الدعاء فضيلة مَن الله بها عباده فهو سلاح المؤمن و حصنه الحصين من كل البلايا و به تقضى كل الحوائج و تتحقق الآمال و المنى .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : الدعاء مفتاح النجاح و الصلاح و أفضل الدعاء الصادر من القلب الطاهر التقي النقي . و قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : ان الدعاء يغير المصير ويبرمه إبراماً لذا ادعوا كثيراً لأنه مفتاح الرحمة و سبب قضاء الحاجة و الدعاء هو باب الوصول لله .
] من دق الباب كثيراً فتحت له [ .
وقال : إن الله يعلم بحاجة العبد و لكنه يحب سماع صوت العبد وهو يرفع حاجته إليه بالدعاء و الرجاء لذا فعلى العبد ان يدعو بذكر حاجته من الله فذلك احب عند الله
قال الإمام الصادق عليه السلام : كان في بني اسرائيل رجل يدعو الله سنين طالباً منه أن يرزقه بولد فلما لم يستجاب دعاءه .
قال : إلهي هل انت بعيد عني فلما تسمعني ؟ ام انت قريب مني ولا تجيبني ؟ فنام ليلته ورأى في منامه شخص يقول له انت تدعو الله بلسان تؤذي به الآخرين و تجرحهم وقلبك متكبر ليس بطاهر و نيتك فيها شك و ريب و خالية من اليقين , اترك اذن الآخرين و طهر قلبك و اتق الله و اصدق النية يستجيب الله دعائك ففعل فرزق بولد.
قال الإمام الصادق عليه السلام : ان الله لا يستجيب دعاء من كان قلبه ساهياً وناسياً لذكر الله تعالى . و الحقيقة ان القلب الغافل الناسي و الساهي لذكر الله تعالى و طاعته يكون دعائه لقلقة لسان ليس إلا وبعيداً عن القلب . لذا على العبد ان يصدق بقلبه و لسانه . حيث قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : أقبل بقلبك لله ثم استيقن الاجابة .
لإجابة الدعاء هناك شروط عديدة و لكن الشروط الأساسية في الدعاء كي نضمن الاجابة من العلي القدير هي الرزق و الكسب الحلال .
حيث قال الإمام الصادق عليه السلام : من احب أن يستجاب دعائه فليطيب و يطهر عمله . و في رواية أخرى قال : ان الله لا يستجيب لدعاء من كانت في جوفه لقمة من حرام و من ظلم حقوق الآخرين بالباطل . ورويَّ ان موسى عليه السلام راى رجلاً يتضرع الى الله بالدعاء كثيراً رافع يديه الى السماء و يبكي دون ان ينال الاجابة على دعائه فأوحى الله الى موسى بسبب عدم الاجابة للداعي ان في بطنه مالاً حراماً وبيته كذلك لذلك حجبت الأجابة عنه .
وقال : من يأكل الحرام ويدعو الله كمثل من يبني بيتاً فوق الماء .
فالشرط الأول في إستجابة الدعاء هو الرزق الحلال و عدم أكل حقوق الآخرين بالباطل فعن أمير المؤمنين عليه السلام يقول : نور القلب من نور الرزق الحلال .
أما الشرط الثاني لأجابة الدعاء فهو الإيمان و الإعتقاد الصحيح بقدرة الخالق على اجابة الداعي لدعائه فمن ليس له اعتقاد بالله و الأنبياء و الأوصياء و الأولياء كيف ينال الإستجابة لدعائه ؟
وكذلك من امتلك الاعتقاد الصحيح و لكنه كان بداخله الشك في الإستجابة او من يدعو لإختيار أو امتحان هنا كذلك لا يستجاب دعائه .
من شروط الاجابة ان يكون الداعي لديه الاعتقاد الصحيح بالدعاء و يمتلك اليقين في استجابة دعائه فإن الله يلبي نداء عبده الداعي بالدعاء ويسرع لإجابته إن كان فيه رضا لله و صلاح للعبد لأنه عالم الغيب يعلم ما يصلح لعباده وما يضرهم لقوله تعالى : } فادعوا الله مُخِلصِِِِِِِِِِِينَ لهُ الدِينَ وَلَو كَرِهَ الكَافرونَ { .
إن الناس لا يلجؤا الى الدعاء إلا حين يصيبهم البلاء و تغلق بوجههم الأبواب و تتعثر عليهم السبل عندها يطرقون باب الدعاء طلباً للنجاة و الخلاص و رفعاً للبلاء و الشدائد بعد أن يكلوا و يتعبوا من طلب الخلاص و دفع البلاء من المخلوق تاركين الخالق متجاهلين إرادته وقدرته لتيسير كل عسير مسبب الأسباب مالك الكاف و النون يقل للشيء كن فيكون . وحين قال تعالى في قرآنه المجيد : } فادعُوهُ مُخلِصِينَ لهُ الدِينَ { . قصد به الدعوة المخلصة من العبد للخالق كي يجيب دعائه دون الإستعانة بغيره فلا تجعلوا له شريك قائلين لولا فلان لما قضيت حاجتي و غيرها لأن مرجع كل الأمور الى الله فهو يجعل الأسباب لأن الله من سبب الأسباب و اليه ترجع الأمور .
الشرط الثالث لإستجابة الدعاء : هو وقت الدعاء أي الوقت بالساعة و المكان وتقول مولاتنا السيدة الزهراء عليها السلام لخادمتها فضة اذهبي و ترقبي الشمس متى صارت وسط السماء اخبريني لأن تلك الساعة تكون وقت الإستجابة للدعاء وبهذا القول تستدل على اهمية وقت الدعاء لضمان الإستجابة من الله في طلب حوائجنا .