اسمه وكنيته ونسبه :
السيّد أبو محمّد رضا ، علي الحسيني السيستاني .
ولادته :
ولد السيّد السيستاني في التاسع من شهر ربيع الأوّل عام 1349 هـ بمدينة مشهد المقدّسة .
دراسته :
بدأ السيّد السيستاني ـ وهو في الخامسة من عمره ـ بتعلّم القرآن الكريم ، ثمّ دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلّم القراءة والكتابة ونحوها ، وفي أوائل عام 1360 هـ بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدّمات العلوم الحوزوية ، وفي أواخر عام 1368 هـ سافر إلى مدينة قم المقدّسة لإكمال دراسته ، وفي أوائل عام 1371 هـ سافر إلى النجف الأشرف ، لإكمال دراسته .
وفي أواخر عام 1380 هـ عزم على السفر إلى موطنه ـ مشهد الرضا ( عليه السلام ) ـ وكان يحتمل استقراره فيه ، فكتب له أستاذه السيّد الخوئي ، وأستاذه الشيخ الحلّي ( قدس سرهما ) شهادتين ببلوغه درجة الاجتهاد ، وعندما رجع إلى النجف الأشرف في أوائل عام 1381 هـ ابتدأ بإلقاء دروس البحث الخارج في الفقه ، وفي عام 1384 هـ بدأ بإلقاء دروس البحث الخارج في علم الأُصول .
أساتذته : نذكر منهم ما يلي :
1ـ السيّد أحمد اليزدي .
2ـ الشيخ حسين الحلّي .
3ـ الشيخ هاشم القزويني .
4ـ الشيخ مجتبى القزويني .
5ـ الشيخ مهدي الآشتياني .
6ـ الشيخ مهدي الأصفهاني .
7ـ السيّد أبو القاسم الخوئي .
8ـ السيّد محمّد حجّت الكوهكمري .
9ـ السيّد محسن الطباطبائي الحكيم .
10ـ السيّد حسين الطباطبائي البروجردي .
11ـ السيّد محمود الحسيني الشاهرودي .
صفاته وأخلاقه :
من يعاشر سماحة السيّد السيستاني ( دام ظله ) ويتّصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتّع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثَّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والتي تجعل منه ومن أمثاله من العلماء المخلصين مظهراً جلياً لكلمة عالم ربّاني ، ومن أجل وضع النقاط على الحروف ، نطرح بعض المعالم الفاضلة التي رآها أحد تلامذته عند اتصاله به درساً ومعاشرة :
1ـ الإنصاف واحترام الرأي : إنّ سماحة السيّد ( دام ظله ) انطلاقاً من عشقه العلم والمعرفة ، ورغبة في الوصول للحقيقة ، وتقديساً لحرّية الرأي والكلمة البنّاءة ، تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ، ومعرفة الآراء حتّى آراء زملائه وأقرانه ، أو آراء بعض المغمورين في خضمِّ الحوزة العلمية .
فتراه بعض الأحيان يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنّه ليس من أساتذته ، فطرح هذه ومناقشتها مع أنّها لم تصدر من أساطين أساتذته يمثّل لنا صورة حيّة من صور الإنصاف واحترام آراء الآخرين .
2ـ الأدب في الحوار : إنّ بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء أو الأُستاذ وتلميذه ، وذلك ممّا يصقل ثقافة الطالب وقوّته العلمية ، وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي ، وذلك ممّا يستهلك وقت الطالب الطموح ، ويبعده عن الجوّ الروحي للعلم والمذاكرة ، ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف .
أمّا بحث سماحة السيّد ( دام ظله ) فإنّه بعيد كلّ البعد عن الجدل وأساليب الإسكات والتوهين ، فهو في نقاشه آراء الآخرين أو مع أساتذته يستخدم الكلمات المؤدّبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم ، حتّى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي إجابته لاستفهامات الطالب يتحدّث بانفتاح وبروح الإرشاد والتوجيه .
ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فإنّ سماحة السيّد يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ، ومع إصرار الطالب فإنّه حينئذ يفضّل السكوت على الكلام .
3ـ خُلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية أو روتينية يمارسها الأُستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإنّ هذه النظرة تبعد المدرّس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته ، والصعود بمستواه العلمي للتفوّق والظهور ، كما أنّ التدريس لا يقتصر على التربية العلمية من محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب ، بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحبّ والإشفاق على الطالب ، وحثّه نحو العلم وآدابه .
وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها أحياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم ، فإنّ في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة سماوية ، لابد من مزاولتها ، بروح المحبّة والعناية التامّة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية .
وقد كان الإمام الحكيم ( قدس سره ) مضرب المثل في خُلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه ، وكذلك كانت علاقة الإمام الخوئي ( قدس سره ) بتلامذته ، وهذا الخُلق تجسَّد في شخصية سماحة السيّد السيستاني ( دام ظله ) ، فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه ، فيقول : ( اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معيّن ، أو اسم كتاب معيّن ، حتّى تعتادوا على حوار الأُستاذ والصلة العلمية به ) .
وكان يدفع الطلاّب لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة ، والوقوف عند نقاط الضعف والقوّة ، وكان يؤكّد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ، ويتحدّث عن أساتذته وروحياتهم العالية ، وأمثال ذلك من شواهد الخُلق الرفيع .
4– الورع : إنّ بحوث النجف ظاهرة جلية في كثير من العلماء والأعاظم ، وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن ، وربما يعتبر هذا البعد عند بعضهم موقفاً سلبياً لأنّه هروب من مواجهة الواقع ، وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدّس ، ولكنّه عند التأمّل يظهر بأنّه موقف إيجابي ، وضروري أحياناً للمصلحة العامّة ومواجهة الواقع ، وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وأرضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف .
فلو وقعت في الساحة الإسلامية ، أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات ، بحيث تؤدّي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية ، وجب على العلماء بالدرجة الأُولى التصدّي لإزالة الشبهات ، وإبراز الحقائق الناصعة ، فكما جاء في الحديث الشريف : ( فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ) .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً ، وجوّاً مفعماً بالمزايدات والتعصّبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خطّ معيّن ، أو كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل ، فإنّ علماء الحوزة ومنهم سماحة السيّد ( دام ظله ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار ، والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة ، مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ، ومسكنه الصغير الذي لا يملكه ، وأثاثه البسيط .
5ـ الإنتاج الفكري : إنّ سماحة السيّد السيستاني ( دام ظله ) ليس فقيهاً فقط ، بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ، ومتفتّح على الأفكار الحضارية المختلفة ، ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي ، وعنده نظرات إدارية جيّدة ، وأفكار اجتماعية مواكبة للتطوّر الملحوظ ، واستيعاب للأوضاع المعاصرة ، بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم .
مرجعيته :
نقل بعض أساتذة النجف الأشرف أنّه بعد وفاة آية الله السيّد نصر الله المستنبط اقترح مجموعة من الفضلاء على الإمام الخوئي ( قدس سره ) إعداد الأرضية لشخص يُشار إليه بالبنان ، مؤهّل للمحافظة على المرجعية والحوزة العلمية في النجف الأشرف ، فكان اختيار سماحة السيّد السيستاني ( دام ظله ) لفضله العلمي ، وصفاء سلوكه وخطّه .
ويذكر أنّه كان في عيادة أستاذه السيّد الخوئي ( قدس سره ) في 29 ربيع الثاني 1409 هـ لوكعة صحّية ألمَّت به ، فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في مكانه في جامع الخضراء ، فلم يوافق على ذلك في البداية ، فألحَّ عليه في الطلب وقال له : ( لو كنت أحكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) .
فاستمهله بضعة أيّام ، ونهاية الأمر استجاب لطلبه ، وأَمَّ المصلّين من يوم الجمعة 5 جمادى الأوّل 1409 هـ إلى الجمعة الأخيرة من شهر ذي الحجّة عام 1414 هـ ، حيث أغلق الجامع ، وبعد وفاة الإمام الخوئي ( قدس سره ) كان من الستة المشيّعين لجنازته ليلاً ، وهو الذي صلّى على جثمانه الطاهر .
وقد تصدَّى بعدها للتقليد ، وشؤون المرجعية ، وزعامة الحوزة العلمية ، بإرسال الإجازات ، وتوزيع الحقوق ، والتدريس على منبر الإمام الخوئي ( قدس سره ) في مسجد الخضراء ، وبدأ ينتشر تقليده وبشكل سريع في العراق والخليج ومناطق أُخرى ، وخصوصاً بين الأفاضل في الحوزات العلمية ، وبين الطبقات المثقّفة والشابة .
وذلك لما يُعرف عنه من أفكار حضارية متطوّرة ، وهو ( دام ظله ) من القلّة المعدودين من أعاظم الفقهاء ، الذين تدور حولهم الأعلمية بشهادة غير واحد من أهل الخبرة ، وأساتيذ الحوزات العلمية في النجف الأشرف ، وقم المقدّسة .
تدريسه :
منذ كان عمره الشريف ( 34 ) سنة ، بدأ يدرّس البحث الخارج فقهاً وأُصولاً ، ويقدّم نتاجه وعطاءه الوافر ، ودرّس الأُصول ثلاث دورات .
تلامذته : نذكر منهم ما يلي :
1ـ ابنه ، السيّد محمّد رضا السيستاني .
كل الشكر والتقدير لك أختنا الفاضلةعلى هذه المعلومات الرائعة
وحقنا لنا أن نفخر به وبأمثاله من العلماء الفضلاء والسادة الأجلاء وأسأله بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها أن يحفظه وكل علماء من كل سوء