ، أن طريقنا مسدود ؟
مسحت دموعي .... و قلت بنبرة أقرب للعتاب :
- جايبني هنا عشان تقول لي ذا الكلام ؟
و استمر لسان حالي يقول ( كذا يا سلطان تسوي فيني ؟ تجيبني هنا عشان تقول لي : ما أبيك و لا اقدر اتزوجك ؟ كذا قلبك علي صار ؟ طاعك تسويها فيني أنا ؟؟؟ )
- لا يا قمره ... أنا ... أنا ...
و لا قدر يكمل ... سكت لعدة ثوان ... و تنهد بعدها ... و هز السبحة الفضية اللي بيدّه بعصبية ...
دار براسه في السماء ... كأنه يدور على طير ...
طير له جناحين ... يقدر يحلق بحرية ... بدون قيود ... في كل إتجاه ...
رجع يطالعني ... و كأنه يقول : ( للأسف ما ني طير و لا لي أجنحة )
- قمر .... أنا بغيت انبهك ... إلى أنك ما تندفعي و ترتبطي بانسان ما تبيه
لا تتسرعي يا قمر ... اعطي نفسك فرصة أكبر ... لا تقرري الزواج في الوقت الحالي ... ما أبيك تندمي بعدين ... قمر ... أرجوك ِ افهميني ....
- وش عاد يهمك أنت ؟ وش دخلك أصلا ؟ و الا مستكثر أو مستخسر بسام علي ؟؟
اندهش ، و استاءت تعابير وجهه ، و هز رأسه نفي ، و شاح بوجهه عني ...
هبت نسمة هواء باردة و منعشة ... و بدأت الستائر تتراقص ... و تطتيرت بعض الأوراق داخل المكتب ... اسرعت شوق تلملم الأوراق و ترتبها على طاولة المكتب، و صارت قريبة من الشرفة لحد ما ...
-سلطان ....
ناديته بصوتي الحزين الراجي ...
التفت لي ، و رد علي بحنان ...
- لبيك ؟
بدت غترته و كأنها رح تطير مع هبوب النسيم ، شالها و حطها على طاولة كانت موجودة بيننا ، و حط العقال فوقها ... و السبحة الفضية معها ...
و رد يقول لي :
- نعم يا قمر ؟ آمري ؟
أخذت نفس عميق ، تهيأ لي من شدته أني خلّـصت أنسام الهواء اللي عبرت علينا ...
كتمت النفس بصدري لحظة ... و طلّعته ، مع صوتي ، مع بقايا شجاعتي و جرأتي ، مع سيول دموعي و آهاتي ، مع مرارة عذابي و حرارة نيران صدري ... طلعته معهم كلهم ، دفعة وحدة ، في كلمة وحدة ، و نظرة وحدة ، و نفس واحد ...
- أحبك .....
أتوقع ، لو كان قدّامي ذاك اليوم جبل من الجليد ... كان انصهر ....
تبعثرت حروف الكلمة ... مع تبعثر جزيئات الهواء ... في كل اتجاه ...
وصلت لآخر الآفاق ... وصلت لأبعد الكواكب ... وصلت لأعمق البحار ...
لكن لأذنه ما وصلت ... لقلبه ما وصلت ... لمشاعره ما وصلت ....
ما قدرت رجلي تظل شايلتني ... ارتجفت ... فقدت التوازن
ارتميت على الكرسي اللي مع الطاولة ، و حنيت راسي فوقها ...
حسيت بالدنيا كلها تظلم بوجهي ... الشمس اللي غابت ما عاد ترجع ... الطيور اللي هاجرت ما راح ترد .... نسمات الهواء اللي تبعثرت مستحيل تتجمع مرة ثانية ....
وصلتني و أنا بها الوضع ، ريحة شذية ... أعرفها زين ....
كانت غترة سلطان عند راسي مباشرة ، و عليها العقال و السبحة ...
كان عطره يفوح منها ...
عطره يثير في نفسي شعور غريب ... ما اقدر أوصفه ...
رفعت راسي بالقدر اللي يسمح لي اشوف الغترة ...
و برقت بعيني السبحة الفضية ...
كانت السبحة رفيقة يده دوم ... ما مرة شفته إلا وهي بيده تتمايل ... على كل فص منه مطبوعة بصمات سلطان ....
- قمر ...
انتفضت على صوته يناديني ، رفعت راسي و طالعت به ... كان مازال واقف بمكانه مثل الجبل الفولاذي ....
- لا تضيعي مشاعرك على شخص ما عاد يستحقها ...
ما استاهل ...
جيت أبي أوقف ، فيه شي يشدني إني أحط راسي على الطاولة مرة ثانية بدل ما أقوم
قاومته ، و وقفت ... و شفت نفسي أقول دون تفكير :
- ولو ما كنت تزوجت ...؟؟
تردد شوي ، و بعدها قال :
- لكن أنا متزوج و الأمر منتهي ، ما عاد يفيد التلكين ...
قلت باصرار و عناد :
- و لو ما كنت أنت متزوج ؟؟؟
ما جاوبني ، صمته استفزني ... و قلت و أنا عيني مثبته بعينه أحاول أقرأ منه أي تعبير ... أي اشارة ...
- سؤال واحد بس ، و جاوب بصدق و بلكلمة وحدة بس ،...
تحبني ؟
ظل يناظرني ... و غمض ثوان ... و كأن ما يبي يشوف أثر الكلمة على تعابير وجهي ... لسانه ما نطق بها ... لكن صمته أكدها بشدة ...
الى هنا ، قررت أنسحب ... أختفي ... ما عاد فيه شي ينضاف ...
جيت أبي أمشي ، اطلع من الشرفة ... و وقع بصري على الطاولة ... و الغترة فوق الطاولة ... و السبحة الفضية تبرق فوق الغترة ...
ما دريت بنفسي ، شفت ايدي تتحرك ... تمتد صوب السبحة ... تمسك بها ... تقبض عليها بين أصابعها ... تاخذها ...
درت بعيني صوب سلطان ، و هو واقف يشاهدني و أنا آخذ السبحة بجرأة ... و عيني تقول في نظراتها :
( صارت لي ) !
و جا رده بابتسامه خفيفة ارتسمت على وجهه :
( صارت لك ) !
دخلت المكتب ، كانت شوق واقفة عند الطاولة ، بعد ما رتبت الأوراق فوقها
ما ادري ، اي جزء من كلامنا قدرت تسمع ... لكني متأكدة أنها شافت السبحة الفضية و يدي تدخلها بالشنطة ، و سمعتني و أنا أقول :
الليلة آخر ليلة لي .... بنت وحيدة ... من بكرة ، رح أصير ( خطيبة بسام ) ...
كانت الساعة 2 بعد نصف الليل ....
هذا الهاجس ما خلاني أعرف أنام ، حاولت أبعد الفكرة عن بالي باي طريقة ، و فشلت ...
هاجس ثاني ، خلاني أراجع في ملاحظات سلطان لي ، و أقراها وحدة ورا الثانية ... كأنها قراءة وداع ...
و بايدي ، ( السبحة الفضية ) ... يشهد و يتابع معي ... كلمة كلمة ...
ثنتين بعز الليل ، طلعت برى الحوش ...
مشيت بالحديقة شوي ... و رحت لعند ( الأرجوحة ) جنب النافورة الصغيرة ، و جلست عليها .... و تأرجحت ....
ثنتين نص الليل ، فيما الناس كلها نايمة ، إلا أصحاب الآهات المحرومين ...
أنا أتأرجح ببطء على أرجوحة الزمن ... و اسمع خرير الماء من النافورة اللي جنبي ...
و اتحسس النسمات الخفيفة الباردة ، تلفح بوجهي ... و تحمل معها ، شذى الورود الخلابة .... اللي تملي الحديقة ....
غمضت عيني ، و حسيت باسترخاء ....
شذني صوت الماء ... فتحت عيني ... لفيت اطالع النافورة .... و بلحظة ... حسيت بشحنة كهربية تسري بجسمي ... لما طاحت أنظاري على انعكاس صورة وجهي ... في قلب صورة وجه القمر ... على صفحة الماء ...
جفلت ، توقفت عن التأرجح ... تصلبت أطرافي ...
بحركة تلقائية ، رفعت عيني فوق ... للسماء السوداء المظلمة ... اطالع جمال و أبهة البدر المكتمل ... و نوره الساطع ...
وقفت اللقطة عند هالحد ... مرت لحظات ، و أنا جامدة مثل التمثال ... و راسي مرفوع لفوق و عيني تحدق في القمر ... و السكون يعم الأجواء ، إلا من خرير ماء النافورة ، و نسمات الهواء الحايرة ....
حسيت ببلل على وجهي ، معقولة ماء النافورة صعد لوجهي ؟
رفعت إيدي ، و عيني ما زالت تحدق بالقمر باستسلام تام لسحره و ذكرياته ... و تحسست الدموع اللي انسابت على وجهي دون تحس عيني بحرارتها ....
(( نلتقي كل نصف شهر احنا و القمر ... ))
سلطان ....
ضغطت على السبحة اللي بيدي ... كأني أحاول أمسك الذكرى ، لا ترجع للورا ...
ما عدت اشوف القمر ...
اختفى .... رغم كل النور اللي يصدر منه ....
رغم كل الجمال و العظمة اللي تحيط به ...
ما عدت اشوفه ....
سلطان العسل ... شاله من عرشه ... و جلس مكانه ....
صرت أشوف صورة سلطان ...
و بدل خرير الماء ، صرت أسمع صوت سلطان ....
و بدل أنسام الهواء ، صرت أحس أنفاس سلطان ....
و بدل أريج الورود ، صرت أشم .... عطر سلطان ...
بدت الدنيا تلف بي ، و الأرجوحة واقفة .... و الذكريات تتقلب بخيالي ... و المواقف تتسابق و تصطدم ببعضها البعض .... من غير تنظيم ...
تواعدنا أنا ، و حبيبي سلطان ... نلتقي نصف كل شهر مع القمر ....
تواعدنا ... نظل نتأمل القمر ... و كل ٍ يتخيل وجه الثاني بوجهه ...
تواعدنا ... نرسل مشاعرنا الدافية عبر القمر .... أنا من صوب ، و هو من صوب ...
المسافة كانت تفصل بيننا ، مع ذلك ، كنا نقدر نشوف شي واحد مشترك ، بنفس اللحظة ... القمر ....
(( أنا طالع أتأمل القمر يا قمره ، نلتقي ))
كنا نلتقي بالوهم ... بالخيال ... أرواح بدون أجساد ... مشاعر بدون حواس ... هناك ... عند القمر ... نصف كل شهر ....