( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ) * أي أفرطوا في المعاصي جانين عليها ، وأصل الإسراف الإفراط في صرف المال ثم استعمل فيما ذكر مجازا بمرتبتين على ما قيل وقيل : هو تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر
وأما المراد بالعباد " المؤمنون " فكأنه قيل : أيها المؤمنون المذنبون * ( لا تقنطوا من رحمة الله ) * أي لا تيأسوا من مغفرته سبحانه وتفضله عز وجل على أن المغفرة مدرجة في الرحمة أو أن الرحمة مستلزمة لها لأنه لا يتصور الرحمة لمن لم يغفر له ،
لأنه لا يتصور الرحمة لمن لم يغفر له " السلام على محمد الجشعمي
وبما أن رحمته وسعت كل شيء والملحد شيء فستسعه الرحمة وبما أنه لا يتصور الرحمة لمن لا يغفر له فسيغفر له حتى نقول أن الرحمة وسعته-الملحد الأعظم-
قوله سبحانه * ( واكتب لنا في
هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة انا هدنا إليك قال
عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل
شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وهم بآياتنا يؤمنون ) * الأعراف
قوله ورحمتي وسعت كل شئ فقد قال بعض الملحدة إذا كانت رحمته
وسعت كل شئ فكيف لم تسع الكافر الذي لم يرحمه ( الجواب ) أما قوله هدنا إليك فمعناه تبنا إليك وأما
قوله عذابي
أصيب به من أشاء فالكلام فيه كالكلام في الضلال والهدى على أنه تعالى
لا يشاء ان يعذب إلا من عصى وأما قوله ورحمتي وسعت كل شئ ففيه وجهان أحدهما ان نعمه سبحانه في الدنيا قد
شملت الخلائق ووسعت العباد وسيكتبها في الآخرة للذين يتقون ويكونون على ما نعته من الصفات والوجه
الأخر ان أراد بقوله وسعت كل شئ ان رحمته تسع
الخلائق لو دخلوها ولا تقصر عنهم لو عملوا لها غير أنه لا
يكتبها الا لمن اتقى وفعل الحسنى