تكملة
سيدنا الكريم محمد الشرع ..
اكمل مع جنابكم المكرم ما بدأته في تحديد الوسيلة التي على اساسها يمكن الحفاظ على هويتنا الشيعية من الفقدان او التلوث ,,
هنالك بحث علمي قيم للسيد الشهيد محمد باقر الحكيم اسمه " دور اهل البيت في بناء الجماعة الصالحة " لكم وددت لو انه يدخل في المنظومة التعليمية التربوية في المناهج الدراسية في العراق على الاقل في الوسط الشيعي العراقي .. حيث يشير السيد الشهيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه الى المسار التربوي والتثقيفي الذي سلكه اهل بيت العصمة في صناعة النخب الصالحة للعمل الرسالي في الوسط المتشيع .. بالاضافة الى ما ابدعه الدكتور محمود البستاني في وضع دراسات معمقة في بحث الشخصية الانسانية من خلال المعالجات النفسية التي يقدمها الاسلام كنظام الهي متكامل متكون من القرآن الكريم و اهل بيت العصمة .. في بحوثه " الاسلام وعلم النفس " و " دراسات في علم النفس الاسلامي " .. هذه الاطروحات العلمية الراقية وغيرها كثير جديرة بأن نوجه اليها الجيل الجديد من المثقفين الشباب لكي نجعلهم اكثر قابلية على تقبل النهوض بواقع الشخصية الشيعية العراقية الى ماهو افضل وجعلها ذات فعالية على المستوى المحلي والاقليمي و العالمي ..
بالاضافة الى ان المجتمع الشيعي العراقي اليوم هو في حاجة الى ثورة قيمية حقيقية تنطلق من الذات الى الواقع الذي يعيشه ,,, وثورته القيمية يجب ان تنطلق وفق الاطار القيمي القرآني الالهي الذي رسمه الكتاب الكريم واهل بيت العصمة ,, لكي يبدأ بأكتساب القدرة الثقافية و الامكانات العلمية والروحية والاخلاقية الصحيحة الغير مشوهة بفعل الامزجة البشرية على مدى مئات من السنين ..
فالثقاقة السائدة اليوم هي الثقافة السطحية بينما تنحصر الثقافة الواعية في الاوساط النخبوية الضيقة ,, ومشكلة الثقافات السطحية في اي مجتمع انساني على وجه الارض انها لاتستقيم امام اي هجوم ثقافي خارجي قوي ومنظم وتبقى تنهزم او تتراجع فكريا ًومدنياً و سياسياً ,, حتى وان بقي الشيعة العراقيون يمثلون ثقلاً بشرياً كبيراً الا انه ممكن ان يبقى ثقلاً بشرياً خاملاً غير فعال على المستوى الاقليمي والعالمي ..
ولعل القيمة الابرز التي يطرحها القرآن الكريم للنهوض بالواقع الاجتماعي الى ما هو افضل هي قيمة التقوى التي يقرنها الله سبحانه بالتعليم الالهي المباشر بقوله (( اتقوا الله ويعلمكم الله )) ,,
فالمجتمع في مسيره النهضوي بحاجة الى الثقافة والمعرفة لكن اي ثقافة الثقافة بمفهومها السطحي المجرد لاتكفي بعملية النهوض فيجب ان تتسلح الثقافة بالوعي والوعي لابد له من ان يتسلح بالبصيرة ,, والقرآن الكريم يبين بكل وضوح ان مصدر البصيرة هي التقوى بقول الخالق سبحانه (( ان تتقوا الله يجعل لكم فُرُقانا )) ,,
والفُرُقان الذي وعد الله عباده المتقين هو الذي يمنحهم الرؤية الاستشرافية على الحاضر والمستقبل تمكنهم من التمييز بين الاحداث والوقائع الحياتية التي تجابههم والفصل بين السلب والايجاب في كل ما يمكن ان يلاقيهم من تحديات ويعطيهم امكانية التنبؤ الاستقرائي الاقرب الى الواقع الامر الذي يمكنهم من وضع مقدمات صحيحة مبنية على رؤية رصينة ..
ولعل "التقوى " هذه القيمة السامة هي التي يفتقر اليها الاعم الاغلب من التيارات والاحزاب السياسية الشيعية الاسلامية في العراق والتي اظهرت تخبطات جعلتها تهبط تسافلياً اما دفعاً او تدريجياً ,, ومنها ما واجه الاضمحلال السياسي والجماهيري على الساحة السياسية ومنها ما دخل في اطار براكماتي بعيد عن القيم الاسلامية التي من المفترض تمسكه بها من اجل التمسك بمكاسب سياسية ومادية بحتة .. كل تلكم النكسات جاءت نتيجة لغياب الرؤية السياسية المبنية على الوعي والبصيرة والتي لايمكن لنا كشيعة اكتسابها الا من خلال التقوى التي يقرنها ربنا سبحانه بالفُرُقان
كذلك قيمة الجهاد والثبات الذي يحرض القرآن عليه اناء الليل واطراف النهار ولعل اصدق مصاديقه ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) وغيرها من الايان المباركة ,, التي تحفز المسلمين على الدفاع عن حياض الاسلام ,, دون تحديد لطبيعة الدفاع بقوله ( ما استطعتم) ليترك المجال للتصرف بحسب الحدث والظرف فأحيانا يكون الدفاع اعلامياً واحياناً مدنياً وعمرانياً واحياناً اقتصادياً واحياناً عقائدياً واحياناً عسكرياً..
خلاصة القول سيدنا الكريم محمد الشرع ..
ان الرجوع الى المنظومة القيمية التي ارادها لنا الله سبحانه وتعالى من خلال عملية ثورة على الذات ,, لهو كفيل بأن يجعل الهوية الشيعية تترسخ في الشخصية العراقية ,, فنتحول من ثقل بشري خامل لادور له في الدنيا اقليميا و دوليا الى قوة فاعلة في الكرة الارضية ,, تماما كما تمكن ابطال حزب الله وهم بضعة الآف من ان يكونوا جزءاً اساسيا من موازنة المنطقة سياسيا وعسكرياً وحتى ديموغرافياً ..
اشكر لكم هذا الدخول سيدنا الكريم الذي ينم عن خلق رفيع وعقل كبير وعمق معرفي عظيم