الفصل الثالث / كفارة الصوم
تجب الكفارة بتعمد الافطار بالأكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة في صوم شهر رمضان ، أو بأحد الأربعة الأول في قضائه بعد الزوال ، أو بخصوص الجماع في صوم الاعتكاف ، أو بشئ من المفطرات المتقدمة في الصوم المنذور المعين ، والظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا ، وأما الجاهل القاصر أو المقصر غير المتردد فلا كفارة عليه على الأظهر ، فلو استعمل مفطرا باعتقاد أنه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة سواء اعتقد حرمته في نفسه أم لا على الأقوى ، فلو استمنى متعمدا عالما بحرمته معتقدا ولو لتقصير عدم بطلان الصوم به فلا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها .
------------------------
بعد أن فرغ الماتن من الحديث عن المفطرات في الفصل السابق ، عقد الكلام في هذا الفصل في كفارة الصوم بفعل المفطرات ، ومن خلاله ستتم الإجابة على عدة تساؤلات وهي :
1. ما هي المفطرات الموجبة للكفارة ؟
2. ما هي أنواع الصوم التي تجب فيها الكفارة ؟
3. ما هي الشروط التي تجب معها الكفارة ؟
4. ما هي الكفارة ؟
5. ما هي أحكام الكفارة ؟
6. ما هو مصرف الكفارة ؟
وفي الكلام المذكور أعلاه للماتن أجاب عن الأسئلة الثلاثة الأولى
أما السؤال الأول / ما هي المفطرات الموجبة للكفارة ؟
فالمعروف بين الفقهاء أن جميع المفطرات فعلها مع العمد والاختيار يوجب الكفارة فمن احتقن بالمائع مع العمد والاختيار وجبت عليه الكفارة كمن أكل أو شرب ، لا يفرق في ذلك بين صوم رمضان أو غيره مما يجب فيه الكفارة من أنواع الصوم فكل المفطرات توجب الكفارة ولو على نحو الاحتياط الوجوبي في بعضها وعلى هذا الرأي أغلب الفقهاء ، نعم يستثنى صوم الاعتكاف فالمعروف اختصاص الكفارة فيه بالجماع دون غيره ، وفي مقابل هذا القول ذهب بعض الفقهاء الى التفصيل فأوجبوا الكفارة في بعض المفطرات دون بعض وإن فعلها مع العمد والاختيار ومنهم السيد الماتن حيث ذهب الى التفصيل وحاصله :
1. في صوم رمضان لا تجب الكفارة بشيء من المفطرات الا في خمسة فقط : الأكل والشرب والجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة ، فمن أفطر في صوم رمضان بواحد من هذه المفطرات الخمسة عامداً وجبت عليه الكفارة دون ما سواها فلا يجب الا القضاء .
2. وفي صوم القضاء فلا تجب الكفارة الا بأربعة من المفطرات : الأكل والشرب والجماع والاستمناء ، هذا إذا كان فعل المفطر بعد الزوال أما قبله فلا تجب الكفارة أصلاً في صوم القضاء كما سيأتي في المسألة التالية إن شاء الله .
3. وفي صوم الاعتكاف فلا تجب الكفارة الا بالجماع دونما سواه ، وهذا هو المعروف ولم يختص به الماتن .
4. نعم في الصوم المنذور المعين تجب الكفارة بفعل كل واحد من المفطرات .
فتحصل أن الخلاف بين الماتن والقول المعروف هو في صوم رمضان وقضائه فقط فالمعروف وجوب الكفارة فيهما بكل واحد من المفطرات بينما خص الماتن الوجوب ببعض المفطرات ، ومنشأ الخلاف اختلاف الأنظار فيما يمكن أن يستفاد من الأخبار ، أما في صوم الاعتكاف فالماتن وافق غيره في اختصاص الكفارة بالجماع فقط ، كما وافقهم في صوم النذر المعين بتعميم وجوب الكفارة الى جميع المفطرات .
*******
وأما السؤال الثاني / ما هي أنواع الصوم التي تجب فيها الكفارة ؟
فمن خلال تفصيل الماتن في جواب السؤال الأول اتضحت الإجابة عن هذا السؤال وهو أن الصوم الذي تجب فيه الكفارة أربعة أنواع : صوم شهر رمضان ، صوم قضاء شهر رمضان إذا وقع المفطر بعد الزوال دونما قبله ، صوم الاعتكاف ، الصوم المنذور المعين .
ففي هذه الأنواع الأربعة من الصوم تجب الكفارة دون ما سواها كالمندوب فلا إشكال في عدم وجوب الكفارة فيه لعدم المنع من الإفطار فيه أصلاً ، وكالنذر غير المعين فلا كفارة في إفطار صيام يوم وفاء للنذر غير المعين بل يصوم في يوم آخر ما لم يتضيق ، وهكذا باقي أنواع الصوم
نعم هذه الأصناف الأربعة التي تجب فيها الكفارة وإن اشتركت في أصل وجوب الكفارة فيها ، الا أن نوع الكفارة يختلف بينها فكفارة الإفطار في رمضان غير كفارة الإفطار في قضائه كما سيتضح في المسألة التالية إن شاء الله .