|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
بتاريخ : 09-08-2012 الساعة : 02:31 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
إجابة السؤال الخامس :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿106﴾خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿107﴾وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴿108﴾ ) سورة هود
س/ نحن نؤمن بأن من يدخل الجنة يخلد فيها ولا يخرج منها أبداً، وثمة آيات كثيرة في القرآن الكريم تثبت بصراحة قضية الخلود في الجنة؛ إلا أن الظاهر من الآية 108 من سورة هود بتقيد خلودهم فيها بقوله ( مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) و احتمال خروجهم منها حينما يشاء الله ذلك ، فقال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
فالظاهر من قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ يوحي بأنه تعالى ربما يخرجهم من هذه النعمة إن شاء؛ هذا فيما تثبت باقي الآيات القرآنية أنهم خالدون فيها أبداً. ففي ضوء هذه المعطيات ما المراد من هذه الآية الشريفة ؟
الجواب :
أن الآية التالية: (و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) بيان لمكث أهل الجنة فيها و تأييد لاستقرارهم في مأواهم.
و قوله: (ما دامت السماوات و الأرض) نوع من التقييد يفيد تأكيد الخلود و المعنى دائمين فيها دوام السماوات و الأرض لكن الآيات القرآنية ناصة على أن السماوات و الأرض لا تدوم دوام الأبد و هي مع ذلك ناصة على بقاء الجنة و النار بقاء لا إلى فناء و زوال.
و من الآيات الناصة على الأول قوله تعالى: (ما خلقنا السماوات و الأرض و ما بينهما إلا بالحق و أجل مسمى): الأحقاف: 3، و قوله: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) الأنبياء: 104، و قوله: (و السماوات مطويات بيمينه): الزمر: 67، و قوله: (إذا رجت الأرض رجا و بست الجبال بسا فكانت هباء منبثا): الواقعة: 6.
و منها في النص على الثاني قوله تعالى: (جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا): التغابن: 9، و قوله: (و أعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا و لا نصيرا): الأحزاب: 65.
و على هذا يشكل الأمر في الآيتين من جهتين:
إحداهما تحديد الخلود المؤبد بمدة دوام السماوات و الأرض و هما غير مؤبدتين لما مر من الآيات.
و ثانيتهما تحديد الأمر الخالد الذي تبتدىء من يوم القيامة و هو كون الفريقين في الجنة و النار و استقرارهما فيهما، بما ينتهي أمد وجوده إلى يوم القيامة و هو السماوات و الأرض، و هذا الإشكال الثاني أصعب من الأول لأنه وارد حتى على من لا يرى الخلود في النار أو في الجنة و النار معا بخلاف الأول.
و الذي يحسم الإشكال أنه تعالى يذكر في كلامه أن في الآخرة أرضا و سماوات و إن كانت غير ما في الدنيا بوجه، قال تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات و برزوا لله الواحد القهار): إبراهيم: 48، و قال حاكيا عن أهل الجنة: (و قالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء): الزمر: 74، و قال يعد المؤمنين و يصفهم: (أولئك لهم عقبى الدار): الرعد: 22.
فللآخرة سماوات و أرض كما أن فيها جنة و نارا و لهما أهلا و قد وصف الله سبحانه الجميع بأنها عنده، و قال: (ما عندكم ينفد و ما عند الله باق ) النحل: 96 فحكم بأنها باقية غير فانية.
و تحديد بقاء الجنة و النار و أهلهما بمدة دوام السماوات و الأرض إنما هو من جهة أن السماوات و الأرض مطلقا و من حيث أنهما سماوات و أرض مؤبدة غير فانية، و إنما تفنى هذه السماوات و الأرض التي في هذه الدنيا على النظام المشهود و أما السماوات التي تظل الجنة مثلا و الأرض التي تقلها و قد أشرقت بنور ربها فهي ثابتة غير زائلة فالعالم لا تخلو منهما قط، و بذلك يندفع الإشكالان جميعا.
و قد وردت في الروايات و في كلمات المفسرين توجيهات أخرى للآية نورد منها ما عثرنا عليه و ليكن الذي أوردناه أولها. (فلتراجع لمعرفة بقية الوجوه , تفسيرالميزان ج11)
و الكلام في الآية التالية (و أما الذين سعدوا) إلخ نظير الكلام في هذه الآية لاشتراكهما في السياق غير أن الاستثناء في آية الجنة يعقبه قوله ( عطاء غير مجذوذ ) و لازمه أن لا يكون الاستثناء مشيرا إلى تحقق الوقوع فإنه لا يلائم كون الجنة عطاء غير مقطوع بل مشيرا إلى إمكان الوقوع و المعنى أن أهل الجنة فيها أبدا إلا أن يخرجهم الله منها لكن العطية دائمية و هم غير خارجين و الله غير شاء ذلك أبدا.
فيكون الاستثناء مسوقا لإثبات قدرة الله المطلقة و إن قدرة الله سبحانه لا تنقطع عنهم بإدخالهم الجنة الخالدة و سلطنته لا تنفد و ملكه لا يزول و لا يبطل و إن الزمان بيده و قدرته و إحاطته باقية على ما كانت عليه قبل فله تعالى أن يخرجهم من الجنة و إن وعد لهم البقاء فيها دائما لكنه تعالى لا يخرجهم لمكان وعده و الله لا يخلف الميعاد.
و الكلام في الاستثناء الواقع في هذه الآية أعني آية النار نظيره في آية الجنة لوحدة السياق بالمقابلة و المحاذاة و إن اختتمت الآية بقوله إن ربك فعال لما يريد و فيه من الإشارة إلى التحقق ما لا يخفى.
فأهل الخلود في النار كأهل الخلود في الجنة لا يخرجون منها أبدا إلا أن يشاء الله سبحانه ذلك لأنه على كل شيء قدير و لا يوجب فعل من الأفعال إعطاء أو منع سلب قدرته على خلافه أو خروج الأمر من يده لأن قدرته مطلقة غير مقيدة بتقدير دون تقدير أو بأمر دون أمر قال تعالى (يفعل الله ما يشاء) إبراهيم - 27 و قال : ( يمحوا الله ما يشاء و يثبت ) الرعد - 39 إلى غير ذلك من الآيات.
و لا منافاة بين هذا الوجه و بين ما ورد في الأخبار من خروج بعض المجرمين منها بمشية الله كما لا يخفى.
هذا وجه في الاستثناء و هنا وجوه أخر أنهى الجميع في مجمع البيان، إلى عشرة فليكن ما ذكرناه أولها. (فلتراجع لتتطلع على باقي الوجوه , تفسير الميزان ج11)
قوله تعالى (و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ)
و الجذ: هو القطع و عطاء غير مجذوذ أي غير مقطوع، وعده تعالى الجنة عطاء غير مجذوذ مع سبق الاستثناء من الخلود بقوله: (إلا ما شاء ربك) من أحسن الشواهد على أن مراده باستثناء المشية إثبات بقاء إطلاق قدرته و أنه مالك الأمر لا يخرج زمامه من يده قط.
و يجري في هذه الآية جميع ما تقدم من الأبحاث المشابهة في الآية السابقة إلا ما كان من الوجوه مبنيا على كون المستثنى في قوله: (إلا ما شاء ربك) من دخل النار أولا ثم خرج منها إلى الجنة ثانيا، و ذلك أن من الجائز أن يخرج من نار الآخرة بعض من دخله لكن لا يخرج من جنة الآخرة و هي جنة الخلد أحد ممن دخلها جزاء أبدا، و هو كالضروري من الكتاب و السنة، و قد تكاثرت الآيات و الروايات في ذلك بحيث لا يرتاب في دلالتها على ذلك ذو ريب، و إن كانت دلالة الكتاب على خروج بعض من في النار منها ليس بذاك الوضوح.
قال في مجمع البيان، في وجوب دخول أهل الطاعة الجنة و عدم جواز خروجهم منها: لإجماع الأمة على أن من استحق الثواب فلا بد أن يدخل الجنة، و أنه لا يخرج منها بعد دخوله فيها.
انتهى.
مسألة (وجوب دخول أهل الثواب الجنة) مبنية على قاعدة عقلية مسلمة و هي أن الوفاء بالوعد واجب دون الوفاء بالوعيد لأن الذي تعلق به الوعد حق للموعود له، و عدم الوفاء به إضاعة لحق الغير و هو من الظلم و أما الوعيد فهو جعل حق للموعد على التخلف الذي يوعد به له، و ليس من الواجب لصاحب الحق أن يستوفي حقه بل له أن يستوفي و له أن يترك و الله سبحانه وعد عباده المطيعين الجنة بإطاعتهم، و أوعد العاصين النار بعصيانهم فمن الواجب أن يدخل أهل الطاعة الجنة توفية للحق الذي جعله لهم على نفسه، و أما عقاب العاصين فهو حق جعله لنفسه عليهم فله أن يعاقبهم فيستوفي حقه و له أن يتركهم بترك حق نفسه.
و أما مسألة عدم الخروج من الجنة بعد دخولها فهو مما تكاثرت عليه الآيات و الروايات، و الإجماع الذي ذكره مبني على الذي تسلموه من دلالة الكتاب و السنة أو العقل على ذلك، و ليس بحجة مستقلة.
و في تفسير العياشي، عن حمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قوله: (خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض - إلا ما شاء ربك) قال: هذه في الذين يخرجون من النار.
و فيه،: عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله: (فمنهم شقي و سعيد) قال: في ذكر أهل النار استثنى، و ليس في ذكر أهل الجنة استثنى (و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض - إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) .
أقول: يشير (عليه السلام) إلى أن الاستثناء بالمشية في أهل الجنة لما عقبه الله بقوله.
(عطاء غير مجذوذ) لم يكن استثناء دالا على إخراج بعض أهل الجنة منها، و إنما يدل على إطلاق القدرة بخلاف الاستثناء في أهل النار فإنه معقب بقوله: (إن ربك فعال لما يريد) المشعر بوقوع الفعل، و قد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
و في تفسير البرهان، عن الحسين بن سعيد في كتاب الزهد بإسناده عن حمران قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه بلغنا أنه يأتي على جهنم حتى. يصفق أبوابها. فقال: لا و الله إنه الخلود. قلت: (خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض - إلا ما شاء ربك) فقال: هذه في الذين يخرجون من النار. تفسير الميزان ج 11
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق
|
|
|
|
|