|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 73159
|
الإنتساب : Jul 2012
|
المشاركات : 21
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
اهل البيت (عليهم السلام) .. بقلم .. محمد عباس التميمي
بتاريخ : 09-07-2012 الساعة : 04:48 PM
اهل البيت (عليهم السلام) ..
كتابة وتأليف : محمد عباس خلف لامي التميمي
طالب في المرحلة الاعدادية .. من مواليد 1996
تمت الكتابة عام 1433هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
ان الله تعالى قد ارسل رسله وانبيائه لغرض نبيل الا وهو انذار للناس و تنبيههم بأن وعد الله تعالى الذي وعده لعباده متحقق لا محالة .. ان مسيرة الانبياء والمرسلين مسيرة شريفة وخالدة لأنها مسيرة الحق القائلة بإلهية الله تعالى وربوبيته والداعية الى التصديق بذلك .
ان الله تعالى قد ختم سلسلة الانبياء والرسل بالنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وكان هو خاتماً للأنبياء والمرسلين واعظمهم وذا الرسالة الاشمل ... وان لهذا النبي العظيم اهل بيت خصهم الله تعالى بفضله وخصهم برحمته ، وضمهم الى صفوة عباده وجعلهم ورثة لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في الخَلق والخُلق والتصرفات والاقوال ، واصبحوا (عليهم السلام) تكملة لسلسلة الانبياء والمرسلين واتماماً لرسالة خاتم الانبياء والمرسلين .. فجعلهم الله تعالى حججاً على عباده في ارضه الواسعة .. وخصهم(عز وجل) بصفات جليلة وعظيمة خصهم بها دون غيرهم من عباده .. وحَرَم البعض منها فقد قال (عز وجل) :{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.
فقد اختصهم الله تعالى بفضله وجعلهم ائمة دون غيرهم من الناس ، وان الله تعالى يخص من يشاء بفضله ورحمته ....
ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بما فيهم من صفات جليلة وبما فيهم من اخلاق حسنة وكلام لطيف وبما تعرضوا له من ظلم واضطهاد وبما خصهم الله تعالى به من صفات وفضائل يشدون من يطلع على كل هذه الامور اليهم .. فان الانسان بطبعه يحب ان يطلع ويقرأ فهو فضولي يحب ان يطلع على كل ما يدور حوله ، وهو ينجذب الي اشخاص مثل اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ويقدر منزلتهم الجليلة والعظيمة عند الله تعالى ، ولكن العجب كل العجب ممن لم يقدر منزلتهم حق قدرها ومن حقد عليهم ومن ابغضهم .... فتضرر اهل البيت (عليهم السلام) قبل ان يتضرر ذلك المعاند الشقي .
ان اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يتمتعون بمنزلة رفيعة عند الله تعالى .. لذا فان ما نأمله هو التقرب منهم (عليهم السلام) وضمان شفاعتهم لنا .
وان آل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم وسيلتنا الوحيدة التي تضمن لنا السير على الطريق الصحيح الذي يضمن لنا التقرب من الله تعالى ، فهم الهداة الى الحق وهم الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه ...
لذا فان هذه الكلمات التي سيتم ذكرها تسعى للتكلم عن آل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اولئك الذين يهدون الى الحق والذين خصم الله تعالى بالعصمة بدلالة الآية الكريمة التي تقول :{انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطرهم تطهيراً}.
{من هم اهل البيت (عليهم السلام)؟ وما المقصود بكلمة اهل البيت؟}
ان التعرف على اهل البيت (عليهم السلام) يتطلب منا تبيين معنى لفظ اهل البيت وعلى ماذا يدل هذا اللفظ ، فقد ورد في القرآن الكريم الآية الكريمة التي تقول :{ انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً}
ان اول ما يجب تبيينه هو ان اهل البيت (عليهم السلام) في هذه الآية الكريمة هم اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولكن السائل يستفسر بسؤاله عن هؤلاء الاشخاص الذين ذكرتهم الآية الكريمة بلفظ اهل البيت ، والقصد هو التعيين .
ان هذه الآية الكريمة تذكر لفظ اهل البيت عليهم السلام وتخصهم بالطهارة من الرجس ، وان اول ما سنبينه هو ان لفظة اهل البيت تدل على من يعيش مع شخص من الاشخاص .. والمقصود ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم من يعيشون معه ، وقد اشار علماء اللغة العربية الى ان لفظ اهل البيت يطلق على الاشخاص الذين يباتون في بيت شخص ما ثلاثة ايام فقط ... عندها نستطيع اعتبارهم من اهل هذا البيت ، واذا ما طبقنا هذا القول على رسول الله تعالى واهل بيته فهذا لا يحصر اهل بيته (صلى الله عليه اله و سلم) على ازواجه فقط كما قال البعض من الناس ، وانما يشمل اللفظ اشخاصاً اخرين منهم عبيده (صلى الله عليه واله وسلم) ، وكل من بات عند رسول الله (صلى الله عليه اله وسلم) ثلاثة ايام وكان ضيفاً عنده .
نستنتج من هذا ان لفظ اهل البيت يطلق على من يبيت في بيت ما ثلاثة ايام .. فيكون عندها من اهل ذلك البيت ، وهذا يشمل جميع الاشخاص من غير استثناء ، ان هذا يوصلنا الى نتيجة مقبولة عن هذا اللفظ ، الا وهي ان التعيين لم يرد في هذه الآية الكريمة وانما كان القصد بها هو كل من بات ثلاثة ايام عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بلياليها ، لذا نتجه الان الى تبيين هؤلاء الاشخاص وتعيينهم .
ان تعيين اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يتم من خلال ما لدينا من ادلة وبراهين تبين لنا ذلك ، ويمكن ان نقول ان المشيرين الى اهل البيت (عليهم السلام) يمثلون اتجاهين اثنين : قسم اشار الى ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم ازواجه ..
بينما اشار الاتجاه الاخر الى ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ولد الحسين (عليهم السلام) ... وسيتم فيما يأتي دراسة لكلا الاتجاهين :
عندما نأتي الى الاتجاه الاول القائل بأن زوجات النبي هن اهل بيته والذي يجعل منهن معصومات من الخطأ وننظر الى ما يعرضه من ادلة لا نجد سوى القول بأن الآية الكريمة قد ذكرت في ضمن الحديث الله تعالى في القرآن مع زوجات النبي ، ولكن عندما ننظر الى التأريخ ونقلب صفحاته نرى ان زوجات النبي لم يجرؤن على القول بأنهن معصومات من ارتكاب الخطأ بالإضافة الى ان التأريخ لم يغفل عن اخطاءهن ومخالفة بعضهن لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وعندما ننظر الى هذا الاتجاه من جانب اخر .. الا وهو جانب التبليغ نرى ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لم يصرح في موضع واحد ان زوجاته (صلى الله عليه واله وسلم) هن اهل بيته ، وعندما ننظر الى لفظة عنكم نرى انها تدل على مجموعة من الاشخاص ليسوا ذكوراً او اناثاُ وحسب وانما ينتمي لأهل البيت رجال ونساء الامر الذي يجعلنا نشكك في ان الزوجات هن المقصودات لان المفروض ان تقول الآية الكريمة عنكن لتبين ان اهل البيت هن زوجات النبي ولكن هذا ما لم يحدث ، وعندما ننظر الى لفظ اهل البيت نرى ان فيه نوعاً من التخصيص فقد ورد بمورد اهل البيت الامر الذي يدل على ان الاهل هؤلاء هم من بيت واحد وليسوا من بيوت متعددة .. عكس زوجات النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لان لكل منهن بيتاً ، ولو اراد الله تعالى ان يقول ان الزوجات هن اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، لوردت الآية الكريمة قائلة اهل البيوت بدل اهل البيت ، ولكن الآية الكريمة لا تدل على تعدد البيوت وانما تدل على بيت واحد كما هو واضح ، لذا فان كل هذه الامور تجعل من هذا الاتجاه ضعيفاً من حيث الدلائل والبراهين بل من حيث الادعاء ايضاً .
ومن ثم ننظر الى الاتجاه الاخر والذي يقول ان فاطمة و الاثنا عشر اماماً (عليهم السلام) هم اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فنرى انه مدعم بالأدلة والبراهين التي تدل على ذلك وتبين انهم اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فعندما ننظر الى سيرة هؤلاء الاشخاص العظماء نرى ان معنى العلم والحكمة والوقار يتجلى في شخصهم ، ونرى انهم لم يقوموا بارتكاب خطأ واحد ولو كان صغيراً والتأريخ خير دليل على ذلك .. ونرى انهم ادعوا انهم اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بل ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) صرح بذلك واشار الى انهم اهل بيته ، وقالوا انهم معصومون من الخطأ .. الا ان زوجات النبي لم يدعين ذلك لأنهن غير معصومات من الخطأ والا فما المانع من ادعاء العصمة ان كن معصومات حقاً .. وعندما ننظر الى الامر من منظار آخر نرى ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كما قلنا سابقاً قد بلغ الجميع بأن علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) هم اهل بيته في موارد ومواقف واوقات كثيرة .. فقد ذكرت الروايات انه كان يأتي عند بيت فاطمة (عليها السلام) ويقول بأنها وزوجها وبنيها هم اهل بيته ، ولكنه لم يفعل ذلك مع زوجاته ابداً ، وعندما نقرأ الآية الكريمة نرى ان المقصود الاول والاخير من هذه الآية هم هؤلاء الاشخاص لان لفظ عنكم يدل عليهم ، وكذلك لفظ اهل البيت الذي حدد بيتاً واحداً لا بيوتاً متعددة .
وان مما دل على ذلك حديث الكساء المعروف لدى جميع علماء المسلمين ، حين جمع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كلاً من الامام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين (عليهم السلام) تحت الكساء وقال : اللهم هؤلاء اهل بيتي .
وقد ذكر هذا الحديث في موارد عدة منها قول عائشة وقول ام سلمة وغيرهما من زوجات النبي ، بالإضافة الى انه (صلى الله عليه واله وسلم) ، قد ذكر كثيراً ان هؤلاء هم اهل بيته .
عندما نرجع الى معنى اهل البيت فان البعض يقول ان هذا اللفظ لا يعين اهل البيت بشكل مخصوص لان هذا اللفظ يطلق على كل من بات في بيت ما ثلاثة ايام بتمامها .. ونحن نقول حتى لو سلمنا بأن هذا اللفظ لا يدل على اصحاب الكساء الخمسة فانه لا يدل على زوجات النبي بنفس القدر ، لذا فان الاتجاهان متساويان من هذا الجانب ولكن باقي الجوانب تدل على صحة القول المقر بأن اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم اصحاب الكساء الخمسة والتسعة من ولد الحسين (عليهم السلام) ، لان نفس اللفظ لا يدل على زوجات النبي و لكنه يدل شيئاً ما على اصحاب الكساء كما اسلفنا في القول .
وان قول الامام علي () واولاده الاحد عشر الذين تلوه بأنهم اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد ورد في موارد عدة وتم التصريح بذلك في مواقف واماكن مختلفة منها قول الامام علي بن الحسين () :( ان الله خلق محمداً وعلياً واحد عشراً من ولده من نور عظمته ، فأقامهم اشباحاً في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق ، يسبحون الله ويقدسونه وهم الائمة من ولد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ).
وكذلك قول الامام علي () حين سأله يهودي عن النبي محمد كم له من امام عدل ؟، وفي اي جنة يكون ؟، ومن ساكنه معه في جنته ؟ :( يا هاروني ان لمحمد اثني عشر امام عدل ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم ، وانهم في الدين ارسب من الجبال الرواسي في الارض ، ومسكن محمد في جنته معه اولئك الاثني عشر الامام العدل ).
بالإضافة الى قول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) :( اني واثني عشر من ولدي وانت يا علي زر الارض يعني اوتادها وجبالها ، بنا اوتد الله الارض ان تسيخ بأهلها ، فاذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم يُنظروا }.
ان هاذين الحديثين وغيرهما الكثير من الاحاديث الاخرى تبين ان الائمة (عليهم السلام) قد قالوا انهم اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) و انهم من ولده وانهم الهداة على الارض ، وقد بين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ذلك ايضاً في مجموعة من الاحاديث التي تحدثت في هذا الخصوص .
{ فضائل اهل البيت (عليهم السلام) و فضلهم }
لقد تبين لنا ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هم علي وفاطمة والاحد عشر اماما من ولدهم وذريتهم ، ونريد الان ان نبين فضل و فضائل اهل البيت (عليهم السلام) الكثيرة التي وصفوا بها ووصفوا بها انفسهم واشار الله تعالى و رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) الى ذلك .
ان من ما يبين فضلهم وفضيلتهم (عليهم السلام) هي الآية الكريمة التي سبق ذكرها والتي تقول :{انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً} .
ان هذه الآية الكريمة تبين لنا منقبة من مناقب اهل بيت رسول الله (صلوات الله عليهم اجمعين) الا وهي العصمة من كل خطأ وزلل ، وانهم (عليهم السلام) منزهون من الرجس ومطهرون منه ، ان هذه الآية بما فيها تبين منزلتهم العظيمة ومكانتهم السامية المتمثلة بعصمتهم (عليهم السلام) .
وان هذا الشاهد يعد احد الشواهد الكثيرة التي تدل على فضلهم منها اية المباهلة التي انزلها الله تعالى حين قام النصارى بدعوة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الى النقاش وناقشوه كثيراً .. عندها نزلت الآية الكريمة التي تقول :{ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعُ ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين}.
والقصة ان وفد النصارى الذي جاء الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في ذلك الحين حاجج رسول الله فأمر الله تعالى بأن يدعواً علياً () الذي يمثل نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وفاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي تمثل نساء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، والامام الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما ابنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بدلالة الآية الكريمة والرواية التي تقول بأن رسول الله قد دعا هؤلاء الاشخاص حين قالت الروايات ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد جاء محتضنا للإمام الحسين () ، وآخذاً بيد الامام الحسن () ، وخلفهما الامام علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول :( اذا انا دعوت فآمنوا ). اي قولوا آمين .
وعندما رأى النصارى هذه الوجوه المباركة قال اسقفهم : يا معشر النصارى ، اني لأرى وجوهاً لو اراد الله ان يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الارض احد منكم الى يوم القيامة ، فتملك الروع بالنصارى ، فرفضوا المباهلة واتفقوا مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على الصلح مقابل الفي حلة كل عام مع ثلاثين درعاً من الحديد .
ان هذه الحادثة تدل على مكانة هؤلاء الاشخاص ومنزلتهم الرفيعة .. و قد رأينا كيف وصفهم الاسقف .. فهم معسكر الايمان بالله تعالى .
وان من شواهد منزلتهم الاخرى حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) المعروف بحديث الثقلين والذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الاخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ).
ان هذا الحديث دليل اخر من تلك الدلائل الكثيرة التي بينت منزلة اهل البيت (عليهم السلام) فكل منهم قرآن ناطق يبين الشرائع والاحكام الالهية للعباد جميعاً .
وان ما يجب الاشارة اليه هو ان اهل البيت هم ورثة علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فقد قال الامام الصادق () :( ان العلماء ورثة الانبياء ، وذاك ان الانبياء لم يورثوا درهما ولا ديناراً ، وانما اورثوا احاديث من احاديثهم ، فمن اخذ بشيء منها فقد اخذ حظاً وافراً ، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذوه ؟، فان فينا اهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عن تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجهالين ).
ونحن نعرف جيداً من الذي عاش مع رسول الله (صلى الله عليه و اله وسلم) ، ومن هي ابنته ومن ابناءها .. ان منزلتهم (عليهم السلام) اجل من ان نتكلم عنها الا انها بجلالتها وعظمتها تدفعنا لان نتكلم عنها لان فيها تبييناً للحقائق الراسخة في كتب التأريخ الصحيحة والموثوقة .
وان من دلائل فضلهم قوله تعالى :{ ولا يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم}. وقد قال الامام الصادق : نحن الراسخون في العلم .
لذا فان فضل اهل بيت رسول الله فضل كبير وعظيم ، بُين لنا من خلال مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية التي بينت ذلك بالإضافة الى كلام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيهم ، وكذلك ما قالوه عن صفاتهم وفضلهم ومنزلتهم .
ان الاحاديث النبوية التي بينت منزلتهم وفضلهم الكبير كثيرة .. فقد بين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) منزلة كل منهم على حدا ، فقد قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) عددا من الاحاديث التي بينت منزلة الامام علي () منه ومن الله تعالى .. منها قوله في يوم خيبر :( لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). وان الرجل الذي اعطي الراية معروف ومصرح به في كتب التأريخ .
وكذلك قوله (صلى الله عليه واله وسلم):( اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي).
وكذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :(من كنت مولاه فعلي مولاه).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم) في حديث آخر:(اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).
وكذلك بين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) منزلة فاطمة الزهراء (عليها السلام في احاديث عديدة منها قوله (صلى الله عليه واله وسلم) :( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ).
وكذلك قوله (صلى الله عليه واله وسلم) :( فاطمة روحي التي بين جنبي ).
وقد صرح رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بمنزلة الحسن والحسين (عليهما السلام) حين قال:(الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة).
وكذلك قوله (صلى الله عليه واله وسلم) والحسن والحسين على وركه : (هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم اني احبهما فأحبهما واحب من يحبهما).
ان منزلتهم وفضائلهم (عليهم السلام) كثيرة وكبيرة .. واما فضلهم علينا فهو انهم يهدوننا الى طريق الحق والصواب الذي لا عوج فيه ... ذاك الذي يقودنا الى ارضاء الله تعالى لنكون ممن يفوز بالخلود في جنانه .
{ علم اهل البيت (عليهم السلام)}
ان علم اهل بيت النبي هو علم الالهي بطبيعة الحال فهم كما قلنا ورثة علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وهم الهداة الى الحق من بعده وان علمهم امتداد وتكميل لعلم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وهم اكمال لرسالة الحق الالهية ووسيلة من وسائل الله(عز وجل) المهمة لنشر الدين الاسلامي الحنيف ، ان علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هو علم كامل ومتكامل ، حيث انه يملك علم الباطن وعلم الظاهر .. الامر الذي لم يستطع احد الانبياء الوصول اليه ، فقد امتلك بعض الانبياء علم الظاهر وحسب بينما امتلك البعض علم الباطن فقط .. بالإضافة الى ان هناك من يملك علم الباطن والظاهر معاً ولكن ليس بالوجه الكامل الذي يمتلكه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فالحادثة التي حدثت مع احد الانبياء حين امتحنه العبد الصالح بينت ان هذا العبد يملك علماً لا يعلم هذا النبي عنه شيئاً ، وهذا دليل على انه يملك احد العلمين او قسماً من العلمين .
وبما ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يملك العلم الاكمل و ان اهل بيته هم ورثة علمه .. لذا فان هذا يبين ان اهل البيت (عليهم السلام) يملكون العلم الاكمل الذي يملكه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فهم يعلمون علم الباطن والظاهر معاً .
ان علمهم علم رباني وهبة الله تعالى لهم وان علمهم لا يماثله علم احد من اهل السماوات و الارض وقد قال الامام علي () بأن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد علمه الف باب من العلم يفتح له من كل باب الف باب اخرى ، وهذا دليل على العلم الكبير الذي يتمتع به رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والذي ورثه اهل بيته (عليهم السلام) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( انا مدينة العلم وعلي بابها).
لقد بين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ان الامام علي () هو باب لمدينة علمه الالهي وانه يملك علماً كبيراً من علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والذي هو من علم الله (عز وجل).
ان علم اهل البيت مشهود له على مر التأريخ ، وان لأهل البيت عدداً من الاحاديث التي بينت علمهم وبينت ان علمهم هو من علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقد قال الامام الصادق () وعنده جماعة من اهل الكوفة :( عجباً للناس انهم اخذوا علمهم كله من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فعملوا به واهتدوا ، ويرون ان اهل بيته لم يأخذوا علمه ، ونحن اهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي ، ومن عندنا خرج العلم اليهم ، أ فيرون انهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا ، ان هذا لمحال ).
ان كلام الامام الصادق هذا يدل على ان علم اهل البيت (عليهم السلام) هو علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وانهم تعلموا كل علمه (صلى الله عليه واله وسلم) .
وقال الامام الحسين بن علي ابن ابي طالب () لرجل بالثعلبية وهو يريد الكوفة بعد ان دخل عليه وعرف انه من اهل الكوفة :( أما والله يا اخا اهل الكوفة ، لو لقيتك بالمدينة لأريتك اثر جبرئيل () من دارنا ونزوله بالوحي على جدي ، يا اخا اهل الكوفة : أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلوا ؟!، هذا لا يكون ).
وان مما اشار اليه الامام الحسين () في كلامه هذا هو ان هناك من يدعي انه اعلم برسول الله وعلمه وما جاء به من اهل بيته الذين اخرجوا ذلك العلم من رسول الله وعلمهم اياه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وقد رد على من يقول بجهلهم بعلم رسول الله فهو جدهم ومنهل علمهم وبداية النور الالهي .
وكذلك قال الامام ابو جعفر () :( ليس عند احد من الناس حق ولا صواب ، ولا احد من الناس يقضي بقضاء حق ، الا ما خرج منا اهل البيت ، واذا تشعبت بهم الامور كان الخطأ منهم والصواب من علي () .
وكذلك قال الامام ابو جعفر في مورد آخر :( شرقاً وغرباً فلا تجدان علماً صحيحاً الا شيئاً خرج من عندنا اهل البيت ).
ان علم اهل البيت هو علم رباني كما وصفناه سابقاً وان علمهم هو اصح العلم وافضله ، وقد خرّج الائمة مجموعة من العلماء الذين يشهد لهم التأريخ بعلمهم الذي كسبوه من ائمتنا كجابر ابن حيان تلميذ الامام الصادق ().
وان مما يجب ان يشار اليه هو ان علم اهل البيت من اصعب العلوم ، والقصد بذلك هو ان علمهم اكبر من ان يستطيع احد ان يتعلمه كله منهم ، وان دليل علمهم الكبير هو كلامهم () وبلاغتهم وفصاحة السنتهم ، وان ميادين الكلام البليغ تشهد لهم بذلك بكل فخر واعتزاز .
ان علمهم (عليهم السلام) يحتم علينا ان نتبعهم (عليهم السلام) في كل قول قالوه وفي كل فعل قاموا بفعله في نومهم ويقظتهم وفي كل حالة من حالات حياتهم التي يعيشونها ، ان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يملكون علماً يجعلهم يتخذون القرارات الصحيحة والمناسبة لكل حدث .. كيف لا وهم ورثة علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .
وان استصعاب حديثهم يكمن في ان من يؤمن به اما ان يكون نبياً او رسولاً او مؤمناً امتحن الله تعالى قلبه وايمانه اكثر من مرة لما فيه من قول للحق .. ذلك الذي يكرهه كل شخص يمثل الباطل .
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( ان حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الل قلبه للإيمان ، فما ورد عليكم من حديث آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه ، وما اشمأزت منه قلوبكم وانكرتموه فردوه الى الله والى الرسول ، والى العالم من آل محمد ، وانما الهالك ان يحدث احدكم بشيء منه لا يحتمله ، فيقول : والله ما كان هذا والله ما كان هذا ، والانكار هو الكفر ).
وكذلك قال الامام علي بن الحسين () :( والله لو علم ابو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بينهما ، فما ظنكم بسائر الخلق ، ان علم العلماء صعب مستصعب ن لا يحتمله الا نبي مرسل ، او ملك مقرب ، او عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، فقال : وانما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا اهل البيت ، فلذلك نسبته الى العلماء ).
وان الامام علي () هو شريك علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وان اهل بيته واولاده الاحد عشر المعصومين هم ورثة هذا العلم من الامام علي () ومن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .. وقد رويت عدد من الروايات التي تتحدث عن هذا الامر منها الرواية التي رويت عن الامام الصادق () والتي تقول :( اتى جبرئيل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) برمانتين فأكل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) احداهما وكسر الاخرى بنصفين فأكل نصفاً واطعم علياً نصفاً ، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : يا اخي هل تدري ما هاتان الرمانتان ؟، قال () : لا ، فقال النبي : اما الاولى فالنبوة ، ليس لك نصيب فيها ، واما الاخرى فالعلم انت شريكي فيه ، فقيل للإمام الصادق () : اصلحك الله كيف كان ؟، اي يكون شريكه فيه ؟، قال () : لم يعلم الله محمداً (صلى الله عليه واله وسلم) علماً الا وامره ان يعلم علياً () ).
وقال الامام ابو جعفر () :( نزل جبرئيل على محمد (صلى الله عليه واله وسلم) برمانتين من الجنة فلقيه علي () فقال : ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك ؟، فقال : اما هذه فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب ، واما هذه فالعلم ، ثم فلقها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)بنصفين فأعطاه نصفها واخذ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نصفها ثم قال : انت شريكي فيه وانا شريكك فيه ، فقال الامام ابو جعفر () : فلم يعلم والله رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حرفاً مما علمه الله عز وجل الا وقد علمه علياً ، ثم انتهى العلم الينا ، ثم وضع يده على صدره ).
لذا فان آل بيت النبي هم منتهى علمه وهم ورثته من بعده فهم مبلغون ارسلهم الله تعالى من عنده .. كما ارسل جدهم .. حبيب الله الى الارض ليكون مبشراً ونذيراً للناس جميعاً .
وقد قال الامام الكاظم () متحدثاً عن علم آل بيت النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) :( مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث ، فأما الماضي فمفسر ، واما الغابر فمزبور ، واما الحادث فمقذوف في القلوب ، ونقر في الاسماع وهو افضل علمنا ، ولا نبي بعد نبينا ).
وكذلك قال الامام الصادق () بعد ان سئل عن علمهم (اهل البيت):( وراثة من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ومن علي () ، قيل : انا نتحدث انه يقذف في قلوبكم وينكت في آذانكم ، قال () : او ذاك ).
يا له من ارث عظيم ورثتموه يا سادتي يا اهل البيت .. انه العلم الالهي الذي ما بعده علم على سطح الارض فهم الذين قال فيهم الله تعالى في القرآن الكريم :{والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان الحقنا بهم ذريتهم ومآ التناهم من علمهم من شيء}
فالذين آمنوا هم النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ونفسه الامام علي () وابنة النبي وزوجة وصيه وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) واولادهم هم الائمة من بعدهم وصي بعد آخر وامام بعد امام ، وقد قال الامام الصادق () ان الحجة التي جاء بها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والامام علي () هي نفس الحجة التي جاء بها الائمة من بعدهم .. فحجتهم واحدة لا تتجزأ .
وقد قال الامام الصادق () ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال :( نحن في الامر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحداً ، فأما رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وعلي () فلهما فضلهما ).
وهذا دليل آخر على ان علمهم انما هو علم محمدي الهي لا يستطيع احد ان يشكك في مضمونه ابداً .
ان هذه الاحاديث تكفي لان نختم كلامنا عن علم اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وان ما يجب ان نفعله هو الالتزام بكلامهم (عليهم السلام) والسير على نهجم القويم الذي يرشدنا الى التقرب من الله تعالى .
{شجاعة اهل البيت (عليهم السلام)}
ان اهل بيت النبي هم كما هو معروف من بني هاشم .. الذين يشهد لهم التأريخ بشجاعتهم واقدامهم وكيف انهم لم يخافوا الا من الله تعالى وان دلائل قولنا هذا كثيرة وذات اسانيد قوية .. فما اكثرها تلك المعارك والاحداث التي كان فيها بنو هاشم ابطالاً ، ولا يزال اسمهم ساطعاً في ميادين الحروب ، وان اهل البيت كما هو معروف من بني هاشم .. بل هم اسياد بنو هاشم لذا فانهم بطبيعة الحال يمتازون بشجاعة واقدام كبيرين وهناك دلائل كثيرة دلت على هذا الامر .
وان من هذه الدلائل التي اشارت الى شجاعة اهل البيت (عليهم السلام) شجاعة الامام علي () التي يشهد له بها حتى المعاندون .. فهم لم ولن يستطيعون انكار شجاعته () وكم ان آثار ودلائل شجاعته ايجابية ومفيدة للإسلام والمسلمين تلك التي طالما ذاد بها الامام علي () عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) منها انه بات في فراش النبي ... ذلك الامر الذي يعجز الكثير عن فعله في ذلك الوقت الصعب والذي كان فيه المسلمون محاربون من كل الاطراف .
ومن ثم شجاعته التي لا يوجد لها مثيل في المعارك التي خاضها مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتلك التي خاضها بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .. كمعركة بدر واحد وخيبر والاحزاب و غيرها الكثير من الحروب الاخرى التي بانت فيها شجاعة الامام علي () .
وكذلك فان الامام الحسن () كان شجاعاً مقداماً بالإضافة الى اخيه الامام الحسين الذي سطر لنا اروع دروس التضحية والفداء والبطولة ، وخط لنا اجمل ملحمة في التأريخ واشجعها واكثرها دلالة و مضمونية .. حين ضحى () بحياته من اجل اعلاء كلمة الدين والحفاظ عليه من الضياع والانحراف بالشكل الذي لا يرضى عنه الله تعالى فيصب (عز وجل) جام غضبه على امة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) تلك الامة التي حاربته وسببت له الاذى طول حياته .
وقد قال الامام ابو الحسن () :( نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطايا على قدر ما نؤمر ).
ان في كلام الامام هذا دليل على ان علمهم مساو لشجاعتهم ولعطائهم للناس ، وانهم جميعاً يمتازون بالشجاعة وهذا هو ما دل عليه التأريخ تماماً .. فلقد ذكر لنا شجاعتهم واقدامهم (عليهم السلام) .
وان من دلائل شجاعتهم (عليهم السلام) هو تصديهم لكل من يفعل او يأمر بما يوجب غضب الله تعالى عليه وعلى من يتبعه ... لذا فقد كانوا بقلوبهم الرحيمة يهدون الناس الى الحق وان لم يتعظ احد .. فان القوة هي سبيل القضاء على كفرهم ونفاقهم .
ومن الجدير بالذكر ان الشجاعة لا تتمثل بالقتال فقط وانما تتجلى في امور اخرى منها ان اهل البيت (عليهم السلام) متسلحون بسلاح قوي وعظيم عرف بانه سلاح الانبياء الا وهو الدعاء الذي لا يستطيع احد ان يغلب المتسلح بهذا السلاح .. لذا فهم معروفون بقوتهم وشجاعتهم وذودهم عن دينهم وانهم يضحون بما يملكون في سبيل اعلاء كلمة الله تعالى .
{عصمتهم (عليهم السلام)}
ان عصمة اهل البيت (عليهم السلام) هو امر حتمي ولا بد منه لانهم هداة الى الحق ومرسلون من عند الله تعالى وهم حجج الله تعالى على عباده في ارضه الواسعة وكل امام من هؤلاء الائمة يعيش في زمان ما وان امام زماننا هو قائم آل محمد () ، ان امر عصمتهم انما هو نتاج طبيعي للآية الكريمة التي تقول :( انما يريد الله ان يذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً}.
ان هذه الآية الكريمة تدل على عصمتهم (عليهم السلام) وان الخطأ ابعد ما يكون عنهم لانهم مرسلون من الله تعالى وهو الذي خصهم بهذه المنزلة الرفيعة والتي اختصت بهم فلم يجعل الله تعالى بيتاً يتميز اهله بأنهم معصومون من الخطأ غير بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بأهله الذين يعتبرون امتداداً لرسول الله في كل شيء ، وان مما يجدر بنا الاشارة اليه هو ان الزوجين الوحيدين اللذان عصمهما الله تعالى من الخطأ وخصهما برحمته وشملهما من ضمن صفوة عباده هما الامام علي () زوج فاطمة الزهراء (عليها السلام) ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وبضعتة ، وهي التي وصفت بأم ابيها .
وان القصد بالعصمة هو ان الشخص المعصوم غير معرض للخطأ وهو شخص اصطفاه الله تعالى ليكون معصوماً من الخطأ ويكون حجة من حج الله تعالى على عبادة ومحملاً من الله تعالى لرسالة الاسلام التي يجب عليه تبليغها الى الناس ، وان امر التبليغ من اصعب الامور التي يقوم بها المبلغ حيث ان عليه ان يبلغ الكلام كما ورد اليه فلا يزيد عليه ولا ينقص فهو امانة في رقبته يحاسبه الله تعالى ان لم يبلغها كما يجب ... الا ان مبلغي رسالات رب العالمين هم اناس معصومون من الخطأ والسهو وغيرها من الامور التي لم يثبت وجودها عند غيرهم من الناس .
ان العصمة من الامور التي امتلكها الانبياء والرسل واهل البيت (عليهم السلام) اي ان الانبياء شاركوهم في هذه الخصلة المباركة ولكن ما لم يشارك به احد اهل بيت النبي هو عصمة هذا البيت بأكمله كما قلنا وسبق القول بذلك .
وان مما يجب الاشارة اليه هو ان العصمة مراتب ومنازل ومستويات فنحن نعرف ان كل ما في هذا الكون له مستويات وهناك تفاوت في صفاته وخصاله وكما ان البشر على مستويات ودرجات متفاوتة كل حسب اعماله وحسب ميزان التفاضل وهو التقوى والعمل الصالح .
لذا فان المعصومون ذوو مراتب مختلفة تتباين وتختلف فيما بينهم كل حسب الاختبارات التي تعرض لها بالإضافة الى مجموعة من الامور الاخرى التي جعلها الله تعالى ميزاناً للتفاضل بين الانبياء من حيث العصمة .
لذا فان عصمتهم (عليهم السلام) امر حتمي وثابت ولا ريب فيه ، وان هذه العصمة تحتم علينا اتباعهم (عليهم السلام) لان الله تعالى اصطفاهم برحمته وجعلهم هداة يهدون الى الطريق المستقيم .
{كلامهم (عليهم السلام)}
ان كلام اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انما هو كلام الهي منزل من عند الله تعالى ، فقد عرفنا ان علمهم هو علم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والذي لا ينطق عن الهوى وانما ينطق بعد نزول الوحي وصدور الاوامر من الله تعالى ، ان كلام اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يدل على مدى علمهم الكبير الذي يؤدي بطبيعة الحال الى تكوين كلام جيد ومناسب ولا اشكال فيه ابداً .
ان البلاغة والفصاحة انما هي من صفات كلامهم التي لا تفارقهم حينما يتكلمون فهذه الصفات ملاصقة لكلامهم ، وان فصاحتهم مشهود لها على مر التأريخ وان سيد البلغاء خير دليل على ذلك ، وان له عدداً كبيراً من الخطب والاحاديث والحكم والمواعظ التي تبين مدى بلاغته ، وان البلاغة وفصاحة اللسان وحسن الكلام انما هي امور اساسية لكل شخص يخطب بالناس ونحن نعرف ان اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) دائماً ما كانوا يخطبون بالناس والروايات تدلل على ذلك .
ان كل المواعظ التي رويت عن اهل البيت (عليهم السلام) انما هي دليل على حسن كلامهم وفصاحة لسانهم وانهم اهل العلم وانهم هم من يجب ان نأخذ علمنا منهم .
ان كلامهم (عليهم السلام) هو احسن الكلام والطفه وافضله فكل الحوادث التي حدثت معهم (عليهم السلام) خير دليل على ذلك ، فنحن نعرف كيف انهم (عليهم السلام) يستطيعون ان يخطفوا قلوب الناس بكلامهم الجميل الذي يعتبر حقاً وصواباً في كل وقت وحين ، ومن هذه الحوادث التي حدثت هي قيام احد ائمة الدين (عليهم السلام) خطيباً في الناس فملك قلوب الناس وابكاهم ، فقام الحاكم الاموي آنذاك بأمر المؤذن بالآذان رغم ان الوقت لم يكن وقت صلاة ، ولكنه اراد ان يسكت الامام لأنه يعرف ان حلاوة اللسان التي يمتلكونها انما هي هبة من عند الله (عز وجل) ويستطيعون من خلالها التأثير على الناس وآرائهم ، وكل هذا نتاج العلم الذي يحملونه (عليهم السلام).
ان حلاوة اللسان من الامور التي حث الله تعالى رسوله الكريم على التمتع بها حين قال (عز وجل) :{ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}.
ان هذه الآية الكريمة تبين اهمية الكلام الجميل .. ذلك الكلام الذي كان اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يتكلمون به والدليل هو تأثيرهم على آراء الناس وقدرتهم على تغيير الاتجاه الذي يتجه اليه اي شخص وتسييره الى اتجاه اخر مخالف له تماماً وهذه الميزة هي ميزة الهية تميز بها النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وان هذه الميزة مهمة يتميز بها الاشخاص الذين اختارهم الله لتبليغ رسالته الحقة .. اولئك الذين يستطيعون اقناع الناس بالدلائل والبراهين والكلام اللطيف والجميل الذي يعمل على اكتساب قلب المقابل ، وان الدلائل والبراهين التي يتحدثون بها انما هي نتيجة لعلمهم (عليهم السلام) .
{اهل البيت ائمة يهدون الى الحق}
ان اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هم الهداة الى الحق والى طريق الصواب الذي امر الله تعالى بالسير فيه والذي يرشدنا اهل البيت (عليهم السلام) اليه ويبينون لنا الاعمال التي من شأنها ان تقربنا من الله تعالى تلك التي امر الله تعالى بالتحلي بها على لسان نبيه الكريم واهل بيت نبيه الاطهار المصطفين .
ان كلامنا هذا مستند الى مجموعة من الآيات القرآنية والاحاديث منها قوله تعالى :{انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}
ان اهل البيت كما قلنا هم امتداد لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من خلال النواحي المختلفة التي وصفت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، لذا فانهم اولياءنا واولياء من سبقنا ومن يأتي من بعدنا فهم الذين آمنوا بالله تعالى ايماناً صحيحاً لا يشوبه اية مصلحة ، وهم الذين يقيمون الصلاة والذين عرفوا بسجدتهم الطويلة وخشوعهم لله تعالى وخوفهم منه (عز وجل) وتذللهم اليه فهو الخالق الذي لا خالق سواه .
وتقول بعض الروايات ان الآية التي تقول :{اهدنا الصراط المستقيم}.
تعني ان الامام علي () هو الصراط المستقيم الذي يقربنا من الله تعالى فنكون ممن يظلهم بظله يوم لا ظل الا ظله ، ان الصراط المستقيم يعني اهل البيت واهل البيت (عليهم السلام) يعنون الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه .
وان الآيات التي دلت على انهم الهداة الى طريق الحق كثيرة وغزيرة المعنى والدلالة منها قوله تعالى :{قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني}.
فقد قال الامام ابو جعفر () فيما يخص هذه الآية :( ذاك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وامير المؤمنين () والاوصياء من بعدهم ).
لذا فهم الدعاة الى الحق والى طريق الخير والصلاح فهم اتباع لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، لأنه رسول الله الى البشرية جمعاء وهو يمثل النهج الذي سار عليه الائمة (عليهم السلام) .
ان صفاتهم (عليهم السلام) تؤهلهم ليكونوا هداة للحق فهم المؤمنون الذين لم يكذبوا يوماً ولم يسمع منهم كلام غير طيب فهم اصحاب الكلمة الطيبة التي وصفت في القرآن بانها كمثل شجرة اصلها ثابت وفرعها في السماء .. فهؤلاء هم اهل البيت (عليهم السلام) ذوو الاصل الثابت المعروف .
وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}.
ان اهل بيت النبي هم الهدى الذي يهدينا من الضلال ويخلصنا منه فلا يجعلنا نشقى في حياتنا وبعد مماتنا .
وكذلك قال الله تعالى في اية كريمة :{وممن خلقنا امة يهدون بالحق وبه يعدلون}.
ان كل صفات الكمال والجمال موجودة في اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من حكمهم بالعدل بين الناس وانهم لا يقولون الا حقاً ولا يهدون الا الى طريق الخير والهدى والصلاح ، وقد قال الامام الصادق () حين سئل عن هذه الآية :( هم الائمة ).
وان الله تعالى يأبى الا ان يتم رسالته على الناس جميعاً فأرسل هؤلاء الائمة اماماً بعد امام يهدون الى الحق ، وقد قال الله تعالى :{ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون}.
وقد قال الامام ابو الحسن () معلقاً على هذه الآية بعد سئل عن امرها :( امام بعد امام ).
وقد قال الامام ابو جعفر () :( انما قوله تعالى :{قولوا آمنا بالله وما انزل الينا} قال : انما عنى بذلك علياً () وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم الائمة (عليهم السلام) ، ثم يرجع القول من الله في الناس فقال :{فان آمنوا} يعني الناس {بمثل ما آمنتم به} يعني علياً وفاطمة والحسن والحسين والائمة (عليهم السلام) {فقد اهتدوا وان تولوا فإنما هم في شقاق }.
ان هذه الآية تدل على ان الهدى لا يكون الا باتباع اهل البيت (عليهم السلام) وان من يتولى عنهم وعن خطهم الذي يسيرون فيه فانه سيكون في عسرة .
وقد قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لابا ذر ان عليه ان يتبع الامام علي () لأنه يهدي الى الحق وان الحق معه فقد قال (صلى الله عليه واله وسلم) :( علي مع الحق والحق مع علي ).فحتى لو سار الامام علي () في طريق لوحده وسار جميع الناس في طريق آخر فعليه ان يتبع امير المؤمنين لأنه يهدي الى الحق فهو عنوان الحق واسمه يعني الحق والعدل .
وقد وردت رواية تقول ان الامام الصادق () قد قال في قوله تعالى :{الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله }:( اذا كان يوم القيامة دعي بالنبي () وبأمير المؤمنين وبالأئمة من ولده (عليهم السلام) فينصبون للناس ، فاذا رأتهم شيعتهم قالوا : {الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله }، يعني هدانا الله في ولاية امير المؤمنين والائمة من ولده (عليهم السلام) ).
ان هذه الرواية تدل على ان اهل بيت النبي هم شفعاء لشيعتهم ومن احبهم واتبعهم في اقوالهم وافعالهم وكل ما امروا به وما نهوا عنه لانهم مبلغون لرسالات الله تعالى من بعد النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) .
وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:{ وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً} .
ان من يتمسك باهل بيت النبي فقد بشر خيراً وسيبشر خيراً في ذلك اليوم الذي يدعى فيه كل اناس بإمامهم الذي كانوا يأتمون به ويحبونه ويتبعونه وحينها سيكون شيعتهم منتظرين لشفاعتهم لهم .
قد قال الامام الصادق () بعد ان سئل عن القائم :( كلنا قائم بأمر الله ، واحد بعد واحد حتى يجيء صاحب السيف ، فاذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان ).
ان في حديث امامنا هذا دليل على ان جميع الائمة هم هداة الى الحق والى طريق الصواب والطريق الصحيح والمستقيم ، وهم تمهيد لظهور الامام الثاني عشر من ائمة الحق (عليهم السلام) والذي ينشر رسالة الحق في العالم اجمع ولن تبقى لأعداء الاسلام بقية .
وكذلك قال الامام ابو جعفر () بعد ان سئل عن القائم :( كلنا قائم بأمر الله ، فقال حكم : فأنت المهدي ؟، قال () : كلنا نهدي الى الله ، فقال حكم : فأنت صاحب السيف ؟، قال () : كلنا صاحب السيف ووارث السيف ، قال حكم : فأنت الذي تقتل اعداء الله ويعز بك اولياء الله ، ويظهر بك دين الله ؟، فقال () :يا حكم كيف اكون انا وقد لغت خمساً واربعين سنة ؟، وان صاحب هذا المر اقرب اللبن مني واخف على ظهر الدابة ).
ان في هذه الاحاديث تبيين لان ائمة اهل البيت (علهم السلام) هم هداة الى الحق جميعاً وجميعهم قائمون بأمر الله تعالى الذي لا بد منه ، فقد بعثهم الله تعالى من اجل هذا الامر .. الا وهو التبليغ والهداية بما فيهم من خصال تجعلهم قادرين على هداية الناس ... وما اكثرهم اولئك الذين اهتدوا على ايدي ائمتنا (عليهم السلام) فقد استطاع الائمة ان يهدوهم الى الصراط المستقيم بإذن الله تعالى وبالأدلة والبراهين التي يمتلكونها والتي تبين ان الله تعالى هو الاحق في ان يعبد .
وكذلك تبيينهم (عليهم السلام) مجموعة من الامور الاخرى التي يحتاجها الانسان في حياته لتوصله الى طريق الخير والهداية ، فهم ليسوا هداة في امور الشريعة والدين فقط .. بل مصدر هداية في جميع الامور الاخرى .. تلك التي من شأنها ان تصلح المجتمع وتجعل منه مجتمعاً قوياً لا يهتز اما الرياح العاصفة وامام المياه الهائجة وامام الامطار الغزيرة التي تمطر عليه والتي ترمي الى هزهزته واضعافه واصابته بشيء من الوهن والضعف .. وهذا تماماً عكس ما يهدي اليه ائمتنا (عليهم السلام) وهو تماماً ما حذرونا منه .
لذا فان ما يجب ان ننهي به هذا الموضوع هو قولنا ان اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هم الهداة الى الحق الذين ارسلهم الله تعالى من بعد ختمه لسلسة الانبياء والرسل بالنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولكنه (عز وجل) اكمل هذه السلسلة من المبلغين بالأئمة (عليهم السلام) ، لذا ما علينا سوى ان نتمسك بما جاء به هؤلاء المبلغون النجباء وحينها سنكون في خير وصلاح .
وبطبيعة الحال فان كل من يتخلف عن ركبهم ويسير في اتجاه اخر مخالف لاتجاههم فقد خسر دنياه واخرته الا ان يدارك نفسه .
{ظلامتهم (عليهم السلام)}
ان مسيرة العلماء الداعين الى الحق معروفة في كل زمان ومكان ، فمنذ غابر الازمان كان الشخص الذي يدعوا الى اقامة العدل ويحاول الحكم بالحق لا يسلم من مخالب الوحوش المفترسة التي لا تعرف من هذه الحياة سوى مبدأ الغاب الذي يقول ان العيش للأقوى فلا يعتقدون بحق او باطل .. وهذه ليست حياة يعيشونها ولكن الظالمين في مرض فزادهم الله تعالى مرضاً الى مرضهم فعميت قلوبهم واصبحوا لا يرون شيئاً ببصرهم او بصيرتهم ولم يعودوا يميزون بين الاصوات الجميلة التي تهديهم الى طريق الصواب وتلك الاصوات القبيحة التي تدعوا الى الضلال وافشاء الباطل بين الناس .
ان الدين الاسلامي بطبعه دين حب ووئام وتحاب وتواد وهو لا يؤمن بمبدأ البقاء للأقوى او ان لا يقام العدل بين الناس ، فهو دين يدعوا الى نبذ مثل هذه الامور التي من شأنها ان تضر في اخيار المجتمعات قبل ان تضر بأشرارها ، وبما ان اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هم تطبيق مباشر لأوامر الله تعالى وهم اكمال للسلسلة التي جعلهم الله تعالى جزءاً اساسياً فيها ، لذا فان هذه المبادئ والمعتقدات مطبقة من قبلهم وتتجلى في تصرفاتهم واقوالهم (عليهم السلام) ، ومن المعروف ان الدين الاسلامي يواجه عداءاً ازلياً ، ابتدأ منذ بداية نشوء الانسان وظهور الاديان المختلفة وهو مستمر الى هذا الحين ، وقد اصبح هذا الكره والحقد والعداء للإسلام والمسلمين يظهر بشكل واضح وجلي للعيان ، وبما اننا تبع للنبي واهل بيته (صلوات الله عليهم اجمعين) فإننا نتعرض لمثل هذه الاعتداءات التي تحاول التنقيص من مقام الله تعالى ورسوله الكريم .. وان هذا الفعل يحصل ممن يوحد الله تعالى ايضاً ولكن ما فائدة الكلام بعد ما فُعل وبعد ما حصل من احداث ... وبما اننا نتعرض للعداء من اهل الباطل والدعاة اليه فنحن نعرف اننا نسير على الطريق الصحيح لأنه طريق محفوف بالمخاطر ممن يكرهه ويضمر الحقد له الذي تباين في كونه ظاهراً او خفياً ، وان معرفتنا بأن الطريق الذي نسير فيه هو طريق الحق والصواب هو بسبب العداء المتكرر لنا وهو مماثل في مضمونه للعداء الذي تعرض له النبي واهل بيته (عليهم صلوات الله وسلامه) ، لذا فنحن نسير على طريق الحق الذي قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انه ملازم للإمام علي () الذي نعتقد به و بإمامته وبانه حجة من حجج الله ... الامر الذي يجعلنا نسير على الصراط المستقيم الذي ارتأى الله تعالى ان نسير فيه لنضمن النجاة .
ان العداء الذي تعرض له اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هو عداء لازم الاسلام فظهر جلياً في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وفي عهد اهل بيته (عليهم السلام) ، وبما ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) هو رأس الهرم الالهي الذي انزله على ارضه فهو اول من تعرض لهذا العداء والظلم من جميع الناس ، ابتدأ هذا العداء والظلم بشكل واضح وجلي في الوقت الذي اعلن فيه (صلى الله عليه واله وسلم) الرسالة الالهية وبدأ بدعوة الناس الى الاسلام بشكل علني في الوقت الذي كان فيه شبه وحيد وهو محمل برسالة الاسلام وليس معه سوى القليل ممن آمنوا به وبرسالته منهم الامام علي () وزوجته الطاهرة خديجة الكبرى (سلام الله عليها) التي وهبت كل ما تملك في سبيل الاسلام والمسلمين ، وعندما اعلن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الدعوة الى الاسلام بدأ الظلم الحقيقي له (صلى الله عليه واله وسلم) ولأصحابه الذين كانوا يحاولون حماية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بكل الوسائل والطرق وكانوا يتعرضون للضرب والقتل والترهيب ، لقد كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوصف بالجنون وبأنه ساحر وبأنه كاذب .. وما اكثر تلك الاوقات التي سقط فيها دمه الطاهر الزكي نتيجة الضرب الذي يلحق به من المشركين الذين ظلموه (صلى الله عليه واله وسلم) ظلماً شديداً .. فقد كان يعود الى بيته وثيابه مليئة بدمائه الزكية ، وقد كانت فاطمة الزهراء هي التي ترعى والدها فسميت ام ابيها لما كانت توليه من رعاية واهتمام وعناية برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، لقد استمر هذا العداء والظلم زمناً طويلاً ... بل لم يتوقف هذا الظلم ابداً .. و بالرغم من علمنا بأن الانبياء الذين سبقوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد تعرضوا للظلم من اقوامهم ولكن لم يتعرض احد لمثل ما تعرض له النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فقد قال في مجلس له :( ما اوذي نبي بقدر ما اوذيت).
ان هذا العداء والظلم بقي ملازما لحياة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولم يكن يأبه الا بإتمام رسالة الانسانية التي اوكل الله تعالى نشرها الى النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ، فقد كان صابراً مسلّماً امره الى الله تعالى ومؤمناً بأن الله تعالى هو من سيأخذ له حقه من كل من ظلمه ولم يعرف قدره ولم يرد ان يعرف لان الله قد اعمى قلبه ولم يعد يرى الحق ...
لقد ظل الظلم رفيق درب النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ، فلم يرحمه القوم ولم يكفوا عن ظلمه حتى في يوم وفاته (صلى الله عليه واله وسلم) ، فقد قام البعض بشهر حقدهم وعداوتهم للحق والحقيقة ولرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فأغضبوه (صلى الله عليه واله وسلم) ، واغضبوا الله تعالى بفعلهم ذاك لان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال ان من يؤذيه فانه يؤذي الله تعالى فالنبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) هو حبيب الله تعالى وقد قال (صلى الله عليه واله وسلم) :( من آذاني فقد آذى الله ).
فما اقبح وجهه وما اسوأ ما فعله ذاك الذي اغضب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .
وان يوم الرزية حادثة معروفة لدى علماء المسلمين يوم امر النبي بأن يأتوه بقلم ودواة ليكتب للناس كتاباً يضمن لهم الضلال من بعده (صلى الله عليه واله وسلم) ، فاعترض الخليفة الثاني ومعه جماعة على قول رسول الله وقال ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يهجر وان بيدهم كتاب الله تعالى الذي سيؤمنهم من الضلال .. وكانه لم يقرأ القرآن الذي يقول : {وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى}.
وكأنه لا يعرف ان هذا القرآن الذي بيده قد انزل على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لا على احد آخر .. وكأنه لا يعرف ان النبي انما هو بشير ونذير من عند الله تعالى وان كل ما يقوله حق .
ولكنه غفل عن كل ذلك ولم يكترث لتلك الامور لأنه اراد ان يحقق مآرب شخصية بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وبعد ما فعله غضب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) منه ومن جماعته التي بدأت بالتنازع مع الفئة المؤيدة لكاتبة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لهذا الكتاب ، وامرهم حينها رسول الله بالخروج وقال (صلى الله عليه واله وسلم) :( قوموا عني ، لا ينبغي عند نبي تنازع).
فخرج القوم ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حزين لان القوم ظلموه في اخريات حياته ولم يحترموا مقامه ومنزلته عند الله تعالى ... الذي لا يؤثر شيئاً على مكانته (صلى الله عليه واله وسلم) و لكنهم لم يسمعوا كلام رسولهم ونبيهم الذي امرهم فلم ينفذوا .
وبعد وفاة النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم) انتهت حقبة ظلمه (صلى الله عليه واله وسلم) في حياته .. وبدأت حقبة ظلمه واشهار العداء له بعد وفاته (صلى الله عليه واله وسلم).. فنصبّوا ابا بكراً خليفة من بعده (صلى الله عليه واله وسلم) ، وهو خلاف ما كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يريده .. ذلك الامر الذي يريده الله تعالى ان يقام فأمر به بلسان نبيه ولكن ما من احد يسمع كلام رسل الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وبعد هذا الظلم لرسول الله استمر الظلم ولكن شمل الظلم في هذه المرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعدم تنفيذ اوامره وشمل اهل بيته (عليهم السلام) بظلمهم في حوادث واماكن ومواقع كثيرة ، بدأت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فقد سبق وقلنا ان القوم نصبوا ابا بكرا خليفة للمسلمين ، عكس ما امر به رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وتركوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وذهبوا الى السقيفة ولم يذهبوا لدفن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وقد قالت الزهراء (عليها السلام) لمن كان تحت السقيفة :( لا عهد لي بقوم اسوأ محضراً منكم ، تركتم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جنازة بين ايدينا وقطعتم امركم فيما بينكم ولم تؤمرونا ولم تروا لنا حقاً كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم والله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء ولكنكم قطعتم الاسباب بينكم وبين نبيكم والله حسيب بيننا وبينكم في الدنيا والاخرة ).
ان هذا الحديث يدل على انهم لم يذهبوا لدفن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وانما ذهبوا ليبدأوا ظلمهم لأهل البيت (عليهم السلام) .
ومن ثم امتد الامر الى استيلاءهم على ارض فدك بالقوة من فاطمة الزهراء (عليها السلام) وبغير حق .. محتجين بكلام الخليفة الثاني الذي قال انه سمع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول :( نحن معاشر الانبياء لا نورث ).
وان العجيب في الامر هو ان الحديث مجهول لدى صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولم يسمعه سوى عمر .. فمتى سمعه من رسول الله ؟، ومتى كانا وحيدين ؟ ، فكيف لم تسمع الزهراء (عليها السلام) وهي احق الناس ان يسمع من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لأنه والدها (عليها السلام).
الا ان امير المؤمنين () قد احتج عليهم بالآية الكريمة التي تقول :{وورث سليمان داوود} والآية الكريمة التي تقول :{فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب}.
ولكن ما من مجيب ، وقد اشكل عليهم الامام علي () لان الحديث قد روي من شخص واحد لا غير وان هذا الامر لا يوجب ان يعارض هذا الحديث الامر الالهي وآيات القرآن الكريم ... ولو ان الحديث صحيح لقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالأمر لمن يرثه لان الامر يخصه ولا يخص غيره .
ولكن الخليفة الاول اراد ان تكون ارض فدك تحت سيطرته بعد ان كانت تحت سيطرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) والتي وهبها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اليها (عليها السلام) في حياته واصبحت ملكيتها معروفة وهي لفاطمة (عليها السلام) بعد نزول الآية الكريمة :{ وآت ذا القربى حقه}.
الامر الذي دعا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لوهب ارض فدك لفاطمة (عليها السلام) .. لذا فهي ليست ارثاً انما هي هبة من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لابنته .. وبالتالي فان الحديث المزعوم لا يطبق لان الارض ليست ميراثاُ بل هبة ... ولكن ما من مجيب على كل هذه الحجج .
وان المصيبة هي ان هؤلاء قد كذبوا ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) التي نزلت آية التطهير في حقها .. ولكن لا احد يسمع ويعي لانهم عُموا وصموا آنذاك ، ولا يمكننا سوى القول لهم بما قالته لهم فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الآية الكريمة التي تقول :{أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكماً لقوم يوقنون}.
ولكن القوم لم يسمعوا كلامها (عليها السلام) ، وقد كذبوا ابنة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) تلك التي ورد في فضلها احاديث وآيات عديدة ، وقد ثبتت عصمتها (عليها السلام) في اية التطهير المباركة .. فكيف لها ان تكذب (عليها السلام) ؟! فهي معصومة .
ومن ثم امتد الامر الى الاعتداء عليها في بيتها ودخوله عنوة .. لقد دخلوا بيت رسول الله بالقوة ... ذاك البيت الكريم الذي نزل فيه الوحي المرسل من عند الله مرات ومرات ولكن ما من شيء يقف في عين القوم ..
لقد قال شيخ واستاذ البخاري بسنده عن زيد بن اسلم عن ابيه وهو مولى الثاني :( حتى بويع لابي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فيشاورانها ويرتجعان في امرهم فلما بلغ ذلك الامر الثاني خرج حتى دخل على فاطمة فقال يا بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والله ما احد احب الينا من ابيك وما من احد احب الينا بعد ابيك منك وأيم الله ما ذاك بما نعي ان اجتمع هؤلاء عندك ان امرتهم ان يحرق عليهم الدار .
وقد قالت رواية اخرى ان علي والعباس والزبير قد اجتمعوا في بيت فاطمة فبعث الاول الثاني ليخرجهم من بيت فاطمة وقال له ان ابوا فقاتلهم فأقبل بقبس من نار على ان يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت يا فلان أجئت لتحرق دارنا؟، فقال نعم او تدخلوا فيما دخلت فيه الامة .
وعندها ارادوا الاستئذان من فاطمة الزهراء (عليها السلام) ولكنها لم تأذن لهم بالدخول الى بيتها (عليها السلام) غضب البعض من رفضها وقال البعض ما لنا وللنساء ، فقام القوم بجمع الحطب بأمر من الثاني وقال انه سيضرم النار في البيت ان لم يخرجوا ويبايعوا على الخلافة فقيل له ان فاطمة في الدار فقال سنلتقي انا وفاطمة .
و من بعد معارضتهم لكتابة الكتاب من قبل رسول الله واحتجوا بالقرآن وانه سيؤمنهم من الضلال لم يؤمنوا بآياته ولم ينفذوا ما قيل في الآية الكريمة :{ يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم}.
فما سبب عدم تنفيذ ما جاء في الآية الكريمة ؟ .. اما انهم لم يقرأوا القرآن او انهم قرأوا ولم يكترثوا او انهم قالوا بأن المخاطب بعيد كل البعد عنهم لان الخطاب للمؤمنين فقط .... فربما عدوا انفسهم من الـ ....
فقام هؤلاء القوم بدخول البيت عنوة وقاموا بإحراقه واسقطوا جنين فاطمة الزهراء (عليها السلام) المسمى بالمحسن .. وكسروا ضلعها الشريف .. فاستشهدت (عليها السلام) وغضب الله نازل على من ظلمها وآذاها ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ).
فحق غضب الله وسخطه على من ظلمها وآذاها وسبب لها المشاكل والاحزان من بعد وفاة والدها (صلى الله عليه واله وسلم) .
واستمر الظلم بعدها حينما فعلوا ما فعلوه بالإمام علي () وامر استشهاده () ومن ثم امر استشهاد الامام الحسن () مسموماً ، ومن ثم جاء الحدث الاعظم يوم استشهاد الامام الحسين () واهل بيته واصحابه في ذلك اليوم العظيم .. الذي اخذ ابن حفيد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مقيداً وثيابه مليئة بدمائه الزاكية وسبيت النساء في تلك الوقعة الاليمة التي بينت الحقد الدفين لآل البيت (عليهم السلام) والذي اصبح واضحاً وجلياً بتلك الواقعة ... وتبين لنا ان ظلم بني امية لأهل البيت (عليهم السلام) هو اشد الظلم واقبحه واكثره اذية للإسلام والمسلمين فقد ساعد على شيوع مبدأ عداء اهل بيت النبي والتصدي لهم وقتلهم بعد ان قتلوا الامام علي () ومن ثم قتلوا ابنه الامام الحسن المجتبى () وبعدها قاموا بقتل الامام الحسين () ، وكأنهم لم يسمعوا قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في هؤلاء فقد قتلوا نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وقتلوا ريحانتاه وسيدا شباب اهل الجنة .. فماذا سيقولون للنبي في ذلك اليوم العظيم ... يوم يؤخذ بالثأر ويقوم الله تعالى بمحاسبة كل من سبب الاذى لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولأهل بيته الاطهار ... ومن ثم استمر الظلم مع مرور الزمن من خلال سجن الامام زين العابدين ثلاث مرات وقتله بالسم .. وكذلك قتل احفاده () بالسم ايضاً فقتلوا() جميعاً بعد الظلم الذي تعرضوا له .. بل استشهدوا (عليهم السلام) فقد قال الله تعالى في محكم كتاب الحكيم :{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياءٌ عند ربهم يرزقون}.
وان ظلمهم لآل البيت ادى الى غياب قائم آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) ، ومن الجدير بالذكر ان الظلم الذي تعرض له اهل البيت (عليهم السلام) هو نتاج عمل بني امية .. فهم من اسسوا لهذا الاساس وجعلوا منه اتجاهاً يعتقد به مجموعة من الجهال الذي لا يعلمون من امور دينهم شيئاً ، فخسروا دينهم ودنياهم فتعساً لهم .
فنحن نرى ان بني امية موجودون في كل محفل ظلم فيه المسلمون او النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) او اهل بيته الاطهار (عليهم السلام) ، فهم منذ ان بدأت الدعوة العلنية يحاربون الاسلام والمسلمين ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فأفعال ابي سفيان واضحة ويعلم الجميع بأمرها وكم من مسلم مات شهيداً على يد هؤلاء القتلة الملحدين الجاحدين .
ومن ثم اسلم هؤلاء .. و يا له من اسلام ذاك الذي حصل بالقوة وخوفاً من السيف فلولا ارادة الله تعالى التي شاءت النصر لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واصحابه من المسلمين لكان هؤلاء سبباً في محو الاسلام والمسلمين من على وجه الكون ولكن الله يأبى الا ان يتم نوره على الارض .
وبعد المشاكل التي سببوها وبعد ان وقعوا تحت رحمة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اطلقهم الرسول قائلاً انهم الطلقاء الذين لم يدخل الاسلام في قلوبهم وانما دخلوا الاسلام خوفاً من الموت .
لذا فان بني امية قد بدأوا يعملون على اشياع كره النبي واهل بيته بين الناس تحت شعار الاسلام وامارة المؤمنين .. وخليفة رسول رب العالمين .. و يا لهم من خلفاء لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .
لذا فان ما يحدث من ظلم لشيعة اهل البيت (عليهم السلام) انما هو من نتائج عمل بني امية الذي عمل على اذكاء مبدأ بغض اهل البيت ومن يحبهم ويقتدي بهم .. فاحلوا دم ومال وعرض من يؤمن بهم ويتبعهم وان ما يسفك من الدماء باسم الاسلام خير دليل على ذلك الامر .
لقد رحل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عن هذه الدنيا وارتحل الى الرفيق الاعلى وهو لا يريد شيئاً من الناس سوى المودة في قرابته واهل بيته الذي بقوا من بعده بين الوحوش الهائجة التي لا تمتلك عقلاً فقال (صلى الله عليه واله وسلم) :{قل لا اسألكم عليه اجراً الا مودة في القربى}.
و يا لها من مودة تلك التي ابداها اعداء الاسلام لأقرباء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فما اسود وجوههم في الاخرة يوم يلاقون رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .
لقد لعن الله تعالى الظالم في القرآن الكريم ولا يهم من هو الشخص المظلوم فلا يجب ان نظلم شخصاً حتى وان كان كافراً .. لذا فان من يظلم شخصاً ولو كان كافراً فان لعنة الله عليه الى يوم الدين فما بالك بمن ظلم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واهل بيته (عليهم السلام) بما فعله من افعال تلك التي ان دلت على شيء فهي تدل على البغض والعداوة والبغضاء ، وان من ظلمهم (صلوات الله عليهم اجمعين) فان الآية الكريمة التي تقول: {الا لعنة الله على الظالمين}هي تطبيق مباشر عليهم .
ما اصعبه من كلام .. هذا الذي يذكر مصائب محمداً وآل محمد (عليهم صلوات الله وسلامه) وما احزن محبي آل البيت حين يسمعون ويقرأون ظلامة اهل بيت نبيهم التي تعرضوا لها ممن اسمى نفسه بأمير المؤمنين ، وما اشد اسفنا على الاحداث التي جرت في تلك الازمان .. تلك الاحداث التي احزنت ولا تزال تحزن الكبير والصغير بما فيها من ظلم لأهل البيت (عليهم السلام) وان ما يحز في نفوسنا ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد اودع اهل بيته كالأمانة عند اصحابه ولكن لم يصن هؤلاء الامانة ، ولم يعيروها اهتماماً الامر الذي ادى الى كل ما حدث من ظلم على اهل بيت النبي .
وان ما يحزننا ويؤثر فينا هو ان هؤلاء هم المرشدون الى طريق الحق وعندما نتذكر ما حدث لهم من ظلم فإننا نتذكر العداء الذي لازم مسيرة الاسلام الخالدة والتي كان فيها البغض والعداء ملازماً للدعوة الربانية ، وعندها نبدأ بالمقارنة بينما يحدث في زماننا هذا وبين ما حدث في تلك الازمان التي كان الظلم عنوانها الابرز والاكثر سطوعاً بين كل العناوين الاخرى .
ان الكلمات تقف عاجزة عن وصف هؤلاء الاشخاص .. الذين آذوا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .. اولئك الذين غفلوا عن آيات القرآن الكريم ونسوا انهم سيحاسبون في يوم من الايام .. ولكن ما نفع الكلام الان سوى ان فيه ذكراً لمظلومية اهل البيت (عليهم السلام) ، وان ما يمكننا فعله الان هو قراءة الآية الكريمة التي تقول : {وسيعلم الذين ظلموا محمداً وآل محمد اي منقلب يتقلبون}
ما اقبح ذلك التأريخ الاسود الذي بين لنا مظلومية اهل البيت وما اكثر السواد في تلك الصفحات المليئة بدماء اهل البيت (عليهم السلام) ودماء اتباعهم ومحبيهم .. فيا له من تأريخ اسود مظلم .. ذاك الذي وصف لنا كل لحظة من لحظات الظلم التي تعرض لها اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وغفل عن عدد منها لأسباب بعضها معلوم والبعض الاخر مجهول .
{امام الزمان}
ان لكل زمان اماماً يحكم في هذا الزمان وهو حجة الله تعالى في ارضه انزله على عباده ليكون هادياً وبشيراً وليذكر الناس بقدرة الله تعالى وليرشدهم الى طريق الصواب وطريق الهدى والصلاح .. ذاك الطريق الذي اُمرنا ان نسير فيه والذي تبين لنا انه طريق التقرب الى الله تعالى ، وان النجاة لا تكون الا بالسير فيه .. على خطى كل من خصهم الله تعالى بفضله وضمهم الى صفوته .
ان لكل عصر من هذه العصور امام عدل وحق ارسله الله تعالى ليكون هو سبيل خلاص مجتمع هذا العصر وهذه الحقبة من الحياة من جهنم ونيرانها الحارقة ، وان امام الزمان هو اساس الحياة على الارض في ذلك الزمان ومن ثم يأتي الامام الذي يليه ليكون اماماً للزمان الاخر الذي يأتي بعده وليكون كل منهم امام زمانه .
ان على كل شخص مسلم التعرف على امام زمانه والايمان به وبما جاء به لأنه من عند الله تعالى فهو مبلغ لرسالات الله (عز وجل) ، وان معرفتنا لإمام زماننا امر مهم وان من لم يعرف امام زمانه او من لم يتخذ امام الزمان الصحيح فقد مات ميتة جاهلية .. بحسب قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حين قال :( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ).
وقد صرح آل البيت (عليم السلام) بهذا الامر فقد قال الامام الصادق ():( قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : من مات وليس عليه امام فميتته ميتة جاهلية ، فقيل : قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، قال () : اي والله قد قال ، قيل : فمن مات وليس له امام فميتته ميتة جاهلية ؟! ، قال () : نعم ).
ان الميتة الجاهلية تعني الضلال والموت على غير هدى ، وهو الموت على كفر و ضلال و نفاق بدلالة قول الامام الصادق عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( من مات وليس له امام فميتته ميتة جاهلية ، قيل : ميتة كفر ؟، قال () : ميتة ضلال ، ، قيل : فمن مات الوم وليس له امام فميتته جاهلية ؟، قال () : نعم ).
وكذلك ما قاله الامام الصادق عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( من مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية ، فقيل : جاهلية جهلاء او جاهلية لا يرعف امامه ؟، قال () : جاهلية كفر ونفاق وضلال ).
وهل هناك ميتة اسوأ من ان يموت الانسان جاهلاً لا يعرف امام زمانه .. ، ذلك الذي وصف رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ميتته بأنها ميتة جاهلية .. ميتة كفر وضلال ولا يهم من هو هذا الشخص ومن اي مرتبة هو ، وما منزلته عند الناس وما هي افعاله ... وسيكون بلا امام يوم الحساب الاعظم ، يوم يدعى كل شخص بإمامه الذي آمن به وصدقه وبما جاء به من عند الله وقد قال فيه الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{يوم ندعوا كل اناس بإمامهم} .
فيحشر كل مع امامه .. وسيكون الشيطان هو امام الجاهل بإمام زمانه وغير المعتقد به .
وقد قال الامام ابو عبد الله () بعد ان سئل عن هذه الآية الكريمة :( امامهم الذي بين اظهرهم وهو قائم اهل زمانه ).
ان الاعتقاد بإمام الزمان امر من الامور المهمة التي يجب على الانسان ان يعرفها لان الله تعالى قد جعل لكل زمان اماماً يكون مرشداً للناس ووسيلة لاستمرار الحياة على سطح الارض .. فقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ان الارض ستسيخ باهلها لولا الائمة .. فلكل عصر امام وهناك امام لكل عصر من العصور .. ولولا هذا الامام لما وجد شيء ينظر اليه في اهل الارض .. كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ....
ان لمن يعرف امام زمانه مكانة رفيعة .. وانما يعود نفع معرفته لإمام زمانه عليه هو وليس على احد غيره .. فقد سبق وذكرنا ان الائمة (عليهم السلام) لا يضرهم تخلف الناس عنهم وهم لا يستوحشون اذا بعد الناس عنهم .. كيف ذلك وكلام الله تعالى يتردد في آذانهم ويتلى في بيوتهم ..
لقد صرح الامام ابو جعفر () بمنزلة العارف بإمامه .. وبين انه كالقائم مع ذلك الامام في حربه وسلمه .. فقد قال () :( من مات وليس له امام مات ميتة جاهلية ، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضره ، تقدم هذا الامر او تأخر ومن مات وهو عارف لإمامه ، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه ).
وكذلك قال () في مورد آخر :( ما ضر من مات منتظراً لأمرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره ).
لقد تحدث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والائمة (عليهم السلام) كثيراً عن امام الزمان وعن ما يتعلق به ، وبينوا لنا كثيراً من الامور التي من شأنها ان ترشدنا الى صاحب الزمان الذي يجب ان نطيعه وننقاد اليه ونأتمر بأوامره التي يأمرنا بها لأنه شخص منزل من عند الله وان كل ما يقوله انما هو كلام الله تعالى وأمره الذي لا بد منه في كل وقت وحين .
ان امام الزمان هو الانسان الذي يأخذ مقام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من بعده وهو احق الناس بذلك .. ويمارس دور رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذي كان يمارسه فهو تكميل لرسالة الرحمن الى العباد جميعاً ، وبما ان لكل عصر امام زمان .. فمن هو امام زماننا هذا ؟.
ان امام زماننا هو الامام الثاني عشر والتاسع من ولد الامام الحسين () المعروف بالمهدي () والذي قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيه :( اسمه اسمي وكنيته كنيتي .. يملأ الارض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً ).
وقد بشر الائمة (عليهم السلام) بظهور القائم والمنتظر () واشاروا الى شخصه حين قام الامام ابو محمد الحسن العسكري بالإشارة الى الامام المنتظر والقول :( هذا صاحبكم من بعدي ).
ان الاحاديث التي بينت واشارت الى ظهور المنتظر كثيرة وغزيرة وما اكثرها في كتب المسلمين .. فقد اوردت جميع كتب الحديث تبشير النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بالإمام المهدي () واوجب علينا ان نطيعه ونؤمن به وان نعرفه حق المعرفة ، لكي لا نموت ميتة جاهلية في الوقت الذي يختفي فيه () عن الانظار ويظهر في ذلك اليوم الذي تملأ فيه الارض ظلماً وجوراً وانتشاراً للباطل فيظهر () ليملأها قسطاً وعدلاً بعد كل الظلم الذي يجري فيها .
ان ما يجب علينا فعله هو الايمان بإمامة المهدي () وانه امام هذا الزمان لكي لا تكون ميتتنا ميتة كفر وضلال ولكي نكون كمن مات وهو في فسطاط المهدي () ولكي لا نخسر دنيانا وآخرتنا .. فيجب ان نكون من المنتظرين لظهوره () وان امر الانتظار انما هو امر رباني والهي حيث قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون }.
ان ما يجب ان نفعله هو الانتظار الذي امرنا الله تعالى ان ننتظر به الا وهو التعلم و التفقه الى حين خروج قائم آل محمد () او ان يموت وهو عارف بإمامه فيموت كمن يموت في فسطاط المهدي () .
ان انكار البعض لإمامة التاسع من ولد الامام الحسين () انما هو كفر ونفاق ممن لا يعتقد بإمامته ، وان آثار انكارهم هذا انما ستعود بالضر عليهم .
ان الامام () يعرف من لم يؤمن به فيقيم عليه الحجة في ذلك اليوم الذي لن ينفعهم فيه ندم على ما فات .. وقد نهانا امامنا الصادق () عن القول ان الناس منكرون له () وانما يجحدون في امامته وصدقها .. وانما بين ذلك في الحديث الذي قال فيه :( لا تقل المنكر ، ولكن قل : الجاحد من بني هاشم وغيرهم).
وقال في مورد آخر :( الجاحد منا له ذنبان والمحسن له حسنتان ).
ان انتظارنا كافٍ في وقت غيبة الامام () ولكن ليس اي انتظار كافٍ انما هو الانتظار الذي يتفقه فيه العبد بأمور دنياه وآخرته ... فيكون متوكلاً على الله تعالى في اموره .. ومنتظراً لظهور الحق الالهي .
لقد قال الامام الصادق () في الامام المهدي (عج) :( ان لصاحب هذا الامر غيبة ، فليتق الله عبدٌ وليتمسك بدينه ).
وهذا خير دليل على دعوة ائمتنا للتمسك بأمور ديننا وان نكون على علم بما يفيدنا في حياتنا في ذلك الوقت الذي يكون فيه الامام () غائباً عن الانظار .
وان مما يجب ان نشير اليه هو ان الارض لم ولن تخلوا من حجة لله تعالى فيها ، فقد قال الامام الصادق () :( ان الارض لا تخلوا الا وفيها امام ، كيما ان زاد المؤمنون شيئاً ردهم ، وان نقصوا شيئاً اتمه لهم ).
وكذلك قال الامام الصادق () في مورد آخر :( ما زالت الارض الا ولله فيها حجة ، يُعرف الحلال والحرام ويدعوا الناس الى سبيل الله ).
وقال الامام ابو جعفر () :( والله ما ترك الله ارضاً منذ قبض آدم () ، الا وفيها امام يهتدى به الى الله وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الارض بغير امام حجة لله على عباده ).
بالإضافة الى ما قاله الامام الرضا بعد ان سئل هل ان الارض تخلو من امام :( لا ، فقيل له : فانا نروي عن ابي عبد الله () أنها لا تبقى بغير امام الا ان يسخط الله تعالى على اهل الارض او على العباد ، فقال : لا ، لا تبقى إذاً لساخت ).
ان في هذه الاحاديث دلالة على ان الارض لا تخلو من امام ابداً ، وان خلت الارض من الامام فلن تبقى على الارض حياة .
وان مما اشار اليه اهل البيت هو انه لا بد من الامام حتى ولو كان هناك شخصان فقط على الارض ، فقد قال الامام الصادق () :( لو بقي اثنان لكان احدهما الحجة على صاحبه ).
وكذلك قال الامام الصادق () في مورد آخر :( لو لم يكن في الارض الا اثنان لكان الامام احدهما ).
ان هذه الاحاديث تدل على ان الارض لن تخلو من الامام حتى وان كان هناك رجلان اثنان على سطح الارض فسيكون احدهما حجة على صاحبه ، وهذا يدل على ان هناك اماماً في زماننا هذا ارسله الله تعالى ليكون حجة علينا وهو الام المهدي () .
{التمهيد لظهور الامام المهدي (عج)}
لقد بينا فيما سبق من الابحاث ان الائمة (عليهم السلام) انما هم سلسلة مكملة لرسالة النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وان امرهم انما هو امر الله تعالى وانهم يقولون حقاً وان رسالتهم انما هي نفس الرسالة التي جاء بها خاتم الانبياء والمرسلين وكذلك الامام علي () الذي شارك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في علمه وكان نفسه وابن عمه وصهره وكاتباً للوحي الذي ينزل على النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) .. ان الرسالة التي اراد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نشرها بين الناس هي نفس الرسالة التي ارسل بها هؤلاء الائمة الاطهار .. احفاد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) .
ان الاحاديث التي بشرت بالأئمة (عليهم السلام) كثيرة وغزيرة ، فقد بُشر بهم كثيراً .. في مواضع ومناسبات وموارد كثيرة وعديدة .. وان التبليغ والتبشير بهم انما هو امر الهي .. فقد علمنا ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انما يتكلم بإذن الله تعالى وهو يبين ما يريده الله تعالى وهو يتكلم بعد نزول وحي الله تعالى عليه .. فهو (صلى الله عليه واله وسلم) لم يأت بشيء من عنده .. وهو لم يتكلم بما يريده ويهواه .
ان التبشير بالإمام المهدي المنتظر () من الامور التي تم ذكرها كثيراً من النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) .. وان التبشير به لا يكون الا بالتبشير بآبائه واجداده .. وقد قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) :( انا سيد النبيين ، وعلي بن ابي طالب سيد الوصيين ، وان اوصيائي بعدي اثنا عشر ، اولهم علي ابن ابي طالب آخرهم المهدي ).
وكذلك قال (صلى الله عليه واله وسلم) :( ان خلفائي واوصيائي وحجج الله على الخلق اثنا عشر ، اولهم وآخرهم ولدي المهدي ، فينزل روح الله عيسى بن مريم ، فيصلي خلف المهدي وترشق الارض بنور ربها ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب .
ان هذين الحديثين يبينان لنا ان الرسول الكريم قد بشر بالأئمة الاثنا عشر .. وبين انهم خلفائه واوصيائه في ارضه وحجج الله تعالى على عباده .. وقد ذكرهم (صلى الله عليه واله وسلم) في حديث قال فيه :( ان وصيي علي بن ابي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة ائمة من صلب الحسين ، اذا مضى الحسين فابنه علي فاذا مضى علي فابنه محمد فاذا مضى محمد فابنه جعفر فاذا مضى جعفر فابنه موسى ، فاذا مضى موسى فابنه علي فاذا مضى علي فابنه محمد فاذا مضى محمد فابنه علي ، فاذا مضى علي فابنه الحسن فاذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي ، فهؤلاء اثنا عشر ...) .
ان في هذا الحديث تصريحاً واضحاً للائمة الاثنا عشر وتبليغاً لأشخاصهم وبأنهم حجج الله تعالى ، وبما ان التبليغ بهم قد ثبت .. فيجب ان نأتي الى ما قيل في الامام المهدي .. رغم ان التبليغ بهم (عليهم السلام) قد تضمن التبليغ بالمهدي () .. وان مما يجب ان يشار اليه هو ان هؤلاء الائمة انما هم ورثة لعلم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وانهم يتوارثون العلم فيما بينهم .. فقد ثبت لنا ان كلاً منهم (عليهم السلام) يكتسب علم ابيه والامام الذي سبقه بعد مضي آخر لحظة من حياة ذاك الامام () .. فينتقل علمه وكل ما يعرف به الى الامام الذي يتلوه .. الا وهو ابنه .. وهذا امر معروف عندنا .
وان هؤلاء الائمة قد مهدوا لظهور القائم بالحق () والذي سينشر رسالة الاسلام في العالم اجمع فيعيش البشر في ظل الاسلام وفيئه ، وقد مهدوا (عليهم السلام) لظهور القائم من آل محمد () .. فقد ثبت لنا ان الامام الحسن العسكري () كان يغيب عن اصحابه لفترة طويلة .. وعندما سئل عن سبب ذلك .. قال انه تهييئ للشيعة .. لكي لا يشعروا بفراغ كبير في غيبة صاحب الامر (عج) .. فنحن نعلم ان الائمة (عليهم السلام) كانوا على علم بغيبة الامام المهدي () وكانوا يصرحون بذلك لاتباعهم وشيعتهم فقد قال الامام الصادق () :( من اقر بجميع الائمة (عليهم السلام) وجحد المهدي كان كمن اقر بجميع الانبياء (عليهم السلام) وجحد محمداً (صلى الله عليه واله وسلم) ، فقيل له : يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك ؟.
فقال () : الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ، ولا يحل لكم تسميته ).
بالإضافة الى مجموعة من الاحاديث الاخرى التي تكلمت عن الامام المهدي () وعن غيبته .
لقد بشر جميع الائمة بالإمام المهدي () وقد دل التاريخ على ذلك ولم ينكر شيئاً منه لأنه امر واضح وجلي .. فقد قام الائمة (عليهم السلام) بدورهم التبليغي الذي تمثل بذكرهم لقائم آل محمد في احاديثهم التي تحدثوا بها في مجالسهم التي اتسمت بالوقار وتجلٍ واضح للإيمان والتقوى ومخافة الله تعالى في السر والعلن .
لذا فان تمهيدهم (عليهم السلام) كان على نوعين احدهما انهم (عليهم السلام) قد مهدوا له () بتصرفاتهم وافعالهم .. وكذلك مهدوا له الطريق عن طريق التبليغ به وبأمره وبما يقوم به بعد خروجه .. ان كل هذه الامور معلومة عند شيعة اهل البيت (عليهم السلام) .. ولكنها شبه مجهولة ان لم تكن مجهولة تماماً لدى علماء وعامة المذاهب الاخرى التي ان آمنت بالمهدي .. فهي لم تؤمن بأنه من ولد علي () .
ان الظلم الذي تعرض له بعض الائمة (عليهم السلام) كالإمام الكاظم () الذي قضى معظم سنين حياته وهو محارب ومسجون .. ادى الى ان تكون الاحاديث التي رويت عنه () شبه قليلة ولم ترد بغزارة كما وردت عن الامام الصادق () الذي لم يكن محارباً بشكل علني .. الا ان العداء للإمام الكاظم () ولأهل البيت في ذلك الحين كان واضحاً وجلياً .. لذا فان احاديثه كانت قليلة ولكنها لم تغفل عن التبشير بالإمام المهدي () وغيبته وبما يحدث في زمانه ، فقد قال الامام الكاظم بعد ان سئل عن شخص القائم بالحق :( انا القائم بالحق ، ولكن القائم الذي يطهر الارض من اعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي ، له غيبة يطول امدها خوفاً على نفسه ، يرتد فيها اقوام ويثبت فيها آخرون .
ثم قال () :( طوبى لشيعتنا المستمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من اعداءنا ، اولئك منا ونحن منهم ، قد رضوا بنا ائمة ورضينا بهم شيعة ، وطوبى لهم ، هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة ).
بالاضافة الى حديث آخر وغيره من الاحاديث الاخرى التي ذكرت قائم آل محمد () بلسان الامام الكاظم () وغيره من الائمة الاخرين الذين لم يتوانوا في ذكر الامام المهدي () .
وان امر ظهور القائم بالحق من آل محمد انما هو امر الهي لا بد منه فقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:{وهو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على دين كله ولو كره المشركون}.
وقد ثبت عندنا ان المراد بالحق هم الائمة (عليهم السلام) ومنهم صاحب زماننا الامام المهدي () الذي سيملأ الارض قسطاً وعدلاً بعدما تملأ ظلماً وجوراً .
{ شيعة اهل البيت (عليهم السلام)}
ان الله تعالى قد ارتأى بحكمته ان يكون البشر انواعاً واصنافاً متعددة فمنهم من يحب الحق واصحابه ويعمل جاهداً في سبيل نشر الحق وتطبيق مبدأ العدالة والعمل على نشر مفهوم المساواة بين الناس جميعاً بغض النظر عن انتماءاتهم و قومياتهم واديانهم ، وبالمقابل فان هناك من لا يحب كل ذلك .. انما يحب الظلم والظالمين ولا يعترف بمبدأ العدل والمساواة ، ولا يعرف اصلاً لمفهوم النقاش والتفاهم وحل الامور بلا نزاعات او مشاكل .
ان هذين الصنفين والنوعين من البشر انما هما نتاج لاتباع كل منهما خطاً ونهجاً انتهجاه ، فقام الناس من كلا الصنفين باتخاذ هذا المنهج منظماً لحياتهم ومسؤولاً عن آرائهم ومعتقداتهم في حياتهم واعتقدوا بما يعتقد به هذا النهج فكانوا تبعاً للقائمين على امر هذا النهج والمنهج والخط واصبحوا عندها اتباع المؤسسين لهذا الخط والمنهج .. وعندها سينسبون الى من انشأ هذا الخط والطريق والمبدأ .
لذا فان اتباعنا لأهل البيت (عليهم السلام) لا يكون الا عن طريق السير على الطريق الذي رسموه لنا وبينوا معالمه لنا بشكل واضح وجلي .. فيجب ان نأتمر بأوامرهم لانهم قادتنا واسيادنا وآمرونا وناهونا عن مختلف الامور .
ان اتباع اهل البيت لا يكون بالكلام فقط انما يجب ان يكون معمولاً به عن طريق الايمان بما جاءوا به والتصديق بإمامتهم وبأنهم مبلغون من الله تعالى ، فيجب علينا ان نقوم بكل ما امرونا به وان ننتهي عن ما نهونا عنه .. واذا ما فعلنا ذلك فسنكون من اتباعهم والذين يشفع اهل البيت (عليهم السلام) لهم في ذلك اليوم العظيم .. يوم القيامة الذي لا مفر منه والذي سيأتي يوماً ما بأمر الله تعالى .
ان الامر الذي قع على عاتقنا ان نفهمه هو مفهوم الشيعة او التشيع باعتبار ان لقبنا هو شيعة اهل البيت .. فما المقصود بلفظ الشيعة .. وهل فيه تخصيص ؟.
ان لفظ الشيعة يدل على مجموعة من الناس الذي يتبعون اناساً ما فيكونون من اشياعهم واتباعهم .. وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{وان من شيعته لإبراهيم اذ جاء ربه بقلب سليم }.
اي ان النبي ابراهيم () انما هو من اتباع من سبقه من الانبياء وانه يسير على نهجهم وخطاهم وانه منهم .. فهو من ضمن المبلغين لرسالات الله تعالى ، حيث ان هذا اللفظ هو لفظ عام ولا يشير الى التخصيص .
ان قول الله تعالى هذا يدل على ان لفظ الشيعة لا يخض اتباع اهل البيت (عليهم السلام) فحسب ، انما يدل على انهم متبعون لآل بيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، لذا فان الشيعة هم الاتباع والانصار والذين يأتمرون بأوامر شخص ما او مجموعة من الاشخاص بغض النظر عن من يكونون او ما الذي يعتقدون به وما هو الخط الذي رسموه لاتباعهم وان هذا اللفظ لا يخصص ابداً .. فهو لا يعني طائفة او جماعة ما .. فهو لفظ عام يقال لكل مجموعة تأتمر بأوامر شخص ما كما اسلفنا في القول .
الا ان هذا اللفظ قد عرف به اتباع اهل البيت (عليهم السلام) واشياعهم اولئك الذين ينتمون لهم ، وقد عرف هذا اللفظ بأنه ممثل لاتباع اهل البيت وقد استعمل هذا اللفظ للدلالة عليهم في التأريخ الاسلامي ، فقد ذكر التأريخ هذا اللفظ كثيراً وكان المقصود منه هم الاشخاص الذي ينتمون الى هذه المدرسة الشريفة والذين يعتقدون بالأئمة (عليهم السلام) وعلى رأسهم الامام علي () .
ان كون الانسان من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) ليس بالأمر الهين والسهل فعلى من يعتبر نفسه من شيعة اهل البيت (عليم السلام) وينسب نفسه اليهم ان يقوم بما امروا به وان لا يزيد على كلامهم او ينقص من واقوالهم شيئاً ، وان لا يفعل ما نهوا عنه وحذروا منه ، وان يتخلق بأخلاقهم الحميدة وان يتعلم من علومهم الغزيرة وان يفعل الكثير من الامور الاخرى التي تجعله من شيعتهم ومتبعيهم .
وان ما سنتعرف عليه الان هو من هم شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وما المقصود بهذه التسمية ؟.
ان شيعة اهل البيت (عليهم السلام) اولئك الذين يؤمنون بالإمام علي () وبأن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قد قال انه () ولي كل مؤمن ومؤمنة اولئك الذين كان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وليهم .
فهم الذين يصدقون بما جاء في غدير خم وما قام به النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في ذلك الحين ... حين قام في ذلك اليوم الذي كان احر يوم يمر عليهم .. وبوجود جمع غفير من الناس والاتباع والصحابة ، برفع يد الامام علي () حتى بان ابطه (صلى الله عليه واله وسلم) فقال :( ايها الناس : الست اولى بكم من انفسكم ؟، قالوا : بلى ، قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ).
ان النبي محمداً (صلى الله عليه واله وسلم) قد تلقى امراً من الله تعالى حين نزلت الآية الكريمة التي تقول :{ يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}.
وبعد ان نزلت هذه الآية الكريمة قام النبي محمد بجمع الناس في ذلك اليوم وقال ما قاله (صلى الله عليه واله وسلم) ، ومن ثم نزلت الآية الكريمة التي تقول :{ اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً }.
و ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انما هو مبلغ ومنفذ لأوامر الله تعالى .
وان الشيعة من يعتمدون على اهل البيت (عليهم السلام) في جميع امورهم ومسائلهم الشرعية وغيرها من المسائل الاخرى التي يجدون حلاً لها عند آل البيت (عليهم السلام) ، فلم يعصى جواب اي سؤال على اهل البيت (عليهم السلام) ففيهم جمع الله تعالى نوره واصبح جلياً فيهم وفي تصرفاتهم واقوالهم .
ان شيعة اهل البيت هم المعتقدون بعصمتهم من الخطأ والزلل ، والذي يعتبرون ان اهل البيت هم افضل الخلق من بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، والشيعة هم من يعتقدون بأن اهل البيت (عليهم السلام) هم اعلم الناس و اقضاهم واوفرهم علماً وحكمة وحكماً بين الناس .. ذلك الحكم الذي يرضى به الله تعالى ويقتنع به عباد الله المخلصين .
لقد تعرفنا الان على الشيعة .. شيعة اهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذين فدوا ولا يزالون يفدون ارواحهم واموالهم وانفسهم في سبيل الثبات على حبهم والسير على نهجم القويم والصحيح .. وكم من شخص استشهد في سبيل الله وفي سبيل رسوله واهل بيته (صلوات الله عليهم اجمعين) .. وعندها يصح فيهم قول الآية الكريمة :{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياءٌ عند ربهم يرزقون }.
وان هناك من لا يعتبر من الشيعة وانما يعتبر من المحبين لأهل البيت (عليهم السلام) فلا يصح تسميته بالشيعي ... ذاك الذي وصفه الامام الكاظم () بعد ان سمع ان شخصاً ما ينادي بأنه من شيعة محمد وآل محمد وينادي على ثياب يبيعها : من يزيد ؟. فقال فيه :( ما جهل ولا ضاع امرؤ عرف قدر نفسه ، أتدرون ما مثل هذا ؟، هذا شخص قال انا مثل سلمان وابي ذر والمقداد وعمار ، وهو مع ذلك يباخس في بيعه ويدلس عيوب المبيع على مشتريه ، ويشتري الشيء بثمن ، فيزايد الغريب ، يطلبه فيوجب له ثم اذا غاب المشتري قال لا اريده الا بكذا بدون ما كان طلبه منه ، أيكون هذا كسلمان و ابي ذر والمقداد وعمار ؟ ، حاش لله ان يكون هذا كهم ، ولكن ما يمنعه من ان يقول أني من محبي محمد وآل محمد ومن موالي اوليائه ويعادي اعدائهم ).
ان هذا الحديث المنقول عن الامام الكاظم () يبين لنا ان ليس كل من يدعي انه من شيعة اهل البيت (عليهم السلام) هو كذلك .. وانما يجب علينا ان نقول انا من محبيهم فما لنا نحن والاصحاب التابعين لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذين احبوا الامام علي () واستشهدوا في سبيل حبه وبذلوا انفسهم في سبيل الذود عنه () فهؤلاء هم شيعة لعلي () ولمحمد (صلى الله عليه واله وسلم) و لآله الاطهار (عليهم السلام) .
ان منزلة الشيعة منزلة عظيمة فقد قال الامام ابو الحسن () :( من عادى شيعتنا فقد عادانا ، ومن والاهم فقد والانا ، لانهم منا ، خلقوا من طينتا من احبهم فهو منا ومن ابغضهم فليس منا ، شيعتنا ينظرون بنور الله ، ويتقلبون في رحمته ، ويفوزون بكرامة الله ، وما من احد من شيعتنا اغتم الا اغتممنا لغمه ولا يفرح الا فرحنا لفرحه ).
يا لها من منزلة عظيمة تلك التي تجعل الائمة (عليهم السلام) يتأثرون بما يجري على شيعتهم ، و يا له من فضل كبير .. ان ينظروا بنور الله (عز وجل) وان يكون هو الهادي لهم و مرشدهم الى الصواب .. فكم هو امر عظيم وجليل ان يكون الانسان من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) ومن شيعتهم الذين يحبونهم ويأتمرون بأوامرهم وينتهون عما نهوا عنه (عليهم السلام) .
ان الله تعالى يأبى الا ان يتم نوره وان يجعل الحق هو المنتصر الوحيد ولو بعد حين ، وقد قال الله تعالى :{ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية }.
وعندما اورد السيوطي هذه الآية وتفسيرها ذكر رواية عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال فيها بعد ان اقبل الامام علي ():( والذي نفسي بيده : ان هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ).
وانزلت الآية الكريمة بعد ذلك ، فكان اصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يقولون عندما يقبل الامام علي () : اقبل خير البرية .
وقد قال الامام علي () :( ان خليلي (صلى الله عله واله وسلم) قال : يا علي انك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقبل عله اعدائك غضاباً مقحمين ).
وكذلك قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) :( يا علي ان الله غفر لك ولذريتك وولدك واهلك وشيعتك ولمحبي شيعتك فأبشر ).
ان هذا الحديث يملك مضموناً كبيراً وعظيماً .. فحتى وان كنت من محبي اهل البيت .. او من محبي شيعتهم فان الله تعالى سيغفر لك لأنك محب لهم ...
وقالت ام سلمة : سمعت رسول الله () يقول :( شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة ).
ان كل هذه الاحاديث انما هي دليل على منزلة الشيعة ومن يحب الشيعة . و يا لها من منزلة عظيمة وجليلة .. فهنيئاً لشيعة اهل البيت (عليهم السلام) ولكل من يحبهم ويحب شيعتهم لأنه فائز يوم القيامة لا محالة .
وان الآية الكريمة التي تنتهي بـ{خير البرية}. قد تم تفسيرها من قبل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقد قال للإمام علي () :( انت يا علي وشيعتك).
وكذلك قال :( علي خير البرية).
بالإضافة الى قوله (صلى الله عليه واله وسلم) للإمام علي () قاصداً التحدث عن هذه الآية الكريمة :( يا علي : انت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين).
وكذلك قال (صلى الله عليه واله وسلم) لعلي () :( ألم تسمع قول الله عز وجل : {ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية }؟ ، انت وشيعتك ، وموعدي وموعدك الحوض ، اذا جاءت الامم للحساب ، تدعون عزاً وتجلسون ).
بالإضافة الى غيرها من الروايات التي بينت معنى هذه الآية .. ومنزلة شيعة اهل البيت (عليهم السلام) .
وان ما يجب الاشارة اليه هو معنى لفظ الرافضي ... وان ما سنذكره هي رواية في زمن الامام الصادق () فقد قيل له في يوم ما ان عماراً الدهني قد شهد شهادة ، ولكن الشهادة لم تقبل منه وقيل له انه رافضي ، فبكى عمار و ارتعدت فرائصه .
فقال له ابن ابي ليلى : انت رجل من اهل العلم والحديث ، ان كان يسوؤك ان يقال لك رافضي فأنت من اخواننا ، فقال له عمار : يا هذا ما ذهبت والله حيث ذهبت ، ولكن بكيت عليك وعلي ، اما بكائي على نفسي فانك نسبتني الى رتبة شريفة لست من اهلها زعمت اني رافضي ، ويحك لقد حدثني الصادق () :( ان اول من سمي الرافضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى في عصاه آمنوا به واتبعوه ، ورفضوا امر فرعون ، واستسلموا لكل ما نزل به ، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه ، فالرافضي كل من رفض جميع ما كره الله وفعل كل ما امر به ). فأين في هذا الزمان مثل هذا ؟، وانما بكيت على نفسي خشيت ان يطلع الله عز وجل على قلبي وقد تلقيت هذا الاسم الشريف على نفسي فيعاتبني ربي عز وجل ويقول : يا عمار أكنت رافضاً للأباطيل ، عاملاً بالطاعات كما قال لك ؟، فيكون ذلك بي مقصراً في الدرجات ان سامحني ، وموجباً لشديد العقاب علي ان ناقشني ، الا ان يتداركني موالي بشفاعتهم .
واما بكائي عليك فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي وشفقتي عليك من عذاب الله ان صرفت اشرف الاسماء الي ، وان جعلته من ارذلها كيف تصبر بدنك على عذاب كلمتك هذه ؟.
فقال الصادق () :( لو ان على عمار من الذنوب ما هو اعظم من السماوات والارضين لمحيت عنه بهذه الكلمات وانها لتزيد في حسناته عند ربه عز وجل حتى يجعل كل خردلة منها اعظم من الدنيا بألف مرة ).
فهنيئاً لعمار ولأمثاله وهنيئاً للرافضي الذي يرفض كل ما يكرهه الله تعالى وما يسلط سخطه على العباد ، لذا فان هذه الرواية تدلنا على عظم منزلة الرافضي .
ان حب اهل البيت (عليهم السلام) هو من الامور التي يجدر بنا الاشارة اليها ، لان اهل البيت (عليهم السلام) يحبون شيعتهم كما يحبهم شيعتهم ، بل انهم يشتاقون الى ارواح وريح شيعتهم ويشتاقون لرؤيتهم وزيارتهم ، فهو حب صادق متبادل بين الطرفين ، وقد قال الامام الصادق () :( والله اني لاحب ريحكم وارواحكم ورؤيتكم وزيارتكم ، واني لعلى دين الله ودين الملائكة فأعينوا على ذلك بورع . انا في الدنيا بمنزلة الشعير ، اتقلقل حتى ارى الرجل منكم فأستريح اليه ).
وكذلك قال () :( والله اني لاحب رؤيتكم ، واشتاق الى حديثكم ).
وكذلك قال الامام الصادق () ان اباه () قد رأى جماعة من شيعته في المسجد فدنا منهم وسلم عليهم وقال لهم :( والله اني لاحب ريحكم وارواحكم ، واني لعلى دين الله ، وما بين احدكم وبين ان يغتبط بما فيه الا ان تبلغ ها هنا واشار بيده الى حنجرته ، فأعينوني بورع واجتهاد ن ومن يأتي منكم بإمام فليعمل به ، انت شُرَطُ الله ، وانتم اعوان الله ، وانتم انصار الله ).
ان هذا الكلم يدل على مدى حب اهل البيت (عليهم السلام) لشيعتهم و محبيهم وكيف انهم يشتاقون لرؤية اتباعهم وشيعتهم وكم انهم يشتاقون اليهم ويحبون التحدث معهم ...
ان اهل البيت (عليهم السلام) يطلبون من شيعتهم القيام بجملة من الامور منها الورع والتقوى فقد قال الامام الصادق () :( شيعتنا اهل الورع والاجتهاد ، ن واهل الوقار والامنة ، واهل الزهد والعبادة ، اصحاب احدى وخمسون ركعة في اليوم والليلة ، القائمون بالليل ، الصائمون بالنهار ، يحجون البيت ... ويجتنبون كل محرم ).
وكذلك قال الامام الصادق () :( يا شيعة آل محمد ، انه ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب ، ولم يحسن صحبة من صاحبه ، ومرافقة من رافقه ومصالحة من صالحه ).
وقال الامام الحسن بن علي () لرجل قال له انه من شيعتهم (عليهم السلام) :( يا عبد الله ، ان كنت تابعاً لنا في اوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت ، وان كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من اهلها ، لا تقل لنا انا من شيعتكم ، ولكن قل انا من مواليكم ومحبيكم ومعادي اعداءكم ).
ان في هذه الاحاديث جملة من الصفات التي على كل من يدعي انه من شيعة اهل البيت (عليهم السلام) ان يتحلى بها او ان يقول انه من محبيهم ومن مواليهم .
بالإضافة الى كل ذلك فانهم (عليهم السلام) حثونا على التعبد والعبادة فقال الامام ابو جعفر () :( يا ابا المقدام انما شيعة علي () الشاحبون ، الناحلون ، الذابلون ، الذابلة شفاههم ، نحيفة بطونهم ، متغيرة الوانهم ، مصفرة وجوههم ، اذا جنهم الليل اتخذوا الارض فراشاً واستقلوا الارض بجباههم ، كثير سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم محزونون ).
بالإضافة الى ان اهل البيت (عليهم السلام) قد حثوا على جملة من الامور الاخرى فبالإضافة الى حثهم شيعتهم على التعبد والورع والتقوى وان يكونوا قائمين ليلهم لعبادة الله تعالى وذكره والتسليم لأمره فقد حثوا على ان يكون المسلمون متحابين فيما بينهم تسود بينهم روح التعاون والوئام وهذه هي اوامر الاسلام الحنيف .
ان شيعة اهل البيت (عليهم السلام) هم بكل اختصار من الذين آمنوا بالله تعالى وبرسوله وبالأئمة الاطهار .. فلم يتوانوا في تنفيذ اوامر الله تعالى واوامر اهل البيت الذين لا يتكلمون سوى بذاك الكلام الالهي الذي يحبه الله تعالى ، ان اهل البيت يحبون شيعتهم ومن يحبهم الامر الذي يضمن لهم النجاة يوم القيامة .. وقد قال الله تعالى :{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين }.
فجعلنا الله واياكم من السائرين على نهجهم القويم والصراط المستقيم .
{ الولاية}
ان الله تعالى هو صاحب الامر في السماوات والارضين ، فله الملك وهو صاحب الجاه والسلطان ، فأوجب علينا ان نحبه ونواليه وان نكون من عبيده والذين يتذللون له لأنه يستحق ذلك .. فأوجب علينا الولاية حين قال في محكم كتابه العزيز :{انما وليكم الله}.
لذل فان الولاية لله تعالى ولكن الآية تقول :{ انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }.
لذا فان الله تعالى قد امرنا ان يكون (عز وجل) ولينا ، ولكنه (عز اسمه) قال ان علينا ان نتخذ من الرسول ولياً لنا وكذلك الذين امنوا بالله تعالى فنفذوا اوامره وانتهوا عن نواهيه .. ان الولاية لله تعالى هي ولاية مطلقة ولا شريك له فيها وان من يجعل في ولايته شريكاً مع الله تعالى فانه قد كفر بصفات الله (عز وجل) ولكنه (عز اسمه) قال لنا ان النبي والذين آمنوا هم اوليائنا ايضاً فان الولاء لهم واجب .. ولكن يجب ان لا يكون فيه تشريك مع الله تعالى فلا يكون ولائنا لله تعالى واحداً مع ولائنا لغيره (عز وجل) ، وان ولائنا لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، امر لا بد منه وهو امر حتمي لأنه مرسل من الله تعالى ، وبما ان الله تعالى قد اتخذ من المرسلين والائمة (عليهم السلام) الوسيلة التي يخاطب بها سائر عباده فقد اوجب علينا ان نتخذ منهم اولياءاً لنا .
وان ما يجب ان نوضحه هو معنى الولاء والولاية .. ان الولاية تعني ان يكون الانسان تحت قيادة شخص ما وانه يتخذ من هذا الشخص ولياً له يكون مسؤولاً عن افعاله و تصرفاته فيأتمر بأوامره وينتهي عما نهى عنه ، وان الولاء بكل معانيه يعمل على استخراج كافة القدرات العقلية والفكرية والعملية للإنسان .. فمن خلال الوالي واوامره ونواهيه التي يجب ان تتسم بالحكمة يستطيع ان يجعل من الموالي شخصاً ناجحاً ومفيداً .
ان الولاية لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وآل البيت (عليهم السلام) لا تتم الا بالولاية لله تعالى والانصياع لأوامره واطاعته (عز وجل) في كل امر .
فقد قال الله تعالى :{وان تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من اعمالكم شيئاً }.
وقوله تعالى :{ واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون }.
وقال (عز وجل) :{قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول }.
ان هذه الآيات الكريمة تحث على الولاية لله تعالى ومن ثم الولاية لرسوله الكريم والتي لا تتحقق الا بالولاية لله (عز وجل) .
ان الولاء لا يتحقق الا بمجموعة من الامور التي يجب ان تتوفر في الموالي والتي يجب ان يقوم بها .. منها ان يكون محباً مخلصاً لله تعالى بدلالة قوله تعالى :{ومن الناس من يتخذ من دون الله انداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حباً لله }.
وكذلك قوله تعالى :{قل ان كان آباؤكم وابناؤكم وإخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي امر الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين }.
وكذلك يجب ان يتوفر في الانسان الموالي لله تعالى الانقياد لله تعالى والتسليم لأمره ، وان يكون الانسان راضياً بقسم الله تعالى مهما كانت آثاره .
ويجب ان يقوم الانسان الموالي لله تعالى ولرسوله ولأهل البيت (عليهم السلام) بنصرتهم وان يقدم ما يملك في سبيل ذلك وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم }.
وقوله تعالى :{ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز }.
وكذلك قوله تعالى :{فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون}.
ان هذه الآيات الكريمة تدلل على اهمية ان يكون الانسان ناصراً لله تعالى في كل موقف يمر به وفي كل زمان ومكان ومهما كان الموقف الذي يمر به .
ان الولاية لله تعالى تجعلنا ملزمين بالولاية لرسوله الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) ولأهل بيته (عليهم السلام) ، وان الولاية لهم (عليهم السلام) من الامور التي حثوا عليها فقد قال الامام الصادق () في قول الله (عز وجل) :{انا عرضنا الامانة على السماوات الارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كام ظلوماً جهولاً }:( هي الولاية لأمير المؤمنين () ).
وكذلك قال الامام ابو جعفر () :( نزل جبرئيل () بهذه الآية :{وان للذين ظلموا} آل محمد حقهم {لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً الا طريق جهنم خالدين فيها ابداً وكان ذلك على الله يسيراً} ثم قال :{يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم } في ولاية علي {فآمنوا خيراً لكم وان تكفروا} بولاية علي {فان لله ما في السماوات والارض}).
ان الاحاديث التي وردت في الولاية كثيرة وذات مدلولات غزيرة وعميقة وعظيمة وهي تدل على وجوب الولاية لأهل البيت (عليهم السلام) وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز :{واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم }.
ان هذه الآية الكريمة تدل على وجوب الولاية لأولي الامر وهم اهل البيت (عليهم السلام) وليس كما ذهب اليه البعض من القول ان على الانسان ان يكون موالياً لمن يكون حاكماً عليه وان لا يعترض على افعاله واقواله وان يتبعه وان كان فاسقاً .. وهذا ما لم ينزل الله تعالى به من سلطان .
وقد قال الامام الصادق () في قوله عز وجل :{الذين آمنوا ولم لبسوا ايمانهم بظلم} :( بما جاء به محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ، من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان ، فهو الملبس بالظلم ).
ان ما يجب ان نقوله في نهاية حديثنا هذا الذي تناولنا فيه الولاية هو القول بأن الولاية يجب ان تكون لله تعالى وحده في المقام الاول فينبثق منها فرع الا وهو الولاية لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولأهل بيته الاطهار والتي لن تحدث الا من خلال الالتزام بمجموعة من الامور التي تجعل من الانسان موالياً لله تعالى ولرسوله الكريم ولأهل بيته (عليهم السلام) ... تلك التي حثوا عليها وامرونا ان نقوم بتأديتها وان نكون من فاعليها والمؤدين لها .
وان الولاية لأهل البيت (عليهم السلام) هي الامر الذي يعصمنا من ان نكون من الخالدين في جهنم لانهم (عليهم السلام) يشفعون لكل من سار على نهجهم من محبيهم و شيعتهم وممن يحب شيعتهم .
{سر وفياتهم (عليهم السلام)}
لقد توضح لنا وتبين ان الحق محارب دائماً وان اهله هم اكثر المتضررين نتيجة لهذه الحرب التي يشنها من لا يمتلك دينا ولا مذهباً على اهل الحق واعوانهم ، وبما ان اهل البيت (عليهم السلام) هم دعاة الحق وانهم الحق ذاته وان الحق رفيق دروبهم الشريفة التي ساروا فيها الا وهي الدروب التي اختارها الله تعالى لكافة عباده ، لذا فانهم لاقوا كما قلنا فيما سبق عداءاً كبيراً وظلماً لا مثيل له .. فلم يظلم احد بقدر الظلم الذي تعرض له اهل البيت (عليهم السلام) ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :( ما اوذي نبي بقدر ما اوذيت ).
ان الاذى الذي تعرض له النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) هو اذى متراكم من الذي سببه المشركون له (صلى الله عليه واله وسلم) وذاك الذي سببه له اصحابه من المسلمين الذين كانوا يجلسون في مجالس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويستمعون الى مواعظه واوامره ونواهيه ولكن ما الفائدة وهؤلاء القوم لم يفهموا شيئاً او انهم فهموا ولم يعملوا بما امرهم به (صلى الله عليه واله وسلم) .
ان العداء المستمر لأهل البيت (عليهم السلام) وعدم افلاحه في التأثير بنفسيات اهل البيت (عليهم السلام) وقوتهم وثباتهم على عقيدتهم ، ادى بدعاة الباطل الى العمل على التخلص من اهل البيت (عليهم السلام) عن طريق قتلهم ظانين ان الله لا يعلم ما يفعلون ...
فبدأ هذا القتل بالإمام علي () الذي استشهد في المحراب وضرب في هامته حين كان واقفاً ليصلي لله تعالى .. فاستشهد () وبدأت حلقات مسلسل القتل الذي تباين واختلف في اساليبه .. فقد قام بنو امية (لعنهم الله) بالعمل على قتل الامام الحسن () حين قام معاوية بما قام به في سبيل التخلص منه () فكان له ما اراد حين تم دس السم الى طعام الامام الحسن () ، فتسمم () الامر الذي ادى الى استشهاده .
ومن ثم تم قتل الامام الحسين () في واقعة الطف في ذلك اليوم الاليم الذي قام فيه يزيد واعوانه بالعمل على قتل الامام الحسين () ، وكان لهم ما ارادوا حين قتل الامام الحسين وهو صابر وقد بذل نفسه في سبيل الله تعالى وفي سبيل الدين الاسلامي الحنيف وفي سبيل اتمام واجبه المتمثل بالحفاظ على الرسالة المحمدية من الضياع والانحراف عن مسارها الصحيح الذي عمل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) جاهداً في سبيل رسم هذا المسار الصحيح لها .
ومن ثم تم قتل الامام زين العابدين بدس السم له () فاستشهد () بفعل التخطيط من قبل جماعة جبانة تعجز عن مواجهة الامام زين العابدين () ومقاتلته وجهاً لوجه .. فالتجأوا الى اسلوب الغدر والخداع والخيانة .. وهذا هو اسلوب الجبناء .
ومن ثم استمر امر قتلهم (عليهم السلام) عن طريق دس السم لهم (صلوات الله عليهم) الى ان قام الله تعالى برفع الامام الثاني عشر واخفاه عن الانظار الى ان يحين الوقت الذي يظهر فيه (عج) ليقيم العدل ويحقق المساواة بين عباد الله تعالى الذين يعيشون على سطح الارض .
وما بيدنا شيء سوى ان نقول ما جاء في الآية الكرمة التي تقول :( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياءٌ عند ربهم يرزقون}.
{الخاتمة}
ان الله تعالى قد انعم علينا بأنه جعل اهل بيت هذا النبي العظيم (صلى الله عليه واله وسلم) هداة للناس اجمع بما يمتلكون من كرامات ومنزلة عظيمة عنده (عز وجل) وكم انهم يملكون من الصفات الحميدة التي كانت سبباً في هداية مجموعة من الناس الذي كانوا غارقين في بحر من الجهل والنفاق والذي لا سبيل للخلاص منه الا بهداية الالهية التي انزلها الله تعالى على عباده تمثلت بأهل البيت (عليهم السلام) .
ان الكلام عن اهل البيت (عليهم السلام) يفرحنا ويحزننا بما فيه من كلام لطيف يبين لنا منزلتهم العظيمة وانهم سيشفعون لشيعتهم ومحبيهم في يوم القيامة وانهم اصحاب علم عظيم .. وان اصحابهم انما هم مثال يحتذى به لتصرفاتهم (عليهم السلام) .
وان ما يحزننا هو ما ذكره التأريخ من الظلم والظلامة التي تعرض لها اهل البيت (عليهم السلام) .. اولئك الذين قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) :{ قل لا اسألكم اجراً الا المودة في القربى }.
فيا لها من مودة تلك التي ابدوها لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعد ما تبين لهم من فضائل اهل هذا البيت العظيم ....
فظلموا (عليهم السلام) كثيراً ولكنهم لم يتأثروا بذلك انما ازداد ايمانهم بالله تعالى وبما جاءوا به من عنده (عز وجل) .
فجعلنا الله واياكم من الذي يودون اهل بيت النبي فلا يكون وجهنا اسوداً امام الله تعالى في ذلك اليوم العظيم .. يوم القيامة .
والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .
|
|
|
|
|