قال الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله): «أمّا بعد: أيّها الناس، قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبيّ إلّا مثل نصف عمر الذي قبله، وإنّي أُوشك أن أُدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون»؟ قالوا: نشهد أنّك بلّغت ونصحت وجاهدت، فجزاك الله خيراً.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): «ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حقّ وناره حقّ، وأنّ الموت حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور»؟ قالوا: بلى، نشهد بذلك، فقال صلى الله عليه واله: «اللّهمّ اشهد».
ثمّ قال: «فانظروا كيف تخلِّفوني في الثقلين»؟ فسأله أحدهم: ما الثقلان يا رسول الله؟
قال (صلى الله عليه وآله): «الثقل الأكبر كتابُ الله؛ طَرفٌ بِيَدِ اللهِ عزّ وجلّ وَطرفٌ بِأَيديكُم، فَتَمَسّكُوا به لا تَضلُّوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإنّ اللّطيفَ الخَبيرَ نَبّأَنِي أنّهُمَا لن يَفتِرقا حتّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوض، فَسَألتُ ذلك لَهما رَبِّي، فلا تُقَدِّمُوهُمَا فَتهلَكُوا، ولا تُقَصِّرُوا عَنهُمَا فَتَهلَكُوا».
ثمّ أخذ (صلى الله عليه وآله) بيد الإمام علي(عليه السلام) ليفرض ولايته على الناس جميعاً، حتّى بان بياض إبطيهما، فنظر إليهما القوم.
ثمّ رفع (صلى الله عليه وآله) صوته قائلاً: «يَا أَيُّها النّاس، مَنْ أولَى النّاس بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهم»؟ فأجابوه جميعاً: اللهُ ورسولُه أعلم.
فقال (صلى الله عليه وآله): «إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاهُ».
قال ذلك ثلاث مرّات أو أربع، ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ وَالِ مَن وَالاَهُ، وَعَادِ مَن عَادَاهُ، وَأَحِبّ مَن أَحبّهُ، وَأبغضْ مَن أبغَضَهُ، وانصُرْ مَن نَصَرَه، واخْذُل مَن خَذَلَهُ، وَأَدِرِ الحَقّ مَعَهُ حَيثُ دَار، أَلا فَلْيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغَائِبَ».
وصية الرسول (صلى الله عليه واله) إلى علي (عليه السلام) :
يا علي !.. ثلاث ثوابهن في الدنيا والآخرة : الحجّ يَنفي الفقر ، والصدقة تَدفع البليّة ، وصلة الرّحم تزيد في العمر....
يا علي !.. ثلاثة تحت ظلّ العرش يوم القيامة : رجلٌ أحبّ لأخيه ما أحبّ لنفسه ، ورجلٌ بلغه أمر فلم يُقدم فيه ، ولم يتأخر حتى يعلم أنّ ذلك الأمر لله رضا أو سخط ، ورجلٌ لم يعب أخاه بعيبٍ حتى يصلح ذلك العيب عن نفسه ، فإنّه كلّما أصلح من نفسه عيباً بدا له منها آخر ، وكفى بالمرء في نفسه شغلاً....
يا علي !.. في التوراة أربع إلى جنبهن أربع : مَنْ أصبح على الدنيا حريصاً أصبح وهو على الله ساخط ، ومَنْ أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربّه ، ومَنْ أتى غنياً فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ، ومن دخل النار مِن هذه الأمّة فهو ممّن اتخّذ آيات الله هزواً ولعباً....
يا علي !.. كلّ عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين : عينٌ سهرت في سبيل الله ، وعينٌ غضّت عن محارم الله ، وعينٌ فاضت من خشية الله .
يا علي !.. طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب ، لم يطّلع على ذلك الذنب أحد غير الله....
يا علي !.. قلّة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر ، وكثرة الحوائج إلى الناس مذلّة ، وهو الفقر الحاضر....