بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الرابع من الكذبة السابعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ان اوردنا للقاريء الكريم عدد من الايات الشريفة التي اخبرنا الله تعالى بها باخبار من ارتد ومن سوف يرتد ، من المسلمين وان الامر ليس بمستحيل حصوله ، وكذلك الاحاديث النبوية الشريفة التي اخبرت عن ذلك وبالتفصيل وبقول لا يقبل التاويل او الشك ، وانها من اقوال من لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ، بعد ذلك تبين لنا ان ابن عبد الوهاب اما :
1- لم يقرء القران ولا السنة النبوية الشريفة
2- قرأ القران وطالع السنة النبوية ولكنه عاص مخالف مرتد .
3- اتباع ابن عبد الوهاب ، مطيعون للضال المضل أو انهم غافلون عن ما اوردناه من ايات واحاديث .
والان سنضع بعد التوكل على الله تعالى اقوال أئمتهم من السلف ، ولعل في اتباع ابن عبد الوهاب من هو عاقل راشد غير منحاز ، وليقرء بتأمل وان يتجرد من العصبية الجاهلية ومن التبعية العمياء وان ينقذ ما بقي من عمره ويضع قدمه على طريق سليم ينجيه من عذاب الله تعالى :
عرفنا ان الله تعالى اخبر بردة الصحابة
نبينا صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم ، اخبر وحذر من ذلك .
ولكن ، هل من الصحابة من اعترف بذلك ؟
تعال عزيزي القاريء الكريم لنرى ما وفقنا الله تعالى للعثور عليه في امهات كتبهم ، ولضعف حالنا وقلة خبرتنا لم نقف على الكثير من ذلك ولكن لا بأس بذكر نماذج منه :
يقول ابن الاثير في جامع الاصول ، عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ( قال النبي صلى الله عليه واله وسلم : انا فرطكم على الحوض وليرفعن اليّ رجال منكم حتى اذا اهويت اليهم لاناولهم اختلجوا دوني فاقول أي رب اصحابي : فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك ) ابن الاثير جامع الاصول ج11 ص 119
وذكروا في موطأ مالك كتاب الجهاد ان ابا بكر وهو الخليفة الاول والسلطان المتسلط والرئيس المنتخب يبكي ويبكي لكون النبي صلى الله عليه واله وسلم قد اخبرهم بانهم سيرتدون عن الخط السليم ( 993 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ " هَؤُلاَءِ أَشْهَدُ عَلَيْهِمْ " . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِإِخْوَانِهِمْ أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا وَجَاهَدْنَا كَمَا جَاهَدُوا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " بَلَى وَلَكِنْ لاَ أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِي " . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ بَكَى ثُمَّ قَالَ أَئِنَّا لَكَائِنُونَ بَعْدَكَ . ) هل كان بكاء ابي بكر لاجل ابن عبد الوهاب لانه سينحرف ويضل ام لان الصحابة ذاتهم سينحرفون ؟ مع ملاحظة قول المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ( لا ادري ما تحدثون بعدي ) والتاء في تحدثون ضمير للمخاطب ، وهو ابو بكر واصحابه .
وكذلك ، جاء في تفسير المنار في تفسير هذه الاية الكريمة ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) :
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي بَيَانِ حُكْمِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ: هَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ مُقَدِّمَةً وَإِرْهَاصًا بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَكَرَ أَنَّ تَوْبِيخَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَدْ ظَهَرَ أَثَرُهُ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِ ارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ وَثَبَتَ الصَّادِقُونَ عَلَى دِينِهِ حَتَّى كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَهُمْ .
وهو بيان واضح وصريح بان اثر الاية الكريمة قد ظهر عندما ارتد الاغلب الاعه من الصحابة بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وانحرافهم واضح عن الخط السوي السليم وهو خط ال البيت عليهم السلام . وهذا هو سبب بكاء ابي بكر الذي وثقه مالك في موطئه لان ابا بكر قد سمع ووعى وفهم ارشاد النبي صلى الله عليه واله وسلم للامة وامرهم ان يتمسكوا بال البيت عليهم السلام لانهم عدل القران .. ولكنهم انحرفوا وارتدوا .
ولم يكن ابو بكر وحده من عرف ذلك وسمعه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فقد اعترف الخليفة الثاني والرئيس المتفاني والفارور الاكبر بالردة والانحراف بل وزاد على ابي بكر بانه قد صرّح باسماء اول المرتدين وفق مفهومه :
عن عبد الرحمن بن عوف قال دخلت على عمر فقال يا عبد الرحمن بن عوف أتخشى أن يترك الناس الاسلام ويخرجون منه قلت لا إن شاء الله وكيف يتركونه وفيهم كتاب الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لئن كان من ذلك شئ ليكونن بنو فلان. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد ج الاول صفحة 113 )
وكالعادة ، وضعوا كلمة فلان بدل الاسم الصريح للايهام وللتغطية ، ولكن الطحاوي في مشكل الاثار قد صرح بالاسم كما جاء في كتابه مشكل الاثار الجزء الخامس (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: " أَلَمْ نَجِدْ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْنَا: جَاهِدُوا كَمَا جَاهَدْتُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ؟ " قَالَ: " بَلَى ". قَالَ: " فَإِنَّا لَا نَجِدُهَا " , قَالَ: " أُسْقِطَتْ فِيمَا أُسْقِطَ مِنَ الْقُرْآنِ " قَالَ: " أَتَخْشَى أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ كُفَّارًا؟ " قَالَ: " مَا شَاءَ اللهُ " قَالَ: " لَئِنْ رَجَعَ النَّاسُ كُفَّارًا لَيَكُونَنَّ أُمَرَاؤُهُمْ بَنِي فُلَانٍ وَوُزَرَاؤُهُمْ بَنِي فُلَانٍ ". وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ: عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَيَكُونَنَّ أُمَرَاؤُهُمْ بَنِي أُمَيَّةَ وَوُزَرَاؤُهُمْ بَنِي الْمُغِيرَةِ ( مشكل الاثار للطحاوي الجزء الخامس صفحة 273)
ولعلها من اهم تصريحات عمر الرنّانة .. ولكن لم يغفل التاريخ عن عمر ذاته فهل كان مطمئن من ايمانه وانه ثابت العقيدة ؟ ام انه شاك خائف وجل ؟ بل انه لما سمع بقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بان الارتداد سيحصل من اصحابه ، جاء مسرعا ليعرف ما اذا كان النبي قد صرح باسمه ، ولم يستقر وضعه حتى عرف ان التصريح من النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يكن بالاسماء ، بل كان المقصود عام وليس خاص :
26591 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عاصم عن أبى وائل عن مسروق عن أم سلمة قالت قال النبي صلى الله عليه و سلم : من أصحابي من لا أراه ولا يرانى بعد أن أموت أبدا قال فبلغ ذلك عمر قال فأتاها يشتد أو يسرع شك شاذان قال فقال لها أنشدك بالله أنا منهم قالت لا ولن أبرئ أحدا بعدك أبدا
تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح
26736 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن شقيق قال : دخل عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة فقال يا أم المؤمنين انى أخشى ان أكون قد هلكت انى من أكثر قريش مالا بعت أرضا لي بأربعين ألف دينار فقالت انفق يا بني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ان من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه فأتيت عمر فأخبرته فأتاها فقال بالله أنا منهم قالت اللهم لا ولن أبرئ أحدا بعدك
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين
مسند الامام احمد تعليق شعيب الارنؤط
جزء : 6
واود هنا ان انبه الى العبارة الاخير في الحديث ( ولن ابريء احدا بعد ) وها هو تصريح واضح بان الصحابة عدا عمر غير مبرئين من هذه الردة والارتداد .
ثم ياتي ابن عباس ليرد على ابن عبد الوهاب واتباعه وامثاله من الضالين المضلين الذين يجعلون من الصحابة اناس اشباه الملائكة ويمنحونهم العصمة والعدالة والحصانة ، فيقول :
( يقول أحدهم أبي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنعل خلق خير من أبيه) . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. ( مجمع الزوائد ج الاول صفحة 113 )
وهذا الصحابي الجليل عمار بن ياسر يفصح عن امر جدا خطير بشان الصحابة ، وهو اشد من الارتداد:
عن سعد بن حذيفة قال قال عمار بن ياسر يوم صفين وذكر أمرهم وامر الصلح فقال والله ما أسلموا ولكن استسلموا وأسروا الكفر فلما رأوا عليه أعوانا أظهروه ( نفس المصدر )
النعل عند ابن عباس خير من بعض الصحابة !! أي اعتراف هذا واي تصريح !! هذا القول لم يقوله الشيعة ولم يصرحوا به ، ولو قاله احدهم لقامت الدنيا ولم تقعد .
واما قول المعاصرين من امثال ابن عبد الوهاب واتباعه فساترك محققيهم وعلمائهم ومفسريهم يردون عليهم ولكن بايجاز لغرض عدم الاطالة :
1-اخْتَلَفُوا فِي تَصَوُّرِارْتِدَادِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَصْرٍ مِنَالْأَعْصَارِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا،وَلَا شَكَّفِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ عَقْلًا، وَإِنَّمَاالْخِلَافُ فِي امْتِنَاعِهِ سَمْعًا (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : ج1 ص280. )
2- ارْتِدَادُ الأُمَّةِجَائِزٌ عَقْلاً قَطْعًا. لأَنَّهُ لَيْسَبِمُحَالٍ، وَلا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَال (مختصر التحرير شرح الكوكب المنبير : ج2 ص282 . )
3- قَوْلُهُ: وَارْتِدَادُ الْأُمَّةِجَائِزٌعَقْلًالَا سَمْعًا فِي الْأَصَحِّ » أَيِ: ارْتِدَادُ الْأُمَّةِالْإِسْلَامِيَّةِ كَفَرَةً، فِي عَصْرٍ مِنَالْأَعْصَارِ «جَائِزٌ عَقْلًا» أَيْ: مُمْكِنٌفِي الْعَقْلِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ تَصَوُّرُهُ لَمْيَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ لِذَاتِهِ (شرح مختصر الروضة لنجم الدين : ج3 ص143 .)
4- وإرتداد الأمة جائزٌ عقلاًلا سمعاً في الأصح ؛ لعصمتها من الخطأ و الرد أعظمه .... (شرح غاية السول لابن المبرد : ص259 .)
5- ارتداد الْأمة جَائِز عقلا(قطعا ) ؛لِأَنَّهُ لَيْسَ بمحال، وَلَا يلْزممِنْهُ محَال ... (التحبير شرح التحرير : ج4 ص1668 .)
6- القاضي عبد الشكور البهاري : (( ( مسألة : إرتداد أمَّة عصرالعياذ بالله تعالى ( ممتنع سمعاً)وإن جاز عقلاً ...(فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت : ج2 ص291 .)
7- عضد الدين الإيجي : (( أقول : يمتنع إرتداد كل الأمة في عصر منالأعصار سمعاً ،وإن جاز عقلاً ، وقال بعضهم يجوز... (شرح مختصر المنتهى الأصولي : ج2 ص369 . )
8- الأصفهاني : المسألة الثامة عشر : المختار أنَّه يمتنع سمعاًلا عقلاًإرتداد أمَّة محمد – صلى الله عليهوسلم – بأجمعهم في عصر من الأعصار ... (بيان المختصر شرح مختصر ابن الحجاب : ج1 ص611 .)
9- زكريا الأنصاريو علم أنه يمتنعارتداد الأمةفي عصر سمعالخرقه إجماع من قبلهم على وجوب استمرار الإيمان. وقيل لا يمتنع سمعالا يمتنع عقلاً قطعا ... (غاية الوصول في شرح لب الأصول : ج1 ص115 . )
10- شمس الدين المحلى : وقيل يجوز إرتدادهم شرعاًكما يجوز عقلاًوليس في الحديث ما يمنع من ذلك لإنتفاءصدق الأمة وقت الإرتداد ... (حاشيةالعلامة البناني علي شرح الجلال شمس الدين محمد بن احمد المحلي علي متنجمع الجوامع للامام تاج الدين عبد الوهاب ابن السبكي : ج2 ص183 . )
وبعد كل هذا الذي بيناه وهو بطبيعة الحال ليس الا جزء يسير مما جاء عندهم في المسالة موضوع البحث والتي هي قول الشيعة بارتداد الصحابة ، وقطعا فنحن لا نقول بارتداد الجميع بل ان في صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من يستحق الوقوف امام تاريخه وتضحياته وقوف اجلال واحترام وتقدير بل ان منهم من يجب الاقتداء به بعد ال البيت عليهم السلام .
ولم يبق لابن عبد الوهاب الا ردنا في هذه الكذبة على قوله بان ال البيت عليهم السلام لم يصرحوا بردة الصحابة وهذا ما سنثبته له ولاتباعه في الجزء القادم ان شاء الله تعالى .