تحية ملؤها الود والاحترام لشخصكم سيدنا العزيز محمد الشرع ...
سيدنا الكريم يبدو ان الموضوع سوف يأخذ منحىً اخر غير ما اردت له ان يكون اذ ان هنالك توجهاً بتحويل الموضوع الى خطبة حماسية للقتال والدعوة الى النفير وكأن الاعتزاز بهوية التشيع يكمن في التسلح والهجوم على الاخرين بقوة السلاح .. كما يتصور البعض ..
سيدنا المكرم ذكرتم ثلاث نقاط مر بها اهل بيت العصمة ذكراً انتقائيا بما يلائم توجها معينا في الموضوع ولربما اذا ما نظرنا اليه بأحاديته ظلمنا باقي التوجهات ..
ومع ذلك سوف نتناولها جميعا ان شاء الله
وما اطلبه سعة صدركم معي اثابكم الله
النقطة الاولى موقف امير المؤمنين ..
الغريب ان شخصاً بمستوى عقلك الراجح يحتج بهذا الاحتجاج وكأنما هو ادعاء ( وعذرا عن ذلك القول ) بأن الامام امير المؤمنين لم يكن يعتز بهويته ( طبعا على اعتبار ان صلب موضوعي هو ضرورة الاعتزاز بالهوية الشيعية في العراق فأيرادك لموقف امير المؤمنين يبين العكس كما يمكن ان يفهم ) .. لكنني اعرف مستواك العلمي الكبير منذ زمن ليس بالقصير لذلك فأعلم انك لم تكن تقصد ذلك .. وان شاء الله سوف اشرع بالرد على تلكم النقاط الثلاث ..
اولا: موقف الامام امير المؤمنين من الاعتزاز بالهوية الشيعية او هوية الاسلام الحقة .
المعروف ان الامامة هي حق مفروض على الامة للأمام امير المؤمنين اي لايوجد ما يفرض ويوجب عليه اعلان القتال لفرض امامته بحد السيف .. ومع ذلك فأن القول انه صلوات الله عليه قد سكت عن حقه اراه اجحافا بحقه عليه الصلاة والسلام ...
حيث ان رفض الامام امير المؤمنين لبيعة ابن ابي قحافة هو اول بذرة في زرع الهوية والشخصية الشيعية وتجذير اساسها في رحم الارضية الاسلامية بعد وفاة الرسول الاعظم واعلان الامة للانقلاب على ارادة السماء ,,
والرفض العلوي المقدس لأمامة الجبت والطاغوت كان بمثابة الحد الفاصل بين المدرسة الشيعية بهويتها الالهية الخالصة المرتبطة بالسماء بثقليها القرآن المقترن اندماجاً بالعترة الطاهرة وبين مدرسة الخط المخالف لتلك الهوية ..
ثم جاءت نهضة الزهراء ( روحي فداها ) وثورتها الاعلامية بوجه صنمي قريش وجموع المنقلبين على ثقل الله الاكبر واعلانها الواضح لمظلوميتها وسلب حق بعلها لتؤكد بكل وضوح على النمط الاخر من انماط الدفاع عن الهوية بحسب ما يتطلبه الظرف المحيط بأصحاب الهوية ..
وجاء الامام امير المؤمنين ليؤكد على هذا التزيل الواضح بين هوية التشيع الحقة وبين هوية الخلاف والنصب لما دفن الصديقة الزهراء ( روحي فداها ) سراً دون ان يشعر قادة الانقلاب الشيطاني ولا حتى جموع المنقلبين بموعد دفنها او موقع قبرها ولم يسمح لهم بالصلاة عليها..
ولعل قائل يقول اليس الظلم الذي تعرض له امير المؤمنين كافٍ بأن يدفعه للقتال للمطالبة بحقوقه المغتصبة ,,,
الجواب يقينا نجده في قول علي عليه الصلاة والسلام في الخطبة الشقشقية اذ يقول ( وطفقت ارتأي بين ان اصول بيد جذاء او اصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فوجدت ان الصبر على هاتا احجى فصبرت وفي العين قذىً وفي الحلق شجىً ارى تراثي نهباً ) ..
الامام امير المؤمنين هنا يلخص الموضوع برمته بهذين السطرين ,, هو لم يجعل الصبر خياراً بل لجأ اليه اضطراراً حيث عبر عن ذلك الاضطرار بقوله (في العين قذىً ) (وفي الحلق شجاً ) وعبر بموقفه هذا بأنه (صبر على طخية عمياء ) فكان هو صلوات الله عليه في قمة الاضطرار لقبول الصبر على ذلك الامر لأنه لم يكن له من ناصر ينصره حيث يحدثنا التأريخ ان من وقف في صف علي عليه السلام لم يكونوا يتجاوزون عدد اصابع الكف او الكفين فعبر عن عددهم باليد الجذاء ...
وهذا الموقف للأمام امير المؤمنين يوضح تماما ان الامام صلوات الله وسلامه عليه قد استنفد كافة السبل في الدفاع عن الهوية حتى ان بضعة رسول الله الصديقة الطاهرة صلوات الله عليهما كانت على رأس الحرب الاعلامية في تثبيت جذور الهوية الشيعية الرافضة للذل والامتهان والرضوخ لأوامر الطواغيت ..
وموقف امير المؤمنين والصديقة الطاهرة لهو كافٍ في تعليمنا كيفية الحفاظ على الهوية بكل السبل المتاحة ,, وهذا ما اشرت اليه في بداية الموضوع وفي مجمل ردي عليكم سيدنا الكريم ,,,
حيث تجد اهل بيت النبوة صلوات الله عليهم يستنفذون كل ما بأستطاعتهم للدفاع عن القيم الالهية التي تتسم بها هوية التشيع ,, حتى الدفاع المسلح لو لم تكن اليد الجذاء مع علي عليه السلام وكان له انصار بعدد يسمح بالقتال بهم لما تردد عن القتال ليس خوفاً من ان يقاتل وحده بل اقامة الحجة على الامة التي ترفض امامته وهذا ما تصدح به الخطبة الشقشقية ...
فلننظر الى انفسنا كشيعة العراق هل نحن نستنفد كل السبل التي استنفدها امير المؤمنين والصديقة الطاهرة في الدفاع عن الهوية الشيعية الحقة ام اننا نعطي من التنازلات عن الهوية والسكوت على الظلم والامتهان ما احال هويتنا الى هوية مليئة بالتشوهات بفعل توالي الامزجة والافكار الهوائية التي نصبغها بها يوميا ومع كل حدث
يتبع