اقتباس :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحازم2008
[ مشاهدة المشاركة ]
|
احتاج لجواب على سؤالي من ملا علي
|
ليش مستعجل تدري ورانا قرقيعان وحسينيات ومولد الامام الحسن عليه السلام فلذلك اطلنا عليك وموضوعك بسيط والرد عليه هنا تفضل
خبر تزويج ام كلثوم بنت الإمام علي ( عليه السلام ) من عمر " تحليل تفصيلي ياليتك تقرأه
قد حاول بعض علماء أهل السنة ان يثبت تزويج أمير المؤمنين (ع) ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب لأغراض عديدة اهمّها :
ان التزويج دليل على اعتراف الامام (ع) بصحة خلافة عمر وإلاّ لو كان علي يعتبر عمراً غاصبا للخلافة لما زوجه ابنته أبداً .
من هؤلاء العلماء الذين ذكروا خبر التزويج :
1 ـ ابن سعد / الطبقات الكبرى 8 / 462 .
2 ـ الدولابي / الذريّة الطاهرة : 157 .
3 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك 3 / 142 .
4 ـ البيهقي / السنن الكبرى 7 / 63 .
5 ـ الخطيب البغدادي / تاريخ بغداد 6 / 182 .
6 ـ ابن عبد البر / الاستيعاب 4 / 1954 .
7 ـ ابن الاثير الجزري / اُسد الغابة 5 / 516 .
ولكن عند المراجعة لأسانيد خبر التزويج يتبين أن لا أصل لأصل الخبر فضلا عن جزئياته ومتعلقاته، وذلك بالنظر الى أصول أهل السنة وقواعدهم في علم الحديث ، واستناداً الى كلمات علمائهم في علم الرجال :
1 ـ إنه حديث أعرض عنه البخاري ومسلم فلم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سنداً لم يأخذوا به في بحوثهم المختلفة معتذرين بعدم إخراجهما إياه .
2 ـ إنه حديث غير مخرّج في شيء من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو حديث متّفق على تركه بين أرباب الصحاح الستة .
3 ـ إنه حديث غير مخرّج في المسانيد المعتبرة ، كمسند أحمد بن حنبل الذي قال أحمد وجماعة تبعاً له بأن ماليس فيه فليس بصحيح …
بالاضافة الى ان جميع اسانيد الخبر ساقطة لان رواته بين مولى عمر وقاضي الزبير وقاتل عمار وعلماء الدولة الاموية ورجال أسانيده بين كذّاب ووضّاع وضعيف ومدلّس فلا يصح الاحتجاج به والركون اليه ، هذا ما اعترف به نفس علمائهم.
وأمّا متون خبر التزويج ودلالته فكلّها متضاربة متكاذبة لا يمكن الجمع بينها بنحو من الانحاء فيكون دليلاً آخر على ان لا اصل لهذا الخبر .
وأغلب الظن كون السبب في وضع هذا الخبر وحكايته هو ان القوم لما رأوا ان عمر بن الخطّاب من رواة حديث « كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي » الدال على فضيلة ومنقبة لأهل البيت وعلي (ع) خاصة ، حتى ان الحاكم أورده في فضائل علي كما قال المنّاوي في فيض القدير 5 / 20 عمدوا الى وضع خبر خطبة عمر ابنة علي وربطوا الحديث المذكور به .
والنتيجة : ان خبر التزويج المروي في كتبهم وبطرقهم ساقط سنداً ودلالة باعتراف نفس علمائهم .
وأمّا ماورد من خبر التزويج بسند معتبر والموجود في كتبنا فينكره بعض علمائنا من أصله، لوجود التضارب في مضامين الأخبار والمناقشة في الدلالة، ويقرّ به البعض الآخر منهم بهذا المقدار المستفاد من رواياتنا وهو : ان عمر خطب ام كلثوم من علي (ع) وعلي اعتذر بأنّها صبية وبأعذار اخرى فلم يفد اعتذاره فهدّده عمر بعدّة تهديدات ـ اشار الامام الصادق (ع) الى هذا التهديد بقوله : ذلك فرج غصب منّا ـ الى ان اضطرّ الامام (ع) فأوكل الأمر الى عمّه العباس فزوّجها العباس وانتقلت البنت الى دار عمر وبعد موته أخذ علي بيدها وانطلق بها الى بيته .
الكافي 5 / 346 كتاب النكاح و 6/ 115 كتاب الطلاق .
أمّا أنّه دخل بها ، وكان له منها ولد أو أولاد فلا دليل عليه في رواياتنا وأيّد هذا المطلب الزرقاني المالكي بقوله : أم كلثوم زوجة عمر بن الخطاب مات عنها قبل بلوغها . شرح المواهب اللدنية 7 / 9 . ثم ان هذا المقدار الموجود في رواياتنا لا يدل على فضيلة لعمر ، كما لا يدل وقوع هكذا تزويج على المصافاة والمحاباة بين علي وعمر ولا يدل على صحة خلافة عمر .
فبحسب النصوص الواردة في مجاميعنا الروائية والتاريخية فإن خطبة عمر من ام كلثوم كانت بعد تهديده اباها امير المؤمنين عليه السلام باتهامه بالسرقة واشياء اخرى ـ والعياذ بالله ـ ان امتنع عن الامر (الكافي ، كتاب النكاح 5/346 ـ الكافي ، كتاب الطلاق 6/115) .
ولكن في نفس الروايات اشارة واضحة الى مجرد وقوع العقد ـ لا الدخول ـ وعلى كل فان الموضوع ـ ان صح وقوعه ـ كان تحت الضغط والتهديد المذكور لابطيب النفس حتى يدل على وجود العلاقة المتعارفة بين الطرفين.
لو ثبت لثبت أن عمر رجل فاسق فاجر متهور !!
إن النصوص الواردة في هذه المسألة في غاية الإضطراب ، ممّا تجعلنا نشك في أصل القضية ، بالأخصّ ما ورد في مصادر أهل السنة ، حيث لو قبلوا برواياتهم والتزموا بها في هذا الزواج ، عليهم أن يلتزموا بسائر التفاصيل الواردة في نفس الواقعة ، التي تكون نتيجتها : أن عمر رجل فاسق فاجر متهور ، وذلك لما روي من تفاصيل في هذا الزواج :
ففي بعض رواياتهم : أن عمر هدّد عليّاً !! [ ذخائر العقبى : 168 ].
وفي بعضها : أن عمر لما بلغه منع عقيل عن ذلك قال : ويح عقيل سفيه أحمق !! [ مجمع الزوائد : 4 / 272 ] .
وفي بعضها : التهديد بالدرّة !! [ الذرية الطاهرة : 158 ].
وفي بعضها : أنها لمّا ذهبت إلى المسجد ليراها عمر !! قام إليها فأخذ بساقها !! وقبّلها !! [ تاريخ بغداد 6 : 182 ].
أو : وضع يده على ساقها فكشفها ، فقالت : أتفعل هذا ؟ لو لا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، أو : لطمت عينيك !! [ الإستيعاب 4 / 1954 ، أسد الغابة 5 / 615 ، الإصابة ].
أو: أخذ بذراعها !! أو: ضمّها إليه !!!
ون الأُمور التي كثر الكلام حولها عبر العصور والقرون، مسألة تزويج عليّ ابنته أم كلثوم من عمر، لذا نرى أكثر الكتب الكلامية عند الفريقين تحدثت عنه بايجاز، ولما نتصفّح ما كتبه أهل السنة حول هذا الحدث نراهم فرحين به ومستبشرين , لأنّهم ـ على زعمهم ـ عثروا على دليل وشاهد يقصم ظهر الشيعة ولا يبقي لهم باقية ـ كما صرّح به بعضهم ـ .
لذا نحن هنا نورد بعض ما ذُكر حول هذا الحدث ونعلّق عليه بايجاز واختصار:
أما بالنسبة إلى أصل تحقق هذا الزواج , فنقول :
إنّ علماءنا ذهبوا في هذا الأمر إلى أربعة أقوال:
أ ـ ان الشيخ المفيد(قدس سره) ذكر أنّ الخبر الوارد في ذلك غير ثابت لا سنداً ولا دلالة [ المسائل السروية: 86، المسألة العاشرة ] .
ب ـ ذهب بعض الأخباريين إلى أنّها كانت جنية، ولم يتزوّج عمر من أم كلثوم حقيقة , مستندين إلى بعض الروايات , ولكن هذه الروايات ضعيفة، مضافاً إلى أنها أخبار آحاد لا توجب علماً ولا عملا [ البحار 42: 88، عن الخرائج، وانظر أيضاً الأنوار النعمانية ] .
ج ـ هناك من يذهب إلى أنّها كانت أم كلثوم بنت أبي بكر أخت محمد بن أبي بكر، وحيث كانت ربيبة أمير المؤمنين(عليه السلام) وبمنزلة بنته سرى الوهم إلى أنّها بنته حقيقة [ تعليقة آية الله العظمى المرعشي (رحمه الله) على احقاق الحق 2: 490، وكذلك مير ناصر حسين اللكنهوي في كتابه افحام الخصام في نفي تزويج أم كلثوم ] .
د ـ القول الأخير ما دلّت عليه بعض الأخبار الصحيحة ـ وهو المشهور عند علمائنا ـ أنّها كانت بنته حقيقة، ولكنّه(عليه السلام) انّما زوّجها من عمر بعد مدافعة كثيرة، وامتناع شديد، واعتلال عليه بشيء بعد شيء حتى ألجأته الضرورة ورعاية المصلحة العامة إلى أن ردّ أمرها إلى العباس بن عبدالمطلب فزوّجها إياه.
هذا ما عندنا، أما عند أهل السنة فلنا معهم وقفة في سند ما رووه ودلالته، فنقول:
ما ورد من هذا الأمر في صحيح البخاري مجرد كون أم كلثوم كانت عند عمر من دون أيّ تفصيل , وهذا ما لا يمكن به إثبات الرضى بالزواج .
ثم لو وضعنا الأسانيد التي روت خبر تزويج ام كلثوم عند اهل السنة في ميزان النقد العلمي , لرأيناها ساقطة عن درجة الاعتبار، لأنّ رواتها بين : مولى لعمر، وقاضي الزبير، وقاتل عمار، وعلماء الدولة الأموية، ولرأينا انّ رجال أسانيده بين :كذاب , ووضّاع , وضعيف , ومدلّس , لا يصحّ الاحتجاج بهم والركون إلى قولهم.
هذا ما اعترف به علماء أهل السنة في الجرح والتعديل.
وأما من حيث المتن والدلالة , ففيها ما لا يمكن الالتزام به:
منه: ما رواه الدولابي عن ابن اسحاق : من اعتذارعليّ لعمر بصغر سنّها... إلى أن قال: فرجع عليّ فدعاها فأعطاها حلّة وقال: انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين فقولي: يقول لك أبي كيف ترى هذه الحلة؟ فأتته بها فقالت له ذلك، فأخذ عمر بذراعها، فاجتذبتها منه , فقالت: أرسل فأرسلها وقال: حصان كريم، انطلقي فقولي: ما أحسنها وأجملها وليست والله كما قلت، فزوجها إياه. [ الذرية الطاهرة للدولابي: 157، ذخائر العقبى: 167 ] .
كيف يفعل عليّ (عليه السلام) هذا العمل؟ ألم تكن ابنته كريمة عليه حتّى يرسلها بهذه الحالة من دون أن يصحبها بالنساء؟ ثم كيف يأخذ عمر بذراعها ولم تكن زوجته ولا تحلّ له؟
ومنه : ما في المنتظم لابن الجوزي باسناده عن الزبير بن بكار: «... فعبثها إليه ببرد وقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك، فقالت ذلك لعمر... ووضع يده على ساقها وكشفها، فقالت له: أتفعل هذا لولا أنّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك، ثم خرجت حتى جاءت أباها، فأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء، فقال: مهلا يا بنية فانّه زوجك» [ المنتظم 3: 1074 ] .
فكيف يعقل بعليّ(عليه السلام) أن يعرض ابنته للنكاح هكذا؟ وكيف يواجهها عمر بهذا العمل وهي لا تعلم شيئاً من أمر الخطبة والنكاح؟ ثم ما الداعي لخليفة المسلمين من كشف ساقها في المجلس ولم يتم النكاح بعد بصورة تامة؟!
ومنه : ما رواه الدولابي أيضاً من قول علي(عليه السلام) لابنته: « انطلقي إلى أمير المؤمنين فقولي له: انّ أبي يقرؤك السلام ويقول لك: انّا قد قضينا حاجتك التي طلبت، فأخذها عمر فضمّها إليه وقال: انّي خطبتها من أبيها فزوجنيها. فقيل: يا أمير المؤمنين ما كنت تريد، انّها صبية صغيرة؟ فقال: إني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)...» [ الذرية الطاهرة: 159] .
سبحان الله ! عليّ(عليه السلام) يرضى بزواج ابنته من دون إعلامها وبهذه الصورة التي لا يفعلها أقلّ الناس كرامة فكيف ببيت النبوّة ؟! وكيف يضمّها عمر إليه أمام الناس وهم لا يعلمون أمر الخطبة والنكاح ؟! وهل يفعل غيور بزوجته هكذا أمام الناس؟! لست أدري .
ومنه : ما في الطبقات لابن سعد من قول عمر للمسلمين الحاضرين في
المسجد النبوي الشريف: « رفئوني » [ الطبقات 8: 339 ] والحال انّ النبي(صلى الله عليه وآله) نهى عن هذا النوع من التبريك كما في [ مسند أحمد 3: 451] ، حيث كان من رسوم الجاهلية.
ومنه : الاختلاف في مهرها , ففي بعض الروايات : أمهرها أربعين الف درهم[ أسد الغابة 5: 615 ] وفي بعضها : انه أمهرها مائة ألف [ انساب الاشراف 2: 160 ] وذكر غير ذلك، فكيف يفعل هذا وهو الذي نهى عن المغالاة في المهور, وقد اعترضت عليه امرأة وأفحمته .
ثم انّ هذا ينافي ما ورد عند القوم من زهد الخليفة وتقشّفه حتى انهم رووا عن أبي عثمان انه قال : « رأيت عمر بن الخطاب يطوف بالبيت عليه ازار فيه اثنتا عشرة رقعة بعضها بأديم أحمر» ]المنتظم لابن الجوزي 3: 997 عن ابن سعد[ أو انّه مكث زماناً لا يأكل من بيت المال شيئاً حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة، فاستشار الصحابة في الأخذ من بيت المال، فقال له عثمان: كل وأطعم، وقال له علي: غداء وعشاء، فأخذ به عمر [ المصدر نفسه ] .
فهل أمهرها من بيت المال وهو لا يحلّ له، أو أمهرها من عنده والتاريخ لا يذكر لنا هذه الثروة لعمر ؟!
ومنه : قضية زواجها من بعد عمر, فقد ذكروا أنها تزوّجت بعده بعدة أشخاص , منهم عون بن جعفر, ولا أدري كيف تزوّجت منه بعد موت عمر, وقد قتل سنة 17 هـ في زمن عمر في وقعة تستر [ الاستيعاب 4 : 157 ] .
هذا هو ما عند الفريقين، فان أراد أهل السنة الزامنا بما عندنا، فلم يصح عندنا سوى أنّ الأمر تم بتهديد ووعيد ممّا أدّى إلى توكيل الأمر إلى العباس، ولا يوجد عندنا ما يدل على انجاز الأمر باختيار ورضى وطيب خاطر.
وأما لو أرادوا الزامنا بما عندهم , فهذا أولا ليس من ادب التناظر, وإلاّ لأمكننا الزامهم بما ورد عندنا ، وثانياً لا يمكنهم أيضاً الالتزام بأكثر ما ورد عندهم لما فيه من طعن إما في عليّ (عليه السلام) حيث يرسل ابنته هكذا وإما في عمر حيث يأخذ بذراع من لا تحلّ له، أو يكشف عن ساقها أمام الناس ـ حتى ولو كانت زوجته ـ لأنّ هذا ينافي الغيرة والكرامة ولا يمكن شيعي وسنّي الالتزام به .
وأما القول بأن الكلمة اتفقت بأن عمر أولدها , ولم ينكر ذلك سوى المسعودي فنقول :
أولاً : لم يحصل اجماع على ذلك ولم تتفق الكلمة عليه : أما عندنا , فالروايات المعتبرة خالية عنه .
أما عند أهل السنة فمختلفة : ففي بعضها : انّها ولدت له زيداً [ البداية والنهاية 5 : 330 ] ، وفي بعضها الآخر: زيداً ورقية [ السيرة لابن اسحاق: 248] .
وفي رواية : زيداً وفاطمة [ المعارف: 185] مضافاً إلى الاختلاف في موتها مع ابنها وهل انّه بقي إلى زمن طويل أم لا ؟
وثانياً : لم ينفرد المسعودي بذلك، بل ذكر أبو محمد النوبختي في كتاب الامامة : انّ عمر مات عنها وهي صغيرة ولم يدخل بها [ البحار 42: 91 ] وذكر ذلك صاحب المجدي أيضاً [ المجدي في أنساب الطالبيين: 17] , وكذلك قال الزرقاني المالكي من أهل السنة في شرح المواهب اللدنية [ شرح المواهب اللدنية 7: 9] .
وأما أن هذا الزواج يدل على أن عمر كان مؤمناً وصادقاً عند الامام علي (ع) , إذ لو كان مشركا كيف يزوجه ابنته وقد قال تعالى : (( ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا )) , فيرد عليه :
انّ النكاح انّما هو على ظاهر الاسلام الذي هو الشهادتان، والصلاة إلى الكعبة، والاقرار بجملة الشريعة، فالنكاح لا يدلّنا على درجة ايمان الإنسان ولا يدلّ إلاّ على كون الشخص مسلماً.
أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) كان محتاجاً إلى التأليف وحقن الدماء، ورأى انّه لو لم يتم هذا الزواج سبّب فساداً في الدين والدنيا، وإن تمّ أعقب صلاحاً في الدين والدنيا، فأجاب ضرورة، فالضرورة تشرّع اظهار كلمة الكفر، قال تعالى: (( إلاّ من أُكره وقلبه مطمئن بالايمان )) [ النحل: 106 ] فكيف بما دونه.
انّ نبيّ الله لوط قال لقومه: (( هؤلاء بناتي هن أطهر لكم )) [ هود: 78 ] فدعاهم إلى العقد عليهنّ وهم كفّار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم، وليس هذا إلاّ للضرورة المدعاة إلى ذلك.
أما الآية الكريمة فهي لا تدلّ على مدّعاهم، لأنّها تمنع التزاوج مع الكفّار والمشركين الذين يعادون الإسلام ويعبدون الأوثان، ولا تشمل من كان على الاسلام، كيف وقد كان عبدالله بن أبي سلول وغيره من المنافقين يناكحون ويتزاوجون في زمن النبي(صلى الله عليه وآله) لاظهار الشهادتين والانقياد للملة، وقد أقرّ النبي(صلى الله عليه وآله) ذلك ولم يمنعه، ونحن كما قلنا نعترف باسلام القوم ولا نحكم إلاّ بكفر النواصب والغلاة، وما ورد عندنا في كفر غيرهما فانّما يُنزّل على الكفر اللغوي لا الكفر الاصطلاحي الموجب للارتداد والخروج عن الملّة.
وأما أن هذا الزواج يدل على أن العلاقة بين علي وعمر كانت علاقة مودّة , فنقول:
ذكرنا أنّ ما صحّ عندنا في أمر هذا الزواج يدلّ على أنّه تمّ بالاكراه وتهديد ومراجعة، وما ورد عند أهل السنة لا يمكنهم الالتزام بدلالته حيث يخدش في الخليفة ويجعله انساناً متهوراً معتوماً !!
مضافاً إلى ما ورد من قول عمر لما امتنع عليّ لصغرها: «انك والله ما بك ذلك ولكن قد علمنا ما بك» [ الطبقات لابن سعد 8: 339] وقوله: « والله ما ذلك بك ولكن أردت منعي فان كانت كما تقول فابعثها إليّ...» [ ذخائر العقبى: 168] .
وأيضاً فانّ عمر لمّا بلغه منع عقيل عن ذلك قال: ويح عقيل، سفيه أحمق [ مجمع الزوائد 4: 272 ] .
فأيّ توادد وعلاقة مع هذا؟ ولو كان كذلك ما تأخّر علي عن إجابة دعواه فقد قال عقبة بن عامر الجهني: « خطب عمر بن الخطاب إلى عليّ ابنته فاطمة وأكثر تردّده إليه...» ]تاريخ بغداد 6: 182[ أو ما قاله عمر: « أيها الناس انه والله ما حملني على الالحاح على عليّ بن أبي طالب في ابنته إلاّ انّي سمعت...» [ المناقب لابن المغازلي: 110 ] .
ثم إنّ مجرّد التناكح لا يدلّ على أيّ شيء وأيّ علاقة بين العوائل، كيف وقد عقد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان وهي في الحبشة وكان أبوها آنذاك رأس المشركين المتآمرين على الاسلام والمسلمين؟ فهل هذا يدلّ على شيء عندكم ؟ كما انّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) زوّج ابنته قبل البعثة ـ على رأي أهل السنة ـ من كافرين يعبدان الاصنام: عتبة بن أبي لهب، وأبو العاص بن الربيع، ولم يكن(صلى الله عليه وآله) في حال من الأحوال موالياً لأهل الكفر، فقد زوّج مَنْ تبرأ من دينه.
وانّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) رغم اعتقاده بأحقيقته ومظلوميته في أمر الخلافة ـ كما كان يبيّنه مراراً ـ لكنه ترك المنازعة مراعاة لمصلحة المسلمين وكان يقول: « لأسلِمَنّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصة » [ نهج البلاغة، الخطبة: 73 ] فأصبح(عليه السلام) بعد اتخاذه هذه السياسة الحكيمة، هو المعتمد والمستشار عند القوم في المسائل المعقّدة العلمية والسياسية، وهذا ما أدّى إلى توفّر أرضية ايجابية جيدة عند الناس لصالح عليّ(عليه السلام)وكلّما تقدّم الزمان زادت هذه الأرضية .
هذا بالاضافة إلى نشاط أنصار عليّ في التحرك نحو تبيين موقع عليّ السامي , فلمّا رأى عمر بن الخطاب ذلك حاول إخماد هذه البذرة بطرق مختلفة، مثلا ولّى سلمان على المدائن، وبدأ يمدح علياً امام الخاص والعام , حتى أنّ محب الدين الطبري روى في[ الرياض النضرة 2: 170] قال : انّ رجلا اهان علياً عند عمر، فقام عمر وأخذ بتلابيب الرجل وقال له: أتدري من صغّرت...
وكذلك بدأ بالتقرب منه , فخطب ابنته الصبية أم كلثوم وهو شيخ كبير, واظهر انّه لا يريد ما يتصوّرون بل يريد الانتساب فقط، وكذلك يحدّثنا التاريخ انّ عمر استوهب أحد أولاد عليّ(عليه السلام) فسمّاه باسمه (عمر) ووهب له غلاماً سمّي مورقاً... [ تاريخ دمشق لابن عساكر 45: 304، انساب الاشراف للبلاذري: 192 ] .
فهذه الأُمور كلّها كانت خطة وتدبير سياسي من قبل الخليفة الثاني، والغرض منها امتصاص المعارضة وتخميدها، والتظاهر أمام الناس بحسن الصلة والتعامل فيما بينهم , ومن ثَمّ إبعاد عليّ عن دفّة الحكم وسلبه آليات المعارضة... .
وإلاّ فلو كان الخليفة صادقاً فلماذا استشاط غضباً لما تحدّث عبدالرحمن بن عوف ـ وهم في منى قبيل مقتل الخليفة ـ عن رجل قال: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً، فغضب عمر وقال: « إنّي ان شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذّرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم » فمنعه عبدالرحمن وأشار عليه أن يتكلم في المدينة، فلما قدم المدينة صعد المنبر وقال فيما قال: « انّه بلغني أنّ قائلا منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلاناً... من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة أن يقتلا» [ صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا ] .
وقد ذكر لنا بعض شرّاح الحديث: امثال ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري عند شرحه للمبهمات وكذلك القسطلاني في ارشاد الساري انّ القائل هو الزبير، قال: لو قد مات عمر لبايعنا علياً.
والغرض من هذا التطويل انّما هو تبيين زيف مدّعى القوم في ترسيم صورة وهمية وبزعمهم ودّيّة بين القوم وبين عليّ(عليه السلام)، فأيّ صلة وأيّ علاقة ودّيّة بعد هذا يا أخي؟!
وأما استدلال بعض فقهاء الشيعة بهذا الزواج على جواز نكاح الهاشمية من غير الهاشمي , كما قال ذلك الشهيد الثاني في المسالك , مما جعل الخصم يحتج به في المقام , فيرد عليه :
أن الشهيد الثاني لم يكن في صدد بيان حكم شرعي فقهي بحت في النكاح ـ كما سنبيّن ذلك ـ ولم يكن بصدد اظهار رأي كلاميّ حول هذا الزواج لا سلباً ولا إيجاباً , بل انّما اتخذه كأصل موضوعي واستشهد به .
ذكر المحقّق الحلي في الشرائع في كتاب النكاح انّ الكفاءة شرط في النكاح وهي التساوي في الاسلام , فعقب على ذلك قائلا: « ويجوز انكاح الحرة العبد... والهاشمية غير الهاشمي وبالعكس » فشرح الشهيد الثاني كلامه قائلا: « لما تقرّر انّ الكفاءة المعتبرة في التناكح هي الإسلام أو الإيمان، ولم يجعل الحرية وغيرها من صفات الكمال شرطاً، صحّ تزويج العبد للحرة، والعربية للعجمي، والهاشمية لغيره وبالعكس الا في نكاح الحر الامة ففيه ما مرّ، وكذا أرباب الصنائع الدنية كالكناس والحجام بذوات الدين من العلم والصلاح والبيوتات من التجار وغيرهم، لعموم الأدلّة الدالّة على تكافؤ المؤمنين بعضهم لبعض....، وزوّج النبي(صلى الله عليه وآله) ابنته عثمان وزوّج ابنته زينب بأبي العاص بن الربيع , وليسا من بني هاشم، وكذلك زوّج عليّ(عليه السلام) ابنته أم كلثوم من عمر... وخالف ابن الجنيد منّا...».
فهذا الكلام كما ترى رأي فقهي بحت لا ربط له بمدّعى القوم ولا يثبت إلاّ أصل الزواج دون كيفيّته وما حدث حوله .
وأما القول بأن علياً ذاك الشجاع البطل الغيور , فكيف يكره ويجبر على تزويج ابنته ؟ فنقول :
انّ الشجاعة شيء، ورعاية المصلحة العامة شيء آخر، فقد ورد في صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: لما خطب إليه قال له أمير المؤمنين(عليه السلام): انّها صبية، قال: فلقي العباس فقال له: ما لي؟ أبي بأس؟ قال: وما ذاك؟ قال: خطبت إلى ابن أخيك فردّني، أما والله لاعورنّ زمزم، ولا أدع لكم مكرمة إلاّ هدّمتها، ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق، ولاقطعنّ يمينه، فأتى العباس فأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه، فجعله إليه [ الكافي 5: 346 ح2 ] .
فالعاقل يقدّم هنا الأهمّ على المهمّ، فلو امتنع عليّ(عليه السلام) سبّب امتناعه مفسدة، وإن وافق مكرهاً لم يكن فيه جور إلاّ عليه خاصة مع سلامة امور المسلمين , فقدّم هذا على ذلك، وإلاّ فهو(عليه السلام) ذاك الغيور الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم , وهو الذي لا يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه، وهو الشاهر سيفه لله وفي الله كما حدث في قتاله الناكثين والمارقين والقاسطين.
وأما اعتراضهم علينا بقولهم : لماذا يترك الامام علي الأمر لعمه مع وجوده؟ وهل هناك فرق بين أن يزوّجها عليّ مباشرة، وبين أن يتولّى العباس ذلك؟ فنقول :
انّه(عليه السلام) فعل هذا ليكون أبلغ في إظهار الكراهة، وليثار هذا السؤال عند الناس بأنّ علياً لماذا لا يحضر؟ ولماذا ترك أمرها لعمه؟ هل حدث شيء؟ وهذا الاسلوب هو أحد آليّات الكفاح، وقد سبق أن استخدمته الصديقة الزهراء(عليها السلام) حيث أوصت أن تدفن ليلا ويُخفى قبرها، ليبقى هذا السؤال قائماً أبد الآبدين: أين قبر بنت الرسول(صلى الله عليه وآله)؟
وأم قولهم إنّ ما روي عند الشيعة في أمر هذا الزواج من أنّ ذلك « اوّل فرج غصبناه »
يردّ عليه : انّها جملة مخجلة تخدش الحياء ولا تخرج من انسان مهذّب , وانّها تعني انّ الزواج لم يتمّ باسلوب شرعي , ولم يتم بقبول والدها ووليّها الشرعي ولا بقبولها أيضاً، بل تمّ الأمر استبداداً وجبراً , فنقول :
لا نعلم السبب في أدري سبب تعليق القائل: «انّها جملة مخجلة» هل أقلقته تلك الكلمة، فقد قال الله تعالى في مريم: (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)[ تحريم: 12] وقال تعالى: (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ )) [ النور: 31] . فظهر أنّ مجرّد استعمال هذه الكلمة لبيان أمر لا قبح فيه.
وهلا كان ما فعله خليفة المسلمين بالصبية العفيفة التي لا تحلّ له ـ من الأخذ بالذراع، أو الكشف عن الساق أمام الناس حتى ولو كانت زوجته ـ مخجلا ؟! وهل يصدر هذا العمل من انسان مهذّب ـ على حدّ تعبير القائل ـ ؟!
ثمّ ان الزواج تمّ بأسلوب شرعي ولم يقل أحد ـ والعياذ بالله ـ انّه تمّ باسلوب غير شرعي، غاية ما هناك انّ علياً كان مكرهاً وأوكل الأمر إلى عمه العباس حفظاً لمصلحة الأمة الاسلامية.
وانّ الاكراه يحلّ معه كلّ محرم , ويزول معه كل اختيار، فيجوز معه إظهار كلمة الكفر، ويحلّ معه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورات، مع حرمته حال الاختيار، فقد ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله): « وضع الله عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » [ السنن الكبرى للبيهقي 7: 357] .
أقوال علماء الشيعة الإمامية في خير تزوج أم كلثوم من عمر
(1) قال الشيخ المفيد في بعض رسائله [ عدة رسائل للشيخ المفيد : 227 ـ 229 ] : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه السلام من عمر غير ثابت , وهو من طريق الزبير بن بكّار , وطريقه معروف , لم يكن موثوقاً به في النقل , وكان متهماً فيما يذكره , وكان يبغض أمير المؤمنين عليه السلام , وغير مأمون فيما يدعيه عنه على بني هاشم , وإنما نشر الحديث اثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه , فظن كثير من الناس أنه حق له لروايته رجل علوي , وإنما رواه عن الزبير بن بكّار .
والحديث نفسه مختلف :
فتارة يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام تولّى العقد له على ابنته .
وتارة يروى عن العباس أنه تولى العقد له عنه .
وتارة يروى أنه لم يقع العقد الا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم .
وتارة يروى أنه كان من اختيار وإيثار .
ثم إن بعض الرواة يذكر إن عمر أولدها ولداً أسماه زيد .
وبعضهم يقول : إنه قتل من قبل دخوله بها .
وبعضهم يقول : إن لزيد بن عمر عقباً .
ومنهم من يقول : إنه قتل ولا عقب له .
ومنهم من يقول : إنه وأمه قتلا .
ومنهم من يقول : إن أمه بقيت بعده .
ومنهم من يقول : إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم .
ومنهم من يقول : أمهرها أربعة آلاف درهم .
ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم .
وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف فيه يبطل الحديث , ولا يكون له تأثير على حال .
ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام .
أحدهما : إن النكاح إنما هو على ظاهر الاسلام الذي هو الشهادتان والصلاة الى الكعبة والإقرار بجلية الشريعة , وإن كان الأفضل ترك مناكحة من ضم الى ظاهر الاسلام ضلالاً لا يخرجه عن الاسلام , إلا أن الضرورة متى قادت الى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الاسلام زالت الكراهة من ذلك , وساغ مالم يكن يحتسب مع الاختيار , وأمير المؤمنين عليه السلام كان محتاجاً الى التأليف وحقن الدماء , ورأى أنه إن بلغ مبلغ عمر عما رغب فيه من مناكحة بنته أثّر ذلك الفساد في الدين والدنيا , وأنه إن أجاب اليه أعقب ذلك صلاحاً في الأمرين , فأجابه الى ملتمسه لما ذكرناه .
والوجه : أن مناكحة الضال ـ كجحد الامامة وادعائها لمن لا يستحقها ـ حرام , إلا أن يخاف الانسان على دينه ودمه , فيجوز له ذلك كما يجوز له إظهار كلمة الكفر المضادة لكلمة الايمان , وكما يحل له الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورات , وإن كان ذلك محرماً مع الاختيار .
وأمير المؤمنين عليه السلام كان مضطراً الى مناكحة الرجل , لأنه يهدّده ويواعده , فلم يلزم أمير المؤمنين عليه السلام لأنه كان مضطراً إلى ذلك على نفسه وشيعته , فأجابه الى ذلك ضرورةً , كما قلنا : إنّ الضرورة توجب إظهار كلمة الكفر , قال الله تعالى : (( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان )) [ النحل : 106 ] .
وليس ذلك بأعجب من قوم لوط عليه السلام , كما حكى الله تعالى عنه بقوله : (( هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم )) [ هود : 78 ] , فدعاهم الى العقد عليهن لبناته وهم كفار وضُلال , وقد أذن الله تعالى في إهلاكهم .
وقد زوّج رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام :
أحدهما عتبة بن أبي لهب .
والآخر أبو العاص بن الربيع .
فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله فرّق بينهما وبين ابنتيه , فمات عتبة على الكفر , وأسلم أبو العاص بعد إبانة الاسلام , فردها عليه بالنكاح الأول )) .
(2) وقال المحقق التستري في [ قاموس الرجال 10/205 ] : (( أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام , قال : هي كنية زينب الصغرى .
أقول : ما ذكره هو المفهوم من [ الإرشاد ] فقال في تعداد الأولاد له عليه السلام : زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم من فاطمة عليها السلام .
إلا أن الظاهر وهمه , فاتفق الكل حتى نفسه على أن زينب الصغرى من بناته عليه السلام لأم ولد , فلو كانت هذه أيضاً مسماة بزينب كانت الوسطى لا الصغرى , وظاهر غيره كون أم كلثوم اسمها , فلم يذكر غيره لها اسماً , بل قالوا : في بناته من فاطمة عليها السلام زينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى , وقالوا : زينب الصغرى وأم كلثوم الصغرى من أمهات أولاد كما في [ نسب قريش ] وفي [ تاريخ الطبري ] وغيرهما .
وبالجملة أم كلثوم له عليه السلام اثنتان : الكبرى من فاطمة عليها السلام , والصغرى من أم ولد , ولم يعلم لإحداهما اسم .
قال المصنف : في الأخبار أن عمر تزوجها غصباً , وللمرتضى رسالة أصر فيها على ذلك , وأصر آخرون على الإنكار ... قال الصادق عليه السلام : لما خطب عمر ... ( وذكر الحديث الذي تقدم ) . وفي [ نسب قريش ] : ماتت أم كلثوم وابنها زيد بن عمر , فالتقت عليهما الصائحتان فلم يدر أيهما مات قبل , فلم يتوارثا .
وروى مثلها الشيخ وقالوا : كان لها منه بنت مسماة برقية أيضاً .
وزاد البلاذري بنتاً أخرى مسماة بفاطمة .
ولم أر غيره قال ذلك .
هذا , وفي [ معارف ] ابن قتيبة : تزوجها بعد عمر محمد بن جعفر , فمات عنها , ثم تزوجها عون بن جعفر , فماتت عنده .
وفي [ نسب قريش ] : تزوجها بعد عمر عون بن جعفر فمات عنها , وتزوجها عبد الله بن جعفر فمات عنها )) .
(3) وفي [ اللمعة البيضاء : 130 ] :
قال عمر في آخر خطبته : أيها الناس لو اطلع الخليفة على رجل منكم أنه زنى بامرأة , ولم يكن هناك شهود فماذا كنتم تفعلون ؟ قالوا : قول الخليفة حجة , لو أمر برجمه لرجمناه .
فسكت عمر ونزل , فدعا العباس في خلوة وقال : رأيت الحال ؟ قال : نعم , قال : والله لو لم يقبل عليّ خطبتي لقلت غداً في خطبتي إن هذا الرجل عليّ فارجموه .
(4) روى الكليني في [ الكافي 5/346 ] :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في تزويج أم كلثوم , فقال : إن ذلك فرج غصبنا )) .
وعن هشام بن سالم , عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لما خطب اليه , قال له أمير المؤمنين عليه السلام : إنها صبية , قال : فلقي العباس فقال له : مالي ؟ أبي بأس ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : خطبت الى ابن أخيك فردني , أما والله لاعوّرنّ زمزم , ولا أدع لكم مكرمة الا هدمتها , ولاقيمنّ عليه شاهدين بأنه سرق , ولأقطعنّ يمينه , فأتاه العباس فأخبره , وسأله أن يجعل الأمر اليه , فجعله اليه .
(5) قال العلامة المجلسي في [ مرآة العقول 20/42 ] :
(( هذان الخبران لا يدلان على وقوع تزويج أم كلثوم رضي الله عنها من الملعون المنافق ضرورة وتقية , وورد في بعض الأخبار ما ينافيه , مثل ما رواه القطب الروانديّ عن الصفار بإسناده الى عمر بن أذينة قال : قيل لأبي عبد الله عليه السلام : إن الناس يحتجون علينا ويقولون : إن أمير المؤمنين عليه السلام زوّج فلاناً ابنته أم كلثوم , وكان متكئاً , فجلس وقال : أيقولون ذلك ؟ إن قوماً يزعمون ذلك لا يهتدون الى سواء السبيل , سبحان الله ! ما كان يقدر أمير المؤمنين عليه السلام أن يحول بينه وبينها فينفذها , كذبوا ولم يكن ما قالوا , إن فلاناً خطب الى عليّ عليه السلام بنته أم كلثوم , فأبى عليّ فقال للعباس : والله لئن لم تزوجني لأنتزعنّ منك السقاية وزمزم , فأتى العباس علياً فكلّمه , فابى عليه , فألح العباس , فلما رأى أمير المؤمنين مشقة كلام الرجل على العباس وأنه سيفعل بالسقاية ما قال , أرسل أمير المؤمنين الى جنية من أهل نجران يهودية يقال لها : سخيفة بنت جريريّة , فأمرها , فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم , وبعث بها الى الرجل , فلم تزل عنده ... )) .
وقال ( رحمه الله ) في معنى الحديث الأول : (( فالمعنى غصبناه ظاهراً وبزعم الناس , إن صحت تلك القصة )) .
(6) وقال العلامة المجلسي أيضاً في [ بحار الأنوار 42/109 ] :
(( بعد انكار عمر النصّ الجليّ وظهور نصبه وعداوته لأهل البيت عليهم السلام , يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة ولا تقيّة , إلا أن يقال بجواز مناكحة كلّ مرتدّ عن الاسلام , ولم يقل به أحد من أصحابنا )) .
(7) قال الأستاذ علي محمد علي دخيّل في [ أعلام النساء : 14و22 ] :
(( ومن هذه الزواجات الوهمية ـ وما اكثرها ـ زواج أم كلثوم بنت الامام أمير المؤمنين عليه السلام من عمر بن الخطاب . روى ابن عبد البرّ وابن حجر وغيرهما : خطبها عمر بن الخطاب الى عليّ بن أبي طالب فقال : إنها صغيرة , فقال له : زوّجنيها يا أبا الحسن , فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد , فقال له عليّ : أنا أبعثها اليك فإن رضيتها فقد زوّجتكها , فبعثها اليه ببرد , وقال لها : قولي له : هذا البرد الذي قلت لك , فقالت : ذلك لعُمر ؟ فقال : قولي له : قد رضيتُ , ووضع يده على ساقها فكشفها , فقالت : أتفعل هذا ؟! لو لا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك , ثم خرجت حتى جاءت أباها فأخبرته الخبر وقالت : بعثتني الى شيخ سوء , فقال : يا بنيّة إنه زوجك .
[ الاصابةج 4 ص 492 , الاستيعاب ص 490 ط دار صادر ] )) .
وقال :
(( إن جُلّ من ذكر زواجها من عمر , ذكر أنه تزوّج بها عون بن جعفر بعد قتل عمر , وعون هذا استشهد يوم تستر سنة 17 للهجرة في خلافة عمر , فكيف يتزوج بها من بعده ؟...
وأغرب ما جاء في تهويس القوم في هذه المهزلة هو كلام ابن عبد البر , فقد قال : ومحمد بن جعفر بن أبي طالب هو الذي تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بعد موت عمر بن الخطاب .
وقال في نفس الكتاب : استشهد عون بن جعفر وأخوه محمد بن جعفر في تستر , مع العلم بأنّ يوم تستر كان في خلافة عمر وقبل وفاته بسبع سنين , فكيف يستقيم ما ذكره ؟ )) .
وقال أيضاً :
(( الصورة التي مرّت عليك من إرسال الامام أمير المؤمنين عليه السلام ابنته الى عمر وهو يكشف عن ساقها وهي لا تعلم بالأمر , فهل ترتضيها أنت أيها القارئ الكريم بنفسك فضلاً عن الامام أمير المؤمنين عليه السلام ؟
(8) قال سبط بن الجوزي في [ تذكرة الخواص : 321 ] :
(( وذكر جدي في كتاب [ المنتظم ] : إن علياً بعثها الى عمر لينظرها , وإن عمر كشف ساقها ولمسها بيده .
قلت : وهذا قبيح والله , لو كانت أمة لما فعل بها , ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية , فكيف ينسب عمر الى هذا ؟! )) .
وملاحظة اخيرة/ لم اذكر فرق السن حيث عمر كان بالخمسينات واخلاق عمر ومذهب عمر كل هذه العوامل له كلام اخر سوف اتطرق له انشالله .